وفاة "غازي عز الدين" في سجون الأمن الإماراتي بعد تعرُّضه للتعذيب.. ولبنان يشتعل غضبا على فعلة أبو ظبي
انفوبلس/..
أثارت أنباء وفاة المغترب اللبناني "غازي عز الدين" أثناء احتجازه لدى السلطات الأمنية في دولة الإمارات أثارت موجة واسعة من الغضب عبر مواقع التواصل في لبنان.
ووجّه نشطاء اتهامات لجهات الأمن الإماراتية بقتل الرجل اللبناني بناءً على ما تناقلته صُحف لبنانية من أن السلطات رفضت تسليم الجثة أو الكشف عنها باستثناء الوجه ودفنتها ليلاً، فيما لم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي من الجانب الإماراتي ولا اللبناني حول ملابسات وفاة غازي عز الدين، الأمر الذي زاد من غضب رواد مواقع التواصل في لبنان، الذين استنكروا عدم تحرّك حكومة بلادهم.
وبحسب ما نشرته صحف لبنانية، فقد توفي غازي عز الدين، البالغ من العمر 55 عاماً، الموقوف في الإمارات منذ منتصف آذار الماضي، في الرابع من أيار أثناء اعتقاله، مع اثنين من أشقائه، لدى السلطات الأمنية.
وتلقت عائلته ليل الأربعاء الماضي اتصالاً من مركز التحقيق الأمني في إمارة أبو ظبي لإبلاغها بوفاته وطُلب من نجله الحضور للتعرّف على الجثة إلا أن عناصر الأمن، بحسب شقيق عز الدين، لم يسمحوا لابن الضحية برؤية أي جزء من الجثة باستثناء الوجه للتأكد من أنها تعود لوالده.
ويرجع أن يكون قد قضى تحت التعذيب، وإجراءات دفن الجثة تمت عند العاشرة ليلاً، ورفض الكشف عليها أو تسليمها إلى ذويه لنقلها إلى لبنان ترجّح فرضيّة تعرّض عز الدين للتعذيب أثناء التحقيق ما أدى إلى وفاته.
ردود فعل شعبية بدون تحرك رسمي
وتوالت ردود الفعل الغاضبة من قبل نشطاء لبنانين حول هذه الأنباء، وعبّروا عبر وسوم مثل #غازي_عز_الدين و #موقوفو_الإمارات عن حزنهم وغضبهم لأنباء "مقتل" المغترب اللبناني، واتهموا السلطات الإماراتية بـ"قتله تحت التعذيب".
ردّة الفعل الغاضبة على منصات التواصل بعد انتشار خبر "وفاة" غازي عز الدين لم يُترجم حتى اللحظة بأي تحرّك أهلي أو رسمي، ولا حتى بكتاب إلى السفير الإماراتي في بيروت لاستيضاحه تفاصيل هذه القضية.
ويستمر الصمت الرسمي الذي يقابله جرح أهليّ لا يعرف الناس آليات التعبير عنه بعد يأسهم من تحقيق أي نتيجة بالضغط على "الدولة" لتتدخّل عبر وزارة الخارجية وتستطلع أمور مواطنين معتقلين في دولة "صديقة".
النشاط الأهلي تواصل واستمر من شهور عديدة، ولم يترك أهالي المعتقلين وبعض الناشطين أيّ باب لم يطرقوه بلا نتائج أو تفاعل ومتابعة للقضية.
مصير المعتقلين اللبنانيين في السجون السريّة الإماراتية مجهول، وهم بخطر التعرّض للقتل تمامًا كما حدث مع غازي، ولاسيما الذين لم يخضعوا بعد للمحاكمة ولم تصدر بحقهم اللوائح الاتهامية، أي لم تخرج ملفات اعتقالهم بعد إلى العلن.
دعوات لكشف الملابسات
وقد تداول مغرّدون تقريرا للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقرّه جنيف، دعا فيه السلطات الإماراتية إلى "كشف الملابسات الكاملة وفتح تحقيق فوري وشفاف في وفاة لبناني محتجز لديها بظروف لا تبدو طبيعية."
كما ذكر المرصد الأورومتوسطي في بيانه الصادر أمس، أنه "حصل على إفادة تشير إلى احتمالية وفاة عز الدين بعد تعرّضه للتعذيب أثناء تحقيق الأمن الإماراتي".
إلا أنه شدد في البيان على أنّه "لم يتسنَّ التأكد من تلك التقارير على نحو محايد حتى الآن".
