ديكتاتورية مغلّفة بنصوص عادلة.. الجولاني يعلن دستور سوريا المؤقت ويمنح نفسه جميع الصلاحيات

انفوبلس..
ببنود ملغومة ومواد مقتضبة، كشفت سلطة الجولاني في سوريا عن إعلانها الدستوري الأول عقب سيطرتها على الحكم في دمشق، ورغم اعتماد مبدأ الفصل بين السلطات إلا أن الإعلان يمنح الجولاني سلطة مطلقة مدتها 5 سنوات بشكل مبدئي.
وظهر اليوم، وقّع أبو محمد الجولاني مسودة الإعلان الدستوري لسوريا، معبراً عن أمله في أن يكون ذلك "فاتحة خير للشعب السوري على طريق البناء والتطور". وجاء ذلك بعد تلاوة مسودة الإعلان في قصر الشعب في دمشق من قبل لجنة الخبراء المكلفة صياغة مسودة الإعلان الدستوري وتسلمه منه.
وقالت لجنة الخبراء المكلفة بصياغة مسودة الإعلان الدستوري، إنها "دأبت منذ اللحظة الأولى لتشكيلها على إنجاز العمل المطلوب منها، واعتمدنا على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في الإعلان الدستوري". وأضافت، إنه "تم تأكيد التزام الدولة وحدة الأرض والشعب واحترام الخصوصيات الثقافية، وحرصنا على باب خاص بالحقوق والحريات لخلق توازن بين الأمن المجتمعي والحرية".
وغداة إعلانه في 29 كانون الثاني رئيسا انتقاليا للبلاد، تعهّد الجولاني بإصدار إعلان دستوري للمرحلة الانتقالية بعد تشكيل "لجنة تحضيرية لاختيار مجلس تشريعي مصغّر" وحلّ مجلس الشعب.
وكانت اللجنة القانونية لصياغة الإعلان الدستوري قد قالت في مطلع الشهر الجاري لوكالة الأنباء السورية، إن "الإعلان الدستوري يستمد مشروعيته من مؤتمر الحوار الوطني ومؤتمر النصر، حيث توافقت مختلف مكونات الشعب السوري على ضرورة وجود إطار قانوني ينظم المرحلة الانتقالية ويحدد أسس الحكم ويضمن الحقوق والحريات".
الإعلان الدستوري
وفي الآتي تنشر "انفوبلس" نص مسودة الإعلان الدستوري:
المادة 1: الجمهورية العربية السورية دولة مستقلة ذات سيادة كاملة، وهي وحدة جغرافية وسياسية لا تتجزأ، ولا يجوز التخلي عن أي جزء منها.
المادة 2: دين رئيس الجمهورية الإسلام، والفقه الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع. وحرية الاعتقاد مصونة، والدولة تحترم جميع الأديان السماوية وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها على ألّا يخل ذلك بالنظام العام.
المادة 3: اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة.
المادة 4: دمشق هي عاصمة الجمهورية العربية السورية، ويحدد شعار الدولة ونشيدها الوطني بقانون.
المادة 5: يكون العلم الوطني وفقاً للشكل والأبعاد الآتية: طوله ضعف عرضه، وهو ذو ثلاثة ألوان متساوية متوازية، أعلاها الأخضر فالأبيض فالأسود، ويحتوي القسم الأبيض في خط مستقيم على ثلاث نجمات حمراء خماسية الأشعة.
المادة 6: جميع المواطنين متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات، دون تمييز بينهم في العرق أو الدين أو الجنس أو النسب.
المادة 7: الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعية وفقاً لعقائدهم وشريعتهم الخاصة، وتُنظّم بموجب القوانين المعمول بها.
المادة 8: تلتزم الدولة بتنظيم الاقتصاد الوطني على أساس العدالة الاجتماعية والمنافسة الحرة ومنع الاحتكار، ودعم القطاعات الإنتاجية وتشجيع الاستثمار وحماية المستثمرين بما يعزز التنمية الشاملة والمستدامة.
