صنعت كورونا وتمول الهول.. إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID) يكشف أوراقها.. تعرّف على أبرز التفاصيل

انفوبلس..
يبدو أن عداء ترامب وإدارته الجديدة تجاه العديد من المؤسسات الأمريكية، في طريقه ليفتح المزيد من ملفاتها الغامضة، فإصراره على إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية كشف حتى الآن ما صرفته على مخيم الهول في سوريا وكشف أيضاً دوراً مريباً للوكالة بأزمة فيروس كورونا، فما مصير المخيم الذي يمثل قنبلة موقوتة؟ وما التفاصيل المتاحة عن الوكالة الأمريكية؟
أزمة الهول
صباح اليوم، نشرت عضو مجلس النواب، والمتحدثة باسم كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، فيان دخيل، منشوراً على صفحتها بمنصة "أكس" تحدثت فيه عن مخيم الهول، وقالت: " بعد تجميد ترامب المساعدات الخارجية والتي شملت العراق الذي سيفقد 2.2 مليار دولار كان يذهب جزء مهم منها لتمويل ادارة مخيم الهول، هذا المخيم الذي يقطنه آلاف الإرهابيين".
وتساءلت، "هل تم الضغط على زر توقيت "قنبلة الهول الموقوتة" في ظل عدم قدرة العراق وسوريا وقسد تمويل إدارة المخيم؟".
وفي هذا السياق، ذكرت وكالة اسوشيتدبرس في تقرير لها، أن قرار ترامب بتجميد نفقات منظمات دولية حول العالم قد شمل إيقاف مساعدات غذائية وإنسانية لسكان مخيم الهول في سوريا الذي يضم ما يقارب من 37 ألف نزيل أغلبهم نساء وأطفال من بينهم 16 ألف عراقي مما شكل صدمة لهم في وقت كان يتم تجهيزهم بخمسة آلاف كيس رغيف يوميا، حيث حذر مسؤولون من مغبة وقوع أحداث شغب داخل المخيم قد يستغلها تنظيم داعش لصالحه.
وكانت منظمات حقوق إنسان دولية وعلى مدى سنوات تشير الى ظروف المعيشة الصعبة وأحداث العنف المتفشية في المخيم، الذي يأوي أغلب زوجات وأطفال مسلحي داعش وكذلك المؤيدين للتنظيم.
وعندما تم الإعلان عن التجميد بعد فترة وجيزة من تسلم ترامب إدارة البيت الابيض، بدأت برامج المساعدات حول العالم الممولة من الولايات المتحدة بسحب وإيقاف أنشطتها، بضمنها منظمة بولمونت الدولية التي تدير عمليات الإغاثة والمساعدة في مخيم الهول، والتي تعمل تحت إشراف التحالف الدولي ضد داعش.
واستناداً إلى مديرة المخيم فإن منظمة بولمونت التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها قد أوقفت عملياتها على نحو مؤقت. واعتادت المنظمة على توفير مواد أساسية لسكان المخيم مثل الرغيف والماء ووقود التسخين وغاز الطبخ.
مديرة المخيم، جيهان حنان، قالت لوكالة اسوشييتدبرس بأن وكالات إعانة أخرى بضمنها منظمة الصحة الدولية، قد أوقفت بعض عملياتها.
وقالت، حنان، رداً على قرار إدارة ترامب “إنه قرار مجحف معيب” مشيرة الى أن بعض النزلاء عبّروا عن استيائهم بالقول، إنه يجب السماح لهم بالمغادرة إذا تعذر توفير الطعام لهم.
وقالت، إن منظمة بولمونت توزع 5 آلاف كيس رغيف يوميا بكلفة تصل الى 4 آلاف دولار، وهو مبلغ لا يمكن للسلطات المحلية في المنطقة التي تسيطر عليها "قسد" توفيره.
وأضافت حنان، بأن منظمة بولمونت تلقت سماحاً من القرار لمدة أسبوعين من إدارة ترامب واستأنفت العمل في 28 كانون الثاني. ولا يعلم ما سيحدث في حال انتهاء فترة السماح.
