كارثة تدافُع منى بذكراها الثامنة .. تآمر سعودي على الحُجاج وفشل مدوٍّ خلّده التاريخ.. "مجتهد" يكشف ما أخفاه النظام
انفوبلس/ تقارير
وُصِفت بالأسوأ منذ ربع قارن، وتجاوز عدد ضحاياها الألف، اتُهمت السعودية بعدها بالتآمر على أجساد الحُجاج وجرت انتقادات حادة لفشلها المتكرر في مواسم الحج. حادثة تدافُع منى.. ثماني سنوات على ذكراها الأليمة وتفاصيلها التي أخفت السعودية معظمها خوفا من ردة الفعل العالمية. انفو بلس استذكرت الحادثة وستروي بالتفصيل أحداثها وتسلسلها الزمني وعدد ضحايها الذي يفوق عدد الضحايا الذي أعلنته السعودية بضعف.
*تفاصيل الحادثة
طبقا لبيانات المديرية العامة للدفاع المدني السعودي؛ فإن حادثة التدافُع وقعت في الشارع رقم 204 الذي يتقاطع مع الشارع رقم 223 بمنى، حيث حدث "ارتفاع مفاجئ" في كثافة حشود الحجاج المتجهة إلى منطقة رمي الجمرات لرمي جمرة العقبة صباح يوم النحر (يوم عيد الأضحى الموافق 24 سبتمبر/ أيلول 2015)، مما أدى إلى تزاحمهم وتدافُعهم فسقطت أعداد كبيرة منهم في الموقع.
*سوء تنظيم
وأصدر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود مساء الخميس 24 سبتمبر/ أيلول توجيهات للجهات المعنية بمراجعة الخطط المعمول بها وفتح تحقيق في ملابسات حادث التدافُع في منى خارج مكة المكرمة، والذي أسفر عن وفاة 717 حاجا وإصابة 863 آخرين.
إلا أن هذه التوجيهات لم تمنع من توجيه أصابع الاتهام إلى "إدارة الحج" وقد أثارت الحادثة تساؤلات حول اهتمام الإدارة بإجراءات سلامة الحجاج، رغم توظيف مليارات الدولارات لتحسين ظروف موسم الحج.
ويعتبر عرفان العلوي، مدير مؤسسة أبحاث التراث الإسلامي التي مقرها لندن، أن السبب الرئيسي لوقوع مثل هذه الكوارث هو الإدارة، موضحا أن المشاكل تكمن في عدم ضبط الحشود واستراتيجية الحكومة السعودية للتطوير، مشيرا إلى أن السعوديين رغم محاولات تحسين المرافق يخفقون في منح الأولوية لصحة وسلامة الحجاج.
ويقول العلوي، إن إدارة الحج بحاجة لنظام يضبط الحشود بحيث يمكن التحكم في عدد الأشخاص الذين يدخلون ويخرجون.
على صعيد متصل حمّل مدير الشؤون الدينية في تركيا "إدارة الحج" مسؤولية الكارثة وقال إن سبب ما حدث هو مشاكل خطيرة بالإدارة، وذلك بعد فقدان 18 حاجا تركيا.
*لا جدية في حماية الحجاج
من جهتها وعقب الحادثة، وجهت إيران خطابا حاد اللهجة للسعودية وحملتها مسؤولية وفاة مئات من حجاجها وإصابة 60 آخرين، لتعلن طهران الحداد 3 أيام.
وأعلن رئيس منظمة الحج والزيارة الإيرانية، سعيد أوحدي، عن ارتفاع حصيلة الضحايا بين الحجاج الإيرانيين في حادثة منى إلى 131 حاجا إضافة إلى 60 إصابة، محذرا من إمكانية ارتفاع عدد الضحايا لاحقا، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
وأعاد رئيس منظمة الحج الإيراني حادث منى لسوء الإدارة وانعدام الجدية في التعامل مع سلامة الحجاج.
