13 عاما على ثورة البحرين.. هكذا ارتكب النظام الخليفي الجرائم وهكذا عَصَبَ العالم عينيه استرضاءً للسعودية
انفوبلس/ تقارير
كانت الانتفاضة البحرينية عام 2011 عبارة عن سلسلة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة في البحرين بقيادة المعارضة البحرينية ذات الأغلبية الشيعية وبعض الأقلية السنية. وأيضا استلهمت تلك الاحتجاجات من اضطرابات 2011 الربيع العربي والاحتجاجات التي وقعت في تونس ومصر وغيرها من الدول العربية، وتصاعدت إلى اشتباكات يومية بعد أن قمعت الحكومة البحرينية الثورة بدعم من مجلس التعاون الخليجي وقوة درع الجزيرة. واليوم وبعد مرور 13 عاما على تلك الثورة، استذكرت انفوبلس هذه المناسبة وسلطت الضوء عليها وعلى أبرز الجرائم التي ارتكبها النظام الخليفي وكيف عَصَبَ العالم عينيه إزاءها استرضاءً للسعودية.
*الشرارة الأولى
بدأت الثورة البحرينية عام 2011 وكانت الاحتجاجات وقتها عبارة عن سلسلة من المظاهرات، ترقى إلى مستوى حملة متواصلة من العصيان المدني السلمي وبعض المقاومة العنيفة في دولة البحرين كجزء من الموجة الثورية من الاحتجاجات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد إحراق محمد البوعزيزي لنفسه في تونس، كانت الاحتجاجات البحرينية تهدف في البداية إلى تحقيق قدر أكبر من الحرية السياسية والمساواة للسكان الشيعة البالغ عددهم 70٪ من سكان البحرين.
وقد اتسع نطاق ذلك ليشمل دعوة لإنهاء النظام الملكي للشيخ حمد بن عيسى آل خليفة في أعقاب غارة ليلية مميتة في 17 فبراير/ شباط 2011 ضد المتظاهرين في دوار اللؤلؤة في العاصمة المنامة، المعروفة محليا باسم الخميس الدامي. وخيّم المتظاهرون في المنامة لأيام عند دوار اللؤلؤة، الذي أصبح مركز الاحتجاجات. بعد شهر، طلبت حكومة البحرين من مجلس التعاون الخليجي قوات ومساعدات من الشرطة. وفي 14 آذار/ مارس، دخل البحرين 1000 جندي من السعودية و 500 جندي من الإمارات وسحقوا الانتفاضة. وبعد يوم واحد، أعلن الملك حمد الأحكام العُرفية وحالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر. تم تطهير دوار اللؤلؤة من المتظاهرين وتم هدم التمثال الأيقوني في مركزه.
*قمع وحشي
واستمرت المظاهرات من حين لآخر منذ ذلك الوقت. وبعد رفع حالة الطوارئ في 1 يونيو/ حزيران 2011، نظمت جمعية الوفاق الوطني الإسلامي المعارض عدة احتجاجات أسبوعية يحضرها عادةً عشرات الآلاف. وفي 9 آذار/ مارس 2012، حضر أكثر من 100,000 شخص واجتذب آخر في 31 أغسطس/ آب عشرات الآلاف. استمرت الاحتجاجات والاشتباكات اليومية على نطاق أصغر، معظمها خارج المناطق التجارية في المنامة. وبحلول أبريل/ نيسان 2012، كان أكثر من 80 شخصا قد لقوا حتفهم. وصف رد الشرطة بأنه حملة «وحشية» على المتظاهرين «السلميين وغير المسلحين»، بمن فيهم الأطباء والمدونون. نفذت الشرطة مداهمات منتصف الليل للمنازل في الأحياء الشيعية، والضرب عند نقاط التفتيش والحرمان من الرعاية الطبية في حملة ترهيب. تم القبض على أكثر من 2929 شخصًا، وتوفي خمسة على الأقل بسبب التعذيب في حجز الشرطة.
في يونيو/ حزيران أقام الملك حمد اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق مكونة من شخصيات دولية مستقلة لتقييم الحوادث، وصدر التقرير في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني وأكد استخدام الحكومة البحرينية للتعذيب المنهجي وغيره من أشكال الإيذاء البدني والنفسي على المعتقلين، فضلا عن غيرها من انتهاكات حقوق الإنسان، كما رفضت ادعاءات الحكومة بأن الاحتجاجات كانت بتحريض من إيران. وانتقد التقرير عدم الكشف عن أسماء المعتدين الفردية وتوسيع نطاق المساءلة فقط لأولئك الذين قاموا بنشاط انتهاكات لحقوق الإنسان.
وفي أوائل يوليو/ تموز 2013، دعا نشطاء بحرينيون إلى تنظيم مسيرات حاشدة في 14 أغسطس/ آب تحت عنوان «تمرد البحرين».
*دور السعودية في قمع الثورة
لقد برر الخليجيون التدخل السعودي الذي تم في الساعات الأولى من صباح الرابع عشر من مارس بأنه جاء بناءً على طلب حكومة البحرين وأنه كان يهدف لحماية المنشآت الحيوية، وليس مواجهة الاحتجاجات الداخلية.
لكن البحرانيين يؤكدون أن تلك الخطوة ساهمت بشكل مباشر في عدد من النتائج الكارثية: أولها الاعتداء الدموي بعد يومين من دخول القوات السعودية على المحتجين الذين كانوا مرابطين بدوار اللؤلؤة الذي اتخذته ثورة البحرين منطلقاً لها. وقد استُشهد العديد من المواطنين في ذلك الاعتداء الذي صورته عدسات الإعلاميين الدوليين.
