هل مات سلمان بن عبد العزيز سريريا؟ الشائعات تكثر والذباب الإلكتروني السعودي يدعو له بالشفاء
كيف سينتقل الحكم إلى الدب الداشر؟
هل مات سلمان بن عبد العزيز سريريا؟ الشائعات تكثر والذباب الإلكتروني السعودي يدعو له بالشفاء
انفوبلس/..
"فحوصات روتينية" هذه الكذبة التي روّج لها الإعلام السعودي عقب دخول سلمان بن عبد العزيز إلى المستشفى يوم أمس الأربعاء، إثر تدهور في حالته الصحية، في وقت هاج فيه "الذباب الإلكتروني السعودي" على منصات التواصل الاجتماعي خاصة منصة "أكس" ليدعو له بالشفاء.
*تفاصيل
وأُدخل ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز إلى المستشفى في جدة لإجراء "فحوصات روتينية" طبية، على ما أعلن الديوان الملكي الأربعاء في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية.
وجاء في البيان، أن الملك سلمان البالغ من العمر 88 عاما "دخل هذا الأربعاء، مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة لإجراء فحوصات روتينية لبضع ساعات".
ومن النادر أن تنشر المملكة بيانات تتعلق بالحالة الصحية للملك الذي يقود الدولة النفطية الثرية منذ العام 2015، لكن يبقى ابنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان البالغ 38 عاما، الحاكم الفعلي للبلاد الذي يدير الشؤون العامة.
في أيار/مايو 2022، مكث العاهل السعودي أسبوعا في المستشفى في جدة حيث خضع لفحوصات طبية من ضمنها إجراء منظار للقولون و"قد كانت النتيجة سليمة"، على ما أفاد الديوان الملكي حينها.
وكان الملك سلمان دخل المستشفى في الرياض في آذار/مارس 2022 لإجراء "فحوصات طبية" و"تغيير بطارية منظم ضربات القلب"، وفق وكالة الأنباء السعودية.
كذلك، خضع في تموز/يوليو 2020 لعملية استئصال المرارة وأُجريت له عام 2010 عملية لمعالجة انزلاق غضروفي في العمود الفقري.
ومنذ تسلّمه الحكم بعد وفاة أخيه الملك عبد الله بن عبد العزيز، تبنّت المملكة السعودية سياسة خارجية "كارثية" ودخلت في حرب اليمن على رأس تحالف عسكري بالإضافة إلى شنّ حملة واسعة على المعارضة.
*الذباب الالكتروني يهيج
وما إن جرى الإعلان عن دخول سلمان بن عبد العزيز إلى المستشفى، حتى هاج الذباب الالكتروني السعودي على منصات التواصل وبالأخص منصة "أكس"، ورفع هاشتاغ "خادم الحرمين الشريفين" و"الملك سلمان بن عبد العزيز" كما أخذ ينشر صوره مرفقة بتعليق "حمداً لله على سلامتك".
*لا ولاء ولا بيعة
وبالتزامن مع هذه الضجة، خرج رجال أمن سعوديون في مقاطع مصورة وهم يرددون: "لا ولاء ولا بيعة لآل سعود.. لو مات الملك سلمان بن عبد العزيز فالشعب السعودي يرفض البيعة لمحمد بن سلمان".
*آلية انتقال الحكم في السعودية
تحدد آلية انتقال الحكم في المملكة العربية السعودية المادة الخامسة في النظام الأساسي للحكم، ونظام "هيئة البيعة" التي أصدر الملك عبد الله بن عبد العزيز قرارا بإنشائها في أكتوبر/تشرين الأول 2006 لتتولى اختيار الملك وولي العهد مستقبلا.
وتنص المادة الخامسة على أن "نظام الحكم في المملكة العربية السعودية ملكي، ويكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم". كما تنص على أنه "يتولى ولي العهد سلطات الملك عند وفاته حتى تتم البيعة".
وكانت المادة تتضمن بندا ينص على أنه "يختار الملك ولي العهد ويعفيه بأمر ملكي"، إلا أنه مع صدور نظام "هيئة البيعة" تم إلغاء هذا البند واستبداله ببند آخر ينص على أنه "تتم الدعوة لمبايعة الملك، واختيار ولي العهد وفقا لنظام هيئة البيعة".
ونصت المادة السادسة من نظام هيئة البيعة على أنه "عند وفاة الملك تقوم الهيئة بالدعوة إلى مبايعة ولي العهد ملكا على البلاد وفقا لهذا النظام والنظام الأساسي للحكم".
