النظام الخليفي يتعرض لضربة "مزلزلة" على حدود اليمن.. هل تقف وراءه أطراف إقليمية ودولية ولماذا؟
انفوبلس/ تقرير
تلقى جيش النظام الخليفي البحريني، ضربة "موجعة"، حيث أعلن مساء الإثنين 25 سبتمبر/ أيلول 2023، أن اثنين من أفراده قُتلا وأُصيب آخرون في هجوم بطائرات مسيرة، على القوة التي تم نشرها بالمنطقة الحدودية الجنوبية للسعودية. وبعدها قال إن جنديا ثالثا توفي متأثر بجراحه، حيث يأتي الهجوم في الوقت الذي تتكثف فيه محادثات السلام بين الحوثيين والسعودية.
النظام الخليفي يتعرض لضربة "مزلزلة" على حدود اليمن
وذكر جيش النظام في بيان: "جرى صباح اليوم (الاثنين) استشهاد ضابط وفرد، وعدد من الجرحى من قوة الواجب التابعة لقوة دفاع البحرين خلال تأديتهم الواجب الوطني المقدس للدفاع عن الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية الشقيقة ضمن قوات التحالف العربي المشاركة في عمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل".
وتُعد مملكة البحرين، المجاورة للمملكة العربية السعودية، عضواً في التحالف العسكري الذي تقوده الرياض منذ العام 2015، دعماً للحكومة اليمنية ضد الحوثيين.
وبعدما كانت هجمات الطائرات بدون طيار التي تستهدف السعودية متكررة منذ بداية الحرب، توقفت في الأشهر الأخيرة، في الوقت الذي استأنفت فيه الرياض العلاقات الدبلوماسية مع إيران ودخلت في محادثات مع الحوثيين.
*اتهمت الحوثيين باستهدافهما بطائرات مسيرة
كما زعم البيان: أنه "جرى ذلك العمل الإرهابي الغادر بقيام الحوثيين بإرسال طائرات مسيّرة هجومية على مواقع قوة الواجب البحرينية المرابطة بالحد الجنوبي على أرض المملكة العربية السعودية الشقيقة"، مشيراً في الوقت ذاته إلى سقوط "عدد من الجرحى".
وأشار البيان إلى أن هذا العمل الذي لم تعلن أي جهة المسؤولية عنه، يأتي "رغم وجود توقف للعمليات العسكرية بين أطراف الحرب في اليمن".
وشهد اليمن ـ الذي يُعد أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية والذي دمّرته سنوات من الحرب بسبب السعودية ـ هدوءاً نسبياً منذ دخول الهدنة حيّز التنفيذ في أبريل/ نيسان 2022، تحت رعاية الأمم المتحدة، رغم أنه لم يتم تمديدها رسمياً عند انتهاء مدتها في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي.
كما أعلن النظام الخليفي، اليوم الأربعاء 27 أيلول/ سبتمبر 2023، وفاة جندي بحريني ثالث لقي حتفه "متأثرا بجروحه الخطيرة"، التي أُصيب بها جراء هجوم بطائرة مسيرة على قوات التحالف المرابطة على الحدود الجنوبية للسعودية.
ولم يرد ذكر لأي هجوم في وسائل الإعلام أو حسابات التواصل الاجتماعي التي يديرها الحوثيون. وأجرى مفاوضون من الحوثيين هذا الشهر محادثات مع مسؤولين سعوديين حول اتفاق محتمل يمهد الطريق لإنهاء الصراع في اليمن.
كما شكك الكثيرون في وسائل الاعلام العربية حول العدد الحقيقي للقتلى من قبل جيش النظام الخليفي البحريني.
ويخوض الحوثيون قتالا ضد التحالف العسكري الذي تقوده السعودية منذ عام 2015، في صراع أودى بحياة مئات الآلاف، وجعل 80 % من أهل اليمن يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
هل يؤثر الحدث على اتفاق الاستسلام السعودي؟
كما أكد مصدر عسكري يمني، أن عملية قصف القوات البحرينية التابعة للتحالف بطائرات مسيرة لا علاقة لحكومة الإنقاذ بها، وأن الأمر قد يكون مدبّرا من جهة ثالثة لا ترغب في المضي قُدماً في عملية السلام.
وأضاف المصدر، أن "الأمريكيين في بعض الحالات يقومون بقصف أنفسهم في مناطق بعينها أو يقومون بعمليات تفجير ضد أهداف تابعة لهم لإلصاق التهم بالآخرين وتبرير للأفعال الغاشمة التي يريدون القيام بها، كما حدث في الجنوب اليمني وأبراج التجارة في نيويورك من أجل احتلال العالم تحت ذريعة (محاربة الإرهاب)".
