من العثور على صدام إلى وجود طوابق تحت الأرض.. أكاذيب عن سجن صيدنايا في سوريا
انفوبلس تسردها بالتفاصيل
من العثور على صدام إلى وجود طوابق تحت الأرض.. أكاذيب عن سجن صيدنايا في سوريا
انفوبلس/ تقرير
يتواصل الحديث عن سجن صيدنايا في سوريا، منذ يوم الاحد الماضي - يوم سقوط نظام بشار الأسد وتحرير المعتقلين فيه - لكن وخلال أسبوع انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي العربية والاجنبية تقارير وصور ومقاطع فيديو كاذبة عنه، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس" على أبرز الأكاذيب التي كشفها.
انتهى حكم عائلة الأسد لسوريا رسمياً فجر الأحد 8 كانون الأول (ديسمبر) 2024، حيث غادر بشار الأسد البلاد متجهاً إلى روسيا، لتُطوى صفحة 53 عاماً من سيطرة "سلالة الأسد" على سوريا، في لحظة تاريخية للبلاد.
*تحرير المعتقلين
كان من اللافت جدا، أن "المعارضة المسلحة" في سوريا، اختارت بعد دخول العاصمة دمشق يوم الأحد الماضي (الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024)، أن تجعل إطلاق سراح السجناء من زنازين سجن صيدنايا أول مهامها.
بينما يبحث آلاف السوريين اليوم عن أفراد من أسرهم الذين قد يكونون من بين المحتجزين في صيدنايا، انتشرت العديد من الصور ومقاطع الفيديو على الإنترنت التي تظهر سجناء مفرجا عنهم. لكن ليست كل الصور حقيقية، بل إن بعضها مزيف، فريق شبكة "انفوبلس" يسلط الضوء على أبرزها.
صور بالذكاء الاصطناعي!
"هذا أحد المساجين من سجن صيدنايا، رجل مندهش من رؤية وجه بشري.."، هذا ما يروج له المنشور أدناه على موقع X المرفق بصورة لرجل مصدوم يخرج من حفرة تحت الأرض.
لا تُظهر الصورة معتقلا في سجن صيدنايا، بل هو رجل ظهر في فيديو على الإنترنت، يخرج من حفرة حاملا عنكبوتا كبيرا في يده. نُشر الفيديو على موقع تيك توك يوم 3 ديسمبر/ كانون الأول 2024، وتمت الإشارة إلى أنه محتوى تم إنتاجه بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي من قبل ناشره.
ومما يشير إلى أن الفيديو ليس حقيقيا فعلا، هو عيني الرجل المفتوحة بشكل مبالغ فيه في حين أن الضوء الساطع موجه إليها مباشرة، إضافة للحركات غير الطبيعية ليديه. كل هذه التفاصيل، تشير إلى أن الفيديو تم إنتاجه بمساعدة الذكاء الاصطناعي.
"كل شيء من صنع الذكاء الاصطناعي"، جملة يتضمنها حساب تيك توك، الذي ينشر مقاطع فيديو مخيفة تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي يوميا، وكثير منها يظهر رجالا ونساء مع عناكب عملاقة ومخلوقات غريبة في الأنفاق. والصورة المقتبسة من هذا الفيديو ليس لها صلة بسجن صيدنايا في سوريا.
صور وفيديو من متحف في فيتنام!
انتشرت صورة على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، تُظهر إنسانا هزيلا طويل الشعر مقيدا بالسلاسل في زنزانة، على أنه أحد المساجين في سجن صيدنايا. وكتب في أحد التعليقات عليها "فور رؤية هذه الصورة، قد تظنها مشهدا من فيلم رعب. لكن في الحقيقة، إنه سجن صيدنايا في دمشق".
