فشل السعودية بإدارة موسم حج 2024.. انفوبلس تستقصي الأسباب الرئيسية بينها رداءة الخدمات وتقصير النظام
كم عدد وفيات الحجيج وجنسياتهم؟
فشل السعودية بإدارة موسم حج 2024.. انفوبلس تستقصي الأسباب الرئيسية بينها رداءة الخدمات وتقصير النظام
انفوبلس/..
موسم بعد آخر، يثبت النظام السعودي فشله بإدارة مواسم الحج، وما حدث هذا العام 2024 لا يُعد فشلاً فحسب، بل كارثة كبرى، فوفيات الحجيج فاقت الألف وسط تذرع النظام هناك بأن الحرارة العالية كانت هي السبب، وحُجج أخرى تتمثل بأن الوفيات كانت غالبيتها من المخالفين.
*إحصائية الوفيات
تُوفي ما لا يقل عن 1000 حاج من جنسيات مختلفة أثناء أداء فريضة الحج لهذا العام، بحسب تعداد لوكالة الأنباء الفرنسية فرانس برس.
ونقلت الوكالة عن دبلوماسي عربي قوله، إن عدد المصريين المتوفين في الموسم الحالي وصل 658 على الأقل، بينهم 630 لا يحملون تصاريح للحج.
وقال أحد الدبلوماسيَّين اللذين ينسقان استجابة بلديهما، إن "جميعهم ماتوا بسبب الحرارة" باستثناء شخص أُصيب بجروح قاتلة خلال تدافع بسيط بين حشد من الحجاج، مضيفا أن الحصيلة مصدرها مشرحة مستشفى في حي المعيصم بمكة.
ولا يزال كثيرون يبحثون عن أقربائهم وأصدقائهم الذين فُقدوا خلال أداء الفريضة.
وبالإضافة إلى المصريين، يشمل هذا العدد 132 إندونيسيا و68 هنديا و60 أردنيا و35 تونسيا و13 من كردستان العراق و11 إيرانيا و3 سنغاليين.
*تاريخ حافل بالفشل
ولدى السلطات السعودية تاريخا حافلا في إدارة الحج والإخفاق والفشل والتي عادت إلى الواجهة هذا العام بعد تسجيل وفاة مئات الحجاج وسط تقصير حكومي فاضح.
ولطالما حدثت كوارث وأزمات كبرى في إدارة الحج، وهذا الحدث ليس أولها ولن يكون أخرها في ظل استمرار هذا النمط البائس من الحكم، أي حكم الفرد الواحد وسوء الإدارة.
إذ أن أزمات الحج تتكرر بشكل مختلف كل عام وكأن الحكومة السعودية تكتشف أن موسم الحج قادم بالصدفة فيما هي في الواقع تظهر تقصيرا جسيما.
وطوال العقود الماضية حدثت كوارث جعلت العديد من الدول تطالب بأن تكون هناك حلول لمواجهة تحدي إدارة الحجاج.
وكعادة الحكومة السعودية متعجرفة ومتكبرة عن التعلم وسماع التجارب وإشراك مؤسسات الدول المسلمة في نقل خبرتها وتجاربها وكوادرها في مثل هذا الحدث الأممي.
وفي 12 ديسمبر عام 1934 عندما قرر عبدالعزيز دخول مكة والاستيلاء عليها، كان يواجه معضلة أساسية هي كيف يمكن له إقناع أهل الحجاز والعالم الإسلامي قيادات وشعوب بهذه الخطة؟
نشر عبدالعزيز خطابة الأول في صحيفة أم القرى في عددها الأول دوافع دخوله للحجاز وقال بالحرف الواحد "أكبر همنا تطهير هذه الديار المقدسة من أعداء أنفسهم الذي مقتهم العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها" ثم قال "سنجعل الامر في هذه البلاد المقدسة- بعد هذا- شورى بين المسلمين"العدد الأول.
هذا الخطاب بعثه إلى العديد من زعماء العالم الإسلامي دولاً وجماعات.