المادة 9: من المبادئ الأساسية للدولة مبدأ تكافؤ الفرص، ويكفل القانون تحقيق المساواة بين المواطنين في تولي الوظائف العامة والعمل والتعليم.
المادة 10: تلتزم الدولة بتطبيق مبدأ العدالة الانتقالية بما يضمن محاسبة المجرمين وإنصاف الضحايا وتحقيق العدالة وتكريم الشهداء وفق إطار قانوني شامل.
المادة 11: تلتزم الدولة بتحقيق السلم والتعايش الأهلي والاستقرار المجتمعي ومنع أشكال الفتنة والانقسام.
المادة 12: تعمل الدولة على توطيد السلم والأمن الدوليين وإقامة علاقات متوازنة وإيجابية وفقاً للمصالح الوطنية واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
الباب الثاني: الحقوق والحريات
المادة 13: تضمن الدولة حرية التعبير والرأي والإعلام والنشر والصحافة، وتمارس وفقاً للقانون الذي ينظمها بما يضمن حماية النظام العام واحترام حقوق الآخرين.
المادة 14: تحترم الدولة حق المشاركة السياسية وتشكيل الأحزاب على أسس وطنية. تشكل لجنة لإعداد قانون الأحزاب، ويعلق نشاط وتشكيل الأحزاب حتى ينظم ذلك بقانون.
المادة 15: تصون الدولة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وفق المواثيق والأعراف الإنسانية.
المادة 16: تلتزم الدولة بحماية الأسرة باعتبارها نواة المجتمع، وتكفل دعم الأمومة والطفولة. المادة 17: تلتزم الدولة حفظ المكانة الاجتماعية للمرأة ودورها الفاعل في المجتمع، وحمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز.
المادة 18: تعمل الدولة على حماية الأطفال من الاستغلال وسوء المعاملة، وتكفل حقهم في التعليم والرعاية الصحية.
المادة 19: حق الملكية الفردية مصون، ولا تنزع الملكية الفردية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل، وإن لم يُرض التعويض المقدم من الدولة المالك فيحق له مراجعة القضاء لإنصافه، ولا يجوز حجب هذا الحق عنه.
الباب الثالث: نظام الحكم خلال المرحلة الانتقالية
أولًا: السلطة التشريعية
المادة 20: يعين مجلس الشعب من قبل رئيس الجمهورية ويتولى مهام السلطة التشريعية (ومجلس الشعب) حتى اعتماد دستور دائم وإجراء انتخابات تشريعية جديدة.
المادة 21: تحدد مدة مجلس الشعب بعامين للدورة الواحدة.
المادة 22: ينتخب مجلس الشعب في أول اجتماع له رئيساً ونائبين وأميناً للسر، ويكون الانتخاب بالاقتراع السري وبأغلبية الحضور. يرأس الجلسة لحين الانتخاب أكبر الأعضاء سنًا.
المادة 23: يعد مجلس الشعب قانوناً بنظامه الداخلي خلال شهر من تسميته، ويرفعه لرئيس الجمهورية.
المادة 24: لا تصدر القوانين أو التعديلات إلا بعد مصادقة مجلس الشعب بالأغلبية.
المادة 25: يتولى مجلس الشعب المهام التالية:
إقرار القوانين اللازمة لتنظيم شؤون الدولة خلال المرحلة الانتقالية.
تعديل أو إلغاء القوانين السابقة.
المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
إقرار الموازنة العامة للدولة. إقرار العفو العام. قبول استقالة أحد الأعضاء أو رفضها وفقًا للوائح الداخلية للمجلس.
ثانياً: السلطة التنفيذية
المادة 26: يؤدي رئيس الجمهورية اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب، وتكون صيغة القسم: " أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على سيادة الدولة ووحدة البلاد وسلامة أراضيها واستقلال قرارها، والدفاع عنها، وأن أحترم القانون وأرعى مصالح الشعب وأسعى بكل صدق وأمانة لتأمين حياة كريمة لهم وتحقيق العدل بينهم، وترسيخ القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة".
