حلول طاقة بديلة للعراق.. زيادة التعاون الكهربائي بين العراق وتركيا لمواجهة تحديات حظر الغاز الإيراني

انفوبلس/..
يُعتبر قطاع الطاقة من أبرز المجالات التي تشهد تطورًا كبيرًا في العلاقات الثنائية بين العراق وتركيا، حيث يشكل الربط الكهربائي بين البلدين خطوة حيوية نحو تعزيز التعاون في هذا المجال الحيوي.
ومن المنتظر أن يشهد هذا الربط زيادة ملحوظة في الطاقة المجهزة، حيث يهدف إلى رفع قدرة الإرسال إلى نحو 600 ميغاواط، وهو ما يعادل ضعف الطاقة الحالية المتاحة عبر الخطوط الرابطة بين البلدين.
في هذا السياق، التقى وزير الكهرباء العراقي المهندس زياد علي فاضل مع وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، اليوم الأحد 16 مارس 2025، بحضور السفير التركي في العراق أنيل بورا إينان.
وقد ناقش الطرفان آفاق التعاون بين البلدين في قطاع الطاقة، مع التركيز على تطوير شبكات الكهرباء المشتركة وتعزيز قدرات النقل والتوزيع، وهو ما يشمل تعزيز خطوط الربط الكهربائي بين العراق وتركيا.
وشدد وزير الكهرباء العراقي على أهمية دعوة الشركات التركية المتخصصة في الطاقات المتجددة للمشاركة في مشاريع الطاقة في العراق، بما يتماشى مع استراتيجيات الحكومة العراقية لتنويع مصادر الطاقة وتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء في مختلف أنحاء البلاد.
وفي الوقت نفسه، أكد الوزير التركي على التزام بلاده بدعم التعاون الثنائي وتعزيز استثماراتها في العراق، مشيرًا إلى أن الأشهر القادمة ستشهد زيادة كبيرة في إمدادات الكهرباء عبر خط الربط الكهربائي بين البلدين إلى 600 ميغاواط.
تعدّ هذه المبادرات جزءًا من استراتيجية الحكومة العراقية التي تهدف إلى تحقيق التنوع في مصادر الطاقة، من خلال مشاريع متعددة مثل الربط الكهربائي مع دول الجوار، ومشروعات الطاقة المتجددة مثل الدورة المركبة والطاقة الشمسية.
هذه الجهود تمثل خطوات هامة في مواجهة تحديات قطاع الطاقة العراقي، وتحقيق استدامة الطاقة اللازمة للنمو الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
إلغاء إعفاءات استيراد الغاز الإيراني
وفي 8 مارس 2025، ألغت واشنطن الإعفاءات التي سمحت للعراق باستيراد الغاز والكهرباء من إيران دون التعرض للعقوبات الأميركية. هذا القرار يضع العراق في موقف صعب، حيث يعتمد بشكل كبير على الطاقة الإيرانية، لكنه في السنوات الأخيرة بدأ يبحث عن بدائل بسبب الضغوط السياسية والمالية.
بموجب اتفاقية موقعة في مارس 2024، التزمت إيران بتصدير 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا إلى العراق، وهو ما يعادل صفقة بقيمة 6 مليارات دولار سنويًا. كما وقع العراق عقدًا في يوليو 2022 لشراء 400 ميغاواط من الكهرباء من إيران لمدة خمس سنوات.
لكن هذه الاتفاقيات واجهت تحديات كبيرة. فقد أدت أزمة نقص الغاز في إيران إلى انخفاض ضغط الإمدادات وتكرار انقطاعات التصدير، مما تسبب في فقدان العراق 6000 ميغاواط من الكهرباء في ديسمبر 2024، وتفاقمت الأزمة مع مرور الوقت.
ومع إنهاء الإعفاءات الأميركية، أصبح سداد العراق لديونه لإيران أكثر تعقيدًا. سابقًا، كانت العقوبات الأميركية تمنع بغداد من دفع مستحقاتها لإيران، مما أدى إلى خفض الإمدادات الإيرانية أو وقفها بشكل متكرر. ومع تزايد الضغوط، سيتعين على العراق إما العثور على بدائل جديدة للطاقة أو مواجهة خطر العقوبات الأميركية.
