خالد مشعل.. المقاوم الذي انتصر على حقنة "إسرائيل" السامة وأطاح بكبار قادة الموساد.. هكذا نجا من اغتيال أشرف عليه نتنياهو
انفوبلس/ تقارير
صلب ومرن معا، محاور يوصد الأبواب ويفتحها ولا يقطع خيط الودّ مع مَن يختلف معهم، مقاوم متوقّد يمتلك قدرة لافتة على المجادلة والنقاش وإثارة دوائر الكلام والسؤال. كان مجاهدا أذاق الاحتلال الصهيوني الويلات حتى حاولوا النيل منه بحقنة سامة أوصلته إلى عتبة الموت ثم عاد منها ليكمل طريق المقاومة. خالد مشعل.. رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس في الذكرى الـ 26 لمحاولة اغتياله من قبل الموساد وخفايا تستعرضها لكم انفوبلس في سياق التقارير.
*مَن هو خالد مشعل؟
خالد مشعل، المولود عام 1956 في قرية سلواد قضاء رام الله، كان والده عبد الرحيم مشعل أحد المجاهدين الذين شاركوا في مقاومة الانتداب البريطاني، وفي الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936.
ولم يأتِ عام 1987 إلا وكان مشعل مع الرعيل الأول في تأسيس حركة حماس عام 1987، وكان واضحا تأثير الخارج الفلسطيني في بناء أهم حركة سياسية ومقاومة في فلسطين والوطن العربي، وأصبح عضوا في المكتب السياسي للحركة منذ تأسيسها، وعضوا نشطا فيها، وأدى دورا سياسيا محوريا في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حتى انتُخب عام 1996 رئيسا للمكتب السياسي للحركة.
*سبب وضع مشعل بدائرة الاستهداف
غدا شخصية من أكثر شخصيات "حماس" ظهورا في الإعلام العربي وحتى الغربي، وكان واجهة سياسية خارجية للمقاومة في فلسطين، وفجأة ودون مقدمات ولا تهديدات مسبقة على وسائل الإعلام وغيرها، قرر الاحتلال اغتيال مشعل في عمان على أيدي عملاء جهاز "الموساد".
ولم يأتِ اختيار مشعل ليكون في دائرة الاستهداف مصادفةً، فقد لمست قيادة الاحتلال تأثيره القوي على المشهد الفلسطيني برمّته داخليا وخارجيا، والدور المحوري الذي يقوم به، وبعد تتبع الاحتلال لمصدر التأثير، وصل إلى نتيجة بأن قيادة الخارج ومشعل هي من تحرك المقاومة والمظاهرات والاحتجاجات الشعبية في فلسطين.
*التخطيط لاغتياله بحقنة سامة
اقترح طبيب إسرائيلي يعمل في وحدة الكيمياء الحيوية استخدام مشتق كيميائي مخدّر من نوع قوي من الفنتانيل، كانت المادة المختارة قاتلة لدرجة أن بضع قطرات منها كانت كافية للتلامس مع الجلد والتسبب في موت مشعل، وكان من الصعب أيضا اكتشاف المادة في تشريح الجثة.
*تنفيذ العملية وإشراف نتنياهو عليها
بعد التخطيط لها كما موضح أعلاه، أشرف رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو على العملية، وبناءً عليه دخل عميلان للموساد إلى الأردن بجوازات سفر كندية مزورة، تحت اسم "شون كيندال" و"باري بيدز"، وأقام الاثنان في فندق إنتركونتيننتال في عمان واستأجرا سيارة. وقاما بمهاجمة مشعل بحقنه بمادة سامة في أثناء سيره في شارع وصفي التل (المعروف باسم شارع الجاردنز) في عمان، وكان ذلك في 25 أيلول/ سبتمبر عام 1996.
*لحظة تنفيذ الاغتيال و"الصرخة المنقذة" لابنة مشعل
وكانت الخطة المتفق عليها هي أن يقترب عميلان من الموساد من مشعل من الخلف، وبينما سيفتح أحدهما علبة صودا مهزوزة للتمويه، يقوم الآخر برش خالد مشعل بالسم القاتل المختار، واقترح أعضاء الوحدة التقنية الإسرائيلية على العملاء أخذ مصل سام معهم في حالة الحاجة.
