ضربة الأربعين "كانت موجعة".. لماذا يستقيل قائد الوحدة الإسرائيلية 8200 الآن؟
تعرف على التفاصيل الكاملة
ضربة الأربعين "كانت موجعة".. لماذا يستقيل قائد الوحدة الإسرائيلية 8200 الآن؟
انفوبلس/..
لا تزال تبعات العملية العسكرية التي نفذتها المقاومة الإسلامية في لبنان حزب الله، وأطلق عليها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر "عملية الأربعين"، ضد الكيان الصهيوني الإجرامي رداً على اغتياله القائد في المقاومة فؤاد شكر، لا تزال مستمرة (التبعات) حتى اللحظة، ولعل آخر ما تسببت به هذه العملية هو تقديم قائد "الوحدة 8200" في الكيان، العميد يوسي سريئيل، استقالته من منصبه.
*التفاصيل
في خطوة تعكس عمق الأزمة التي تواجه شعبة الاستخبارات العسكرية، "أمان"، تَواصَلَ مسار تساقط الرؤوس في الشعبة، بحيث قدّم قائد "الوحدة 8200"، العميد يوسي سريئيل، استقالته من منصبه، يوم الخميس، بزعم تحمّله المسؤولية عن إخفاقات السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وذلك ضمن سلسلة استقالات متعاقبة لقادة الشعبة، الأمر الذي سلط الضوء على الفجوات العميقة في التصور والتطبيق، والتي ساهمت في وقوع واحد من أكبر الإخفاقات الاستخبارية في تاريخ "إسرائيل".
شكلت استقالة سريئيل، وما رافقها من تداعيات، فرصة لمحللين وخبراء في تقديم "جردة حساب ذاتي"، تناولوا فيها الأسباب والتداعيات لـ"انحراف سفينة أمان عن مسارها". وتوقفوا عند الوضع المتأزّم، الذي وصلت إليه "الوحدة 8200". وعرضوا بعض الثُّغَر في منظومة الاستخبارات ومسارات الترميم الضرورية لإعادة شعبة "أمان" إلى مسارها الصحيح.
*هزة في "أمان"
في خطوة لم تكن مفاجئة، قدّم سريئيل كتاب استقالته من "الجيش" إلى رئيس الأركان، هرتسي هاليفي، ورئيس شعبة الاستخبارات الجديد، اللواء شلومي بيندر. هذه الاستقالة جاءت نتيجة مسؤوليته عن أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ليصبح سريئيل المسؤول الرفيع الثالث الذي يُنهي منصبه في قيادة شعبة الاستخبارات، لكن البعض رأى أن السبب هو عملية الأربعين التي أطلقها حزب الله مؤخرا ضد الكيان الصهيوني.
سبقه في ذلك كلٌّ من رئيس لواء الأبحاث، العميد عاميت ساعر، ورئيس "أمان"، اللواء أهارون حليفا. كما استقال ضابط استخبارات قيادة المنطقة الجنوبية، العقيد "أ"، لأسباب متعددة بعد فضيحة شخصية. ومؤخراً، أعلن ضابط استخبارات فرقة غزة، المقدّم "ع"، نيته تقديم استقالته، الأمر الذي يجعل رئيس لواء التشغيل، العميد "ج"، هو الوحيد الباقي من قيادة "أمان" منذ الـ7 أكتوبر، والذي لم يدفع بعدُ ثمن الإخفاق.
*كتاب الاستقالة
في كتاب الاستقالة، الذي وزّعه على أفراد "الوحدة 8200"، تناول سريئيل إخفاقاته بصيغة فردية قائلاً: "فشلتُ"، خلافاً لآخرين استخدموا لغة الجماعة. وبعكسهم، لم يكتفِ بمجرد الاعتراف بالفشل، بل قدّم تفاصيل دقيقة عن موارد الفشل. وأقرّ بأنّ الوحدة لم تتمكن من توفير "المعلومة الذهبية" التي كان من شأنها التحذير المسبّق من هجوم حماس، مشيراً إلى أن التركيز على تحذير ضيّق في منطقة حدود غزة، من دون إيصاله إلى المستوى السياسي، كان خطأً فادحاً. وقال "إنّ المسؤولية عن دور 8200 في الفشل الاستخباري العملياتي تقع على عاتقي".