*منصب ولي العهد
أما منصب ولي العهد فكان ينبغي اختياره وفقا لآليات معينة حددها نظام "هيئة البيعة"، وتنص المادة السابعة من هذا النظام على أن "يختار الملك بعد مبايعته، وبعد التشاور مع أعضاء الهيئة، واحدا، أو اثنين، أو ثلاثة، ممن يراه لولاية العهد، ويعرض هذا الاختيار على الهيئة، وعليها بذل الجهد للوصول إلى ترشيح واحد من هؤلاء بالتوافق لتتم تسميته وليا للعهد، وفي حالة عدم ترشيح الهيئة لأي من هؤلاء فعليها ترشيح من تراه وليا للعهد".
وبحسب النظام نفسه، فإنه "في حالة عدم موافقة الملك على من رشحته الهيئة، فعلى الهيئة التصويت على من رشحته وواحد يختاره الملك، وتتم تسمية الحاصل من بينهما على أكثر الأصوات وليا للعهد". وأشارت المادة التاسعة إلى أنه يتم اختيار ولي العهد "في مدة لا تزيد على ثلاثين يوما من تاريخ مبايعة الملك".
غير أن خطوات اختيار ولي العهد تم تجاوزها كلها بموجب الأمر الملكي الصادر يوم 27 مارس/آذار 2014، واستحدث بموجبه منصب ولي ولي العهد، وأصبح الأمير مقرن بن عبد العزيز أول من يشغل هذا المنصب، وقضى الأمر ضمنا بتعيين ولي العهد القادم ملكاً (في حال وفاة الملك).
وبحسب الأمر الملكي الصادر آنذاك، جاء تعيين الأمير مقرن ضمن ما تقتضيه المصلحة العامة وبعد موافقة ثلاثة أرباع أعضاء هيئة البيعة (35 عضوا) على القرار.
ونص البيان الملكي الصادر في مارس/آذار 2014 على أنه "لا يجوز بأي حال من الأحوال تعديل القرار أو تبديله بأي صورة كانت من أي شخص كائناً من كان، أو تسبيب، أو تأويل".
ونص الأمر الملكي على أنه "للملك -مستقبلاً- في حال رغبته اختيار ولي لولي العهد أن يعرض من يرشحه لذلك على أعضاء هيئة البيعة، ويَصدُر أمر ملكي باختياره بعد موافقة أغلبية أعضاء هيئة البيعة".
وضمن حزمة أوامر ملكية، عين الملك سلمان نجله محمد بن سلمان يوم 29 أبريل/نيسان 2015 ولياً لولي العهد، خلفا للأمير محمد بن نايف الذي أصبح وليا للعهد، وأعفى بموجبها أخاه الأمير مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد "بناءً على طلبه".
وبموجب تلك القرارات، صار الأمير محمد بن نايف أول حفيد من أحفاد الملك عبد العزيز -مؤسس المملكة- يتولى منصب ولي العهد، والأمير محمد بن سلمان أصغر من تولى منصب ولي ولي العهد.
وجاءت تلك القرارات في إطار حركة انتقال الحكم الجديدة عقب وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز.
ويوم 21 يونيو/حزيران 2017، أصدر الملك سلمان حزمة أوامر ملكية قضت بإجراء تعديل على النظام الأساسي للحكم فيما يتعلق بالملك وولي العهد مستقبلا، وبتعيين نجله محمد بن سلمان وليا للعهد، وإعفاء الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد.
وتضمن الأمر الملكي تعديل الفقرة "ب" من المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم لتكون كالتالي "يكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبد العزيز.. وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم".
وبموجب التعديل أُضيفت جملة تنص على أنه "لا يكون من بعد أبناء الملك المؤسس ملكاً وولياً للعهد من فرع واحد من ذرية الملك المؤسس"، وهو ما يعني أن ملك السعودية القادم إذا لم يكن من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز، وكان من أحفاده، فإن ولي عهده يجب أن يكون من فرع آخر من ذرية الملك عبد العزيز، وأن الملك لو كان من أحفاد الملك عبد العزيز لا يستطيع تعيين نجله وليا للعهد.
وبناءً عليه، وبموجب هذا التعديل فإن محمد بن سلمان حال توليه حكم المملكة مستقبلا لن يستطيع أن يورث الحكم لأحد أنجاله، حيث لا بد أن يكون ولي العهد من فرع آخر (أحد أبناء عمومته على سبيل المثال).
