بعد أن تحدث القائد الحوثي عن الموضوع.. انفوبلس تستعرض المواقف "الردية" لجماعات السلفيين مع إسرائيل؟
هاجمت المقاومة ودعمت الكيان علناً
بعد أن تحدث القائد الحوثي عن الموضوع.. انفوبلس تستعرض المواقف "الردية" لجماعات السلفيين مع إسرائيل؟
انفوبلس/..
في آخر خطاب له يوم الخميس الماضي، حول تطورات ومستجدات الأحداث التي تمر بها المنطقة وعلى رأسها الحرب الصهيونية ضد فلسطين، أشار زعيم حركة أنصار الله اليمنية عبد الملك بدر الدين الحوثي إلى قضية هامة لم يلتفت إليها الكثير وهي صمت الجماعات السلفية تجاه ما يحدث في غزة، في وقت كانت تدفع فيها بآلاف المجدين الانتحارين لقتل العراقيين.. فأين هم الآن؟ وما هو موقفهم مما يجري؟
*خطاب الحوثي
وجاء في نص خطاب الحوثي، ما يلي: "في واقع الأمة نجد من خلال ما تجلَّى عبر هذه الأحداث القائمة، أحداث كبيرة جداً، العدوان الإسرائيلي على غزة عدوان فظيع، وشنيع، وكبير، وهناك مسؤوليات كبرى على هذه الأمة بكل وضوح، لا يُعفيها عنها التنصل، ولا التهرب، ولا أي محاولات لتبرير التخاذل؛ فَتُجَلِّي تلك الأحداث واقع الأمة كيف هو، كيف هو موقفها تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني، وتجاه الإجرام والطغيان الإسرائيلي، الذي يمارسه العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني".
وأضاف، "هناك تيارات في داخل هذه الأمة، كالتيار التكفيري: تيار فتنوي كبير، يمتلك الإمكانات الضخمة، ينتمي إليه عشرات الآلاف من المقاتلين، ذلك التيار كان يتحرك تحت (عنوان الجهاد)، تَحَرَّك، ودُفِع، دُفِع أصلاً للتَّحرُّك تحت هذا العنوان بالتحديد؛ لأن العنوان (عنوان الجهاد) هو عنوان مستهدف من أعداء الإسلام؛ مستهدف بالتشويه، ومستهدف بالتحريف، ومستهدف بالتوظيف في غير الاتجاه الصحيح، تحركوا تحت عنوان (الجهاد في سبيل الله)، لماذا تحركوا؟ وفي ماذا تحركوا؟ لنشر الفتن الطائفية والمذهبية بين المسلمين، لقتل أبناء الأمة (صغاراً، وكباراً)، كم قتلوا من أبناء الأمة، سواءً فيما كان في إطار معارك وعمليات عسكرية يُنَفِّذونها، أو في إطار الاستهداف لأبناء الأمة في الأسواق، في المساجد، في المناسبات الدينية والاجتماعية، من خلال العمليات الانتحارية وغيرها".
وقال الحوثي: "حاولوا أن يظهروا تحت (عنوان الجهاد) وكأنهم مجاهدون أشداء، ينتحرون في عمليات انتحارية بالآلاف، في العراق أكثر من أربعة آلاف عملية انتحارية، في الأسواق العراقية كم قتلوا في مختلف المدن العراقية، في غير العراق، في مختلف البلدان التي استهدفوها، لا يحتاج هذا إلى تفصيل وكل الناس يعرفون، لكنَّهم كانوا يقدِّمون أنفسهم كمجاهدين مستبسلين أشداء، جاهزين للتضحية، جاهزين للقتل، جاهزين لكل شيء، وأيضاً شدة في عملياتهم، بل أكثر من ذلك، كانوا يمارسون عمليات إجرامية بكل ما تعنيه الكلمة، من القتل بطريقة بشعة وإجرامية للناس، ذبحاً بالسكاكين، تفجيراً للمدنيين، تمثيلاً بالجثامين، قطعاً للرؤوس… وغير ذلك".
وتساءل: "أين هم الآن، بعد أن تحركوا على مدى سنوات طويلة، أغرقوا الأمة بالفتن، والقتل، والخراب، والدمار، والدماء؟! أين هم الآن في مواجهة العدو الذي لا شك في أنه العدو الأول للإسلام والمسلمين".
وأكمل الحوثي، قائلاً: "سكتوا عن العدو الإسرائيلي، ولم يعملوا شيئاً، مع أنهم ظهروا بإمكانات وقدرات، لاختراق أي بلد يريدون أن يخوضوا فيه معركة، أو يحرِّكوا فيه فتنة، أو ينطلقوا فيه لنشاط معين ومؤامرات معينة، ويمكنهم، في بعض البلدان يستطيعون أن يتحركوا منها مباشرةً لاستهداف العدو الإسرائيلي".