وتباينت آراء المعلقين العسكريين بشأن اعترافات سريئيل، وأسباب تأخير استقالته، والتي جاءت بعد 11 شهراً من الإخفاق، إذ رأى البعض أنّ التأخير غير مبرر، بينما قَبِل آخرون المبررات التي قدمها سريئيل في كتاب الاستقالة، والمتعلقة باستكمال مسارات التحقيق الأولية داخل الجيش.
*فجوات وانحرافات
قدّم المعلقون والمحللون الأمنيون تقويماً مفصلاً لبعض الثُّغَر والفجوات الإدارية والمفاهيمية والشخصية، والتي أدّت إلى الإخفاق التاريخي في السابع من أكتوبر، بحيث تتحمل "الوحدة 8200" الجزء الأكبر من المسؤولية، كونها "أكبر وحدة لجمع المعلومات في الجيش الإسرائيلي". ومن أبرز هذه الثُّغَر:
- تحويل تركيز الوحدة إلى مجالات أخرى.
- إهمال بعض مصادر المعلومات والتخلص من وسائل مهمة.
- تعيين أشخاص غير ملائمين في مواقع حساسة داخل الوحدة.
- الافتقار إلى الاحترافية.
- التعالي والغرور.
- الاحتكار المعلوماتي.
*مسار الترميم
يتفق معظم المراقبين في "إسرائيل" على أنّ "الجيش" الإسرائيلي، بصورة عامة، وشعبة الاستخبارات العسكرية، "أمان"، بصورة خاصة، في حاجة إلى إصلاحات جذرية وعميقة. وتطرّق سريئيل إلى هذه الضرورات في كتاب استقالته، بحيث قدّم خطة تتضمن 3 محاور رئيسة:
1- إعادة تركيز "الوحدة 8200" على مهمتها الأساسية، وهي إنتاج المعلومات، بعد انشغالها، في الأعوام الأخيرة، بمواضيع جانبية، مثل تطوير الأرياف والتعليم والمناخ.
2- إعادة هيكلة الوحدة وتصحيح التوزيع الوظيفي بين تشكيلاتها، بحيث أشار سريئيل إلى انحراف خطير في هذا الجانب يتطلب المعالجة.
3- إعادة بناء الثقة, سواء بين "الجمهور" والوحدة، أو بين المؤسستين الأمنية والعسكرية والوحدة، وبناء ثقة أفراد الوحدة بأنفسهم وبقيادتهم.
*السبب الحقيقي
الأستاذ في الحوزة العلمية والبروفسور في الجامعة اللبنانية بقسم الفلسفة وجامعة المعارف، الشيخ علي آل صفا، يقول: "من المؤكد أن استقالة رئيس الوحدة ٨٢٠٠ الاسرائيلية لها علاقة بضربة الأربعين للمقاومة والخسائر الفادحة التي تكبدها العدو، وليس بسبب ٧ أكتوبر الذي مرَّ عليه ١١ شهراً فلماذا تُذكر الآن ؟!".
وأضاف، "بين بطولة مقاومة غزة ومقاومة جنوب لبنان ودعم المحور المتواصل الجيش الا سرا ئيلي يتفكك وينهار وتتوالى الاستقالات ،وأما تهديداتهم للشمال فجعجعة بلا طحين!".
*تفاصيل عن هذه الوحدة
الوحدة 8200 هي أكبر الوحدات في مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وتأخذ على عاتقها مهمة جمع المعلومات الرئيسية، إضافة إلى تطوير أدوات جمع المعلومات وتحديثها باستمرار، مع تحليل البيانات ومعالجتها، وإيصال المعلومات للجهات المختصة، وكثيرا ما تشارك هذه الوحدة وتمارس عملها من داخل مناطق القتال.
وتعتمد الوحدة على التطور التقني والبُعد السيبراني بهدف تحقيق تفوق استخباراتي على كل مستويات نظام الأمن الإسرائيلي بما فيها الحربي والسياسي
على الرغم من الحرص على أن تكون هوية قائد الوحدة سرية، إلا أن صحيفة الغارديان البريطانية استطاعت كشف هوية قائد الوحدة في تقرير لها نشر في بداية شهر أبريل/نيسان 2024.
وفشلت الوحدة 8200 في التنبؤ بطوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين استطاع مقاتلو القسام التسلل إلى قاعدة أوريم العسكرية الواقعة في النقب، ومداهمتها وقتل من فيها، وأخذ ملفات استخباراتية معهم، ومعلومات حساسة، وأجهزة ذات قيمة عالية، ومن ثم الانسحاب من دون أي أضرار في صفوفهم.