وزنها يقارب الطن.. لماذا زودت واشنطن تل أبيب بـ 15 ألف قنبلة من نوع BLU-109؟ وهل ستتحمل الولايات المتحدة جرائم العدوان على غزة ضمناً؟
انفوبلس/..
قنابل ثقيلة خارقة للحصون وعشرات الآلاف من الذخائر والقذائف للمدفعية، زودت الولايات المتحدة الأمريكية بها الكيان الإسرائيلي، في خطوة لا تدل إلا على دعم العدوان الصهيوني في حربه على غزة، كجزة من المشاركة في إبادة الشعب الفلسطيني، فيما حمّل مراقبون واشنطن مسؤولية الجرائم المرتكبة في القطاع الذي أصبح منكوباً.
*أمريكا تمدّ الاحتلال بالأسلحة المحرّمة
ذكر تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن الولايات المتحدة زودت الاحتلال الإسرائيلي بقنابل كبيرة خارقة للتحصينات، من بين عشرات الآلاف من الأسلحة الأخرى وقذائف المدفعية، للمساعدة في العدوان على قطاع غزة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين قولهم، إن ما يقرب من 15 ألف قنبلة و57 ألف قذيفة مدفعية، أرسلتها الولايات المتحدة إلى كيان الاحتلال بعد وقت قصير من هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول واستمرت في الأيام الأخيرة. ولم تكشف الولايات المتحدة سابقاً عن العدد الإجمالي للأسلحة التي أرسلتها إلى إسرائيل، ولا عن نقل 100 قنبلة BLU-109، وهي قنبلة خارقة للتحصينات تزن 2000 رطل.
ويُظهر الجسر الجوي، ذخائر بمئات الملايين من الدولارات، خاصة على متن طائرات شحن عسكرية من طراز C-17 تحلّق من الولايات المتحدة إلى تل أبيب، وتحث الولايات المتحدة حليفها الأكبر بالمنطقة على النظر في منع وقوع خسائر كبيرة بصفوف المدنيين أثناء إمدادها بالعديد من الذخائر المنتشرة.
ويقول بعض المحللين الأمنيين، إن عمليات نقل الأسلحة يمكن أن تقوّض ضغوط الإدارة على إسرائيل لحماية المدنيين. وقال بريان فينوكين، أحد كبار المستشارين في مجموعة الأزمات الدولية غير الربحية، والمحامي المستشار السابق في وزارة الخارجية: "يبدو أن هذا يتعارض مع النصائح الواردة من الوزير بلينكن وآخرين لاستخدام قنابل ذات قُطر أصغر".
*تفاصيل BLU-109
أطلقت القوات الجوية الأمريكية قنبلة BLU-109، في الثمانينيات، وهي قنبلة موجهة بدقة تهدف إلى تدمير الأهداف ذات التحصين العالي، تعتمد قوتها على توجيه دقيق بفضل أنظمة الملاحة والتحكم بالصواريخ عبر GPS، مما يسمح لها بتحقيق دقة متناهية في الضرب.
يبلغ وزن قنبلة BLU-109 حوالي 2000 رطل، ويصل طولها 3.8 أمتار، تتميز بقدرتها التدميرية الكبيرة بفضل شحنتها الانفجارية من مادة التريتونال، مما يجعلها قادرة على تحقيق أضرار هائلة في الهياكل والمباني.
تجدر الإشارة إلى أن قنبلة BLU-109 لاقت استخداماً واسعاً في عمليات عسكرية، مثل حرب الخليج الثانية وحرب أفغانستان وحرب العراق 2003، حيث أظهرت فعالية كبيرة في تدمير الأهداف المحصّنة، ويتم استخدامها بشكل رئيسي ضد المخابئ والمباني المدرعة، وأي هدف يتطلب قدرة تدميرية فائقة.
يحمل الصاروخ BLU-109 رأساً حربياً يبلغ وزنه 2000 رطل، وهو مصمم لاختراق الملجأ الخرساني. ويقول محللون عسكريون إنّ نقل القنابل الكبيرة إلى إسرائيل يوضح الخيارات التي تواجه الجيش الإسرائيلي في محاولته القضاء على حماس في غزة، وهي شريط صغير مكتظ بالسكان من الأرض يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني. وحثت إسرائيل أكثر من مليون مدني على مغادرة الجزء الشمالي من قطاع غزة لمنح جيشها حرية أكبر هناك، لكن عشرات إن لم يكن مئات الآلاف من المدنيين بقوا في المنطقة.
