ثورة طلابية في الولايات المتحدة دعماً لغزة.. تهديدات قمعية باللجوء إلى الحرس الوطني بعد فشل الشرطة بإنهاء التظاهرات وتفريق المتظاهرين الداعمين لفلسطين في العديد من الولايات الأمريكية
انفوبلس..
تصاعدت الاحتجاجات الطلابية في الولايات المتحدة ضد الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لتشمل جامعات جديدة، وسط أعمال عنف داخل عدة جامعات بسبب تدخل الشرطة لتفريق المتظاهرين الذين نصبوا مخيمات التضامن مع الفلسطينيين.
وانتشرت التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين التي تهز عددا من الجامعات عبر الولايات المتحدة إلى المزيد من الكليات، الأربعاء، وهدد رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، على التلويح بنشر الحرس الوطني.
وهدد جونسون خلال زيارة إلى جامعة كولومبيا في منطقة مانهاتن بنيويورك، من حيث انطلقت الحركة الاحتجاجية، بأنه “إذا لم يتم احتواء (التظاهرات) بسرعة، وإذا لم يتم وقف هذه التهديدات والتخويف، هناك وقت ملائم للحرس الوطني”.
وتحرك تصريحات جونسون ذكريات أليمة تعود إلى العام 1970 حين قُتل طلاب عزّل برصاص عناصر من الحرس الوطني خلال احتجاجات ضد حرب فيتنام.
وقال جونسون للصحافيين في جامعة كولومبيا، إنه سيطلب من الرئيس الأميركي جو بايدن “التحرك”، محذرا من أن التظاهرات “تجعل الطلاب اليهود هدفا في الولايات المتحدة” التي تضم حوالي ستة ملايين يهودي، أكبر مجموعة من اليهود في العالم بعد إسرائيل.
غير أن المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيار، صرحت بأن بايدن يؤيد حرية التعبير.
وقالت للصحافيين، إن “الرئيس يؤمن بأهمية حرية التعبير والنقاش وعدم التمييز في حرم الجامعات”.
وفي جامعة "ساوثرن كاليفورنيا" في لوس أنجلوس، اشتبكت الشرطة مع محتجين، وألقت القبض على شخص واحد على الأقل قبل أن يحاصر المحتجون السيارة التي كان محتجزاً فيها وهم يهتفون "دعه يذهب" و"عار عليك".
وقالت عميد الجامعة أندرو تي جوزمان في بيان، إن "مظاهرات جامعة ساوثرن كاليفورنيا تصاعدت عندما رفض المتظاهرون نقل وإزالة خيامهم وغيرها من المواد المحظورة"، بحسب ما نقلته شبكة CNN الأميركية.
وأضاف جوزمان، إن "أعمال المتظاهرين تصاعدت إلى حد المواجهة، وتهديد سلامة ضباطنا ومجتمع الحرم الجامعي"، موضحاً أنه "تم إغلاق بوابات الحرم الجامعي كما اتخذ المسؤولون إجراءات لمنع تصاعد الاحتجاجات، والحفاظ على حالة هدوء".
وفي سياق متصل، ذكرت تقارير إعلامية أن قوات مكافحة الشغب دخلت حرم جامعة تكساس في أوستن حيث فرقت المحتجين المؤيدين للفلسطينيين والمشاركين في احتجاج آخر مضاد.
وذكرت صحيفة "تكساس تريبيون"، أن الشرطة ألقت القبض على 10 محتجين على الأقل.
وشهدت جامعات أخرى احتجاجات مماثلة، منذ يوم امس الأربعاء، تخللها نصب مخيمات منها جامعة براون في مدينة بروفيدنس، وجامعة ميشيجان في مدينة آن أربور، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كمبريدج، وجامعة "كاليفورنيا بوليتكنك" في مدينة هومبولت وجامعة هارفارد في مدينة كامبريدج بولاية ماساتشوستس.
وقالت إدارة جامعة كولومبيا، إنها مددت الموعد النهائي الذي كان محدداً بمنتصف ليل الثلاثاء، للتوصل إلى اتفاق مع قادة الطلاب، مشيرة إلى إحراز "تقدم كبير" في المحادثات.
