هل هي شرارة انتفاضة ثالثة؟ غضب كبير بالضفة الغربية عقب استشهاد "أبو شجاع" قائد كتيبة طولكرم.. تعرف على التفاصيل
انفوبلس..
منذ أشهر، ومع بدء حراك المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، بدأت وسائل إعلام العدو الإسرائيلي بالتحذير من "انتفاضة ثالثة" مذكرةً الصهاينة ما عانوه خلال الانتفاضة الثانية، ولعل استهداف قائد كتيبة طولكرم أبو شجاع واغتياله بعد عامين من الملاحقة سيكون الشرارة الكبرى لتلك الانتفاضة، فماذا نعرف عن انتفاضات الضفة؟ ومن هو الشهيد أبو شجاع؟
في صباح يوم الخميس الماضي، تمكنت قوة إسرائيلية -وبتوجيه من الشاباك– من اغتيال محمد جابر الملقب "أبو شجاع" في مخيم نور شمس بطولكرم بعد محاصرته رفقة 4 من أفراد كتيبة طولكرم، فيما أُصيب المطارد محمد قصاص قائد الكتيبة وأحد مؤسسيها وأعلن الاحتلال عن اعتقاله.
وفي تفاصيل العملية التي أعلن عنها الجيش الإسرائيلي على منصة إكس، حاصرت وحدة من قوة اليمام "أبو شجاع" وعددا من المقاومين في مبنى ملاصق لمسجد في مخيم طولكرم، وبعد اشتباك مسلح تمكنت من قتله رفقة 4 آخرين.
ونجا الشهيد من عدة عمليات اغتيال كان أشهرها في أبريل/نيسان الماضي، بعد اقتحام طويل لمخيم نور شمس كانت إسرائيل أعلنت فيه اغتياله، لكنه خرج بعد انسحاب جيشها وظهر أمام أهالي المخيم خلال عملية تشييع شهداء في ذلك الاقتحام.
وتنسب إسرائيل الفضل لأبو شجاع في تصاعد العمل المسلح في الضفة بشكل عام وفي طولكرم بشكل خاص، وفي مجموعة من العمليات الفردية لإطلاق النار وتركيب وتجهيز العبوات الناسفة. وزعم جيش الاحتلال أن هذا الاغتيال "حدث مهم" في إطار العملية العسكرية الحالية في نور شمس. وأنه "أحد إنجازاته التي يسعى لتحقيقها".
وكانت إسرائيل أعلنت -عبر إذاعة الجيش- عن "استخدام استراتيجية جديدة في الحد من عمل المجموعات المسلحة في الضفة، والوصول إلى المقاومين، من خلال العملية العسكرية الموسعة التي بدأتها الأربعاء الماضي". وقالت إن هدفها الأساسي هو "إزالة خطر المقاومة والعبوات الناسفة في الضفة، وإنها تتمثل في تطويق المستشفيات في الضفة، وقطع الطرق بين المدن المختلفة لضمان عدم تنقل المقاومين المسلحين".
ومع ساعات الفجر، نشر جيش الاحتلال صورة لمحمد جابر (أبو شجاع)، تظهر فيها إصابته في الرأس، وعلى الفور تفاعل الناس مع خبر الاغتيال وانتشرت بشكل واسع على وسائل التواصل صور الشهيد، مع عبارات تمجيده وفترة "جهاده" ومطاردته.
وذكر شاهد عيان -رفض الكشف عن اسمه- أن "أبو شجاع اشتبك مع جنود الاحتلال من نقطة الصفر، واستطاع إيقاع إصابات بينهم دون أن يستطيعوا التعرف عليه، لكن بعد وقت، ضربوه بالقنابل اليدوية، وأطلقوا تجاهه رصاصا من عيار 250، مما أدى لاستشهاده".
ويأتي اغتيال أبو شجاع في وقت يعاني منه أهالي مخيم نور شمس من اقتحام واسع، وعمليات مداهمات المنازل وإجبار بعض العائلات على الخروج، واعتقال الشباب وتحويلهم إلى نقطة تحقيق ميداني.
