"الهجوم المضاد" مأزق صنعه الغرب.. خسائر أوكرانية فادحة مقابل بسالة روسيّة معهودة.. والنتيجة: فشل الهجوم
انفوبلس..
قبل نحو شهر من الآن، تحدثت أوكرانيا ووسائل إعلام غربية عن "هجوم مضاد" ستنفذه القوات الأوكرانية ضد القوات الروسية لاستعادة الأراضي التي سيطر عليها الجيش الروسي خلال الحرب، وأنه سيكون معياراً لقياس مدى فاعلية الغرب بمواجهة الروس، الأمر الذي انتهى بخسائر أوكرانية-غربية فادحة ونجاح روسي ساحق.
قبل بدايته وبحسب "فرانس برس"، رأى خبراء أن الهجوم الأوكراني المضاد بوجه الجيش الروسي سيُقيَّم بمعيار المناطق التي ستستعيدها كييف من قوات موسكو، وسيشكل من جهة أخرى مؤشراً إلى فاعلية المساعدة المكثفة بالأسلحة والمعدات التي قدمتها دول الحلف الأطلسي.
وفي حال تعثر الهجوم المضاد، فسيزيد ذلك مخاوف الغربيين من تحول الحرب إلى نزاع مفتوح بلا نهاية في الأفق، كما سيعزز حجج شريحة كاملة من المسؤولين في واشنطن وأوروبا المعارضين لتقديم دعم غير مشروط لكييف.
وقال مارك كانسيان، المستشار في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: "إذا لم يحرز الهجوم نجاحاً واضحاً، أعتقد أن الكثيرين سيوجهون أصابع اتهام"، مشيراً إلى أن أوكرانيا قد تندد بعدم حصولها على الأسلحة والذخائر التي طالبت بها بإصرار باعتبارها عاملاً خلف هذا الفشل.
وأشار كانسيان إلى وجود مخاوف في الولايات المتحدة، كما في أوروبا، من أن تتحول الحرب في أوكرانيا إلى "نزاع دائم بدون مخرج واضح، يتسبب بسقوط عدد كبير من الضحايا ويكلف مبالغ مالية طائلة".
غير أن وليام كورتني، الباحث في معهد "راند" في واشنطن، يتوقع أن يستمر الغرب في دعم أوكرانيا حتى لو لم يحقق الهجوم المضاد النتيجة المرجوّة، وقال "أبدت أوروبا والولايات المتحدة تصميماً في دعمهما لأوكرانيا، ومن المستبعد أن يتغير ذلك بالرغم من احتجاجات بعض السياسيين الانعزاليين أو المتشائمين".
واغتنمت روسيا هذه المرحلة لتعزيز خطوطها الدفاعية التي سيتحتّم على الأوكرانيين خرقها لتحقيق نجاح عسكري. ورأى مارك كانسيان أن "الروس تحصنوا منذ أشهر، ويمكننا أن نرى أنهم أعدوا الكثير من المواقع"، مضيفاً "سيتحتم على الأوكرانيين اختراق خط الجبهة هذا لنقل كل أسلحتهم المدرعة الجديدة خلف التعزيزات المقامة في ميدان مكشوف".
واستثمرت الدول الداعمة لكييف أموالاً طائلة في القوات المسلحة الأوكرانية، ولا سيما إمدادها بأكثر من 230 دبابة مصفحة، وتُقدر المساعدة العسكرية الدولية لكييف بعشرات مليارات الدولارات، وتتصدر الولايات المتحدة المساهمين فيها.
وتضم المساعدات العسكرية لأوكرانيا عدداً من أنظمة الدفاع الجوي وأنظمة صاروخية بالغة الدقة وقطع مدفعية ومجموعة واسعة من الذخائر وغيرها.
كما درّبت الولايات المتحدة 11 كتيبة أوكرانية تضم حوالى 6100 جندي على العمليات العسكرية المشتركة (الجوية والبرية وغيرها)، وحوالى أربعة آلاف عسكري إضافي على أنظمة أسلحة. كما درّبت حوالى عشرين دولة أخرى جنوداً أوكرانيين.
وبمعزل عن الموارد التي قدّمتها الدول الغربية لأوكرانيا على صعيد الدفاع، أكد المؤرخ في معهد راند جيان جنتيلي أن هذه الدول "استثمرت أيضاً رصيداً سياسياً" في دعمها لأوكرانيا، مشيراً إلى وجود "أقلية سياسية قوية ونشطة" في الولايات المتحدة تعارض دعم كييف.
وتابع: "من الواضح أن الرهانات كبيرة للولايات المتحدة والحلف الأطلسي في هذا الهجوم المضاد"، و"يبدو أن أوكرانيا، وخصوصاً كبار مسؤوليها السياسيين والعسكريين، يدركون جيداً أهمية" هذا المجهود.
واعتبر المؤرخ، أنه ينبغي إبداء صبر حتى تظهر بوضوح نتائج الهجوم الأوكراني، معرباً عن أمله بأن "تدرك الولايات المتحدة والحلف الأطلسي أن كل ساحة معركة.. مختلفة".
وختم بأن ملامح "ساحة المعركة لهذا الهجوم المضاد المقبل قد تستغرق عدة أسابيع، وربما عدة أشهر، لتنكشف قبل أن تُعرف نتيجتها".
لماذا دفع الغرب أوكرانيا لـ "مغامرة" الهجوم المضاد؟
بدعم طويل الأمد لأوكرانيا وحزمة مساعدات أميركية جديدة بقيمة 375 مليون دولار، تعهد قادة قمة مجموعة الدول السبع بتطوير تسليح كييف التي اهتز موقفها بشدة بعد إعلان موسكو سقوط مدينة باخموت.
وأكد قادة بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في البيان الختامي للقمة في مدينة هيروشيما، الأحد، دعم كييف مهما "تطلب إحلال السلام الشامل من وقت".
إلا أن خبيرين عسكريين، أحدهما روسي والثاني أميركي، تحدثا لموقع عن نتائج " كارثية" تتربص بأوكرانيا إن استجابت لإلحاح دول الغرب عليها لشن هجومها المضاد على روسيا في ظل الاستعدادات الروسية، مفنّدين المصالح التي تدفع هذه الدول لإطالة الحرب.
أبرز تعهدات قادة السبع
• الرئيس الأميركي جو بايدن: سندعم أوكرانيا بطائرات إف 16 وسنقدّم حزمة مساعدات جديدة بقيمة 375 مليون دولار.
• رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو: بلادي ستدعم أوكرانيا مهما استغرق الأمر وبقدر ما يلزم.
• المستشار الألماني أولاف شولتز: أولويتنا القصوى هي دعم الدفاعية الأوكرانية وعلى روسيا سحب قواتها.
• رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك: أوكرانيا ستحصل على القوة الجوية التي تحتاجها.
• الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: نعارض تحويل الحرب إلى "صراع مجمّد"، وندعم رفض أوكرانيا لأي مقترح سلام دون انسحاب روسيا.
هل كانت أوكرانيا مستعدة؟
مع تصاعد التكهنات حول قرب الهجوم المضاد، تسلل التردد والقلق في بعض تصريحات المسؤولين، ومن ذلك قول الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الأسبوع الماضي، إن كييف مستعدة، لكنها بحاجة إلى مزيد من الوقت لتصبح الظروف مثالية لتجنب الخسائر غير المقبولة.
أما المندوبة الدائمة لأوكرانيا لدى الناتو، ناتاليا غاليبارينكو، فأكدت أن بلادها تدعو الحلفاء الغربيين إلى عدم تعليق آمال كبيرة بشأن الهجوم المضاد، وعدم اعتباره شيئًا حاسمًا.