اقترب العميلان من مشعل وحاولا فتح العلبة لكنها لم تُفتح، حيث تم تنفيذ الخطة عند خروج مشعل من سيارته لدخول العمارة التي يقع فيها مكتبه، لكن الصرخات المفاجئة لابنة مشعل من السيارة والتي لمست خطورة الموقف، دفعته إلى الالتفات إلى الوراء في اللحظة الذي قام به أحد العميلين برش المادة السامة.
*الترياق والقبض على فريق القتلة
واكتشفت السلطات الأردنية محاولة الاغتيال المعروفة باسم "العملية سايروس"، وقامت بإلقاء القبض على اثنين من عناصر "الموساد" المتورطين في عملية الاغتيال، وفرّ عملاء آخرون تواجدوا في الضواحي إلى السفارة الإسرائيلية التي حاصرتها القوات الأردنية.
عندما علم نتنياهو بفشل العملية، أرسل رئيس الموساد داني ياتوم، للتحدث مع الملك الحسين، وفي محادثة للملك الحسين مع ياتوم، أبلغ الملك، ياتوم أنه إذا مات مشعل، فسيتعيّن عليه الحكم على عميلي الموساد بالإعدام.
واضطر نتنياهو إلى استدعاء إفرايم هليفي، الذي كان يشغل وقتئذ منصب سفير الاحتلال لدى الاتحاد الأوروبي، وأصبح فيما بعد رئيس الموساد للقاء الملك حسين.
وطالب الملك من نتنياهو المصل المضاد للمادة السامة التي حُقن بها مشعل، وعندما ماطل نتنياهو أخذت محاولة الاغتيال بُعداً سياسي، فخيَّر الملك، نتنياهو بين "السلام" وحياة مشعل "المواطن الأردني" بحسب وصف الملك الحسين، وقام الرئيس الأمريكي بيل كلينتون بالتدخل، وأرغم نتنياهو على تقديم المصل من أحد المشاركين في العملية، واسمه ميشكا بن ديفيد، الذي كان في يده مضادا للسم، وكان في الأردن، وقام بتسليم الترياق للأردنيين لإنقاذ حياة مشعل، وهو ما تم بالفعل.
*خبراء إسرائيليون: فشل اغتيال مشعل هو الإخفاق الأكبر للموساد
وعقب الحادثة، اعترف خبراء عسكريون إسرائيليون بأن محاولة اغتيال خالد مشعل هي الإخفاق الأكبر لجهاز الموساد.
وذكر الخبير العسكري في القناة العاشرة ألون بن دافيد أن مراجعة تسلسل الأحداث يكشف كيف أن العملية من بداية التخطيط كانت فاشلة.
ووفق بن دافيد فإن ما حصل في محاولة اغتيال مشعل الفاشلة عبارة عن سلسلة من الأخطاء والثغرات بدأت بآلية اتخاذ القرار، مرورا بوضع الكثير من المسؤوليات والضغط النفسي على قائد الخلية التي ستنفذ الاغتيال.
من جانبه، ذكر يوآف ليمور الخبير العسكري بصحيفة "إسرائيل اليوم" أن مرور أكثر من عقدين ونصف من الزمن على محاولة اغتيال مشعل جديرة بأن تقدم لإسرائيل العديد من الدروس والعِبر في ضوء الإخفاق الذي مُنيت به العملية.
وأضاف، أن مشعل نجا من عملية الاغتيال بسبب ثلاثة عوامل: أولها الحظ، وثانيها عدم مهنية رجال الموساد، وثالثها الإجراءات غير المتقنة للمنفذين، بجانب عدة عوامل عشوائية تتعلق بالقيادة السياسية التي صادقت على العملية تحت الضغط عقب تنفيذ عمليات فلسطينية أوقعت قتلى ومصابين إسرائيليين في القدس.