سرب "94" في الشرق الأوسط.. هل تُحرِّك واشنطن جبهة إدلب لإضعاف روسيا؟
انفوبلس/..
في أعقاب السلوك "غير الآمن وغير المهني بشكل متزايد من قبل الطائرات الروسية" في منطقة الشرق الأوسط، وفق ما ترى الإدارة الأمريكية، اتخذت الولايات المتحدة في 14 حزيران الجاري، قراراً يقضي بإرسال سرب الطائرات "94" إلى المنطقة، فماذا يريد الأمريكان من وراء ذلك؟ وهل تسعى واشنطن لإضعاف روسيا عبر جبهة إدلب السورية؟ هذا التقرير سيسلط الضوء على تبعات القرار.
*العراق وسوريا
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سينتكوم)، في 14 من حزيران الحالي، عن نشرها سرب الطائرات "94" الذي يضم مقاتلات من نوع F-22 Raptor، في منطقة مسؤولية القيادة المركزية (في سوريا).
وتشمل مسؤولية القيادة المركزية للولايات المتحدة منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا، ومصر في أفريقيا، وآسيا الوسطى، وأجزاء من جنوب آسيا، لكن البيان الأميركي كان يقصد سوريا تحديداً.
وجاء في بيان "سينتكوم" مساء ذلك اليوم، أن الجيش الأمريكي وضع "السرب 94" الجوي، تحت سلطة القيادة الأمريكية الوسطى (الشرق الأوسط)، لتأمين التفوق الجوي الأمريكي في المنطقة.
وأضافت، أن "السِّرب الجوي الذي يضم مقاتلات من نوع F22 سيؤمّن الدعم الجوي لقوات التحالف الدولي المنتشرة في سوريا والعراق"، وفق البيان.
وأردفت "سنتكوم"، "تعتبر إف-22 خليطاً من الشبحية والأداء الآيروديناميكي وأنظمة المهام ما يجعلها أفضل مقاتلة من الجيل الخامس في العالم".
*السلوك الروسي
قائد القوات الجوية المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل إريك كوريلا، قال إن "سلوك القوات الروسية غير الآمن وغير المهني ليس ما نتوقعه من قوة جوية محترفة، وإن انتهاكها المنتظم لإجراءات تفادي تضارب المجال الجوي المتفق عليها يزيد من خطر التصعيد أو سوء التقدير"، بحسب البيان.
وتابع: "نحن، إلى جانب شركائنا وحلفائنا، ملتزمون بتحسين الأمن والاستقرار في المنطقة".
*ما "السرب 94"
يعتبر سرب المقاتلات "أحد أقدم أسراب المقاتلات الجوية ومن الأهم في تاريخ أمريكا، بحسب ما عرَّفَت الولايات المتحدة عن السرب عبر موقع قاعدة "لانجلي يوستيس" الجوية الأمريكية".
هذا السرب مكلّف بـ"توفير التفوق الجوي للولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها من خلال تدمير قوات العدو أو المعدات أو الدفاعات أو المنشآت".
ويضم مقاتلات جوية من الأكثر تقدماً في العالم من نوع F-22A Raptor، وهي جاهزة للانتشار العالمي كجزء من "الجناح المقاتل الأول".
وتأسس السرب الجوي "94" في قاعدة كيلي فيلد، بولاية تكساس الأمريكية في 20 من آب 1917، وله تاريخ طويل في الحرب الجوية، بحسب المعلومات التي وفرتها الحكومة الأمريكية حوله.
*100 حادثة في شهرين
حسب سلاح الجو الأمريكي، وقع في الشهرين الماضيين ما يقرب من 100 حادثة "انتهكت فيها الطائرات الروسية البروتوكول" وتصرفت بطريقة غير آمنة ضد الطائرات الأمريكية، واقتربت منها على مسافات قصيرة جداً، وقامت بتشويش عمل منظومات وحلقت فوق القوات الأمريكية في سوريا مسلحة بذخائر جو – أرض.
كما انتقد قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال إريك كوريلا، روسيا، وقال إنّ "انتهاكهم المنتظم لتدابير تفادي تضارب المجال الجوي المتفق عليها يزيد من خطر التصعيد أو سوء التقدير".
*اتهام روسي
في المقابل، كشف المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة في سوريا، أن طيارين من القوات الجوية الأميركية ينتهكون بروتوكولات فضّ الاشتباك في سوريا.
وكان العميد أوليغ غورينوف، نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، قال في إفادة صحافية، في 31 أيار/ مايو، إن "طياري القوات الجوية الأميركية ينتهكون بروتوكولات عدم الصِّدام في سوريا، فهم يقومون بتنشيط أنظمة الأسلحة عند اقترابهم من طائرات القوات الجوية الروسية".
وكشف غورينوف، استمرار "الانتهاكات الجسيمة لبروتوكولات عدم الصِّدام والمذكرة الثنائية بشأن السلامة الجوية في سوريا" من جانب ما يسمى بالتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة،.مضيفاً، بأنّ "طياري القوات الجوية الأميركية يقومون بتفعيل أنظمة الأسلحة عند الاقتراب من طائرات القوات الجوية الروسية، التي تقوم برحلات مجدولة في أجواء سوريا الشرقية".
*رداً على المطالبة بالانسحاب
منذ سنوات، تكررت المطالب داخل أروقة السياسة الأمريكية بسحب القوات العسكرية من سوريا، وطُرِحت العديد من المشاريع في "الكونجرس" الأمريكي لهذا الغرض، أبرزها كان في شباط الماضي، وانتهى بالفشل، إذ صوّتت أغلبية أعضاء البرلمان الأمريكي ضده.
وإلى جانب مشاريع القرارات التي تُطرح بين الحين والآخر في هذا الصدد، تحاول دول إقليمية فاعلة في الملف السوري ممارسة ضغوط على واشنطن، منها روسيا وتركيا وإيران، لدفعها نحو خيار الانسحاب من سوريا، وترك المناطق التي تتمركز فيها شمال شرقي سوريا إلى جانب “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
الباحث العسكري في مركز "جسور للدراسات" رشيد حوراني، قال إن التعزيزات الثقيلة المتمثلة بالسرب الجوي "94" تتعلق بجانبين، الأول داخلي يعزز موقف التيار الرافض للانسحاب من سوريا، ويقف في وجه من يدعو أمريكا للانسحاب من أعضاء في الكونجرس.
والآخر خارجي، يهدف إلى الوقوف في وجه التنسيق الروسي- الإيراني ضد القوات الأمريكية، الذي يشكّل تهديدًا لوجود القوات الأمريكية في سوريا، ويتصاعد بالتدريج، وفق قوله.