نتنياهو يهرب إلى الأمام.. تصعيد ضد اليمن تحاشيا لقبول الهدنة التي ستقوده إلى السجن
انفوبلس/..
يحاول رئيس وزراء كيان الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الهروب من الواقع المخزي الذي يعيشه جراء الحرب في غزة من جهة، والضربات اليمانية التي وصلت عمق تل أبيب بعد محاصرة هذا الكيان وإضعافه اقتصاديا من جهة أخرى، الأمر الذي أدخله في حيرة وجعله يبحث عن أي وسيلة تجعله يتشبث أطول فترة ممكن في السلطة فعمد الى التصعيد على اليمن وتنفيذ غارات استهدفت الحديدة، لكن ذلك سيفُتَّ النار على العمق الاسرائيلي خاصة بعد وعد أنصار الله بأن هذا العمق لن يكون آمناً من الآن فصاعدا.
*الضربات وخيارات الرد
قال جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان، امس السبت: "قبل قليل، قصفت طائرات مقاتلة تابعة للجيش الإسرائيلي أهدافا عسكرية للنظام الإرهابي الحوثي في منطقة ميناء الحديدة في اليمن، ردًا على مئات الهجمات التي نُفذت ضد دولة إسرائيل في الأشهر الأخيرة".
وأضاف البيان: "لم يطرأ أي تغيير على إرشادات الدفاع التي وضعتها قيادة الجبهة الداخلية. وفي حال حدوث أي تغيير في الإرشادات، سنقوم بتحديثها للجمهور وفقا لذلك".
وجاء البيان بعد وقت قصير من إعلان قناة "المسيرة" التي التابعة لحركة انصار الله، السبت، عن غارات جوية استهدفت منشآت نفطية في ميناء الحديدة غرب اليمن، مضيفة أنه كان هناك قتلى وجرحى.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، في مؤتمر صحفي، إن الغارة الإسرائيلية السبت، في اليمن، لم تكن مجرد رد على هجوم الحوثيين بدون طيار على تل أبيب، الذي أسفر عن مقتل رجل يبلغ من العمر 50 عامًا، ولكن أيضًا على حوالي 200 قذيفة قال إنها أُطلقت من جانب الجماعة تجاه الإسرائيليين والبنية التحتية المدنية منذ أكتوبر/تشرين الأول.
وزعم هاغاري، إن معظم الصواريخ والطائرات بدون طيار التي أُطلقت باتجاه إسرائيل في تلك الفترة "تم إيقافها في المراحل الأولى (من الطيران) من قبل القيادة المركزية للولايات المتحدة ودول أخرى في البحر".
وأضاف، أن القوات الجوية الإسرائيلية تصدت أيضًا لبعض التهديدات القادمة، سواء خارج المجال الجوي الإسرائيلي أو داخله. ودوت صفارات الإنذار في عدة مناسبات منذ أكتوبر/تشرين الأول في مدينة إيلات الساحلية الإسرائيلية على خليج العقبة، وتم الإبلاغ عن عدد من اعتراضات الدفاع الجوي فوق المدينة.
وأفادت قناة المسيرة، نقلاً عن وزارة الصحة، باستشهاد ثلاثة أشخاص على الأقل وإصابة 87 آخرين في الغارات الإسرائيلية.
وبحسب المتحدث باسم انصار الله، محمد عبدالسلام، فإن الضربات الإسرائيلية أصابت خزانات نفط ومحطة كهرباء.
وأضاف عبدالسلام، أن "العدوان الإسرائيلي الوحشي على اليمن باستهداف المنشآت المدنية وخزانات النفط ومحطة الكهرباء في الحديدة يهدف إلى زيادة معاناة الشعب اليمني".
وانتقد عبدالسلام الضغوط على اليمن لوقف دعمه لغزة.
ونقلت قناة "المسيرة"، عن المجلس السياسي الأعلى للحرجة، قوله إن "هذا العدوان لن يمر دون رد ملموس على العدو".
وأكد المجلس تضامن انصار الله مع الشعب الفلسطيني وقال إنه ستكون هناك "ضربات أكثر تأثيرًا على العدو".
*دولتان عربيتان ساعدتا اسرائيل
قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي، نسق مع السعودية من أجل تنفيذ ضرباته في اليمن، والتي استهدفت مدينة الحديدة واسفرت عن سقوط شهداء وجرحى.
وتابعت الصحيفة بأن الهجوم اشتمل على التزود بالوقود في الجو بطائرات "رام" بسبب المسافة الكبيرة، إلى جانب التحليق على ارتفاعات منخفضة لتجنب الرادارات.
وأضافت: "يرجح أن الجيش نسق مع السعودية لعبور أجوائها، والتحليق فوق أراضيها".
من جانبها، قالت هيئة البث العبرية "كان" إنه تم إطلاع الأمريكيين على العملية قبل ساعات من تنفيذ الهجوم، وتم إخطار القيادة الأمريكية المركزية، وحلقت الطائرات عبر أجواء السعودية ومصر في طريقها إلى اليمن.