وقال مهند جابر -أحد سكان المخيم- إن "أبو شجاع قائد كبير، نحن نعتبره قائد أركان الكتيبة في الضفة، خبر اغتياله موجع جدا وصادم، وهو خسارة كبيرة للمخيم وطولكرم ككل". وتحدث علي العلي عن صفات الشهيد وقال" كان شجاعا، يرفض تغطية وجهه والتخفي، كان يعتبر الشهادة هدفا، وكان مقاتلا شرسا وقناصا بارعا".
ويحظى أبو شجاع بإجماع جماهيري كبير، ويعتبره عدد من الشبان قدوتهم وحالة مختلفة للمقاوم المطارَد، واستطاع خلال شهور من المطاردة اكتساب قبول ومحبة الناس وتأييدهم. وتمثل ذلك في الدفاع عنه من محاولات اعتقاله من الأمن الفلسطيني التي كان آخرها محاصرته في "مستشفى ثابت ثابت"، فتوجهت أمهات الشهداء في المخيم لفك الحصار عنه ومنع الأمن والشرطة الفلسطينية من اعتقاله.
ولم يكن وقع اغتيال أبو شجاع كبيرا على أهالي محافظة طولكرم فحسب، حيث لاقت الحادثة تفاعلا واسعا بين فئات مختلفة من الشعب الفلسطيني في مدن الضفة. ونعت فصائل العمل الوطني والإسلامي في طولكرم -عبر مكبرات الصوت- شهداء مخيم نور شمس وطولكرم، وأعلنت الحداد والإضراب الشامل في كافة المحافظة.
وأبو شجاع، هو لقب محمد جابر (26 عاما) أحد أبرز قادة كتيبة طولكرم الجناح العسكري لسرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي. شارك الشهيد في الأنشطة المناهضة للاحتلال الإسرائيلي وهو لا يزال في سن مبكرة، فتعرض للاعتقال في السجون الإسرائيلية وعمره 17 عاما.
ثم اعتُقل مجددا مرتين إضافيتين قضى بموجبهما نحو 5 سنوات في السجن، كما اعتُقل مرتين في سجون الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية. وتحت قيادته، توسعت الكتيبة فضمت إلى صفوفها مزيدا من الشباب المقاوم، حتى قُدر عدد عناصرها في سبتمبر/أيلول 2022 بحوالي 40 فردا مجهزين.
ولم يصدق أحد ادعاء الاحتلال باغتيال "أبو شجاع" إلا بعد أن نشر صورته مضرجاً بدمائه، وكرّس إعلام الاحتلال مختلف وسائل إعلامه التي خرجت بعنوان "قتلنا قائد كتيبة طولكرم" للإشادة بإنجاز جيشه باغتيال مقاوم من مواليد 1998، لم يحظَ بأي تدريب عسكري، حاله كحال جميع المقاومين من جيله في مخيمات الضفة الغربية المحتلة، ومع ذلك وبقدرات ذاتية استطاعوا إرهاق الاحتلال، و"زعزعة استقراره في الضفة"، على حد تعبير جيش الاحتلال. ويقول والده سامر جابر: "تأكدنا من اغتيال ابني (أبو شجاع) من الإعلام العبري، الذي قام بنشر صورته، ليؤكد إنجازه بعد محاولاته الفاشلة السابقة".
لم يدرس "أبو شجاع" الهندسة، لأن الاحتلال اعتقله بعمر 17 عاماً، لكنه أصبح "مهندس العبوات المتفجرة" في كتيبة "طولكرم"، وامتلك استراتيجية تقوم على "إيقاع أكبر خسائر بالعدو بأقل خسائر بشرية من المقاومين"، كما يوضح أحد رفاقه. ولم يترك الاحتلال "أبو شجاع"، وهي كنية أطلقها على نفسه حين كان مراهقاً، ليعيش حياته مثل أي مراهق، حيث اعتقله وهو لم يكمل عامه السابع عشر، وحكم عليه بالسجن عامين ونصف العام، ليتحرر عام 2017، وأمضى فترة قصيرة خارج المعتقلات، قبل أن يُعتقل مرة أخرى ويمضي عامين ونصفاً أيضاً، أي ما مجموعه خمس سنوات.
رغم ذلك، أصر "أبو شجاع"، بعد تحرره على الانخراط بموجة المقاومة التي كانت قد بدأت عام 2021 التي قادها شبان في عمره، وأسسوا كتائب المقاومة منذ ذلك الحين، مثل الشهيد جميل العموري المعروف بـ"مجدد الاشتباك"، وأحد مؤسسي كتيبة "جنين"، ليؤسس "أبو شجاع" مع الأسير المحرر الشهيد سيف أبو لبدة الكتيبتين التوأم "طولكرم ونور شمس"، وخلال ذلك الوقت جرى اعتقاله مرتين في سجون السلطة الفلسطينية، ليصبح المطلوب الأول للاحتلال.
وتأسست كتيبة "نور شمس" في مارس/آذار 2022، بعد أن شارك "أبو شجاع" في تشكيل نواتها العسكرية الأولى في طولكرم برفقة الشهيد أبو لبدة، الذي أخذ على عاتقه تأسيس الكتيبة ثأراً للشهيد عبد الله الحصري، الذي استُشهد برصاص قناص إسرائيلي خلال اقتحام الاحتلال مخيم جنين في الأول من مارس/آذار 2022.
ولم يكن لـ"أبو شجاع" أي أحلام خاصة، بل كل ما كان يفكر به هو التحرير، وأن أي أحلام خاصة يمكن تأجيلها إلى ما بعد التحرير، كما يؤكد والده. وحتى بعد أن اغتال الاحتلال شقيقه محمود أحد عناصر "كتيبة طولكرم"، في ديسمبر/ كانون الأول 2023، لم يتوقف "أبو شجاع" عن المقاومة، ولاحقاً اعتقل الاحتلال شقيقيه لفترات متفاوتة، وما زال أحدهما حتى الآن معتقلاً.
ويقول والده: "دمر الاحتلال منزلنا في 21 مارس/ آذار الماضي، ولم يعد صالحاً للسكن، ومنذ ذلك الحين ونحن نعيش عند أقاربنا متفرقين، أي زوجتي وابنتي في بيت أحد الأقارب، وأنا وابني الصغير في بيت قريب آخر، وابن في المعتقل، واثنان شهداء، أي نحن الآن مشتتون".
دفعت عائلة أبو شجاع فاتورة كبيرة بسبب انخراط أبنائها في المقاومة، ولم يشفع للوالد الذي أمضى من عمره 29 عاماً بالعمل ضابطاً في الشرطة الفلسطينية؛ أي منذ تأسيس السلطة، حيث قامت السلطة بوقف راتبه منذ أكثر من أربعة أشهر عقاباً له لأنه والد "أبو شجاع". ويقول والده: "حاولت أجهزة أمن السلطة اعتقال (أبو شجاع) قبل أربعة أشهر، ونجا بأعجوبة، فيما استُشهد رفيقه معتصم العارف، وحينها انتقدت السلطة لقيامها بذلك، فما كان منهم إلا أن قاموا بقطع راتبي".
ويتابع: "ليس الانتقاد هو سبب قطع راتبي، وإنما السبب الأصلي أن ابني مقاوم، السلطة لا تريد لأحد أن يقاوم الاحتلال لأن ذلك ضد مشروعها، وأنا ابني أغلى من الراتب، ويساوي عندي العالم كله". ويؤكد والده أن "ما زاد من غضب السلطة هو عندما كتبت بحسابي على (الفيسبوك) أنني أعمل ضابطاً في الشرطة منذ 29 عاماً، وليس لدي أي مشاكل في عملي، وتم قطع راتبي لأن لدي ابناً شهيداً وثانياً أسيراً وثالثاً مقاوماً مطارداً"، معقباً بالقول: "الغريب أنني من مؤسسي هذه السلطة".
لقد كان أكثر ما يؤلم والد "أبو شجاع"، حسب قوله: "حملات التشويه المنظمة التي طالت ابنه، واتُهم فيها بكل الاتهامات السيئة من العمل مع الاحتلال وتجارة المخدرات". يُذكر أن هذه التهم وحملات التشويه المنظمة التي يقودها ذباب إلكتروني وشخصيات معروفة قريبة من السلطة الفلسطينية باتت أمراً شائعاً في السنوات القليلة الماضية، وتطال جميع المقاومين بلا استثناء.
وجاء في آخر منشور لـ"أبو شجاع" على موقع "فيسبوك" في 15 أغسطس/ آب الماضي: "بالنسبة لي لا أظن أن يتعافى قلبي على الإطلاق، وسأبقى أشعر بالتقصير مدى الحياة، رغم أنني لا أملك فعل شيء ولم أفعله، ولكن لا يمكنني أيضاً طرد شعور سيئ ينتابني كلما رأيت تضحيات الآخرين وما أصابهم، أرى اعتقالي ومطاردتي وخسارتي لمنزلي وبعدي عن أهلي وفقد أخي محمود وعدد من المقربين مني أموراً عابرة مقابل طفل فقد أمه، أو أب فقد طفله، أو أسير سيمضي في زنزانته عقوداً ويحرم منه أبناؤه".
حركة الجهاد الإسلامي أكدت أن استشهاد "أبو شجاع" قائد كتيبة طولكرم التابعة لسرايا القدس وأحد مؤسسيها الأوائل، لن يجتث المقاومة في الضفة الغربية المحتلة.
وأضافت، في بيان، أن "أبو شجاع" قرر مواجهة الاحتلال ببسالة مع إخوانه، لرفع الظلم عن أهلهم، مدركا أن مواجهة العدو، أيا كان ثمنها، أهون بكثير من العيش في ظل احتلال مجرم.
وأدانت حركة الجهاد الإسلامي ما اعتبرته "تآمرا عالميا" يوفر للاحتلال فرصة للاستفراد بالشعب الفلسطيني وارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحقه، مما يجعل المتواطئين والصامتين شركاء في هذه الجريمة.
ونعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في بيان، القائد "أبو شجاع" وكافة شهداء الشعب الفلسطيني، مؤكدة أن استمرار عدوان الاحتلال على الضفة لن يكسر المقاومة.
وكرد أولي على استشهاد "أبو شجاع" ورفاقه، أعلنت كتيبة طولكرم بسرايا القدس أنها أوقعت قوة مشاة إسرائيلية في كمين بمحور المنشية وحققت إصابات.
وحول مخاوف الاحتلال وإعلامه من انتفاضة فلسطينية ثالثة، فقد اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية أو انتفاضة الأقصى، في 28 سبتمبر/أيلول عام 2000 وتوقفت فعلياً في 8 فبراير/شباط 2005 بعد اتفاق الهدنة الذي عقد في قمة شرم الشيخ والذي جمع الرئيس الفلسطيني المنتخب حديثاً في حينها محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون، وتميزت هذه الانتفاضة مقارنة بسابقتها بكثرة المواجهات مسلحة وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، راح ضحيتها حوالي 4.412 فلسطينيًا و48.322 جريحًا.
وأما خسائر الجيش الإسرائيلي تعدادها 334 قتيل من الجيش وعناصر الأمن ومن المستوطنين 735 قتيل، وليصبح مجموع القتلى والجرحى الإسرائيليين 1.069 قتيل و4.500 جريح، وعطب 50 دبابة من نوع ميركافا ودمر عدد من الجيبات العسكرية والمدرعات الإسرائيلية. ومرت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة خلالها بعدّة اجتياحات إسرائيلية منها عملية الدرع الواقي وأمطار الصيف والرصاص المصبوب.
كانت شرارة اندلاع الانتفاضة دخول زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك أرئيل شارون إلى باحة المسجد الأقصى برفقة حراسه، الأمر الذي دفع جموع المصلين إلى التجمهر ومحاولة التصدي له، فكان من نتائجه اندلاع أول أعمال العنف في هذه الانتفاضة.
ويعتبر الطفل الفلسطيني «محمد الدُرّة» رمزًا للانتفاضة الثانية فبعد يومين من اقتحام المسجد الأقصى، أظهر شريط فيديو التقطه مراسل قناة تلفزيونية فرنسية في 30 سبتمبر/أيلول 2000، مشاهد إعدام للطفل (11 عامًا) الذي كان يحتمي إلى جوار أبيه ببرميل إسمنتي في شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة.