وانتقد قائد الثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي، بالإجراءات غير الملائمة التي تسببت في حادث التدافع، مطالبا السعودية بتحمل مسؤولياتها تجاه ما وقع.
*شهادات الحجاج تشير إلى سوء التنظيم
وكالة "فرانس برس" نقلت شهادات لبعض الحجاج عن موسم حج 2015 تُجمع على سوء التنظيم هذا العام.
وقال حاج سوداني إن موسم العام هو الأقل تنظيما بين 4 مواسم سابقة أدى خلالها مناسك الحج، فيما شكا محمد المخلافي وهو حاج يمني من انعدام التنظيم.
إلى ذلك، أكد حجاج جزائريون أن السبب وراء وقوع كارثة مشعر منى هو سوء تنظيم حركة الحجيج وإغلاق الطرق. و نقلت قناة الشروق الجزائرية عن شهود عيان أن الكثير من الحجاج سقطوا فوق بعضهم، وكان هناك أَحياء بينهم، وتم إنقاذ قسم منهم فيما قضى الآخرون مؤكدين أن الجهات المنظمة لم تأخذ بعين الاعتبار توافد الناس بالاتجاهات المتعاكسة.
و كشف أحد الحجاج الجزائريين، أن المشكلة هي "أنهم قفلوا علينا الممرات التي ترجعنا إلى خيمنا.. والمشكلة هي مشكلة تنظيم مروري بالدرجة الأولى.. نحن أكملنا المسيرة حوالي كيلومتر ونصف، فقالوا لنا الممر أُغلق.. فرجعنا كل هذه المسافة.. ولم يكن سهلاً أن يذهب فوج كامل ويرجع كل هذه المسافة.. فقالوا بعدها إن الممر الذي أُقفل علينا قد فتحوه.. نحن أخذنا نمشي وبدأت الممرات تضيق وتضيق علينا.. فوقع الاصطدام هذا بين مَن رجموا و عادوا وبين الذاهبين.. و صار الذي صار.. رأينا الموتى و الناس تدهسها.. وفي بعض الأحيان كان هناك 4 أو 5 موتى مكدَّسين فوق الآخرين!" .
*أسوأ كارثة منذ 25 عاما
لم تكن الحادثة التي وقعت في مشعر منى، 24 سبتمبر/ أيلول، الأولى من نوعها بل هي الـ 9 في تاريخ مواسم الحج.
وكانت الأولى في 2 يوليو/ تموز 1990 أدت إلى وفاة 1426 حاجا، بسبب الاختناق نتيجة تدافع في نفق منى بعد عطل في نظام التهوية.
- في 24 يوليو/ تموز 1994 وقعت حادثة أدت إلى وفاة 270 حاجا في تدافع خلال رمي الجمرات.
- في 9 أبريل/ نيسان 1998 توفي أكثر من 118 حاجا، وأُصيب أكثر من 180 في تدافع خلال رمي الجمرات.
- في 5 مارس/ آذار2001 توفي 35 حاجا بالتدافع خلال رمي الجمرات.
- في 11 فبراير/ شباط 2003 توفي 14 حاجا بالتدافع خلال رمي الجمرات.
- في 1 فبراير/ شباط 2004 توفي 251 حاجاً في تدافع خلال رمي الجمرات.
- في الـ 22 يناير/ كانون الثاني 2005 توفي 3 حجاج خلال رمي الجمرات.
- في 12 يناير/ كانون الثاني 2006: مقتل 364 حاجا في تدافع في موقع رمي الجمرات في منى.
*مجتهد يكشف: هكذا تآمرت السعودية على الحجاج وغضّت النظر عن الخطأ حتى وقوع الكارثة
كشف المغرد السعودي الشهير "مجتهد"، عن تفاصيل جديدة تتعلق بالحادثة المأساوية التي لحقت بحجاج بيت الله الحرام في "منى". وخاضت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، في الموضوع بالقول إن السلطات السعودية تتجاهل إجراء تحقيق في كارثة مشعر منى لأنها تدرك تقصيرها في ذلك، برغم محاولتها إلقاء المسؤولية على عاتق الحجاج الذين تتهمهم بعدم الانضباط في سلوكهم.