كانت مكة تاريخاً تخضع لعدد من المرجعيات التنظيمية من مصر وإسطنبول العثمانية، وحتى في مرحلة لاحقة الإنجليز والفرنسيين في ترتيب أمور رعاياهم وخوفهم من أن تكون مكة مركزاً للعمليات التخطيطية ضد الاستعمار.
وأيضا كانت تحرص هذه المرجعيات على عدم تفشي الأوبئة التي كانت تفتك بالحجاج مثل الملاريا التي استمرت عقداً كاملاً تحصد الحجاج وتفتك بهم.
المهم لدى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن يكون المهيمن وصاحبة الكلمة، حتى لو كان الثمن أرواح الضحايا، وهذا مؤشر على بؤس صنيع الحكومة السعودية.
موسم الحج هو اختبار سنوي حول تقييم قيمة الانسان في بلد مثل السعودية، فهي تنجح في الاستعراض الإعلامي حول ما تزعم أنها سوف تقوم به، لكن على أرض الواقع العكس تماماً، لا يضر الحكومة السعودية فتح الباب للخبراء والكفاءات للإسهام في ترتيب الحج.
*رداءة الخدمات والاعتقالات السياسية
شهادات الحجاج وحجم الشكاوى من رداءة الخدمات وسط درجات حرارة هي الأعلى، إذ أنّ مقاطع الفيديو التي توثّق حجم المأساة الحاصلة في مكة المكرمة دليل على الإهمال والتقصير الفاضحين من قبل السلطات المعنية وممارساتها كتأمين مواكب المسؤولين على حساب الحجاج وتسببه بتدافع كبير في ظل غياب كامل للأطقم الطبية والإسعافية، وما خفي أعظم، وسط تكتم رسمي.
ويُضاف إلى ذلك الاعتقالات السياسية لمجرّد رفع شعارات مؤيدة للقضية الفلسطينية وسط ما يجري في غزة، بحجة منع الشعارات السياسية، علماً أنْ مدح وتبجيل آل سعود مسموح بل ومطلوب داخل الحرمين. وكان النظام قد ألقى القبض قبل انطلاق موسم الحج على عدد من المعتمرين الذين هتفوا نصرة لغزة.
يثبت كل ما سلف، عاماً بعد عام، فشل النظام السعودي في تنظيم موسم الحج فضلاً عن محاولات تسييسه وحرفه عن مساره الديني الأصيل.
*الزحام الشديد ومشكلات تتعلق بالمرافق الصحية
استناداً إلى العديد من الشهادات، فإن الإدارة السيئة من جانب السلطات السعودية فاقمت الأوضاع، ما أدى إلى أزمات في العديد من المناطق المخصّصة للحجيج.
وتحدث شهود عن إدارة بائسة لأماكن الإقامة والمرافق، قائلين إن الخيام شهدت تكدسات في ظل عدم وجود ما يكفي من أجهزة التبريد والمرافق الصحية.
وقالت أمينة (ليس اسمها الحقيقي)، وهي باكستانية تبلغ من العمر 38 عاما: "لم تكن هناك أجهزة تكييف للهواء في خيامنا رغم الحرّ في مكة. المبردات التي كانت مثبتة لم يكن بها مياه معظم الوقت".
وأضافت أمينة: "وقعت حالات اختناق كثيرة جدا في تلك الخيام، حينا كنا نتصبب عرقا في تجربة مريعة".
وإلى ذلك، قالت فوزية، وهي حاجة من جاكرتا: "كثيرون سقطوا من الإعياء بسبب التكدس والحر الشديد داخل الخيام".
*مشكلات تتعلق بالنقل
وجد الحجاج أنفسهم، كذلك، مضطرين إلى قطع مسافات طويلة سيراً على الأقدام تحت وطأة الحرّ الشديد.
وعزا كثيرون تلك المعاناة إلى وجود حواجز تفتيش في الطرق، فضلاً عن ضعف إدارة عمليات نقل الحجيج.