*عكس أوكرانيا
وعكس أوكرانيا، حيث نشرت الولايات المتحدة تحديثات منتظمة حول بعض الأسلحة التي قدّمتها لدعم حرب كييف ضد الغزو الروسي، لم تكشف واشنطن سوى القليل عن عدد وأنواع الأسلحة التي أرسلتها إلى إسرائيل خلال الصراع الحالي. ويقول المسؤولون الأمريكيون إن عدم الكشف عن هذه الأسلحة نتيجة جزئية لحقيقة أن الأسلحة الإسرائيلية تأتي من خلال آلية مختلفة، وضمن تلك المبيعات العسكرية. وتُعد إسرائيل أيضاً واحدة من أكبر المستفيدين من المساعدات العسكرية الأمريكية، حيث تتلقى 3.8 مليارات دولار سنوياً.
واستخدمت الولايات المتحدة ترسانة المدفعية والقنابل وغيرها من الأسلحة والمعدات العسكرية في العراق وأفغانستان وسوريا والصومال وليبيا، من بين أماكن أخرى، عادةً لاستهداف مجموعات كبيرة من قوات العدو المتجمعة.
وقال ميك مولروي نائب مساعد وزير الدفاع السابق والضابط في مشاة البحرية ووكالة المخابرات المركزية: "إنها نوع من الأسلحة المفضلة للمعارك التي خضناها في أفغانستان وسوريا بالمناطق المفتوحة غير الحضرية. قد تستخدمها الولايات المتحدة في مزيد من المناطق الحضرية، لكنها ستجري أولاً كثيراً من التحليل للأهداف؛ للتأكد من أن الهجوم كان متناسباً ويستند إلى الضرورة العسكرية".
ومن بين الذخائر التي نقلتها الولايات المتحدة إلى إسرائيل أكثر من 5000 قنبلة غير موجهة أو "غبية" من طراز Mk82، وأكثر من 5400 قنبلة ذات رؤوس حربية من طراز Mk84 تزن 2000 رطل، ونحو 1000 قنبلة ذات قطر صغير من طراز GBU-39، ونحو 3000 قنبلة JDAM، التي تحول القنابل غير الموجهة إلى قنابل موجهة، القنابل "الذكية"، وفقاً لقائمة داخلية للحكومة الأمريكية للأسلحة التي وصفها المسؤولون الأمريكيون لصحيفة وول ستريت جورنال.
*تناقض في السياسات والخطابات الأمريكية
كما لاحظ المراقبون تناقضًا كبيرًا في السياسات والخطابات الأمريكية تجاه الصراع في أوكرانيا، حيث تدعم واشنطن بشكل علني جهود ومطالبات كييف بحماية المدنيين ومعاقبة روسيا على انتهاك القوانين الدولية. بينما تُبدي تواطؤاً صارخاً مع إسرائيل في استخدام القوة المفرطة وأسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين في غزة.
ووفقًا للتقرير، فإن بعض المستشارين يرون أن نقل الأسلحة الثقيلة وبعيدة المدى إلى إسرائيل قد يؤدي إلى تقويض الضغوط الأمريكية عليها، بتجنب الخسائر في صفوف المدنيين والالتزام بالقانون الدولي.
*مأساة بإمضاء أمريكي
وبالفعل استخدم جيش الاحتلال بعض السلاح الأمريكي، وتحديدًا القنابل ذات الحمولات الثقيلة من نوع BLU-109، في غارات جوية مدمرة على أحياء سكنية في غزة، أسفرت عن سقوط مئات الضحايا من المدنيين بين قتيل وجريح.
ومن بين أبرز تلك الهجمات، الغارة التي دمرت بناية سكنية بكاملها في مخيم جباليا شمال غزة، مخلفةً أكثر من 100 شهيد، في حين اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي باستخدام القنابل الأمريكية ذات الحمولات الثقيلة في الغارة، مبررًا ذلك باستهداف أحد قيادات حركة حماس.
*تواطؤ أمريكي
لكن الخبراء العسكريون انتقدوا استخدام مثل هذه الأسلحة القاتلة في بيئة سكنية مدنية، مؤكدين أنها مصممة في الأساس لاختراق المخابئ والملاجئ الخرسانية العميقة، ولا تتناسب مطلقًا مع طبيعة المعركة داخل المدن والأحياء السكنية.
مع ذلك، ظلت إدارة بايدن طيلة العملية العسكرية وما تلاها من أحداث عنيدة في رفضها الدعوات المتكررة من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية وحتى بعض حلفاء الولايات المتحدة، بضرورة فرض وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة.
بل على العكس من ذلك، أكدت واشنطن في عدة مناسبات دعمها الكامل وغير المشروط للعملية العسكرية الإسرائيلية، وحق الدفاع عن النفس. الأمر الذي أضاف شكوكًا واسعة بشأن مصداقية الجهود الأمريكية للتوصل إلى تهدئة دائمة في غزة، وسط اتهامات متبادلة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل حول انتهاكات التهدئة المؤقتة التي سبق وأن أُعلنت.