وأشار مجتهد في تغريداته إلى أن تنامي الازدحام في منى لوحظ في كاميرات المراقبة قبل وقوع الكارثة بساعتين، وأرسل التنبيه اللازم للأمن على مدار الساعتين، لكنه لم يحضر إلا بعد وقوع الكارثة. وأضاف مجتهد: "بعض المراقبين في الكاميرات ترك التقنية الجديدة ولجأ إلى الصياح باللاسلكي حين وصل الزحام لمرحلة حرجة ومع ذلك لم يتجاوب الأمن إلا بعد الكارثة".
ونشر مجتهد في سياق تغريداته، مقطعاً صوتياً لمقابلة أجراها خبير في الشؤون السعودية مع محطة الـ"بي بي سي" البريطانية، حمّل خلالها المسؤولية مباشرةً لولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف، متحدثا عن تفاصيل الواقعة التي تشير إلى تقصير الجهاز الأمني بشكل واضح.
وتابع مجتهد تغريداته كاشفاً عن اتخاذ السعودية إجراءات مشددة جداً، يشرف عليها الأمير محمد بن نايف شخصياً، لمنع تسريب ما سجلته كاميرات المراقبة والاتصالات التي تفضح مسؤولية الجهاز الأمني بما جرى في منى، بشكل واضح.
ولفتت الصحيفة إلى أن شهودا تحدثوا عن رجال طوارئ غير مدرّبين، بالإضافة إلى ما تردد عن إغلاق طريقين من أجل مرور أعضاء من العائلة المالكة.
و أكد مجتهد على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر أن العدد الحقيقي لضحايا حادث التدافع في منى بالقرب من جسر الجمرات يفوق الألف.
*أكباش فداء للتغطية على المسؤولين
بدوره، قال الأكاديمي البحريني المعارض عبد الهادي خلف، إن أصل الخطأ في كارثة منى يعود إلى ما وصفه بالفساد المتراكم لدى النظام السعودي، وليس فقط بسبب سوء إدارة الرياض لشؤون الحج.
واتهم أستاذ علم الاجتماع بجامعة لوند السويدية حكام السعودية بأنهم سيبحثون عن "أكباش فداء" للتغطية على مسؤوليتهم في الكارثة، مشيرا إلى أنهم بعد الحديث عن "القضاء والقدر"، و"سوء تصرف الحجاج".
*مَن المسؤول عن الكارثة؟
وفي الموضوع نفسه، قال الناشط الحقوقي يحيى عسيري بأن الملك سلمان ووزير داخليته محمد بن نايف هم المسؤولون عن الكارثة، متهماً إياهما بالاستهتار في مواجهة ما حصل، داعيا المسؤولين إلى الاعتراف بالخطأ وعدم المكابرة، أو البحث عن الأعذار، واصفاً الحديث عن مؤامرة وراء الكارثة بأنها "أعذار بليدة".
*حصيلة الكارثة الحقيقية وحصيلة آل سعود؟
كشفت تقارير إعلامية أن دبلوماسيين هنوداً، وباكستانيين، وإندونيسيين ونيجيريين أكدوا أن أعداد ضحايا كارثة منى هي أعلى من الأرقام التي أعلنتها السلطات السعودية. ويأتي هذا التضارب في أعداد الضحايا وسط انتقادات وُجِّهت إلى طريقة تصرف السعودية ما بعد الكارثة.
ووفق السلطات السعودية، فإن الكارثة تسببت بمقتل 769 شخصاً على الأقل وإصابة 694 آخرين. بينما قدّرت وكالة أنباء أسوشييتد برس بأكثر من 2121، وهو أعنف حادث يكون في الحج منذ التدافع الأخير عام 1990 الذي أدى إلى مقتل 1426 شخصا. وكانت الحادثة قد سبقها بأسبوعين سقوط رافعة في الحرم المكي أودت بحياة 108 أشخاص.