وقال ممثلون عن التحالف الطلابي "جامعة كولومبيا لنزع الفصل العنصري"، وهو ائتلاف من مجموعات طلابية مؤيدة للفلسطينيين، الأربعاء، إن الجامعة وافقت على تمديد المحادثات حتى الساعة الرابعة من صباح الجمعة على الأقل.
ولفت محمود خليل، وهو طالب فلسطيني في جامعة كولومبيا شارك في المفاوضات، إلى أنه "حتى بعد ظهر الأربعاء، لم يجتمع الجانبان لاستئناف المفاوضات".
وذكرت الجامعة، الأربعاء، أن طلابها وافقوا على إزالة "عدد كبير" من عشرات الخيام التي نصبوها في حرم الجامعة بمانهاتن.
لكن لم يذكر بيان الطلاب شيئاً عن اتفاق لتفكيك الخيام وبدا أن عدداً قليلاً فقط أزيل، ظهر الأربعاء.
وذكر البيان أن المحادثات تعثرت في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، بعد أن هددت إدارة جامعة كولومبيا بالسماح لشرطة نيويورك أو الحرس الوطني بمداهمة المخيم، لكنها سرعان ما تراجعت عن ذلك، وقدمت تعهداً مكتوباً بسحب التهديد.
وقالت جامعة كولومبيا في نيويورك، الأربعاء، إن طلابها وافقوا على إزالة "عدد كبير" من عشرات الخيام التي نصبوها في حرم الجامعة الرئيسي في إطار احتجاج على حرب غزة
واعتقلت شرطة نيويورك، الجمعة الماضية، أكثر من 100 متظاهر بالمخيم في خطوة غير معتادة أثارت استياء بعض أعضاء هيئة التدريس.
وجرى وقف الطلاب عن الدراسة وتفكيك الخيام، لكن طلاباً آخرين نصبوا منذ ذلك الحين أكثر من 100 خيمة.
وقالت رئيسة الجامعة نعمت مينوش شفيق، الثلاثاء، قبل الاتفاق على تمديد الموعد النهائي للمفاوضات، إن "المخيم يثير مخاوف خطيرة تتعلق بالسلامة، ويعطل الحياة في الحرم الجامعي، ويخلق بيئة متوترة ومعادية في بعض الأحيان للعديد من أفراد مجتمعنا، من الضروري أن نمضي قدماً في خطة تفكيكه".
وتعرضت شفيق لانتقادات من بعض الجهات المانحة البارزة للجامعات ومجموعات الخريجين وأعضاء في الكونجرس الأميركي معظمهم من الجمهوريين، وطالبها بعضهم بالاستقالة لعدم قدرتها على إنهاء الاحتجاج واصفين المخيم بأنه "معاد للسامية".
وأضاف رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري مايك جونسون اسمه إلى قائمة المطالبين باستقالة شفيق الأربعاء، بحسب وكالة "رويترز" التي أشارت إلى أنه وصل لجامعة كولومبيا، الأربعاء، من أجل لقاء الطلاب اليهود.
وتعهد المحتجون بمواصلة المظاهرات حتى توافق الجامعة على الكشف عن أي استثمارات مالية قد تدعم الحرب في غزة وسحبها، والعفو عن الطلاب الذين منعوا من الحضور للجامعة بعد المشاركة في المظاهرات.
وفي سياق منفصل، رفع طلاب أميركيون في مدرسة جاكسون ريد الثانوية بواشنطن دعوى قضائية، الأربعاء، متهمين إدارة المدرسة بفرض رقابة عليهم من خلال حظر الأنشطة المؤيدة للفلسطينيين.
وذكروا في الدعوى، إن الإدارة فرقت في معاملتها مع اتحاد الطلاب العرب، وهو ناد طلابي في المدرسة الثانوية، مقارنة مع المجموعات الأخرى مثل اتحاد الطلاب الأفارقة واتحاد الطلاب الآسيويين من خلال فرض قيود على أنشطته.
وجاء في الدعوى القضائية، أنه "في الأشهر الأربعة الماضية، كان الاتحاد وأعضاؤه يحاولون الانخراط في أنشطة للتعبير عن آرائهم في المدرسة الثانوية بعرض فيلم وثائقي ووضع الملصقات وتوزيع كتب وتقديم برنامج ثقافي، لكن إدارة المدرسة منعتهم في كل مرة".