ولم يصدر أي تعليق رسمي سعودي أو مصري حول ما ورد في الصحيفة.
*هجوم تل ابيب
وجاءت الضربات على الحديدة بعد يوم من هجوم بطائرة بدون طيار لانصار الله على تل أبيب، مما أسفر عن مقتل رجل وإصابة 10 آخرين على الأقل.
وقالت الحركة، إن الهجوم كان ردًا على حرب إسرائيل في غزة، حيث قال المتحدث باسم انصار الله، إن العملية تم تنفيذها بواسطة طائرة بدون طيار جديدة قادرة على "تجاوز أنظمة اعتراض العدو".
وفي حين شن انصار الله العديد من ضربات استهدفت سفن الشحن، فهذه هي المرة الأولى التي تضرب فيها إسرائيل اليمن.
وفي أوقات سابقة، شنت كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية ضربات على أهداف للحوثيين في اليمن ردًا على الهجمات على الشحن.
*سيناريو جديد
وفي سيناريو توجيه المزيد من الضربات بالمسيرات لتل أبيب، تتفق التحليلات الإسرائيلية أنه يمكن لانصار الله إرسال طائرة بدون طيار من اليمن ستمر فوق أراضي مصر على ارتفاع منخفض، ثم تتجه شمالا وتحلق على ارتفاع أمتار فوق أمواج البحر الأبيض المتوسط، ثم ترتفع وتضرب تل أبيب، حيث لا تحتاج هذه المسيرة إلى قيادة، ولكنها مبرمجة مسبقا لتغيير المسار والارتفاع.
وفي مؤشر على تكتم إسرائيل على حجم الأضرار جراء الهجمات بالصواريخ والمسيرات التي نفذتها جماعة الحوثي، قال محلل الشؤون العسكرية بالموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي، إن "الأخطاء البشرية والأعطاب الفنية كانت وستظل موجودة بشكل رئيسي في الحرب المكثفة التي يشنها ضد إسرائيل مبعوثو إيران، من جميع اتجاهات الهجوم المحتملة".
وزعم بن يشاي، أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية تمكنت من اكتشاف واعتراض أكثر من 200 طائرة بدون طيار وصواريخ تم إطلاقها من اليمن، ويضيف "لكن علينا أن نعترف أنه ليس لدينا إجابة جيدة وكاملة للمشكلة العسكرية التكنولوجية المتمثلة في أن المسيرات تشكل تهديدا لإسرائيل".
ويعتقد المحلل أن المسيرات المتفجرة التي يطلقها حزب الله وجماعة الحوثي أو المليشيات العراقية (كما يصفهم) ستتواصل وتضع إسرائيل أمام الكثير من التحديات، كونها طائرات لها القدرة على المناورة والاختفاء من الرادار بطريقة لا يمكن اكتشافها، وأحيانا ترتفع للحظة قبل أن تسقط وتنفجر على أهدافها.
وأشار إلى، أنه فقط عندما يكون هناك نظام سلاح ليزر محمول جوا، وهو ما سيحدث على الأرجح في غضون عام أو عامين بحسب تقديرات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، فإنه سيكون من الممكن اكتشاف واعتراض المسيرات التي تطلق على الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
و قال بن يشاي، إنه "بحسب تقسيم العمل الذي تقوم به القيادة المركزية الأميركية يفترض أن يتولى الأميركيون اعتراض الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية فور إطلاقها من اليمن باتجاه إسرائيل".
وأوضح، أن السفن الأميركية التابعة للأسطول الخامس تنفذ هذه المهمة منذ 9 أشهر، لكن الأميركيين يكتفون بالغالب برصد المسيرات والصواريخ بعد إطلاقها واعتراضها بحال اكتشافها، ولا يبادرون إلى عمليات هجومية في أماكن تجمعها في الأراضي اليمنية أو العراقية، وذلك خوفا من اندلاع حرب إقليمية، وفق قوله.
وحسب قراءات إسرائيلية، استخدام المسيرات يمنح المنظمات المسلحة ميزات وأفضلية وإمكانيات غير محدودة تقريبا، وذلك لأنها بسيطة ورخيصة ومن الممكن إطلاق العديد منها في الوقت نفسه، ويمكن لتلك المسيرات أن تطير آلاف الكيلومترات، ويمكن برمجة نظام الملاحة الخاص بها بحيث تتخذ مسارا التفافيًا يخدع وسائل الكشف والرادار.
*نتنياهو الى السجن
منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأوّل 2023، لم يدَعْ رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محاولةً للتوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار في غزة إلا وأفسدها.
سعْي نتنياهو إلى إفشال خطط وقف إطلاق النار متوقع؛ إذ يعلم أن اليوم التالي للصفقة سيكون نهاية حياته السياسيّة، وبداية رحلته إلى السجن. وقد منعه خوفه من هذا المصير من التجاوب مع عروض المعارضة الإسرائيلية التي اقترحت توفير شبكة أمان له في الكنيست في حال مرّر الصفقة رغمًا عن حلفائه.
