32 عاما على قيادة حزب الله من قبل الأمين العام السيد حسن نصر.. تعرف على مواقف الصمود والتقدم وأبرز المواجهات التي خاضها الحزب في مسيرته
انفوبلس/..
اثنان وثلاثون عاماً من تحقيق العديد من الإنجازات في لبنان والمنطقة بقيادة الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، منذ انتخابه أمينًا عامًا للحزب في لبنان في 16 شباط 1992 عندما كان يبلغ من العمر 32 عامًا فقط.
السيد نصر الله انتُخب أميناً عاماً للحزب بعد استهداف واغتيال السيد عباس موسوي، الأمين العام السابق لحزب الله من قبل العدو الصهيوني، حيث اُغتيل السيد عباس موسوي على يد مقاتلات الصهاينة أثناء عودته من إحياء ذكرى استشهاد "الشيخ راغب حرب"، الذي اُغتيل هو الآخر أيضا برصاص عملاء الاحتلال أثناء خروجه من الجامع.
وشهد الحزب، بعد تعيين السيد نصر الله أميناً عاماً، الكثير من التقدم خلال قيادته، حيث تمكن حزب الله لأول مرة من الوصول إلى صواريخ بعيدة المدى، واستخدام نفس الصواريخ لاستهداف المحور الشمالي للأراضي المحتلة في عام 1993.
قوّة متنامية بمواجهة الاحتلال
أدى صعود حزب الله اللبناني خلال قيادة السيد حسن نصر الله إلى إصرار الصهاينة على تدمير هذه المجموعة في لبنان، فقد استهدفوا جنوب لبنان وألحقوا أضرارًا بالغة ببنيته التحتية، كان الهدف الرئيسي للصهاينة تدمير حزب الله أو على الأقل منع تقدمه المتزايد، لكن الصهاينة لم يتمكنوا من تدمير ترسانة أسلحة حزب الله التي كانت قد أُعِدَّت في عهد السيد حسن نصر الله.
أثار استعراض قوة حزب الله ضد الصهاينة خلال قيادة السيد حسن نصر الله قدرًا كبيرًا من الخلاف بين القادة العسكريين الصهاينة، والسبب الرئيسي لهذه الخلافات هو الضربات التي تلقاها الصهاينة من رجال المقاومة في لبنان، اعتقد بعض القادة الصهاينة أنه يجب تفكيك حزب الله في أسرع وقت ممكن، بينما اعتقد البعض الآخر أن أي صراع معه كان انتحارًا بسبب القوة العسكرية المتنامية للحزب.
كان الانسحاب غير المشروط للصهاينة من جنوب لبنان عام 2000 من أكبر الضربات التي وجهها لهم حزب الله اللبناني بقيادة السيد حسن نصر الله، ومرَّ الآن أكثر من عقدين منذ ذلك الحين، لكن الصهاينة ما زالوا لم ينسَوا طعم المرارة لأنهم يعتقدون أن تلك الهزيمة أرسَت الأساس للهزائم المستقبلية للصهيونية في لبنان والمنطقة. لذلك يمكن القول إن أعظم إنجازات السيد حسن نصرالله خلال قيادته لحزب الله كان تعزيز القوة العسكرية لهذه المجموعة وكسر أسطورة الصهيونية.
تأسيس الحزب في لبنان
شُكِّلت حركة حزب الله اللبنانية عام 1985، في البداية كانت الهيكل الأساسي لحركة أمل، خرجت الحركة من حركة أمل بقيادة نبيه بري في لجنة الإنقاذ الوطني اللبناني في حزيران 1983 لتشكيل هيكل جديد أُطلق عليه "حركة أمل الإسلامية". كان الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 واحتلال نصف أراضي البلاد نقطة تحول في صعود حزب الله، في الوقت نفسه، مع هزيمة وتراجع الجماعات الفلسطينية والأحزاب اليسارية اللبنانية وهزيمة النظريات القومية العربية والأيديولوجيات اليسارية، كانت الأرضیة مُهيأة لظهور حزب الله كخيار وحيد لمواجهة الاحتلال. في فبراير 1985، بعد سنوات قليلة من الغزو الإسرائيلي للبنان، أعلن السيد عباس موسوي عن وجود حزب الله اللبناني بدلاً من حركة أمل الإسلامية، وانضم العديد من اللبنانيين إلى الحركة.
العمليات الكبيرة
أُسِّست حركة حزب الله اللبنانية في وقت كانت فيه عقبات كبيرة أمام نجاح الحركة، لكن عمليتين كبيرتين جعلت حزب الله أكبر حركة اجتماعية عسكرية في لبنان وغرب آسيا: أولها كان الطرد المخزي للمحتلين من جنوب لبنان عام 2000.