وأتم: "فلا هم على المستوى العسكري تحرَّكوا كما كانوا مقاتلين أشداء، ومنتحرين بالآلاف، ولا هم حتى على المستوى الإعلامي وجَّهوا نشاطاً كبيراً في تعبئة الأمة ضد العدو الإسرائيلي، وحديث عن العدو الإسرائيلي بقدر ما كانوا يتحدثون من عداء شديد، وتعبئة وتحريض شديد ضد أبناء هذه الأمة؛ من أجل أن يدفعوا بالناس لقتل بعضهم البعض، أين هم؟! هكذا ميَّز الله الخبيث من الطيب بأحداث كبيرة، تكشف وتجلِّي الحقائق للناس".
*تضامن مع إسرائيل
مع تصاعد العدوان الصهيوني على غزة، وتضامن العلماء والعرب والمسلمين مع أهلها، ظهرت أصوات نشاز لمن يعرفون أنفسهم بأنهم مشايخ محسوبون على تيارات سلفية أو مدخلية، يسخرون من حركة المقاومة الإسلامية حماس وجناحها العسكري كتائب القسام.
بالتزامن مع ظهور فيديوهات لهؤلاء المشايخ السلفيين وهم يهاجمون المقاومة في غزة، اهتمت صحف عبرية بدورهم في دعم إسرائيل ضد حماس.
استعرضت هذه الصحف أدوار السلفية المدخلية في تشويه المقاومة الإسلامية في غزة وعدائهم لحماس.
والمدخلية، تيار سلفي نشأ في السعودية بداية تسعينيات القرن الماضي وتمدد إلى دول أخرى، وهو يعتمد في دعوته ومنهجه على أمرين: الولاء المطلق للسلطة الحاكمة والطاعة الكاملة للحكام والدفاع عن مواقفهم وسياساتهم مهما كانت، والهجوم المستمر على المخالفين وخاصة من التيارات الإسلامية.
*معاداة حماس
عقب “طوفان الأقصى”، الذي جاء ردا على الاعتداءات الصهيونية المتكررة على المقدسات الإسلامية والمسجد الأقصى، انتشرت تعليقات لمشايخ سلفيين بعضهم ينتمي للتيار المدخلي السلفي ينتقدون المقاومة ويسخرون منها.
حيث هاجم عدد من شيوخ السلفية حماس بسبب تنفيذها عملية طوفان الأقصى، وقال أحدهم من السعودية، إن الحركة الإسلامية “هي الشر بعينه”، وإنها "السبب فيما يقع على رؤوس أهالي غزة".
وزعم آخرون أن إسرائيل هي التي ساعدت حماس على تنفيذ العملية، وضحَّت بمواطنيها لتنفيذ مخطط التهجير القسري لمواطني غزة.
وهاجم شيخ سلفي من البحرين مقاتلي حماس وقال، إنهم “إرهابيون وإخوان وخوارج” وإن الحركة "هي سبب ما جرى لأهل غزة من دمار".
وقال آخر من مصر وهو "الشيخ محمد رسلان"، إن "حماس صناعة يهودية أميركية أنشأها الصليبيون وهي رافضية"، وفق زعمه.
كما نعتهم بـ “خوارج العصر”، استناداً إلى فتوى شيخ المدخلية “ربيع المدخلي” بأن “الإخوان المسلمين لم يتركوا أصلاً من أصول الإسلام إلا نقضوه”، بحسب ادعائه.
وقال شيوخ سلفيون آخرون من الخليج، منهم سعيد بن هليل العمر، وسعد بن شايم العنزي إن حماس “شر وتنام في أحضان الرافضة”، وأنها “مخترقة ومضللة”، وأنهم “هيّجوا العدو (إسرائيل) وأعطوه المبرر لسفك دماء المسلمين، وخالفوا الشريعة الإسلامية”.
وزعم محمود الرضواني على “قناة الإصلاح السلفية، أن حماس هي حزام آمن لإسرائيل”، ناقلا عن قناة إسرائيلية أن الحركة هي خط الدفاع الأول لنا واتهمها بأنها تسعى عبر معاركها مع الاحتلال للحصول على “فرقعة إعلامية”.
ولخّص "الشيخ" السلفي السعودي “سليمان الرحيلي” موقف كثير من السلفية من الأحداث بقوله، إن “مواقفنا من فلسطين متوافقة مع مواقف ولاة الأمر!” رغم أنه حذر من جرائم الصهاينة، وكتب يتألم من معاناة أهل غزة.
السلفي المصري محمد حسين يعقوب، هاجم في عام 2014 حماس وصواريخها التي تطلقها على إسرائيل زاعما أنها “متخرمش حيطة” وأن الحركة هي “السبب في اللي بيحصل في غزة”، ما أثار غضب ناشطين.