ثانيها: إن هذا التدخل ساهم بشكل مباشر في هدم أكثر من أربعين مسجداً، وهي خطوة ساهمت في تعزيز أسباب الثورة وزادت الوضع تأجيجاً، فاستهداف دور العبادة عامل استفزاز للضمير الإنساني، أينما حدث، بغض النظر عن الاختلافات الدينية أو المذهبية.
ثالثها: إن هذا التدخل العسكري أدى كذلك إلى عدد من الإجراءات القمعية ومنها اعتقال قادة الثورة وطرد أكثر من خمسة آلاف مواطن من وظائفهم. كما اعتُقل الأطباء والممرضون (رجالاً ونساء) والرياضيون والمعلمون والصحافيون، الأمر الذي عمّق الإصرار على الاستمرار في الثورة.
رابعها: إن هذا التدخل كان خطوة مدروسة من قبل قوى الثورة المضادة للإجهاز على بقية الثورات لاحقا، وهذا ما حصل.
خامسها: إن هذا التدخل أسس للطائفية سلاحاً يُستخدم لتفتيت القوى الشعبية لمنع بلورة موقف وطني أو قومي شامل ضد الاستبداد والتبعية.
سادسها: إن الاجتياح العسكري السعودي صاحبَهُ إعلان حالة الطوارئ وفرض الأحكام العرفية، فتم التصرف مع المواطنين بقسوة غير مسبوقة، كما يفعل المحتلون عادة مع سكان الأرض الخاضعة للاحتلال.
سابعها: إن التدخل لم يكن ليحدث بدون موافقة انكلو – امريكية بعد أن اتضح أن العالم العربي يسير باتجاه تحرري قد لا يخدم مصالح الغرب.
*جرائم النظام الخليفي
لقد ارتكب نظام آل خليفة بدعم من نظام آل سعود خلال أيام الثورة البحرينية جرائم لا يمكن لأحد أن يرتكبها، فقد قتل وعذب واعتقل المئات من الأبرياء وهدم دور العبادة من مساجد وحسينيات وحرق المصحف الشريف.
لقد أدت الانتفاضة إلى استشهاد حوالي 164 شخصًا. من الصعب تحديد عدد الإصابات بسبب تضييق الحكومة على المستشفيات والعاملين في المجال الطبي. آخر تقدير دقيق للإصابات هو من 16 مارس 2011 قدرت حوالي 2708. خلصت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق إلى أن العديد من المعتقلين تعرضوا للتعذيب ولأشكال أخرى من الإيذاء الجسدي والنفسي أثناء احتجازهم لدى الشرطة، مما أدى إلى وفاة خمسة معتقلين. كما خلص تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق إلى أن الحكومة مسؤولة عن 20 حالة وفاة (نوفمبر 2011). ويقول نشطاء المعارضة إن العدد الحالي يبلغ نحو 160 بينهم 34 شخصًا لقوا حتفهم نتيجة الاستخدام المفرط للغاز المسيل للدموع.
*صمت العالم إزاء الجرائم استرضاءً لآل سعود
لقد صمتت غالبية دول العالم آنذاك أمام الجرائم التي ارتكبها النظام الخليفي بحق الشعب البحريني استرضاءً لآل سعود. حيث قال روبرت كوبر المستشار الأول لرئيسة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون: «أصبح الوضع لا يُطاق في هذه الجزيرة الصغيرة. من حق السلطات المحلية استعادة الهدوء والنظام وهذا ما فعلوه ولكن عن طريق الحوار».
أما مصر، فقد أبدى وزير خارجيتها آنذاك نبيل العربي دعمه للحكومة البحرينية أمام الاحتجاجات التي زعم أنها كانت مدبّرة من قبل إيران على أنها تهديد للأمن القومي في 5 أبريل 2011: «الاستقرار وعروبة الدول العربية في الخليج العربي هو خط أحمر بالنسبة لمصر ومصر ترفض أي تعدٍّ على ممتلكات الغير». وأعرب عن دعمه لتدخل دول مجلس التعاون الخليجي بأنه «إعطاء التطبيق العملي لمفهوم الأمن الجماعي في منطقة الخليج العربي».
أما عمان، فقد تعاملت السلطنة باهتمام منخفض حول الأزمة في البحرين مقارنة بباقي الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك فإن الحكومة العمانية دعمت إرسال قوات درع الجزيرة إلى البحرين وأعرب الملك حمد عن شكره لوزير الداخلية حمود بن فيصل البوسعيدي لـ«دعم السلطان قابوس بن سعيد أمن البحرين واستقرارها».
أما السعودية، فقد انحازت مع قادة البحرين منتقدة تكتيكات المعارضة وإلقاء اللوم على قوة منافستها إيران. وأعلن مسؤول سعودي أن «هذا الخروج – يقصد الثورة - غير مسؤول لن يكون جيدا لأي أحد بل ستكون له سلبيات لشعب البحرين».
وقد ساهمت الكثير من وسائل الإعلام الغربية والإقليمية في التعتيم على انتهاكات آل خليفة بحق الشعب البحريني، الأمر الذي تسبب بتعقيد الأزمة وتفاقم الأوضاع الإنسانية والحقوقية بشكل ملحوظ في هذا البلد.
ولكن رغم هذا القمع والتواطؤ من قبل قوى خارجية مع آل خليفة، لازال الشعب البحريني ورموزه الدينية وقواه السياسية يواصلون انتفاضتهم السلمية التي انضم لها معظم شرائح المجتمع ولم تقتصر على طائفة دون أخرى كما يزعم النظام.
وتحظى الثورة البحرينية بدعم معنوي واضح بفضل وجود علماء الدين والقادة السياسيين البارزين، وفي طليعتهم المرجع الديني آية الله عيسى قاسم، والأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان.