مستشفى الشفاء في غزة.. تفاصيل كاملة حول عقدة الكيان الكأداء
من النشأة وحتى "الطوفان"
مستشفى الشفاء في غزة.. تفاصيل كاملة حول عقدة الكيان الكأداء
انفوبلس/..
منذ أيام وتحوم قوات الاحتلال الصهيوني حول مجمع الشفاء الطبي الواقع في قطاع غزة، ونفذت عدة عمليات استهدفت محيط المستشفى وساحاته الداخلية ومستودعاته الطبية، رغم أنه مستشفى مدني يضم آلاف الفلسطينيين النازحين إليه بعد القصف الذي طال مناطقهم.
ومساء أمس، أكدت وزارتا الداخلية والصحة في قطاع غزة، تعرُّض محيط مستشفى الشفاء ومخيم الشاطئ غرب مدينة غزة لقصف "عنيف" من القوات الإسرائيلية.
وقالت وزارة الداخلية في بيان عبر تلغرام، إن "الاحتلال يشن سلسلة غارات عنيفة في هذه الأثناء في محيط مستشفى الشفاء ومخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، يتخلّلها إطلاق قنابل فوسفورية". فيما وصف متحدث وزارة الصحة الفلسطينية، أشرف القدرة، في بيان منفصل نشرته الوزارة: أن "القصف في محيط المستشفيات في مدينة غزة وشمال القطاع بأنه جنوني".
وصباح اليوم، أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أن "مجمع الشفاء الطبي توقف عن العمل وخرج تماماً عن الخدمة".
*تفاصيل مجمع الشفاء
يقع مستشفى الشفاء في الجزء الغربي من مدينة غزة في النصف الشمالي من القطاع، حيث تتركز العمليات العسكرية الإسرائيلية. وهو عبارة عن مجمع كبير من المباني والأفنية يقع على بعد بضع مئات من الأمتار من ميناء صيد صغير في مدينة غزة، وينحصر بين مخيم الشاطئ للاجئين وحي الرمال.
تبلغ مساحة المجمع الطبي، الذي أُنشئ في عام 1946، 45 ألف متر مربع، وهو الأكبر في غزة وفق تقرير لوكالة "رويترز".
شُيّد المستشفى خلال الحكم البريطاني، أي قبل عامين من انسحاب بريطانيا من فلسطين. وظل المستشفى قائما خلال فترة إدارة مصر للقطاع التي استمرت عقدين تقريبا بعد حرب عام 1948.
وفي عام 1967، استولت إسرائيل على قطاع غزة واحتلته، وظل مستشفى الشفاء مكاناً محورياً لفترة طويلة قبل سيطرة حماس على القطاع، حيث كان يلجأ إليه العديد من الفلسطينيين خلال الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.
وفي عام 1994، أدت قوات الأمن ـ التي كانت تسيطر عليها حركة فتح ـ التحية للعلم الفلسطيني بعد رفعه فوق المستشفى، عندما مُنح الفلسطينيون حكماً ذاتياً محدوداً في غزة خلال عملية أوسلو للسلام.
ثم انتقلت السيطرة الفعلية على المستشفى بعد ذلك من السلطة الفلسطينية التي تُهيمن عليها فتح إلى حماس بعد الفوز الذي حققته الحركة في انتخابات عام 2006.
كما يُعتبر مجمع الشفاء أكبر مستشفى في القطاع بسعة تصل إلى 700 سرير طبي، لكن حاليا "يتوفر سرير واحد تقريبا لكل اثنين من المرضى، وقسم الطوارئ والعنابر مكتظّة، ما يتطلب من الأطباء والعاملين الطبيين علاج الجرحى والمرضى في الممرات وعلى الأرض وفي الهواء الطلق"، بحسب منظمة الصحة العالمية.
في الوقت الحالي يضم المجمع ثلاثة مستشفيات، هي الجراحة والأمراض الباطنية والنسائية والتوليد، فضلا عن قسم للطوارئ والعناية المركزة وغيرها، ويعمل فيه نحو 1500 موظف، ثلثهم أطباء.
*دوره في الحروب
يؤدي مجمع الشفاء دوراً أساسياً في الحروب على قطاع غزة، إذ يستقبل المصابين وتُجرى فيه العمليات الجراحية.
ففي حرب طوفان الأقصى 2023 بلغت القدرة الاستيعابية للمستشفى 164%، إذ كانت أعداد الإصابات مهولة ومستمرة نتيجة القصف الإسرائيلي المتواصل، وعانى المستشفى من وضع كارثي نتيجة نقص الوقود والدواء، وكثرة الجرحى وتوافد أعداد كبيرة من المصابين عليه، والتعب الذي طال الكادر الطبي نتيجة العمل المتواصل.
إضافة إلى ذلك يجتمع عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين في مجمع الشفاء الطبي على اعتباره مكاناً آمناً إلى حد ما، ونقطة يسهل منها الوصول إلى بقية المناطق والأحياء، كما أنه مكان يسهل عليهم تغطية الحدث من خلال القرب من الكادر الطبي ومن الحالات التي يتم إسعافها.
ويؤدي المستشفى دوراً أساسياً في إيواء العائلات، إذ يلجأ إليه المواطنون والعائلات بسبب القصف العنيف على الأحياء السكنية والبيوت، ويبيتون في الساحات الخارجية، وفي عدوان 2021 جهّز المجمع خياماً لإيواء العائلات النازحة في الساحة الخلفية.
