تصعيد يُنذر بحرب بين الجزائر والمغرب.. ما علاقة المذيع عبدالصمد ناصر وقناة الجزيرة؟
انفوبلس/..
سنة بعد ثانية تزداد حدّة التوتر بين المغرب والجزائر، لكن هذه المرة تصعيداً حاداً وقع بين البلدين الجارين، قد يُنذر بحرب، وما زاد هذه الحدة هو إقالة قناة الجزيرة القطرية لأحد إعلامييها وهو "عبدالصمد ناصر" وهو مغربي الجنسية، على خلفية تغريدة "دافع فيها عن شرف المرأة المغربية".
ورغم عدم صدور أي تأكيد رسمي من القناة حول فصل الإعلامي، إلا أن الواقعة أخذت منحنى تصاعدياً خاصة من قبل النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وبعض المنظمات الحقوقية المغربية، ومغرّدين من البلدين.
وانتقلت القضية من واقعة فصل قناة لإعلامي (صلة بين موظف ومكان عمله) -إن صحّت رسمياً- إلى حرب تغريدات سياسية وتراشق بين مغرّدين من المغرب والجزائر.
*غضب مغربي
القرار خلّف موجة غضب في المغرب، وأصدرت عدة جهات صحفية وحقوقية بيانات ومواقف عبر مواقع التواصل الاجتماع في المغرب، تُعرب جميعها عن تضامنها مع الإعلامي المغربي.
وفي هذا الإطار، أصدرت الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، بياناً للتضامن مع الإعلامي المغربي عبدالصمد ناصر بعد طرده من قناة "الجزيرة" القطرية، بحسب المنظمة.
واعتبرت أنه "رفع الستار" عما وصفته بـ"تحكم اللوبي الجزائري في إدارة القناة بمنطق التضييق على الحقوق والحريات الأساسية المعترف بها دوليا"، بحسب وصفها.
جاء هذا البيان بعد يومين من بيان أصدرته النقابة الوطنية للصحافة المغربية، الخميس، أعربت فيه عن تضامنها المطلق وغير المشروط مع الصحفي عبدالصمد ناصر جراء الطرد التعسفي الذي تعرض له من قناة "الجزيرة".
وأوضحت النقابة المغربية أنها "سارعت إلى القيام بالتحريات اللازمة والضرورية حول القرار المثير الذي اتخذته إدارة قناة الجزيرة".
وأضافت النقابة: "اتصل المدير العام للقناة بعبدالصمد ناصر واستقبله بمكتبه، وطالبه بحذف التغريدة أو تعديلها على الأقل، بما لا يُفهم منه إساءة إلى الدولة الجزائرية، وأنه في حال الرفض سيكون مضطرا لاتخاذ إجراء إداري رادع".
وأشارت إلى أن "عبدالصمد تمسك برفض التجاوب مع الطلب، والتأكيد على أن التغريدة تدخل في صميم ممارسة حرية التعبير في فضاء لا يعني قناة الجزيرة".
وكان ناصر، الذي يعمل كمذيع في "الجزيرة" منذ مايو/ أيار 1997، قد نشر تغريدة قبل نحو شهر وتحديداً في 30 أبريل/ نيسان الماضي احتوت على مقطع فيديو من قناة رسمية جزائرية، قال إنه يتضمن إساءات لبلاده ونسائها، موجّهاً انتقادات شديدة اللهجة لإعلام الجزائر الرسمي تضمنت إساءات أيضا.
واعتبرت النقابة أن الأمر يتعلق بما وصفته "وجود لوبي جزائري داخل القناة وخارجها يُدير هذه اللعبة"، بحسب وصفها.
وأعلنت النقابة أنها "ستوجه مذكرة احتجاجية إلى إدارة قناة الجزيرة، وإلى مركز حرية الصحافة التابع لها، وبأنها ستخاطب الفيدرالية الدولية للصحفيين والاتحاد العام للصحفيين العرب، فضلا عن تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر مكتب الجزيرة بالرباط في موعد قريب".
*رواية جزائرية
لكن وفي تطور لافت، كشف صحفي جزائري عن حيثيات إقالة عبد الصمد ناصر من “الجزيرة”، وأشار لوجود "عملية تجسّس" حدثت مؤخرا في القناة الإخبارية، الأشهر عربياً، استهدفت العشرات من صحفييها.
وقال أحمد حفصي، وهو إعلامي جزائري مهتم بالشؤون السياسية في المنطقة، عبر تويتر "لو كان لطرد مذيع القيلولة علاقة بالتغريدات المُسيئة للجزائر وسوريا وموريتانيا الأجدر يُطرد فيصل القاسم وليس ناصر عبدالصمد".
