انتهاء حقبة "آل الأسد" رسمياً في سوريا.. نظرة تاريخية على أبرز الأحداث التي حصلت خلال حكمهم
53 عاما من الحكم
انتهاء حقبة "آل الأسد" رسمياً في سوريا.. نظرة تاريخية على أبرز الأحداث التي حصلت خلال حكمهم
انتهى حكم عائلة الأسد لسوريا رسمياً فجر اليوم الأحد 8 كانون الأول (ديسمبر) 2024، حيث غادر بشار الأسد البلاد متجهاً إلى وجهة مجهولة، لتطوى صفحة 53 عاماً من سيطرة "سلالة الأسد" على سوريا، في لحظة تاريخية للبلاد، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس" على أبرز الأحداث التي حصلت خلال حكمهم.
أعلنت "المعارضة المسلحة" سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ودخول قواتها إلى العاصمة دمشق -فجر اليوم الأحد- وسط تضاربت الأنباء حول الأسد، بعد أن فقد السيطرة على العاصمة دمشق بدخول "فصائل المعارضة" المدينة.
*الحكم يعود إلى العام 1971
تعود بداية حكم عائلة الأسد إلى 22 شباط (فبراير) 1971، عندما تولى حافظ الأسد السلطة، ليستمر هذا الحكم حتى اليوم الذي شهد سقوط بشار الأسد في 8 كانون الأول (ديسمبر) 2024. بذلك، تكون "سلالة الأسد"، المنحدرة من العشيرة "الكلبية"، قد فرضت سيطرتها على البلاد لمدة 53 عاماً و9 أشهر و18 يوماً، وهو ما يعادل 19,650 يوماً من الحكم الذي انتهى، ليُفسح المجال أمام مرحلة جديدة.
كما يعود أصل عائلة الأسد إلى القرداحة في اللاذقية وهم ينتمون إلى قبيلة الكلبية، فيما يعود اسم عائلة الأسد إلى عام 1927، عندما غيّر علي سليمان لقبه إلى الأسد. وينحدر جميع أفراد عائلة الأسد الموسعة من علي سليمان وزوجته الثانية نعيسة، التي جاءت من قرية في جبال الساحل السوري.
*حكم حافظ الأسد
خلال فترة حكمه المبكرة في سبعينيات القرن العشرين، أنشأ حافظ الأسد شبكات رعاية من شخصيات نخبة حزب البعث، وبعد وفاة حافظ الأسد، استمرت الروابط العائلية في لعب دور مهم في السياسة السورية. كما شغل العديد من أفراد عائلة حافظ الأسد المقربين مناصب حيوية في الحكومة منذ صعوده إلى السلطة.
وهيمن أفراد أسرة الأسد والأفراد التابعون لهم على البيروقراطية السورية ومجتمع الأعمال.
ووفقاً لتقارير محايدة، بنى حافظ الأسد نظامه على هيئة بيروقراطية تميزت بعبادة شخصية مميزة، وهو أمر غير معهود في التاريخ السوري الحديث.
وكانت صور حافظ الأسد ومقولاته ومديحه تُعرض في كل مكان من المدارس إلى الأسواق العامة والمكاتب الحكومية. ويُشار إلى حافظ الأسد باسم "الزعيم الخالد" و"المقدس" في الإيديولوجية الأسدية الرسمية.
وأعاد حافظ تنظيم المجتمع السوري على أسس عسكرية، مستشهداً باستمرار بخطاب مؤامراتي حول مخاطر المؤامرات المدعومة من الخارج والتي يحيكها الطابور الخامس. كما روج للقوات المسلحة باعتبارها جانباً مركزياً من الحياة العامة.
وخلال حكمه، شهدت سوريا أحداثًا محورية، مثل حرب أكتوبر 1973، والحرب الأهلية اللبنانية، ومجزرة حماة 1982 ضد الإخوان المسلمين، إضافة إلى الحرب العراقية الإيرانية التي وقف خلالها الأسد الأب إلى جانب طهران.
كما عُرف حكمه بقمع المعارضين السياسيين واستطاع الأسد الأب المناورة سياسيًا، وحافظ على نظامه بفضل الصفقات الدولية، مثل التحالف مع الاتحاد السوفيتي ثم مع الولايات المتحدة خلال حرب الخليج الثانية عام 1991، رغم التوترات بين سوريا والعراق.
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، اختار بشار الأسد، الابن البكر لحافظ الأسد، الابتعاد عن السياسة والجيش. بعد تخرجه في جامعة دمشق في الثمانينيات، قرر السفر إلى بريطانيا لمواصلة دراسته في الطب، حيث التحق بمستشفى "ويسترن لندن لأمراض العيون" لتخصص في هذا المجال.
وفقًا للسلسلة الوثائقية "عائلة خطيرة... آل الأسد" التي أنتجتها بي بي سي في عام 2018، عاش بشار الأسد حياة هادئة في لندن بعيدًا عن السياسة. كان يستمتع بأجواء المدينة، وأظهر اهتمامًا بالموسيقى، حيث كان من المعجبين بالمغني الإنجليزي فيل كولينز.
خلال هذه الفترة في لندن، التقى بشار زوجته المستقبلية، أسماء الأخرس، التي كانت تدرس علوم الكمبيوتر في جامعة كينجز كوليدج بلندن، ثم قُبلت لدراسة ماجستير في إدارة الأعمال في جامعة هارفارد الأمريكية العريقة.