وفي مقابلة مع التلفزيون الوطني الليتواني مؤخرا، خاطبت الحلفاء بقولها: "نقول لشركائنا الدوليين عليكم التحلي بالصبر"، و"لا تضغطوا بشدة.. قد يكون هذا الهجوم مهمًا لكن دعونا لا نركز كثيرًا عليه، مسيرة إلى احتمال الحاجة لعدة هجمات مضادة".
لماذا يضغط الحلفاء؟
تجيب صحيفة "الغارديان" البريطانية بأن:
• الغرب استثمر أموالا طائلة في الحرب، وأوشك على استنزاف ترسانته العسكرية لصالح أوكرانيا، وسيواجه ضغوطا من الشارع إن لم تُترجم إلى هزيمة لروسيا.
• هناك انتخابات في دول غربية، ويلاحق المرشحين أسئلة الناخبين حول إنفاق هذه الأموال.
من جهته يرجح الخبير العسكري الأميركي بيتر آليكسي، أن تعهدات قادة دول السبع تؤكد أنه حال فشل أوكرانيا في تحقيق ضربة قاضية فلن يتوقف الغرب عن دعمها "فالهدف هو استنزاف روسيا مهما طال أمد الصراع".
في نفس الوقت يحذر من أن "الضغط الغربي على أوكرانيا قد يفسد الهجوم".
أكبر المغامرات
يتفق الخبير العسكري الروسي سيرغي ليونكوف، مع أليكسي في أن الهدف هو روسيا، قائلا إن تعهدات قادة مجموعة السبع "أكبر دليل على أن الغرب دخل الحرب بشكل مباشر ضد روسيا، وليس مجرد تقديم مساعدات لأوكرانيا".
ولكن بنبرة واثقة، وصف الهجوم المضاد الأوكراني، "وتحت الضغط الغربي" بأنه "قد يشكل انتحارا للأوكرانيين في ظل التحصينات اللوجستية والعسكرية لروسيا، وبخاصة في مناطق مثل زابوريجيا، وسيكون أحد أكبر المغامرات الغربية".
وجاءت تعهدات قمة مجموعة السبع بزيادة دعم كييف بعد يوم من تأكيد موسكو سقوط كامل مدينة باخموت، شرقي أوكرانيا، في يد الجيش الروسي بعد معارك وصفت بالأعنف والأطول في الحرب الممتدة منذ فبراير 2022.
بدء الهجوم
في وقت مبكر من يوم الاثنين المصادف 05/06/2023، قالت وزارة الدفاع الروسية إن قوات بلادها أحبطت هجوما كبيرا لأوكرانيا في منطقة دونيتسك بجنوب أوكرانيا وقتلت مئات من القوات الموالية لكييف، مضيفة أن أوكرانيا شنت هجومها باستخدام ست كتائب ميكانيكية وكتيبتي دبابات على خمسة قطاعات من الجبهة في اتجاه جنوب دونيتسك، فيما لم يصدر أي تعليق فوري من أوكرانيا.
وكان من غير الواضح حينها أن كان الهجوم المشار إليه يمثل البداية الرسمية للهجوم المضاد المتوقع على نطاق واسع أن تشنّه أوكرانيا لاستعادة بعض الأراضي التي سيطرت عليها القوات الروسية منذ بداية الحرب في فبراير شباط 2022.
وقالت وزارة الدفاع الروسية: "إن هدف العدو كان هو اختراق دفاعاتنا من القطاع الأكثر ضعفا من الجبهة، في اعتقاده، وأن الهجوم لم يحقق أهدافه ولم ينجح"، مضيفة أن القوات الروسية قتلت 250 من القوات الأوكرانية ودمرت 16 دبابة و3 عربات قتال للمشاة و21 مركبة قتالية مصفحة.
وقالت الوزارة إن رئيس هيئة الأركان العامة الروسية فاليري جيراسيموف كان في المنطقة التي وقع فيها الهجوم الأوكراني.