وكان موقع "اقتصاد" الإيراني قد ناقش في وقت سابق، قرار الولايات المتحدة بإنهاء الإعفاءات الممنوحة للحكومة العراقية بفك ارتباطه مع إيران فيما يتعلق باستيراد الغاز والكهرباء، بكيفية تغلب العراق على الأزمة، مشيرًا إلى أنه "من الممكن أن تكون تركيا وقطر البديل عن الغاز الإيراني".
خطط العراق لمواجهة الحظر
وكان المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، قد أوضح في وقت سابق، أن الحكومة العراقية وضعت خططًا بديلة لمواجهة أي تطورات محتملة تتعلق بوقف استيراد الغاز الإيراني. في هذا السياق، أكد العوادي أن العراق يعمل على تأمين مصادر أخرى للطاقة لمواجهة أي ضغوط قد تنتج عن حظر الغاز الإيراني، مشيرًا إلى استعداد الحكومة للتعامل مع مختلف السيناريوهات.
وفي إطار هذا التحضير، لفت العوادي إلى أن الحكومة العراقية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة بحلول عام 2028، مما سيمكن العراق من تلبية احتياجاته من الطاقة دون الحاجة للاستيراد من الخارج. وأوضح العوادي أن العراق يضع خططًا لتوسيع واردات الغاز من تركمانستان عبر الأنبوب الإيراني كخيار رئيسي، إلى جانب التوجه نحو استخدام منصات الغاز العائمة التي ستكون مرتبطة بمحطات الكهرباء في البصرة.
كما شدد العوادي على أن الحكومة العراقية تعمل على تنويع مصادر الطاقة، عبر تطوير مشاريع أخرى مثل الطاقة الشمسية والطاقة المركبة، بالتوازي مع تعزيز العلاقات مع دول مثل الصين وروسيا لضمان تأمين إمدادات طاقة بديلة في المستقبل.
بدائل العراق للطاقة الإيرانية
ويسعى العراق جاهدًا لتقليل اعتماده على إمدادات الطاقة الإيرانية، وهي خطوة حيوية لضمان استقلالية الطاقة وتعزيز أمنها. وفي هذا السياق، تمثل مجموعة من المشاريع البديلة خطوات استراتيجية لتخفيف الضغط الناتج عن الاعتماد المستمر على إيران.
من أبرز البدائل هو استيراد الغاز التركماني، حيث يسهم الاتفاق مع تركمانستان لاستيراد 20 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز في تخفيف حدة التبعية الإيرانية. وهذا الغاز يعد خيارًا واعدًا لتحقيق الاستقرار في قطاع الطاقة العراقي.
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الغاز الطبيعي المسال من قطر خيارًا آخر يعزز قدرة العراق على التنوع في مصادر الطاقة. ومع بناء محطة تخزين الغاز الطبيعي المسال في ميناء الفاو، قد تصبح قطر المزود الرئيس لهذه المحطة، مما سيسهم في تقليل الضغط على إمدادات الغاز الإيراني.
وتستمر التحركات الإقليمية مع مشروع خط أنابيب الغاز "قطر – تركيا"، الذي يمثل نافذة جديدة أمام العراق للحصول على الغاز القطري عبر تركيا بعد توقف دام سنوات بسبب الأوضاع السياسية. فهذا المشروع يعتبر محركًا مهمًا نحو تنوع المصادر.
بالإضافة إلى هذه المشاريع، جاء توقيع العراق في 2023 عقدًا مع "توتال إنرجي" الفرنسية بقيمة 27 مليار دولار لتطوير قطاعي النفط والطاقة. وهذه الاستثمارات الكبيرة في مشاريع الطاقة ستساهم بشكل كبير في تعزيز قدرة العراق على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على مصادر خارجية.
على الرغم من أهمية هذه البدائل، إلا أنها تتطلب استثمارات ضخمة وجهودًا طويلة المدى، مما يعني أن العراق سيظل يعتمد جزئيًا على الغاز الإيراني في المدى القريب والمتوسط.