3 قرارات سعودية رسمية عن العراق وتحرك قطري إماراتي نحو مؤسسة اتصالات إقليمية تشمل بغداد
انفوبلس/ تقرير
خلال جلسة مجلس الوزراء السعودي في 25 تموز/ يوليو 2023 والذي ترأسها ولي العهد محمد بن سلمان، صدرت 3 قرارات عن العراق في مجال الأمن والبيئة والاستثمار، بالتزامن مع مفاوضات خليجية لتأسيس أكبر شركة اتصالات في الشرق الأوسط تشمل بغداد، وسط تساؤلات عن سر الانفتاح الخليجي على العراق.
3 قرارات في جلسة مجلس وزراء السعودية عن العراق
وبحسب وكالة الأنباء السعودية "واس" فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ترأس الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء، في 25 تموز/ يوليو 2023 بقصر السلام بجدة، وانتهت بصدور 18 قراراً، ثلاثة منها عن العراق.
وفي أولى القرارات التي تخص العراق، وافق مجلس الوزراء السعودي على مذكرة تفاهم للتعاون الأمني بين وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية ووزارة الداخلية في جمهورية العراق.
وثاني القرارات، فوّضَ المجلس، وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي، بالتباحث مع الجانب العراقي في شأن مشروع مذكرة تفاهم بين وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمملكة العربية السعودية ووزارة البيئة بجمهورية العراق في مجال البيئة.
والقرار الثالث، فوّضَ المجلس، وزير الاستثمار السعودي، بالتباحث مع الجانب العراقي بخصوص مشروع اتفاقية بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة جمهورية العراق في شأن استثمار صندوق الاستثمارات العامة في جمهورية العراق.
هناك إشكالية كبيرة تتمثل في غياب الثقة لدى الرأي العام بجدية ومصداقية خطوات الرياض ومبادراتها
وتعتزم العديد من الدول الخليجية بينها السعودية وقطر والأردن وغيرها من الدول، الدخول إلى السوق العراقية من خلال تأسيس شراكات اقتصادية وتجارية كبيرة.
صحيح أنَّ السعودية بادرت مؤخرا، إلى اتخاذ خطوات إيجابية لتعزيز العلاقات مع العراق، وخصوصاً على الصعيد الاقتصادي، إلا أن هناك إشكالية كبيرة تتمثل في غياب الثقة لدى الرأي العام والنخب السياسية والثقافية العراقية بجدية ومصداقية خطوات الرياض ومبادراتها، لأن الذهن العراقي ما زال معبّأً بكمٍّ كبير من المواقف السلبية والخطابات الإعلامية التحريضية والفتاوى الدينية التكفيرية السعودية، وهي في الواقع نتاج عمل منظّم ومبرمج ومخطط، وليست عبارة عن آراء ومواقف فردية انفعالية، كما يحاول أن يسوق ويبرر أصحاب القرار في الرياض، حين يواجههم العراقيون ببعض الحقائق والأرقام المؤلمة. وعلى المنوال نفسه، كانت أبو ظبي والمنامة تتحركان وتتصرفان، ومعهما الدوحة في بعض الأحيان، بحسب خبراء ومطلعين.
*مفاوضات خليجية لتأسيس أكبر شركة اتصالات في الشرق الأوسط تضم العراق
في المقايل، أعلنت شركة "أريدو" القطرية للاتصالات، عن دخولها في مفاوضات مع شركتين كويتية وإماراتية لإنشاء مجموعة مشتركة مستقلة لأبراج الاتصالات هي الأكبر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ووفقاً لبيان للشركة القطرية، فإن المفاوضات جارية مع مجموعة "زين" الكويتية، وشركة "تاسك تاورز هولدينغ" الإماراتية، لدمج ما يقرب من 30 ألف من أصول أبراج الاتصالات في قطر والكويت والعراق والجزائر وتونس والأردن في شركة أبراج مستقلة مملوكة نقدية وأسهم بين الأطراف الثلاثة.
وبحسب البيان "ستشكل هذه الشراكة الجديدة أكبر شركة أبراج اتصالات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وستعمل شركة الأبراج الجديدة ككيان مستقل وقائم بذاته يوفر البنية التحتية الخاملة كخدمة في جميع أنحاء المنطقة مع التركيز على الكفاءة التشغيلية والتآزر والحد من البصمة الكربونية".
ويضيف البيان، أن "نموذج التشغيل المستقل سيعزز القيمة للمساهمين ويعزز الكفاءة التشغيلية والكربونية للبنية التحتية الخاملة للأبراج، ما يدعم تقليل البصمة الكربونية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
وستحتفظ كل من "أوريدو" و "زين" ببنيتهما التحتية النشطة، بما في ذلك هوائيات الاتصالات اللاسلكية والبرامج الذكية والملكية الفكرية فيما يتعلق بإدارة شبكات الاتصالات الخاصة بهما.