تميزت الانتفاضة الثانية بكثرة المواجهات بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، وتصاعدت وتيرة الأعمال العسكرية بين الطرفين، فنفذت الفصائل الفلسطينية العديد من العمليات الاستشهادية داخل المدن الإسرائيلية، فاستهدفت نقاط التفتيش الأمنية والمطاعم والحافلات، فتسببت بمقتل مئات الإسرائيليين، ووصلت ذروته عام 2002 بمعدل 22 من الوفيات شهرياً.
يعتبر الكثيرون قمة شرم الشيخ في 8 فبراير 2005 نهاية الانتفاضة الثانية. باتفاق الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون على أن جميع الفصائل الفلسطينية ستوقف جميع أعمال العنف ضد الإسرائيليين في كل مكان، بينما توقف إسرائيل كل نشاطها العسكري ضد الفلسطينيين في كل مكان. كما أكدوا مجدداً التزامهم بخريطة الطريق لعملية السلام. وافق شارون على إطلاق سراح 900 أسير فلسطيني من بين 7500 محتجز في ذلك الوقت، والانسحاب من مدن الضفة الغربية التي أُعيد احتلالها خلال الانتفاضة، إلا أن مراقبين يرون أن الانتفاضة الثانية لم تنته لعدم توصل الفلسطينيين والإسرائيليين إلى أي حل سياسي، واستمرار المواجهات في مدن الضفة.
وحول ظروف ما قبل الانتفاضة الثانية، فإنه بدءاً من نهاية عام 1999 ساد شعور عام بالإحباط لدى الفلسطينيين لانتهاء الفترة المقررة لتطبيق الحل النهائي بحسب اتفاقيات أوسلو والشعور بالإحباط بسبب المماطلة وجمود المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بعد مؤتمر قمة كامب ديفيد، وتوضّح أن محاولة إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة فرض حل على الفلسطينيين بعيداً عن قرارات الشرعية الدولية (242، 338، 1397)، ذلك بالإضافة إلى عدم تطبيق الصهاينة إسرائيل للعديد من الجوانب التي تم الاتفاق عليها في أوسلو أو الاتفاقيات والمفاوضات اللاحقة. واستمرار الصهاينة إسرائيل في سياسة الاغتيالات والاعتقالات والاجتياحات لمناطق السلطة الفلسطينية ورفض الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. بالإضافة إلى استمرار بناء المستوطنات واستبعاد عودة اللاجئين واستبعاد الانسحاب لحدود حزيران 1967، جعل الفلسطينيين متيقنين بعدم جدوى عملية السلام للوصول إلى تحقيق الاستقلال الوطني.
بالجانب الإسرائيلي، طبق بنيامين نتنياهو بعض ما في اتفاق واي ريفر/١ ولم يطبق بعضه الآخر، فاستلم الحكم حزب الليكود بزعامة إيهود باراك واستأنف عملية السلام، فلجأ إيهود باراك إلى رأي المستوطنين المعتدلين، وحصل على اتفاق لتفكيك 12 بؤرة استيطانية جديدة تم بناؤها منذ اتفاقية واي ريفر في تشرين الثاني (نوفمبر) 1998، لكن التوسيع المُستمر للمستوطنات القائمة مع وجود خطط لبناء 3000 منزل جديد في الضفة الغربية، قوبلت بإدانة شديدة من القيادة الفلسطينية. على الرغم من السماح بالبناء داخل المستوطنات القائمة بموجب اتفاقيات أوسلو، إلا أن المؤيدين الفلسطينيين يؤكدون أن أي بناء مستمر يتعارض مع روحها، وأضر بنتيجة مفاوضات الوضع النهائي، وقوض ثقة الفلسطينيين في رغبة باراك في السلام. تعثرت عملية السلام وانطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، فاستغل باراك تفجيرات 11 سبتمبر ليجعل من حرب أميركا على الإرهاب حربا على كل اتفاقات السلام المعقودة مع الفلسطينيين.