وأشار المصدر إلى أن "هناك أطرافا إقليمية ودولية ترى أن ما تم من توافق بين صنعاء والرياض يتعارض مع أهدافها وأن استمرار الحرب والحصار يساعدها في الوصول إلى ما تريده، لذا فهؤلاء يريدون زرع الفتن مجددا بين الجانبين السعودي واليمني، فليس معقولا أن يأتي الوفد الوطني لأنصار الله من الرياض منذ أيام في زيارة هي الأولى منذ بداية الحرب، ثم نقوم بعمليات القصف مجددا".
"خروق مؤسفة"
بدورها، رأت جماعة الحوثي، أن حوادث الخروق أمر مؤسف، مشيرة إلى "مقتل 12 جنديا يمنيا خلال شهر واحد على الحدود السعودية".
وردا على الهجوم الذي أسفر عن مقتل جنديين بحرينيين الاثنين، قال المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام لرويترز إن "انتهاكات الهدنة أمر مؤسف"، مشددا "على أهمية الدخول في مرحلة السلام الجاد وصولا إلى تثبيت الوضع العسكري بالكامل، بحيث تتوقف الخروق من جميع الأطراف وتتحقق متطلبات السلام الشامل والعادل".
وخلال الأيام الماضية وبعد تسع سنوات من العدوان على اليمن استضافت السعودية وفداً سياسياً من الداخل اليمني وصل إلى أراضيها، في أول زيارة علنية قام بها وفد الحوار الوطني إلى السعودية، وذكرت قناة "الإخبارية" السعودية الحكومية في وقت سابق أنّ السعودية تستضيف "وفداً مفاوضاً يمثّل أنصار الله، وذلك بهدف استكمال المباحثات الرامية لإيجاد حلّ سياسي ووقف شامل لإطلاق النار والانتقال من مرحلة النزاعات إلى الاستقرار".
في السياق نفسه تناولت وسائل الإعلام ذلك اللقاء الذي جمع الوفد اليمني المفاوض وقيادة السعودية واعتبرته محورًا مهما يشغل الأوساط السياسية والإعلامية في المنطقة، فالعدوان على اليمن وتداعياته الإقليمية أثار تساؤلات حول إمكانية التوصل إلى حل سياسي يحقق الاستقرار ويضع نهاية للعنف والقصف المستمر، وفي هذا السياق، يبرز دور أنصار الله وتأثيرهم على المشهد السياسي في اليمن، حيث حققوا شرعية غير مسبوقة سعوديًا وإقليميًا، وهنا تُطرح العديد من التساؤلات؛ فهل يمكن لهذا اللقاء أن يكون خطوة نحو تحقيق السلام وإنهاء العنف والحصار المستمر؟ وهل ستتمكن الأطراف المتنازعة من التوصل إلى تفاهمات سياسية تلبّي تطلعات الشعب اليمني في الاستقرار والسلام؟ وما هو دور أنصار الله في هذه المسألة خلال الفترة القادمة؟.
ترحيب سعودي وأممي
أشادت الخارجية السعودية بنتائج المحادثات التي أُجريت بالرياض في الأيام الأخيرة بين وفد من حركة أنصار الله وفريق التواصل والتنسيق السعودي بشأن السلام في اليمن، كما رحّبت الأمم المتحدة بهذه المحادثات، وأعربت الخارجية السعودية عن ترحيبها بـ"النتائج الإيجابية للنقاشات الجادة بشأن التوصل إلى خارطة طريق لدعم مسار السلام في اليمن"، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء السعودية.
كما أشادت الوزارة بمضامين لقاء وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مع وفد أنصار الله، التي جرى فيها "التأكيد على استمرار وقوف المملكة مع اليمن وشعبه الشقيق، وحرصها الدائم على تشجيع الأطراف اليمنية للجلوس على طاولة الحوار، للتوصل إلى حل سياسي شامل ودائم في اليمن تحت إشراف الأمم المتحدة".
من جهته، أعرب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ عن ترحيبه بزيارة وفد أنصار الله إلى الرياض.
وقال غروندبرغ في بيان، إن "تجدد الزخم هو خطوة مهمة تسهم بشكل إيجابي في جهود الوساطة الأممية من أجل التوصل لاتفاق بين اليمنيين بشأن تدابير لتحسين الظروف المعيشية، ووقف مستدام لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد".
وأعرب المبعوث الأممي عن امتنانه لجهود السعودية وسلطنة عمان الرامية إلى "التوصل إلى حلول لعدد من القضايا الخلافية تيسيرا لاستئناف عملية سياسية بين اليمنيين تحت رعاية الأمم المتحدة".
وأشار غروندبرغ إلى ضرورة العمل لتعزيز المكتسبات التي تحققت خلال الأشهر الماضية من أجل تأسيس "منصة شاملة تجمع اليمنيين للتعامل مع اختلافاتهم".