*أصدقاء إسرائيل
بسبب دور هؤلاء المشايخ الذين ينتمون لمجموعات سلفية مدخلية في معاداة حماس، وإفادة إسرائيل، اهتمت صحف عبرية بهم، وشجعت على الاستثمار فيهم ليكونوا حصان طروادة من داخل التيار الإسلامي لطعن حماس.
ضمن هذا الاهتمام، نشرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” مقالا في 28 ديسمبر/كانون أول 2023 بعنوان: “هل المدخلية (تيار السلفية المدخلي) صديقة لدولة إسرائيل؟”
وكان لافتا تصدر العنوان صورة لداعية جزائري، هو “شمسي بن صافي”، الذي وصفته الصحيفة بأنه “عالم للطائفة التي تؤيد تطبيع المسلمين مع إسرائيل”.
و”ابن صافي” ينتمي إلى التيار السلفي المدخلي ويُعد من أنصار “ربيع المدخلي” والأخير، هو شيخ سلفي سعودي، يعد مؤسس ما يعرف بـ “التيار المدخلي” الذي يعتمد الولاء المطلق للسلطة.
“زالجي خان”، كاتب تقرير الصحيفة الإسرائيلية قال بوضوح: “المدخلية هي تيار الفكر الإسلامي الأكثر ملاءمة للأهداف والغايات التكتيكية والعملياتية والإستراتيجية لإسرائيل”. رأى أن تيار السلفية المدخلية (التي يطلق عليها البعض سلفية المخابرات)، والتي تشتهر برفضها الصارم للخروج على الحاكم أو إبداء النصيحة له في العلن، تعد بمثابة “كنز لتحقيق الأهداف التكتيكية والاستراتيجية لإسرائيل”.
وقال إن “المثير للصدمة أن هذا التيار يروج علنا لفكرة إخراج جميع الفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة، كما أنه يضفي الشرعية على سلطة إسرائيل على جميع الأراضي التي تعد أراضي فلسطينية من قبل التيار الإشكالي سياسيا من نوع المنظمات الشبيهة بالإخوان المسلمين”.
*تنوع في طريقة تبرير عدم محاربة إسرائيل
يجد الدارس لأدبيات التيارات السلفية (العلمية والجهادية والسياسية) تنوّعاً في طريقة تبرير الإحجام عن محاربة الكيان الإسرائيلي، لكنها تكاد تتفق على شطب هذا الأمر من سلّم أولوياتها. في ما يلي بعض هذه المبررات:
يحضّ المحدّث السلفي الشهير محمد ناصر الدين الألباني في إحدى فتاويه، على الهجرة من فلسطين بعدما صارت في أيدي اليهود، إذ يقول: "هذه المقاومة لا تفيد شيئاً، فالواجب الشرعي على سكان فلسطين أن يفعلوا كما فعل المهاجرون الأولون.. فبقاء هؤلاء المسلمين تحت أيدي الكافرين هو خلاف الشرع الحكيم".
أما عن الانتفاضة الفلسطينية فيقول الألباني، "إنّ هذه الانتفاضة لن تأتي إلا بالدمار، وهي غير إسلامية شئتم أم أبيتم، لأنهم لو أرادوا الخروج لأعدّوا له عدّته. نحن نرى أنَّ هؤلاء الشباب يجب أن يحتفظوا بدمائهم ليوم الساعة".
يبخّس الألباني من قيمة نضالات المقاومة الفلسطينية، فبحسب رأيه أنّ "كل هذه المظاهر التي تُمجَّد، وتُسمّى بطولات ما هي في الواقع إلا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء". وعن نضال النساء الفلسطينيات غير المتدينات يقول: "هؤلاء مساكين، يفعلن كالنساء اليهوديات. في ظنهن أنهنّ يجاهدن، لكن ليس هذا من الجهاد في سبيل الله إطلاقاً".
أما ابن باز فيدعو السلطة الفلسطينية إلى الصلح مع الكيان الإسرائيلي، وأن "يُحكّموا شريعة الله، وأن يُلزموا بها الشعب الفلسطيني، لما في ذلك من السعادة والمصلحة العظيمة للجميع".
*أولويات السلفية الجهادية
تعتمد الجماعات السلفية الجهادية على الفقه السياسي المختص بأحكام الردّة، وذلك في سبيل تبرير القتال والأعمال العنفيّة داخل المجتمعات الإسلامية، متحاشيةً أي تصادم مع الصهاينة. وهم يستخدمون كعادتهم فتاوى ابن تيمية التي تنص على "البدء بجهاد المرتدين قبل جهاد الكفار من أهل الكتاب".