مظلوم عبدي قائد "قسد" المدعومة من الولايات المتحدة والتي تسيطر على شمال شرقي سوريا، قال إنه رفع قضية تجميد المساعدات لمسؤولين من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وقال عبدي، “نحن على وشك العثور على بديل لهذا القرار”. مضيفا بأن استثناءً قد يصدر لصالح شمال شرقي سوريا.
وتقول اسوشييتد برس، إن التجميد جاء في وقت يحاول فيه داعش استغلال الفراغ الذي خلفه سقوط نظام الأسد في مستهل كانون الأول على يد قوى مسلحة. وإن أي قطع آخر للتجهيزات الغذائية قد يؤدي الى أحداث شغب لنزلاء المخيم والتي يمكن لداعش، الذي يمتلك خلايا نائمة هناك، أن يستغلها.
وقالت مديرة المخيم، حنان، إنهم تلقوا معلومات من التحالف الدولي والحكومة العراقية والقوات الديمقراطية السورية الكردية، بأن داعش يحضّر لشن هجوم على المخيم بعد سقوط الأسد. وقالت إنه تم تشديد الإجراءات الأمنية والوضع تحت السيطرة.
وتُشرف "قسد" على 28 مركز اعتقال في شمال شرقي سوريا تضم حوالي 9 آلاف عضو من عصابات داعش. واستنادا الى حنان فإنه من غير المتوقع أن يتأثر الوضع الأمني في منشآت الاعتقال بتجميد الولايات المتحدة للمساعدات.
الجزء الرئيسي من المخيم يضم قرابة 16 ألف نزيل عراقي و15 ألف نزيل سوري. وفي قسم منفصل مشدد الحراسة يُعرف بالملحق يأوي 6 آلاف و300 شخص آخر من 42 بلدا، الغالبية العظمى منهم زوجات وأرامل وأطفال، يُعتقد أنهم من المؤيدين الأشداء لداعش.
الجنرال، مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، قال خلال زيارة له لمخيم الهول في منتصف كانون الثاني، “مع عدم وجود مساعٍ من بلدان العالم لاسترجاع رعاياهم من مخيم الهول وعدم وجود برامج إعادة تأهيل وجهود إعادة اندماج، فإن هذه المخيمات تشكل خطورة نشوء جيل جديد من داعش”.
وقالت حنان، “حتى لو قلَّ عدد سكان المخيم فستكون هناك كارثة حال توقف المساعدات الاميركية مرة أخرى”.
فيروس كورونا
ويوم الأحد الماضي، وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وحليفه الملياردير إيلون ماسك، انتقادات حادة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي جمّدت الإدارة الأميركية الجديدة معظم تمويلها مؤخراً.
واعتبر ترامب، أن المؤسسة الأميركية الكبرى، تُدار من طرف "مجانين متطرفين"، مؤكداً عزمه على التخلص منهم قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن مستقبل أنشطتها.
والأحد، أدلى ماسك، الذي كلفه ترامب خفض الإنفاق الفدرالي الأميركي، بسلسلة تعليقات لاذعة عبر منصته "إكس"، على الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، واصفاً إياها بأنها "منظمة إجرامية".
وقال رئيس شركة "تسلا" و"سبيس إكس" في منشوره: "هل تعلمون أنه بأموال دافعي الضرائب، موّلت الوكالة.. أبحاثاً حول الأسلحة البيولوجية، بما في ذلك كوفيد-19 الذي قتل ملايين الأشخاص؟".
ولم يتوقف ماسك عند هذا الحد، بل صعّد من لهجته في منشور آخر، وصف فيه الوكالة بأنها "منظمة إجرامية"، مضيفًا أن الوقت قد حان لـ"زوالها".
وتأتي هذه التصريحات في أعقاب الأمر التنفيذي الذي وقّعه ترامب لتعليق جميع برامج المساعدات الخارجية الأميركية مؤقتا لمدة 90 يوما، بينما يحتدم النقاش بشأن جدوى هذه المساعدات ومدى تأثيرها على المصالح الأميركية في الساحة الدولية.
عن الوكالة
وتصدرت الوكالة، التي تتولى منذ عقود مسؤولية تنفيذ برامج المساعدات الخارجية حول العالم، قائمة المؤسسات المستهدفة في حملة إدارة ترامب لإعادة تشكيل الحكومة الفدرالية.