هذه الصورة المتداولة لا تُظهر سجينا في صيدنايا، بل هي صورة تم التقاطها في أغسطس/ آب 2008 من قبل وكالة Alamy الخاصة البريطانية. وفي التعليق الأصلي المرفق بالصورة، كتب ما يلي: "إعادة بناء زنزانة عرفت باسم قفص النمر في متحف بقايا الحرب في مدينة هو تشي منه - فيتنام". كما أن هناك العديد من الصور الأخرى لشخصيات شمعية في زنزانات مختلفة من قبل هذا المصور.
في الأيام الماضية، تم تداول الصورة ضمن مقطع فيديو مدته 11 ثانية، على أنها غرفة داخل سجن صيدنايا.
وبمقارنة هذا الفيديو بفيديو على القناة الرسمية لمتحف بقايا الحرب في مدينة هو تشي منه، بالفيتنام، نجد أن معظم صور الفيديو الذي يتم الترويج له على أنه من داخل سجن صيدنايا، ليست إلا صورا من فيديو خاص بإدارة المتحف. وفي الغالب، فقد تم دمج صورة الرجل ذي الشعر الطويل المقيد بالسلاسل في الفيديو، باستخدام الذكاء الاصطناعي على الأرجح.
طفل في زنزانة تحت الأرض.. دون الدليل؟
يبدأ مقطع الفيديو الذي تبلغ مدته دقيقة واحدة وتم تداوله بشكل كبير على منصة تيك توك ليبلغ أكثر من 2.7 مليون مشاهدة، بلقطة قريبة لطفل صغير ينظر من خلال فتحة صغيرة تحت الأنقاض وهو يمد يده.
بعد هذه اللقطة، تُظهِر صورة عبر قمر صناعي موقع سجن صيدنايا، والتعليق المرفق يوضح أن السجن يحتوي على زنازين مخفية تحت الأرض حيث يتم حبس المعتقلين بدون طعام أو ماء أو هواء نقي. ثم يشجع التعليق الصوتي المشاهدين على مشاركة الفيديو.
على الرغم من أن التعليق الصوتي لا يدعي صراحة وجود أطفال في سجن صيدنايا، إلا أن أكثر من 1000 معلق ردوا على الفيديو وفسروه بهذه الطريقة. وأعرب الكثيرون عن حزنهم وقلقهم على مصير الطفل.
هذا الفيديو لم يتم تصويره من داخل سجن صيدنايا، بل هو مقطع مقتطف من فيديو، لا يزال متاحا عبر الإنترنت، يكشف أن اللقطات تُظهر طفلا يلعب في المنزل، وليس محاصرا تحت الأنقاض.
ظهر الفيديو على حساب تيك توك محذوف الآن، وهو مقطع تم استعماله قبل الأحداث في سوريابأسابيع، على أنه طفل من غزة، محاصر تحت الأنقاض بعد غارة جوية إسرائيلية.
من الصعب التحقق من الوقت والمكان الدقيقين للقطات، لكن الواضح والأكيد أنه تم استعمالها قبل أسابيع من التطورات الأخيرة المتعلقة بسجن صيدنايا، مما يثبت أنها غير ذات صلة.
في 9 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أجرى فريق من الخوذ البيضاء - وهي منظمة تطوعية تديرها المعارضة - تحقيقًا شاملاً في السجن باستخدامكلاب بحث مدربة. وفي بيان تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، أعلنت المنظمة أنه بعد فحص جميع المداخل والمخارج ومنافذ التهوية وأنظمة الصرف الصحي وأنابيب المياه والأسلاك الكهربائية وأنظمة المراقبة، لم يتم إيجاد أي مناطق مخفية أو مغلقة".
وبينما لا يوجد دليل موثوق يدعم حقيقة وجود زنازين احتجاز تحت الأرض في صيدنايا، فإن المنشورات التي تكرر هذا الادعاء مستمرة في الانتشار.
كما إن مقاطع الفيديو والصور المزيفة التي تم تداولها على أنها من سجن صيدنايا، أكثر بكثير الحالات التي جاءت في هذا التقرير. مثلا في مقطع فيديو يظهر سوريين يدخلون السجن، يظهر طفل لفترة وجيزة. وقد شارك العديد من الأشخاص لقطات منه، قائلين إنه يثبت احتجاز الأطفال في صيدنايا.