تصريحات الوفد اليمني المفاوض
قال عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله علي القحوم إن المفاوضات اتسمت بالجدية والإيجابية والتفاؤل في تجاوز العُقد في الملفات الإنسانية. وأضاف إنه ستكون هناك جولة جديدة من المفاوضات.
من جانبه، ذكر رئيس فريق المفاوضين والمتحدث باسم أنصار الله محمد عبد السلام أن الوفد أجرى لقاءات مكثفة مع الجانب السعودي، ناقش خلالها بعض البدائل لتجاوز قضايا الخلاف، مبينا أن الوفد عاد إلى صنعاء لرفع تلك المقترحات إلى قيادة الجماعة للتشاور.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر أن المحادثات أحرزت بعض التقدم فيما يتعلق بالنقاط الشائكة الرئيسية، بما في ذلك الجدول الزمني لخروج القوات الأجنبية من اليمن، وآلية دفع أجور الموظفين الحكوميين.
وأضافت المصادر، أن الجانبين سيجتمعان لإجراء مزيد من المحادثات بعد مشاورات يُنتظر أن تتم قريبا، وحسب رويترز، فإن المحادثات تركز على إعادة فتح الموانئ -التي يسيطر عليها الحوثيون- ومطار صنعاء بشكل كامل، ودفع أجور الموظفين الحكوميين، وتعزيز جهود إعادة البناء، إضافة إلى تحديد جدول زمني لخروج القوات الأجنبية من اليمن، وجاءت زيارة الوفد الوطني للرياض بعد نحو 5 أشهر على زيارة أجراها وفد سعودي إلى صنعاء لبحث عملية السلام.
هل شملت المحادثات دوائر مغلقة؟
غادر وفد أنصار الله الذي زار الرياض مؤخرا وأجرى محادثات وُصِفت في تقارير دبلوماسية غربية بأنها في غاية الأهمية بعد لقاء أمام الكاميرات فقط أم إن لقاءات والوفد الوطني بقيادة محمد عبد السلام شملت دوائر مغلقة من الطراز الذي لا يمكن التعامل معه عبر وسائل الإعلام؟
هذا السؤال الذي أثاره دبلوماسيون غربيون وقادة وباحثون أملاً في الوصول إلى استنتاجات محددة بشأن طبيعة الهندسة التي تجري خلف الستائر والكواليس ما بين أنصار الله والسعودية في إطار النظرة الشمولية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان حول العلاقة ما بين احتواء كل مظاهر العنف جنوب المملكة وفي الحدود مع اليمن وحتى داخل اليمن وبين إطلاق حزمة مشاريع التنمية الإقليمية.
القناعة راسخة أن الاستدارة السعودية الاستراتيجية مع الجمهورية الإيرانية ألقت بظلالها مؤخرا عبر سلسلة التفاهمات وبروتوكولات لم يتم الإعلان عنها حصلت بين أنصار الله والقيادة السعودية، وبوساطة مباشرة رتبتها سلطنة عمان، الأمر الذي يوحي بأن الاستدارة السعودية الإيرانية ستأخذ في مجالها الحيوي بالتأكيد الاحتمالات القوية للصعود بتسوية سياسية لها علاقة بالملف اليمني ولن تقف عند هذه الحدود، طموحات السعودية فيما يبدو تتجاوز إرضاء الأمريكيين وبعض الدول الغربية وحتى روسيا بإجراء مباحثات سلام أو حتى تسوية سياسية على الصراع في اليمن باتجاه إقامة علاقة مباشرة وغير مألوفة أيضا وخارجة عن نمطية الصراع مع أنصار الله بصفة مباشرة.
وزيارة وفد أنصار الله للسعودية تعكس تطورًا مهمًا في المشهد السياسي والإقليمي، تمثل هذه الزيارة خطوة مهمة نحو تحقيق السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة بشكل عام، إن حضور أنصار الله في السعودية يعكس إرادة جميع الأطراف المعنية بإيجاد حل سياسي للصراع الدائر في اليمن.
ومن خلال هذه الزيارة، تعبّر الأطراف المعنية عن استعدادها للحوار والتفاوض من أجل التوصل إلى حل سياسي يلبّي مطالب جميع الأطراف ويعزز السلام والاستقرار في المنطقة، ويمكن أن تشكل هذه الزيارة بداية عملية شاملة للمصالحة والمصالحة الوطنية في اليمن وإنهاء العدوان، إذ تعزز فرص تحقيق وقف إطلاق النار الدائم وإعادة بناء الثقة بين الأطراف. بالتأكيد، ما زالت هناك تحديات كبيرة تنتظر الأطراف المعنية في اليمن والمنطقة، إلا أن أنصار الله وبالمشاركة في هذه الزيارة يعكسون إرادتهم الحقيقة في تحقيق السلام والعمل على إيجاد حلول سياسية للأزمة اليمنية والتي كان تحالف العدوان يرفض أي حل سياسي لها.