كييف تلتزم الصمت
ولم تعلن أوكرانيا بتاتا مسؤوليتها عن الهجمات على الأراضي الروسية، وقبل الإعلان الروسي عن الهجوم الاوكراني الكبير، دعا الجيش الأوكراني الجنود إلى التزام الصمت وقال إنه لن يكون هناك إعلان عن بدء الهجوم.
وأصدرت وزارة الدفاع الأوكرانية شريط فيديو يظهر الجنود وهم يضعون إصبعهم على أفواههم، ليقولوا إن "الخطط الحربية يناسبها الصمت وإنه لن يكون هناك إعلان عن بدء الهجوم المضاد".
موسكو تحذر حلفاء كييف
قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إن بلاده تعتقد أن الهجوم الأوكراني المضاد على روسيا سيعيد الأراضي الأوكرانية المهمة استراتيجياً من قبضة روسيا، وأضاف سوليفان في حديث لـ(سي إن إن) أن واشنطن مستمرة في دعم أوكرانيا ضد العدوان الروسي المستمر.
وتقول أوكرانيا إنها بحاجة إلى مزيد من الأسلحة، ومنها الصواريخ بعيدة المدى، للدفاع عن نفسها في مواجهة الهجمات الروسية ولاستعادة السيطرة على أراضيها المحتلة.
لكن الرئاسة الروسية حذرت من أن إمداد فرنسا وألمانيا كييف بصواريخ بعيدة المدى سيؤدي إلى جولة أخرى من "تصاعد التوتر" في الصراع الأوكراني.
وزودت المملكة المتحدة أوكرانيا بصواريخ كروز بعيدة المدى كأول دولة تقوم بذلك، وطلبت كييف أيضا من ألمانيا صواريخ توروس التي يبلغ مداها 500 كيلومتر، فيما تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمنح باريس كييف صواريخ بمدى يسمح لها بتنفيذ هجومها المضاد الذي طال انتظاره بهدف استعادة الأراضي التي تحتلها روسيا في شرقي أوكرانيا وجنوبها.
الدفاع الروسية تكشف الخسائر الأولية لهجوم أوكرانيا المضاد
في الخامس من حزيران/ يونيو الحالي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية خسائر القوات الأوكرانية جراء "الهجوم واسع النطاق" الذي شنّته على 5 قطاعات من منطقة دونيتسك جنوبي أوكراني، مشيرة إلى أنها بلغت 250 فردا و16 دبابة و21 مركبة قتال.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، إن القوات الروسية بقيادة رئيس أركان الجيش الروسي تصدت لهجوم أوكراني واسع النطاق على 5 قطاعات من الجبهة في اتجاه "يوجنو دونيتسك"، مشيرا إلى أن القوات الأوكرانية كانت تهدف لاختراق الدفاعات في "أكثر مناطق الجبهة ضعفا" في رأيها.
وشدد كوناشينكوف على أن " العدو لم يحقق أهدافه وفشل في تنفيذ المهام الموكلة إليه أثناء الهجوم".
وقال كوناشينكوف: "في صباح يوم 4 يونيو، شنّ العدو هجوما واسع النطاق.. وقام خلاله بإدخال الألوية الميكانيكية 23 و31 من الاحتياطيات الاستراتيجية للقوات الأوكرانية في المعركة، وبدعم من الوحدات العسكرية والوحدات الفرعية الأخرى".
وأضاف: "كان هدف العدو هو اختراق دفاعاتنا في أكثر مناطق الجبهة ضعفاً في رأيه. تم إحباط الهجوم ولم يحقق العدو أهدافه ولم ينجح".
وأشار المتحدث باسم الدفاع الروسية إلى أن قوات العدو تتكون من 6 كتائب ميكانيكية وكتيبتي دبابات.