العثور على صدام حسين في أحد سجون الأسد!
تناقلت حسابات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، صورة منسوبة للحظة العثور على رئيس النظام العراقي البائد، الطاغية صدام حسين، داخل سجن صيدنايا في سوريا، بعد 19 عامًا على إعدامه.
كانت الصورة تبدو وكأنها مُذاعة عبر شبكة الجزيرة الإخبارية، وأن "صدام حسين" محاطًا بعدد من العناصر الأمنية، وجاء انتشارها على هامش الاهتمام المتزايد بالتطورات حول سجن صيدنايا.
كانت الصورة المنسوبة لصدام حسين، مصحوبة بتعليقات تقول: "العثور على صدام حسين في سجن صيدنايا"، و "ورد إلينا أن صدام حسين حي"، فيما قالت إحدى أكثر التدوينات رواجًا: "افرحو يا شعب العراق الصامد عاجل وبشكل رسمي: عندما قال شيخنا ومرجعنا السياسي فائق الشيخ علي: سنعيد تشكيل حزب البعث. ضحك عليه ذيول إيران وعملاء الخارج. اليوم وبشكل رسمي العثور على صدام حسين في سجن صيدنايا وسيعود لحكم العراق".
لكن، وبحسب تحريات CNN من الصورة، وجد أن الجزيرة لم تبثها، وأن الصورة الأصلية تعود إلى الرئيس الجورجي الأسبق والحاكم الأسبق لمنطقة أوديسا الأوكرانية، ميخائيل ساكاشفيلي.
وكانت الصورة للحظة اعتقال جهاز الأمن الأوكراني لساكاشفيلي في كييف في 5 ديسمبر/كانون الأول 2017، وثقت العديد من وكالات الأنباء الحدث آنذاك، منها رويترز ووكالة الأنباء الفرنسية وغيتي للصور.
ومع تشريح الصورة المنسوبة إلى صدام حسين عن طريق أداة Forensically، التي يمكنها إظهار مواطن التلاعب في الصور، تبين أنها تعرضت للكثير من التلاعب.
ويلجأ بعض منتجي المعلومات المضللة إلى التلاعب في الصور عن طريق نسبها إلى وسائل إعلام بارزة، مثل الجزيرة، وبعد القيام بالتزييف يتم إظهار الصورة كما لو أنها ملتقطة خلال عرضها في التلفزيون، لإعطائها المزيد من الموثوقية والمصداقية.
وفي هذه الحالات، يفضل العودة إلى الوسائل المنسوب إليها بث اللقطات وفحص مواقعها الإخبارية للتأكد مما إذا كانت أوردتها من عدمه.
كما زعمت الولايات المتحدة أنّ الجهات المعنية بإدارة السجن في صيدنايا نظّمت محرقة للسجناء، ولم تستند هذه الادّعاءات إلى أيّ وقائع باستثناء صور جوية لسجن صيدنايا وهي صور يمكن لأيّ شخص التقاطها عبر "غوغل إرث" وهي لا تعني شيئاً.
لماذا تنتشر الشائعات حول صيدنايا؟
وبحسب مراقبين تحدثوا لشبكة انفوبلس"، فان أسباب انتشار الشائعات حول صيدنايا، هو أولا: الأغراض السياسية: يستغل بعض الأطراف السياسية هذه الشائعات لتحقيق مكاسب سياسية أو لتشويه صورة خصومهم، وثانيا: الإثارة الإعلامية: تسعى بعض وسائل الإعلام لجذب المشاهدين والقراء من خلال نشر أخبار مثيرة، حتى لو كانت غير دقيقة، وثالثا: غياب التحقق من المصادر: في ظل غياب مصادر موثوقة للتحقق من المعلومات، تصبح الشائعات أكثر انتشاراً وسهولة في التصديق.