وما كان لافتاً للنظر ان نتنياهو في طريقه الى أميركا لإلقاء كلمته أمام الكونغرس هناك لن يتوقف في أي بلد أوروبي، وذلك خوفاً من توقيفه في إحدى المطارات الاوروبية بناء على مذكرة التوقيف التي صدرت عن المحكمة الجنائية الدولية ومقرها في لاهاي بهولندا، وتاريخ صدور مذكرة التوقيف كان في 20 أيار 2024 عن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان الذي قدّم طلبات لاستصدار أوامر اعتقال نتنياهو بتهم جرائم حرب، لذلك فإنّ نتنياهو ذاهب الى أميركا مباشرة.
أما عن رحلته الى أميركا فهناك سببان لها، الأول: دعم مرشحه للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في تشرين في أميركا أي انتخاب رئيس جمهورية لأميركا (ومرشحه الحقيقي هو ترامب).
ثانياً: محاولة ابتزاز الرئيس جو بايدن للحصول على سلاح بكميات كبيرة خصوصاً بالنسبة للقنابل الضخمة التي تصل قوتها الى 2000 رطل، ويعتبر نتنياهو انها قد تساعده في حربه ضد الفلسطينيين.
ويثير نتنياهو جدلاً متزايداً من خلال إصراره على استمرار الحرب في غزة، رغم تزايد الضغوط على المستويين الداخلي والخارجي التي تطالب بإنهاء الحرب.
وتُعَدّ الضغوط التي يواجهها نتنياهو وحكومته على مستوى الداخل الأقوى والأكثر تأثيراً في ظلّ تنامي المعارضة من الجبهة التي تمثّل عائلات الرهائن الاسرائيليين المحتجزين لدى “حماس” والمقاومة الفلسطينية في غزة، والذين فشل نتنياهو في إعادتهم لأسرهم، رغم وعوده المتكررة، وإلى جانب ضغوط تلك العائلات، يخرج على نتنياهو معارضون بينهم قادة جيش سابقون، يتحدثون صراحة عن ان الحرب في غزة لم تحقق أيّاً من أهدافها، في ظلّ الخسائر الكبيرة التي تكبّدها -ولا يزال- الجيش الاسرائيلي.
ووفقاً لمراقبين عدّة فإنّ السؤال الذي يثير كل تلك الخلافات، على المستوى السياسي والداخلي في إسرائيل، هو ذلك المتعلّق بما هي الخطوة التالية لانتهاء الحرب في غزة؟
ويعتبر هؤلاء المراقبون أنّ محاولة الإجابة على هذا السؤال في ظلّ عدم وجود خطة واضحة لدى رئيس الوزراء الاسرائيلي هي التي أدّت الى إحداث تصدّعات داخل حكومته.
وتشير التقارير، انه وفي غمرة التوتر الذي ساد الأوضاع يتهم إيتمار بن غفير وهو الزعيم اليميني المتطرّف لحزب “العظمة اليهودية” هاليفي بأنه ينهي الحرب حالياً بالفعل. قائلاً: “إننا لا بد أن نبقى في غزة”، وهو ما دفع رئيس الوزراء نتنياهو للتدخل على تهدئة التوتر بين الاثنين.
كما ان هناك قطاعاً كبيراً من المراقبين الاسرائيليين، يجمعون على ان المبرّر الوحيد لاستمرار الحرب في غزة هو المصلحة الشخصية التي تحققها تلك الحرب لرئيس الوزراء الاسرائيلي… ويعتبر هؤلاء ان نتنياهو ليست لديه خطة واضحة بشأن ما الذي سيقوم به في اليوم التالي لانتهاء الحرب.
ويرى هؤلاء ان نتنياهو يعمل أساساً على تأمين مستقبله السياسي للبقاء في السلطة، والهروب من الملاحقات القضائية التي يتعرّض لها. وهو يرى في استمرار الحرب وسيلة لتحقيق أهدافه من زاوية شخصية بحتة بعيداً عن اهتمامات الناس ومصلحة إسرائيل، ومن التهم التي تلاحق نتنياهو ويحاول التمسّك بالحكم وإكمال الحرب للهروب.
وتلاحق نتنياهو تهم بتلقي الرشاوى والاحتيال وخيانة الأمانة والسرقة وإنفاق الأموال العامة على شراء الطعام، كما تواجه زوجته اتهامات بسرقة مائة ألف دولار من الأموال العامة.
كما اتهم بأنه ملوّث وغير نزيه. وكان المدعي العام الاسرائيلي أفيخاي ماندلبليت قد وجه اتهامات بالفساد لنتنياهو.
ويوم 20 أيار 2024 أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان انه قدّم طلبات لاستصدار أوامر اعتقال نتنياهو بتهم جرائم حرب.