*كم يحتمي به من الأبرياء؟
لجأت الكثير من العائلات في غزة إلى مستشفى الشفاء لتفادي القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي، وتبيت العائلات في ممرات المستشفى وغرفه وساحاته.
ولجأ ما بين 50 و60 ألف شخص إلى المستشفى وحوله، وفقاً لمسؤولي الصحة في القطاع، كما أقامت بعض العائلات أيضا خارج حرم المستشفى مباشرة.
ونقلت قناة الجزيرة القطرية، عن إداري من داخل مستشفى الشفاء، قوله "نحو 15 ألف شخص موجودون داخل المستشفى حالياً".
ويحتمي آلاف النازحين من سكان غزة بخيام مصنوعة من القماش في مرآب سيارات المستشفى وينامون في الممرات أو على الدرج ويقضون ساعات اليوم على سلالم المستشفى وينشرون الغسيل على الأسطح دون أن يتركوا أي مساحة خالية داخل المنشأة الطبية.
*ما الذي يجري اليوم؟
قامت القوات الإسرائيلية بعزل شمال غزة عن الجنوب وتريد من ذلك "القضاء على حركة حماس"، لكن أدى هذا الطوق العسكري إلى ترك المستشفى مغلقاً إلى حد كبير أمام المساعدات الإنسانية، على الرغم من أن منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر تمكنتا من توصيل بعض الإمدادات الطبية إلى المستشفى مؤخراً، وفقا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وقال مدير المستشفى، محمد أبو سليمة، إن هناك توقعات بتعرُّض المستشفى "للقصف في أية لحظة"، مؤكدا على أن الطواقم الطبية "لن تغادر"، في وقت تتواجد الدبابات والقوات الإسرائيلية على بعد أقل من كيلومتر واحد من المستشفى، وفقاً لوسائل إعلام مقرّبة من الولايات المتحدة الأمريكية.
وصرّح أبو سليمة، الجمعة: "نتوقع قصف المستشفى بمَن فيه في أية لحظة، والطواقم الطبية لن تغادر المستشفى ولن نتخلى عن المرضى داخله".
وأضاف، "استنفدنا كل قطرة وقود في قطاع غزة وهذا تحذير أوجهه للعالم... المجتمع الدولي لم يقدم لنا أي شربة ماء ولا لتر وقود ونحن في أزمة حقيقية".
ويقول الأطباء في المستشفى، إن الطاقم الطبي يعالج حوالي 2500 جريح في منشأة تتسع لحوالي 700 سرير فقط.
وأظهرت مشاهد مروعة من المكان تكدُّس عشرات الجثث، فضلا عن الجرحى في أروقة وباحة المجمع.
*مجزرة على باب المجمع الطبي
في يوم الجمعة الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 استهدف الاحتلال سيارات الإسعاف أمام بوابة مجمع الشفاء الطبي، مما أدى إلى سقوط عشرات المواطنين بين شهيد وجريح، وكان من بين المصابين أطباء ومسعفون ومصابون ومواطنون مرافقون للجرحى تجمعوا حول سيارات الإسعاف في مدخل المجمع.
واعترف الجيش الإسرائيلي باستهداف سيارات الإسعاف عند بوابة المجمع الطبي مُدّعياً "أنها تُستخدم من قبل خلية تابعة لحماس".
وتظهر الصور التي نقلتها وكالات الأنباء أن المستهدَفين هم من المدنيين والجرحى والأطباء والمسعفين.
وكان الاحتلال قد استهدف في وقت سابق في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 محيط مجمع الشفاء الطبي، مما أدى إلى إلحاق الضرر بقسم الحضانة في المجمع. وما يزال الاحتلال يواصل عملياته في محيط وساحات هذا المجمع الطبي.
*اتهام إسرائيلي
ويتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي، حركة حماس باستخدام مستشفى الشفاء "غطاء لإخفاء مداخل الأنفاق ومراكز العمليات".
وتقول إسرائيل، إن "أفراداً من سلاح المهندسين يستخدمون المتفجرات لتدمير الأنفاق في شبكة حماس الواسعة تحت الأرض".
وأصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي صوراً ورسوماً بيانية وتسجيلات صوتية يقول إنها تظهر أن "حماس تستخدم مستشفى الشفاء لإخفاء مواقع قيادة ونقاط دخول إلى شبكة الأنفاق واسعة النطاق أسفل القطاع".
حماس تنفي
في المقابل، نفت حماس والسلطات الصحية ومديرو مستشفى الشفاء إخفاء الحركة بنية تحتية عسكرية داخل مجمع المستشفى أو تحته، وقالوا إنهم سيرحّبون بتفتيش دولي للمنشأة.
وأكدت حماس أن الأنفاق التي أشار إليها الجيش الإسرائيلي هي مخزن للوقود إضافة إلى غرفة تحت الأرض.
*هيومن رايتس تنفي مزاعم تل أبيب
من جانبها، أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الجمعة أنها لم تجد ما يؤكد مزاعم جيش الاحتلال الإسرائيلي بشأن اتخاذ حركة حماس من الطوابق السفلية لمستشفى "الشفاء" بمدينة غزة مقرات لها.