وهذه الصفقة ستؤدي إلى زيادة محتملة في القيمة للمساهمين في كل من مجموعة "أريدو" ومجموعة "زين" من خلال هيكل رأسمال أكثر كفاءة. وتوقع البيان أن توقع الأطراف الثلاثة اتفاقية نهائية بخصوص الصفقة في الربع الثالث من عام 2023.
وما تزال الصفقة المحتملة خاضعة للاتفاق على الشروط النهائية، وتوقيع الاتفاقيات النهائية، والحصول على جميع الموافقات المؤسسية والتنظيمية المطلوبة، إلى جانب عوامل أخرى. ومن المتوقع أن يتم تنفيذ هذه الصفقة وفق جدول زمني مخصص لكل سوق مع مراعاة البيئة التنظيمية وضمان انتقال العمليات بشكل انسيابي.
والظاهر، أن ثمة تنافساً خليجياً على السوق العراقية، فعلى هامش زيارة أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، لبغداد مؤخراً، وقّع الجانبان عدداً من الاتفاقات ومذكّرات التفاهم في مجالات البنى التحتية والسياحة والصحة. وتعهّد تميم باستثمار 5 مليارات دولار في مختلف القطاعات خلال السنوات المقبلة، ولاسيما في مشروع "طريق التنمية" المقرّر تنفيذه قريباً من الحكومة العراقية. ومع التطوّر الملحوظ في العلاقات العراقية - القطرية، سجّل التبادل التجاري، خلال السنتَين الماضيتَين، خاصّة بعد تدشين الخطّ الملاحي، أكثر من 710 ملايين ريال قطري (195 مليون دولار)، بنمو قدره 50% مقارنة بالأعوام السابقة.
أما نائب رئيس لجنة الاستثمار والتنمية النيابية، حسين السعبري، فيقول، إن "العراق بدأ يتخذ خطوات سريعة لكي يصبح بيئة جاذبة للاستثمار وخصوصاً من الجانب الخليجي. وهذه الفرص قد تعوّض البلاد ما مرّت به من أزمات وحروب خلال السنوات السابقة". ويلاحظ أن "العراق أصبح سوقاً لكل العالم، وليس فقط لدول المنطقة. فمثلاً الدول الأوروبية بدأت تتهافت باتجاه الاستثمار فيه".
تحذيرات من عمل الشركات الخليجية تحسباً لعدم جعل الاقتصاد العراقي رهينة لتلك الشركات
وفي الاتجاه نفسه، يلفت عضو لجنة الاقتصاد والتجارة النيابية، ياسر الحسيني، إلى أن "دول المنطقة جميعاً، وخاصة دول الخليج، بالإضافة إلى الكثير من الشركات الأجنبية العاملة هناك، أبدت رغبتها بالعمل في العراق، لوجود فرص اقتصادية واعدة من جانب، وسوق مفتوحة للبضاعة الاستهلاكية من جانب آخر". ويضيف الحسيني، أن "الإجراءات الحكومية ومنها خفض الضرائب على السلع نصف المصنّعة، تحفّز تنشيط الاقتصاد الأجنبي في البلاد، وتُعتبر خطوة للانفتاح على تجارب الآخرين". إلا أنه يحذّر في المقابل "من مخاطر عمل هذه الشركات، إذ لابد من أن تكون بشراكة عراقية أو بأيدٍ عراقية، على اعتبار أن سيطرة الأجانب تجعل الاقتصاد العراقي رهينة لتلك الشركات".
ويشير إلى أن "المجاميع الفاسدة تتعامل بالأموال المشبوهة التي تريد أن تُحكِم قبضتها على الاقتصاد العراقي والاستفادة من موارده، كالكبريت الذي نمتلك منه 50 إلى 55% مما هو موجود على الكرة الأرضية والمقدّر بـ 600 مليون طن".
ويسعى رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، من خلال الزيارات التي أجراها - منذ توليه رئاسة الوزراء - إلى دول الخليج وإيران والأردن ومصر والسعودية وغيرها من الدول، إلى خلق توازنات إقليمية ودولية في علاقات العراق بعيداً عن سياسة المحاور، ونتيجة لذلك وصلت العلاقات العراقية - العربية إلى "أفضل مستوياتها منذ أكثر من ثلاثة عقود"، بحسب مختصين.
ويمتلك العراق موارد اقتصادية كبيرة يمكنها دعم الدول الفقيرة من المحيط العربي، كما يُعد موقعه مفتاحا لمنطقة الخليج العربي والشام، ليجعل منه العنصر الأساسي في تطلعات المنطقة التي تعمل على تعزيز تحالفاتها وفقا لما تتطلبه الساحة الدولية ومتغيراتها وما يتوافق مع مصالحها وحاجاتها، فضلا عن تحديد أولوياتها من الدول الكبرى. هذا وبغض النظر عن محاذاته لتركيا التي تحاول هي الأخرى فرض نفوذها على المنطقة، ما يستدعي تعزيز الموقف العراقي أمامها.