وشدد كوناشينكوف على أنه "نتيجة للأعمال الماهرة والكفؤة لمجموعات قوات فوستوك، بلغت خسائر القوات الأوكرانية أكثر من 250 فردا و16 دبابة و3 عربات قتال مشاة و21 مركبة قتالية مصفحة".
كما أكدت وزارة الدفاع الروسية أن قوات بلادها وجهت ضربات دقيقة خلال هجوم ليلي، ضد أهداف في عدة مطارات عسكرية أوكرانية استخدمت فيه أسلحة جوية بعيدة المدى دقيقة التوجيه.
وأشار بيان وزارة الدفاع الروسية إلى أنه تم تحقيق الهدف من الضربات، حيث تمت إصابة مراكز القيادة، ونقاط الرادار، ومعدات الطيران الأوكرانية، وكذلك منشآت تخزين بالأسلحة والذخيرة.
كما ذكرت الدفاع الروسية أنه تم تحييد نحو 600 عسكري أوكراني بعمليات للقوات الروسية في مناطق متفرقة خلال الساعات الـ 24 الأخيرة.
بوتين يتحدث عن الهجوم وفشله بجميع المحاور
وفي الثالث عشر من حزيران يونيو الحالي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن الهجوم الأوكراني المضاد "واسع النطاق ومستمر إلى اللحظة"، لافتاً إلى أنه يسير في اتجاهات متعددة، وبدأ في 4 يونيو/ حزيران، وتحدث عن "خسائر كارثية" للقوات الأوكرانية.
وأعلن الرئيس الروسي، خلال لقاء مع مدوّنين عسكريين بثّه التلفزيون، أن هجوم الجيش الأوكراني حالياً يشمل أربعة محاور و"فشل في جميعها"، مشدداً على أن "أوكرانيا لم تنجح في أي من الأقسام في الهجوم المضاد.. لديهم خسائر فادحة".
وأكد بوتين أن قوات أوكرانيا تكبدت خسائر كبيرة، موضحاً أن خسارتها أكبر بعشر مرات من خسائر روسيا.
وذكر بوتين أن أوكرانيا فقدت 25 إلى 30% من المركبات التي حصلت عليها من الغرب، لافتاً إلى أن روسيا فقدت 54 دبابة مقابل 160 لأوكرانيا. واستدرك: "هذا ما نراه فحسب، لا تزال هناك خسائر يتعرضون لها، لكنها محجوبة، كتلك التي تلحقها الأسلحة طويلة المدى عالية الدقة بمجموعات من الأفراد والمعدات (...) في الواقع هناك مزيد من هذه الخسائر من جانب أوكرانيا".
وألمحَ بوتين أنه قد يأمر القوات الروسية بمحاولة السيطرة على المزيد من الأراضي في أوكرانيا لإقامة منطقة عازلة.
وفي إشارة إلى عمليات التوغل والقصف الأوكرانية المزعومة لمنطقة بيلغورود الروسية، قال بوتين إن الجيش الروسي سيتخذ خطوات لوقف مثل هذه الهجمات، وإذا استمرت "سيتعين علينا النظر في إنشاء منطقة وقائية في أوكرانيا لمنعها من ضرب أراضينا".
وقال الرئيس الروسي: "كان من الممكن افتراض أن العدو سيتصرف بهذه الطريقة، وكان من الممكن الاستعداد بشكل أفضل (...) بالطبع، علينا تعزيز حدودنا".
وأقرّ بوتين بأن قوات بلاده في أوكرانيا تعاني نقصاً في المعدات العسكرية. وصرّح: "على مدى العملية العسكرية الخاصة، بات واضحاً أن (الجيش) يفتقر للعديد من المعدات". وأضاف "الذخيرة عالية الدقة ومعدات الاتصالات والمسيّرات... نملكها، لكن للأسف ليس بالقدر الكافي". وقال إن "روسيا ستستخدم أسلحة مزوّدة باليورانيوم المستنفد إذا لزم الأمر"، وذلك رداً على تقارير بأن الولايات المتحدة ستزود أوكرانيا بمثل هذه الأسلحة.