*خلع محمد بن نايف
لم تقف الأمور عند حدود خلع محمد بن نايف، الذي شغل أيضا منصبي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية مع ولاية العهد، بل امتدت إلى وضعه في الإقامة الجبرية في قصره بمدينة جدة، ومنعه من السفر، حسب تقرير صادر عن صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
وفي مارس/آذار الماضي، اعتقلت السلطات السعودية 3 من أفراد العائلة المالكة، وهم: شقيق الملك سلمان الأمير أحمد بن عبد العزيز، ونجله الأمير نايف بن أحمد بن عبد العزيز، والأمير محمد بن نايف، إلى جانب عدد من القيادات العسكرية والأمنية بتهمة التدبير لمحاولة انقلاب تمهيدا للإطاحة بولي العهد، وفق ما رُشح من تسريبات ومعلومات.
وقال مسؤول غربي حينذاك لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه "مع عملية التطهير هذه لم يعد هناك منافس لمنع ولي العهد من الوصول إلى العرش".
بدورها، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بأن الأميرَين أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف اللذَين كانا في الماضي مرشحَين لتولي العرش يواجهان عقوبة السجن مدى الحياة، وصولا إلى احتمال الإعدام.
وتعليقا على تلك الاعتقالات أيضا، قالت المحللة السياسية في مؤسسة راند للدراسات في الولايات المتحدة بيكا فاسر؛ إن "الأمير محمد (بن سلمان) بات أكثر جرأة، فسبق أن أزال أي تهديد أمام صعوده، وسجن أو قتل منتقدين لسلطته من دون أن تكون لذلك أي تبعات".
وأضافت، "هذه خطوة إضافية لتعزيز قوته، ورسالة إلى الجميع، بمن فيهم أفراد العائلة المالكة؛ ألا يقفوا في طريقه".
وحسب تقارير غربية، عزز محمد بن سلمان نفوذه وقبضته على السلطة، عبر اعتقال رجال دين ونشطاء بارزين، بالإضافة إلى أمراء ورجال أعمال نافذين.
ويُعد محمد بن سلمان القائد الفعلي للبلاد، لأنه يسيطر على مفاصل الحكم الرئيسية من الدفاع إلى الاقتصاد، وتُعرف عنه أيضا رغبته في محو آثار أي معارضة داخلية قبل وصوله رسميا إلى العرش.
*اتهامات كاذبة
وفيما يبدو أنه آخر فصول استهداف وتصفية محمد بن نايف السياسية -وربما الجسدية- عبر قرار قضائي، كشفت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أمس -نقلا عن مصادر سعودية وأميركية- عن أن لجنة مكافحة الفساد التابعة لولي العهد السعودي توشك على الانتهاء من تحقيق مفصل في مزاعم فساد وخيانة بحق محمد بن نايف.
وذكرت الصحيفة، أن لجنة مكافحة الفساد تستعد لتوجيه اتهام لولي العهد ووزير الداخلية السابق بالاستيلاء على 15 مليار دولار عندما كان يدير برامج خاصة بمكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية، وذلك من خلال شبكة من الشركات والحسابات الخاصة.
ونقلت الصحيفة -عن مصدر سعودي خاص لم تُسمِّه- أن المحققين طالبوا محمد بن نايف بتسديد مبلغ 15 مليار دولار يزعمون أنه استولى عليها.
وتقول اللجنة، إن محمد بن نايف قام بتحويل الأموال المذكورة بشكل غير قانوني عبر شركات وهمية وحسابات خاصة، لكن الصحيفة أشارت -في المقابل- إلى أن وثائق اطلعت عليها من مقربين من محمد بن نايف تبين أن الاتهامات الموجهة له كاذبة.
والواقع أن محمد بن نايف لم يكن هو وحده من واجه ضغوطا ومضايقات كهذه في أوساط عائلة الحكم؛ فقد سبق للسلطات السعودية أن شنت حملة اعتقالات عام 2017 للعشرات من رموز العائلة الحاكمة، بالإضافة إلى وزراء ورجال أعمال، واحتجزتهم جميعا في فندق ريتز كارلتون في العاصمة الرياض بأوامر من ولي العهد السعودي، قبل أن توجه -في وقت لاحق- اتهامات بالفساد والكسب غير المشروع لعدد كبير منهم، وتم التوصل إلى تسويات مالية مع بعضهم.