ولم تتوقف المظاهرات على تلك الجامعات بل امتدت إلى جامعات أخرى أبرزها جامعتي ييل ونيويورك حيث نصب عدد من الطلاب بعض الخيام، لكن إدارة الجامعة طالبت الجميع بالمغادرة وقالت إن الأمر بات غير منظم ما يفرض استدعاء الشرطة التي قامت باعتقال بعض الطلاب.
وقالت إدارة شرطة نيويورك إن الضباط اعتقلوا 120 شخصا في جامعة نيويورك في وقت متأخر من الاثنين (22 أبريل / نيسان) فيما قال مسؤولو الجامعة إنهم طلبوا تدخل الشرطة لأن المتظاهرين لم يتفرقوا وكانوا "يؤثرون على سلامة وأمن مجتمعنا".
وفي جامعة هارفارد بمدينة بوسطن، جرى إغلاق ساحتها الرئيسية أمام العامة فيما لم يُسمح بدخول الخيام والطاولات إلا بعد الحصول على إذن مسبق. أما في جامعة ييل بولاية كونيتيكت، فقد أقدمت الشرطة على اعتقال أكثر من 60 متظاهرا الاثنين (22 أبريل / نيسان) بعد أن منحتهم "عدة فرص للمغادرة وتجنب الاعتقال"، بحسب الجامعة.
ودعا الطلاب المحتجون في الجامعات الأمريكية إلى دعم الجهود الرامية لوقف إطلاق النار في غزة وأيضا ووقف الاستثمارات مع الشركات التي تدعم إسرائيل.
وألغت جامعة ولاية كاليفورنيا للفنون التطبيقية في هومبولت الحضور الشخصي حتى الأربعاء (24 أبريل / نيسان) بعد أن تحصن طلاب في مبنى إداري فيما قالت جامعة ميشيغان إنها ستسمح بحرية التعبير والاحتجاج السلمي في احتفالات التخرج في أوائل مايو /أيار، لكنها ستوقف "التعطيل الكبير" للدراسة.
وفي ردها، قالت إدارة جامعة نيويورك إنه خلال المظاهرات "جرى ترديد هتافات مرعبة مع رصد العديد من الحوادث المعادية للسامية".
وقالت رئيسة جامعة كولومبيا نعمات مينوش شفيق إن حرم الجامعة شهد حوادث معادية للسامية، مضيفة "تزايدت حدة خلافاتنا خلال الأيام الأخيرة حيث جرى استغلال هذه التوترات وتضخيمها من قبل أفراد لا ينتمون إلى جامعة كولومبيا وجاءوا إلى الحرم الجامعي لتنفيذ أجنداتهم الخاصة."
وجاء قرار مينوش شفيق باستدعاء شرطة نيويورك لإخلاء المخيم بعد يوم من إدلائها بشهادتها أمام لجنة بمجلس النواب حيث قالت إن المخيم انتهك القواعد المناهضة للاحتجاجات غير المصرح بها.
وأنكر المنظمون مسؤوليتهم عن العنف ضد المتظاهرين المؤيدين لإسرائيل أو تأييدهم له، غير أن بعض الطلاب اليهود قالوا إنهم يشعرون بعدم الأمان في الحرم الجامعي وبالقلق من الهتافات التي يقولون إنها معادية للسامية.
وشددت المجموعات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين في الجامعة على أن عددا قليلا من "الأفراد ممن حاولوا استغلال الأمر لتنفيذ اجندتهم، تصرفوا بطريقة غير مقبولة."
وأضافت "نرفض بشدة أي شكل من أشكال الكراهية أو التعصب ونقف في يقظة ضد الأفراد من غير الطلاب الذين يحاولون تعطيل التضامن الذي يتم تشكيله من قبل عدد من الطلاب الفلسطينيين والمسلمين والعرب واليهود ومن أصول أفريقية وأيضا الطلاب المؤيدين للفلسطينيين.. هؤلاء يمثلون التنوع الكامل لدعم الفلسطينيين داخل بلدنا".