إصدار أمر تعبئة؟
وقال الرئيس الروسي، إن أهداف العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا لن تتغير بشكل عام، وذكر أنه لا يرى في الوقت الحالي حاجة لإصدار أمر تعبئة إضافي للقتال في أوكرانيا، لكنه أضاف أن الأمر برمته "يتوقف على ما تريد روسيا تحقيقه هناك".
وتساءل عما إذا كان ينبغي للقوات الروسية محاولة السيطرة على كييف مرة أخرى، بقوله: "هل يجب أن نعود إلى هناك؟"، في إشارة إلى العاصمة الأوكرانية كييف التي فشلت القوات الروسية في السيطرة عليها خلال المراحل الأولى مما تسميه موسكو "عمليتها العسكرية الخاصة" في أوكرانيا.
وقال بوتين، إن روسيا بحاجة إلى محاربة عملاء العدو وتحسين دفاعاتها في مواجهة الهجمات في عمق أراضيها، غير أنه أشار إلى عدم وجود ضرورة لأن تحذو بلاده حذو أوكرانيا وتعلن الأحكام العرفية.
ولدى سؤاله عما إذا كان سيصدر أمر تعبئة آخر، بالإشارة إلى إعلان العام الماضي "بتعبئة جزئية" تشمل 300 ألف من جنود الاحتياط، رد بوتين قائلاً: "لا توجد حاجة لذلك اليوم". وأضاف أن وزارة الدفاع لا ترى حاجة لموجة أخرى من التعبئة. وشدد: "تقول بعض الشخصيات العامة إننا بحاجة إلى مليون أو مليوني (جندي)... هذا يعتمد على ما نريد تحقيقه".
روسيا مستعدة لمحادثات سلام
وقال الرئيس الروسي إن بلاده منفتحة على محادثات سلام بشأن أوكرانيا، مشدداً على أن "السبيل الوحيد لوقف الصراع هو أن توقِف الدول الغربية إمداداتها من الأسلحة إلى كييف". وتابع: "هناك أشخاص كثيرون في الولايات المتحدة لا يريدون حرباً عالمية".
وجدد بوتين اتهامه الغرب بالسعي لإلحاق الهزيمة بروسيا في أوكرانيا، وقال إن موسكو لديها "خطة سلام" خاصة بها لهذا البلد.
واتهم، في سياق آخر، أوكرانيا باستهداف سد كاخوفكا عمداً بصواريخ هيمارس الأميركية، موضحا: "لا مصلحة لروسيا في مأساة محطة كاخوفكا نظرا لعواقبها على المناطق الروسية الجديدة".
هل تواصل "فاغنر" القتال في أوكرانيا؟
من جهته، قال رئيس مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة، يفجيني بريجوجن، إنه "ليس على يقين" مما إذا كان رجاله سيواصلون القتال في أوكرانيا وسط خلاف حاد مع وزارة الدفاع بعد الاستيلاء على مدينة باخموت الأوكرانية.
ولم يتضح مدى جديّة بريجوجن إذ برهن مقاتلوه على أنهم من بين الأكثر فعالية لروسيا في أوكرانيا رغم تكبدهم خسائر فادحة هناك، في حين أن أي محاولة من جانبه للانسحاب من الحرب يمكن أن ينظر إليها المسؤولون في موسكو على أنها خيانة.
ورد بريجوجن على سؤال طرحته وسائل إعلام دنماركية قائلا "فيما يتعلق باستمرار عمل شركة فاغنر العسكرية الخاصة في أوكرانيا: "لست على يقين من أننا سنعمل على وجه التحديد في أوكرانيا".
ويشارك مقاتلو "فاغنر" أيضا في عمليات قتالية في أفريقيا والشرق الأوسط حيث لا تزال لديهم بعض العقود هناك.