المادة 27: رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة والقائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة، والمسؤول الأول عن إدارة شؤون البلاد ووحدة وسلامة أراضيها، ورعاية مصالح الشعب.
المادة 28: يصدر رئيس الجمهورية القوانين التي يقرها مجلس الشعب، وله الاعتراض عليها بقرار معلل خلال شهر من تاريخ ورودها إلى مجلس الشعب لإعادة النظر فيها، ولا تقر القوانين بعد الاعتراض إلا بموافقة ثلثي المجلس التشريعي.
المادة 29: لرئيس الجمهورية منح العفو الخاص بما لا يتعارض مع القانون.
ثالثاً: السلطة القضائية
المادة 30: السلطة القضائية مستقلة، ولا سلطان على القضاة إلا للقانون والضمير.
المادة 31: لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة تكفل له فيها جميع الضمانات القانونية للدفاع عن نفسه، ويحظر إنشاء المحاكم الاستثنائية.
المادة 32: تنظم المحاكم وتشكيلاتها بطريقة تضمن العدالة وسرعة الفصل في النزاعات.
المادة 33: تُحل محاكم الإرهاب، ويقوم المجلس الأعلى للقضاء بمعالجة الآثار الناتجة عنها وفق مبادئ العدالة والقوانين الناظمة.
المادة 34: يشرف المجلس الأعلى للقضاء على القضاء العسكري، ويمثل فيه لضمان استقلاله، ويخضع قضاته لنفس المعايير المطبقة على القضاء العام.
المادة 35: يتم تشكيل المجلس الأعلى للقضاء بما يتلاءم مع أحكام هذا الإعلان الدستوري.
الباب الرابع: أحكام ختامية
المادة 36: يستمر العمل بالقوانين النافذة إلى حين تعديلها أو إلغائها بما يتماشى مع أحكام هذا الإعلان.
المادة 37: لا يجوز تعديل أي حكم من أحكام هذا الإعلان إلا بقرار من مجلس الشعب المؤقت وبأغلبية الثلثين.
المادة 43: يُنشر هذا الإعلان في الجريدة الرسمية، ويُعمل به من تاريخ نشره.
تفاصيل ما بعد الإعلان
وقال عضو لجنة صياغة مسوّدة الإعلان الدستوري عبد الحميد العواك، في مؤتمر صحافي غداة تسليم مسوّدة الإعلان الدستوري وتوقيعها من قبل الشرع: "إننا اخترنا نظاماً سياسياً يعتمد الفصل التام بين السلطات، وهذا النظام السياسي المقترح في مسوّدة الإعلان الدستوري يساعد على إدارة المرحلة الانتقالية". وأضاف: "عملنا على إعادة النظام السياسي إلى سكة دستورية حقيقية وأوصينا بتقديم دستور دائم".
وأكد العواك أنه "لن يكون هناك أي سلطة لمجلس الشعب على رئاسة الجمهورية في المرحلة الانتقالية"، مشيراً إلى أنه "سيتم تشكيل هيئات عدة، من بينها الهيئة العليا للانتخابات وهيئة دستورية عليا ستكون معنية بدستورية القوانين". ولفت إلى أنه "في الدساتير السابقة كان النص يخدم الديكتاتور، واليوم عمل السلطات جميعاً مراقب من قبل الشعب".
من جانبها، قالت عضو لجنة صياغة مسوّدة الإعلان الدستوري ريعان كحيلان إن "الحريات في الإعلان الدستوري وضعت لكافة مكونات الشعب في سورية". وأضاف أن "النظام السياسي الرئاسي ضمن مسوّدة الإعلان الدستوري لا يسمح أن تقوم سلطة بعزل سلطة أخرى". وأشارت إلى أنه "تم إلغاء المحاكم الاستثنائية التي سببت الآلام والمعاناة للشعب في زمن النظام البائد"، قائلة إنه "سيتم تشكيل محكمة لممارسة العدالة الانتقالية".