ونشر حساب "مركز الإمارات لحقوق الإنسان" تغريدة تتهم أجهزة الأمن في الإمارات بالمسؤولية عن وفاة غازي عز الدين.
عائلته تواصلت مع نبيه بري
شقيق الضحية ، أشار إلى أن عائلة الضحية تواصلت مع رئيس مجلس النواب، نبيه بري، للمطالبة بتدخله لدى سلطات الإمارات لاستعادة الجثمان، وقد استمهل بعض الوقت لإجراء الاتصالات اللازمة.
وفاة عز الدين، في ظروف غامضة في مكان توقيفه، أعادت تسليط الضوء على ملف الموقوفين اللبنانيين في سجون الإمارات، حيث إن المفاوضات للإفراج عنهم شهدت جموداً في الأشهر الماضية، بعدما أثمرت في شباط 2021 الإفراج عن 11 لبنانياً.
وفيما كان من المنتظر الإفراج عن دفعة ثانية، سجلت توقيفات جديدة. إلا أن الإفراج عن حسين نحال ونجله محمد في أيلول الماضي بعد توقيف لأربعة أشهر، اعتُبِر بادرة حُسن نيّة لإعادة تحريك المفاوضات.
الدفعة الأخيرة من الموقوفين التي سجلت في آذار الماضي، بدأت بتوقيف إبراهيم س. الموظف في مكتب غازي عز الدين ثم أعقبه توقيف رضا ص. قبل أن يُعتقل الأشقاء الثلاثة وأربعة من آل عز الدين وأقرباء لهم.
وإضافة إلى الموقوفين الجُدد، لا يزال هناك ثمانية محكومين بعضهم حُكِم عليه بالسجن المؤبد. علماً أن ملف موقوفي الإمارات بدأ عام 2013، فيما كان الترحيل على خلفية شبهات أمنية بدأ عام 2009 مع ترحيل عشرات اللبنانيين من دون سابق إنذار، قبل أن تُعاد الكرّة عام 2015.
العفو الدولية تطالب بالتحقيق
وطالبت منظمة العفو الدولية الجمعة السلطات الإماراتية بالتحقيق في وفاة لبناني كان موقوفا في الإمارات، مشيرة إلى أن السلطات رفضت تسليم جثته لعائلته لدفنها في بيروت.
وخلال شهر آذار وحده، أوقفت السلطات الإماراتية عشرة لبنانيين ينتمون إلى الطائفة الشيعية من دون أن توجه لهم أي اتهامات، بحسب ما قالت "سيما والتينغ" من منظمة العفو.
ومن بين هؤلاء غازي عز الدين (50 عاماً) الذي أُوقِف في 22 آذار مع شقيقيه.
وقال متحدث باسم لجنة الموقوفين اللبنانيين في الإمارات أبو الفضل شومان إن "غازي توفي قيد الاعتقال في الرابع من أيار".
ولم تُبلَّغ العائلة بوفاة غازي الذي كان يقطن منذ أكثر من 30 عاماً في الإمارات، إلا بعد خمسة أيام على وفاته.
وقالت والتنيغ: "يبدو أن السلطات الإماراتية تحاول إخفاء السبب الحقيقي للوفاة والتستّر على القضية".
واعتبرت والتينغ، إنه "من المُريب للغاية أن تسمح السلطات لابن غازي بالتعرّف عليه عبر إظهار وجهه فقط، فضلاً عن رفضها تسليم الجثة إلى الأُسرة لإعادتها ودفنها في لبنان، وأن تقوم بدفنه وتطالب الأُسرة بالتكتّم عن الموضوع".
وشدّدت على ضرورة أن تجري السلطات الإماراتية تحقيقاً في القضية لتكشف سبب الوفاة.
ودعت "والتينغ" السلطات الإماراتية إلى ضرورة الإفراج عن الموقوفين الآخرين، بما يتناسب مع القانون الدولي، وضمان إمكانية تواصلهم مع محاميهم وعائلاتهم وحصولهم على الطبابة اللازمة.
وقالت والتينغ، "للإمارات العربية المتحدة سجلّ من الاعتقال التعسفي، وقد نتج عن ذلك في قضايا سابقة محاكمات جائرة وأحكام سجن طويلة".
لم تصدر السلطات الإماراتية بيانًا بشأن المسألة، ولم ترد وزارة الخارجية على الفور على طلب تعليق من وكالة فرانس برس.