وتابع قائلا: "لا أتصور أن قيادة بلد يمارس سياسة القوة الناعمة تتدخل في قرار إداري مهني في شبكة الجزيرة وتلجأ لطرد صحفي مغربي ليس من بين أعمدتها بسبب “مجرد تغريدة مرّ على نشرها أشهر!".
وأضاف حفصي في ذات السياق "القرار يكون له علاقة بمجريات تحقيقات في قضية اختراق هواتف مذيعي ومديري قناة الجزيرة أو مسألة أمن قومي قطري!".
وعزّز الإعلامي الجزائري تحليله بتغريدة ثانية قال خلالها: "السيناريو الأقرب، وما علاقة ناصر عبدالصمد؟.. وفق نتائج التحقيقات التي أجراها مختبر سيتزن لاب المتخصص في الأمن السيبراني، فإن الهجوم الذي استهدف 36 هاتفا يعود إلى صحافيين ومنتجين ومذيعين ومديرين تنفيذيين في الجزيرة تم باستخدام برنامج بيغاسوس للتجسس الذي طورته مجموعة إن اس أو الإسرائيلية”.
واستطرد قائلا: "السؤال الذي يُطرح بقوة.. هل كان ناصر عبدالصمد الحلقة المفقودة في عملية الاختراق! ما يعزز هذه الفرضية هو مسارعة الكتائب الإلكترونية المغربية لمهاجمة دولة قطر واتهام الجزائر بالضلوع في عملية طرد مذيع القيلولة”.
*كواليس جديدة
وواصل الإعلامي الجزائري أحمد حفصي سرد ما وصفه بـ “كواليس وخلفيات إنهاء قناة الجزيرة التعاقد مع ناصر عبدالصمد”.
وزعم عبر حسابه الرسمي على تويتر، أن “إدارة المحطة التلفزيونية القطرية (الجزيرة) قرّرت فصل ناصر عبدالصمد قبل سنوات في قرار شمل الثلاثي الحبيب لغريبي وتوفيق طه و محمد نجيب”.
ونوه إلى أنّ “الجزيرة لجأت لسياسة تغيير بعض الوجوه وأعطتهم الخيار بين المغادرة أو الانتقال لوظيفة أخرى غير التقديم”.
وأوضح حفصي، أنه بينما قرر “الحبيب لغريبي” المغادرة، أصبح “توفيق طه” مُدققا لغويّاً بالقناة، أما “محمد نجيب” فعاد لمركزه كصحفي في غرفة الأخبار.
لكن عبد الصمد ناصر في المقابل، “ولمواجهة قرار إدارة الجزيرة لجأ لوساطات مع سلطات بلاده، والتي على إثرها تم الاتفاق على أن يُقدم نشرات الصباح والظهيرة فقط (الأقل مشاهدة في فترات البث)” كما استطرد أحمد حفصي.
وقال ذات المتحدث أنه بعد ذلك "عاد عبدالصمد ناصر لسياسة الابتزاز والمساومة طمعا في العودة لتوقيت “البرايم تايم “على شاشة الجزيرة. لكن طلباته المتكررة لتقديم برنامج تلفزيوني والاستفادة من نفس امتيازات نجوم الصف الأول في الجزيرة قوبلت بالرفض".
*لا تأكيد رسمياً
ولم يصدر بيان رسمي من قناة "الجزيرة" لتأكيد أو نفي إقالة مذيعها عبدالصمد ناصر، وأسباب ذلك أو الرد على الاتهامات التي وُجِّهت لها من قبل منظمات حقوقية وإعلامية مغربية.
كما لم يعلّق الإعلامي المغربي صراحة عن حقيقة إقالته وأسبابها، واكتفى للتلميح لذلك عبر تغريدات على حسابه في موقع تويتر.
وكتب ناصر تغريدة عبر تويتر، جاء فيها: "وإذا سدَّ عليك بحكمته طريقاً من طرقه، فتح لك برحمته طريقاً أنفع لك منه.. الرّب سبحانه لا يمنع عبده المؤمن شيئاً من الدنيا إلا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له".
وللإشارة، قدّم عبدالصمد منذ التحاقه بقناة الجزيرة عام 1997 عددا من البرامج، مثل منبر الجزيرة، والمشهد العراقي (من بغداد) والشريعة والحياة لسنتين، كما غطّى أحداثا دولية كثيرة أبرزها الانتفاضة الفلسطينية الثانية وأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 والحرب على أفغانستان والحرب على العراق والحرب على لبنان 2006 والحرب على غزة 2008.