وقالت حاجّة باكستانية، طلبتْ عدم ذِكر اسمها: "وضعونا في مسار طوله سبعة كيلومترات بلا ماء ولا مظلات تقينا أشعة الشمس. وكانت الشرطة قد أقامت حواجز للتفتيش، لنجد أنفسنا مضطرين إلى السير على أقدامنا لمسافات طويلة بلا داع".
وأضافت: "في المخيمات، تُرك الحجيج كما لو كانوا دواجن أو حيوانات في مزرعة. لم يكن ثمة فراغ بين الأسرّة للتنقّل. ولم يكن هناك عدد كاف من دورات المياه".
ويقول المطوّف محمد أشا، إن بعض الحجاج كانوا يضطرون إلى السير على الأقدام مسافة لا تقل عن 15 كيلومترا في اليوم، وقد تركهم ذلك فريسة للإجهاد الحراري، والإرهاق الجسدي، في ظل نقص المياه.
ويضيف المطوّف: "هذه هي الحجة الـ 18 لي، ومن واقع خبرتي أستطيع القول إن السلطات السعودية لا تقدم تسهيلات، إنها تسيطر فقط، لكن لا تقدم المساعدة".
ويتذكر محمد: "في السنوات السابقة، كانت المنعطفات المؤدية إلى الخيام تظل مفتوحة، أمّا الآن فقد أصبحت كل هذه المسارات مغلقة. وعليه، أصبح على كل حاج -أيا كانت الفئة المصنّف تبعاً لها- أن يسير على قدميه مسافة 2.5 كليومترتحت وطأة الحر الشديد حتى يبلغ الخيمة".
ويتابع المطوّف: "حتى لو كانت هناك خدمة طوارئ، فلن يستطيع أحد الوصول إليك قبل مرور 30 دقيقة. ولا توجد استعدادات للإسعاف، كما لا توجد نقاط للمياه على طول تلك المسارات".
*التعتيم السعودي
تلجأ السُلطات إلى التعتيم المُمنهَج بعد أنْ وُجّهت أصابع الاتهام المباشِرة إليها، نتيجة للإهمال الطبي والفشل في تحمُّل مسؤولية ضيوف الرحمن.
وعَقِب تَكرار حوادث حصدت عشرات الآلاف منَ الأرواح، ثبُتَ فشل الحكومة السعودية في إدارة الحُشود، كتلك التي وقعَت ما بين عامَي 1990 و2015، حين أدرجَتها السلطة تحت مُسَمّى “حادثة تدافُع”، واستُشهد 3200 حاجّ مِن جنسيات متعدّدة.
وبهذا، تعود قضية “تدويل الحجّ” إلى الواجهة، فالرياض لم تفِ بوعودها في الكشف عن نتائج أيّ تحقيقات، وتقف اليوم عاجزة عن حماية أمن وأمان الحجّاج وزائرِي بلاد الحرمَين.
*ماذا يحدث لو قضى المرء وهو يؤدي فريضة الحج؟
إذا قضى حاج في أثناء أداء الفريضة، تُبلغ بعثة الحج بذلك. ويتم التعرّف على هوية الحاج عبر بطاقة تعريفية توضع إمّا في سوار يلبسه حول معصمه، أو في رقبته. وبعد ذلك يتم الحصول على شهادة من طبيب، قبل أن تصدر السلطات شهادة بالوفاة.
وتقام صلوات الجنازة في مساجد كبيرة كالمسجد الحرام بمكة، أو المسجد النبوي في المدينة، على حسب مكان الوفاة. ويُغسل جثمان المتوفى ويُكفّن ويُنقل إلى ثلاجة للموتى توفّرها السلطات السعودية التي تتكفّل بكل النفقات.
وتتميز القبور بالبساطة؛ فهي بلا شواهد، وفي بعض الأحيان يُدفن أكثر من حاج في قبر واحد. وثمة كُتب تحوي أسماء المدفونين وأماكن قبورهم، بحيث يتسنى للعائلات الاستدلال على ذويهم وزيارتهم إذا هم أرادوا ذلك.