وعلى الرغم من حياة بشار الأسد الهادئة بعيدًا عن السياسة، إلا أن الأحداث في سوريا جعلت منه وريثًا محتملًا للعرش، مع تدهور صحة والده حافظ الأسد في أواخر التسعينيات، بدأ بشار يتحول تدريجيًا إلى شخصية سياسية، ليصبح خلفًا له بعد وفاة والده في عام 2000.
*خليفته بشار الأسد
وبعد وفاة حافظ، ورث بشار الأسد الحكم، الذي أشاد به الحزب باعتباره "الزعيم الشاب" و"أمل الشعب".
وبتأثير كبير من نموذج سلالة كيم في كوريا الشمالية، نسبت الدعاية الرسمية إلى سلالة الأسد صفات إلهية، وبُجل بطاركة الأسد باعتبارهم الآباء المؤسسين لسوريا الحديثة، وفقاً لما نشرته موسوعة "ويكيبيديا" في نسختها الإنجليزية، نقلاً عن مصادر متنوعة.
*محطات مفصلية
مرت سنوات حكمه الأولى التي بدأت في 17 يوليو/تموز عام 2000 بسلام، فيما نُظر إليه باعتباره "مُصلحا محتملا"، بالنظر لابتعاده عن المشهد السياسي وسراديبه.
وخلال عقد كان الأسد يستخدم لغة هادئة ومنظمة تكشف عن عقل علمي في خطاباته، كما أحرزت حركة إصلاحية تقدما حذرا خلال "ربيع دمشق"، مما أدى إلى إغلاق سجن المزة وإصدار عفو واسع النطاق عن مئات السجناء السياسيين.
وبات بشار الرئيس المفوه يخطف الأضواء سريعا، وأقنع السوريين بقدراته الخطابية، وقدم نموذجا للرئيس العصري، إذ اعتاد سكان دمشق في سنوات حكمه الأولى رؤيته في الشوارع، يقود سيارته بنفسه، ويرتاد المطاعم رفقة زوجته.
لكن عام 2011 كان بداية مرحلة فاصلة في التاريخ السوري، وفي حياة الأسد على وجه الخصوص، إذ اندلعت احتجاجات مناهضة لحكمه، سرعان ما تحولت إلى نزاع دام، تعددت جبهاته، وكثرت أطرافه الدولية والإقليمية.
كافح الأسد طول 13 عاما لإعادة السيطرة على غالبية محافظات البلاد التي هيمنت عليها جهات متعددة، منها الجيش السوري الحر، وتنظيم "داعش" الإرهابي، وجبهة تحرير الشام.
وبعون من الحليف الروسي ودعم من قوى إقليمية، تمكن الأسد من عكس تيار الأحداث منذ 2015، محرزا انتصارا كبيرا بإعادة السيطرة على حلب.
ومن المدينة نفسها -حلب- تفجرت موجة أخرى في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وصلت خلال أيام معدودة إلى دمشق، لتطوي سنوات حكم طبيب العيون الذي عاين نهاية حقبة في تاريخ بلاده والشرق الأوسط.
وفي 8 كانون الأول (ديسمبر) 2024، قرر بشار الأسد الفرار من دمشق، مما يشير إلى نهاية حكم الأسد في سوريا.
*حافظ الحفيد لن يحكم سوريا
الأول كانون الأول (ديسمبر) 2001 (23 عاماً)، وهو حفيد حافظ الأسد والابن الأكبر لبشار الأسد وزوجته أسماء الأسد، لن يصبح خليفةً محتملاً لوالده بعد نهاية حكم عائلة الأسد. فقد كان الابن حافظ يُنظر إليه كخليفة منتظر للأب بشار في حكم البلاد.
الأسد الابن والحفيد، من مواليد دمشق، وقد سُمي على اسم جده الرئيس السوري السابق حافظ الأسد. التحق بمدرسة مونتيسوري مع أخته زين وشقيقه كريم، كما التحقوا بمدرسة لغات في منطقة البرامكة بدمشق.
حظي الأسد الصغير باهتمام إعلامي في عام 2013 عندما نشر حساب على الفيسبوك منسوب إليه انتقاداً للجيش الأميركي في أعقاب الهجوم الكيميائي على الغوطة.
وفي عام 2020، فرضت وزارة الخارجية الأميركية عقوبات على الأسد الصغير فيما يتعلق بعقوبات سابقة استهدفت نظام والده. ونتيجة لذلك، لم يكن يُسمح له بالسفر إلى الولايات المتحدة أو امتلاك أصول فيها. وفي تشرين الأول (ديسمبر) 2024، ورد أنه فرّ من سوريا إلى روسيا. وهو يجيد اللغة الإنجليزية، ويتحدث الروسية أيضاً.
في عام 2016، تم الإعلان عن أن الأسد سيكمل تعليمه العالي في روسيا. وقبل التحاقه بجامعة موسكو الحكومية، درس لفترة من الوقت في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا في دمشق. وفي عام 2023، تخرج الأسد بدرجة الماجستير في الرياضيات من كلية الميكانيكا والرياضيات بجامعة موسكو الحكومية مع مرتبة الشرف.