وتقدم USAID المساعدات الإنسانية والتنموية لدول، وذلك بشكل رئيسي من خلال تمويل المنظمات غير الحكومية والحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية أو الوكالات الأخرى، وفقاً لخدمة أبحاث الكونغرس.
وتُدير الوكالة ميزانية ضخمة تجاوزت 40 مليار دولار في السنة المالية 2023، أي ما يمثل من 1 بالمئة من الميزانية الفدرالية الأميركية.
وتصل مساعداتها إلى نحو 130 دولة حول العالم، مع تركيز خاص على الدول التي تواجه أزمات إنسانية أو تنموية.
وتتصدر أوكرانيا وإثيوبيا والأردن وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال، قائمة أكبر الدول المتلقية للإعانات التي تقدمها.
ويعمل في الوكالة فريق كبير يضم أكثر من 10 آلاف موظف، يتوزع ثلثاهم في أكثر من 60 بعثة قِطرية وإقليمية حول العالم.
وتنفذ الوكالة مشاريعها من خلال شبكة واسعة من الشراكات، تشمل المنظمات غير الحكومية والمتعاقدين والجامعات والمنظمات الدولية والحكومات الأجنبية.
ووضعت الوكالة في مارس 2023، ثلاث أولويات رئيسية، هي: مواجهة التحديات العالمية الكبرى كحالات الطوارئ المعقدة والاستبداد والأمن الصحي، وتطوير شراكات جديدة تدعم التنمية المحلية والقطاع الخاص، وتعزيز فعالية الوكالة من خلال تطوير قدرات موظفيها وتبني البرامج القائمة على الأدلة.
وتمتد مشاريع الوكالة عبر مجالات متنوعة، من تقديم المساعدات للمناطق المتضررة من المجاعة في السودان، إلى توفير الكتب المدرسية للأطفال النازحين في أوكرانيا، وتدريب العاملين في مجال الصحة في رواندا.
وتأسست USAID عام 1961، في عهد الرئيس جون إف كينيدي، في ذروة الحرب الباردة لمواجهة النفوذ السوفيتي، خلال تلك الفترة.
وتم ترسيخ وضعها القانوني عبر قانون المساعدات الخارجية، الذي جمع عدة برامج قائمة تحت الوكالة الجديدة، والذي أقره الكونغرس، قبل أن يصدر أمر تنفيذي وقعه كينيدي لتأسيسها كوكالة مستقلة.
ووضعت إدارة ترامب الوكالة في مرمى انتقاداتها ضمن حملة أوسع تستهدف تقليص حجم الإنفاق الحكومي، ومحاربة ما تصفه بالتضخم البيروقراطي في المؤسسات الفدرالية.
وتعززت هذه الحملة بتعهد ماسك بخفض الإنفاق الفدرالي بمقدار تريليوني دولار.
وأصدر ترامب، بعد تنصيبه، أمراً تنفيذياً بتجميد المساعدات التنموية الخارجية الأميركية لمدة 90 يوماً.
وطالما انتقد ترامب المساعدات الخارجية التي تقدمها الولايات المتحدة. وجاء في نص الأمر التنفيذي المتعلق بتعليقها، أنها "لا تتماشى مع المصالح الأميركية، وفي كثير من الأحيان يتعارض مع القيم الأميركية".
كما أشار إلى أن هذه المساعدات "تسهم في زعزعة السلام العالمي، من خلال الترويج لأفكار في الدول الأجنبية تتعارض بشكل مباشر مع العلاقات الداخلية والخارجية المتناغمة والمستقرة بين الدول".
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن من المتوقع أن يُصدر ترامب، في وقت مبكر من هذا الأسبوع، أمراً تنفيذيا رسميا لدمج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مع وزارة الخارجية.
وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في أول تعليق علني له حول الموضوع، الخميس، إن برامج الوكالة تخضع للمراجعة لإلغاء أي برنامج "لا يخدم المصلحة الوطنية"، لكنه لم يتطرق إلى مسألة إلغاء الوكالة كمؤسسة.
وأضاف روبيو، إن توقف البرامج الممولة أميركيا خلال فترة المراجعة التي تستمر 90 يوماً، أدى إلى "تعاون أكبر بكثير" من متلقي المساعدات الإنسانية والتنموية والأمنية.