فعندما تم تأسيس حزب الله في لبنان، لم يكن أحد يتخيل أنه بعد 15 عامًا سيكون قادرًا على القيام بالمفاجأة الأولى ضد إسرائيل.
وبعد احتلال أجزاء كبيرة من فلسطين، سعى الكيان الصهيوني إلى احتلال دول أخرى أيضًا، لهذا سعى الصهاينة غزو لبنان في حزيران 1982 واحتلوا نصفها، استمر الاحتلال حتى طرد حزب الله الصهاينة من جنوب لبنان عام 2000.
العملية الثانية كانت حرب الـ 33 يوما، حيث جاءت مفاجأة حزب الله الثانية بعد الهزيمة المأساوية للجيش الصهيوني للمقاومة عام 2000 والطرد المهين للمحتلين من جنوب لبنان، ولأول مرة منذ عقود، عانى الجيش الإسرائيلي من هزيمة كبيرة في مواجهة مباشرة في حرب عام 2006، قضى انتصار حزب الله اللبناني في حرب الـ 33 يوماً على أسطورة مناعة الجيش الإسرائيلي إلى الأبد، في الواقع، خلق انتصار حزب الله في عام 2006 وفي حرب الـ 33 يومًا معادلة جعلت الكيان الصهيوني لا يملك القوة والشجاعة لمهاجمة لبنان في السنوات الخمس عشرة الماضية.
100 ألف مقاتل مدرب ومجهز
لكن بعد ما يقرب من أربعة عقود من بدء حزب الله نشاطه، برزت الحركة كقوة حاسمة وتمكنت من إحداث تغييرات جوهرية في معادلات الحرب، لم يعد حزب الله حركة لا تملك سوى بضعة آلاف من القوات وكان نطاقها محدودا للغاية. كشف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، للمرة الأولى عن عدد مقاتلي حزب الله، مؤكداً أن لدى الحركة 100 ألف مقاتل مدرب ومجهز وجاهز للتعامل مع أي عدوان داخل لبنان وخارجه.
وبالإضافة إلى ذلك، كان لدى حزب الله حوالي 15000 صاروخ خلال حرب عام 2006، وارتفع العدد منذ ذلك الحين، إلى آخر التقديرات البالغة 130.000 (حتى 170.000)، ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست أن حزب الله في لبنان يشكل تهديداً رئيسياً للكيان الصهيوني واعترفت بالقدرة الصاروخية العالية لمجموعة المقاومة.
وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي كتبه عقيد متقاعد بالجيش الصهيوني، أن حزب الله لديه القدرة على إطلاق 4000 صاروخ في أي حرب مقبلة مع الكيان الصهيوني، في الحرب التي استمرت 33 يومًا في عام 2006، أُطلقت أقل من 4000 طلقة، ولدى حزب الله أكثر من 95 في المائة من جيوش العالم.
نموذج يُحتذى به
أصبح حزب الله اللبناني الآن نموذجًا يُحتذى به لجماعات المقاومة، إضافة الى الساحة العسكرية في المجال السياسي دخل الحزب في الانتخابات النيابية وحقق انتصارات باهرة، والآن بدون موافقة حزب الله، لن يتم انتخاب الحكومة في لبنان، وهذا يعني انتصار المسار المخطط له في لبنان، وصلت روح نمط انتشار حزب الله بين مجموعات المقاومة الفلسطينية إلى نقطة وقف فيها الفلسطينيون بشجاعة أكبر في مواجهة العدو، وخلال عدة حروب سابقة في غزة في أعوام 2008 و2012 و2014 شهدنا تقدمًا عسكريًا لاسيما في الصواريخ الفلسطينية.
وفي عملية سيف القدس عام 2021 ، تمكنت المقاومة الفلسطينية من إلحاق هزيمة قاسية بالصهاينة في 11 يومًا. كما تنشط جماعة أنصار الله اليمنية كحركة تأثرت بشكل كبير بتجارب حزب الله وانتصاراته ضد الصهاينة.
موقف حزب الله السياسي الحالي
أداء حزب الله في لبنان على مدى العقود القليلة الماضية جعله يحظى بشعبية كبيرة بين اللبنانيين، على الرغم من كل المشاريع المصممة، دفع انتصار حزب الله في جنوب لبنان حتى بعض المخالفين إلى إظهار دعمهم للحزب في البلاد، فالعديد من شرائح المجتمع اللبناني تدعم السيد حسن نصر الله، حتى مع التناقضات الفكرية والثقافية والعقائدية مع الحزب في لبنان، وتعتبر مقاتلي حزب الله هم العاملين في تحرير البلاد من العدو الصهيوني.
بعد انتصار حزب الله في حرب الـ 33 يوماً، برز البلد اللبناني الصغير فجأة في المقدمة، ولأول مرة من بين 400 مليون عربي، اعتبر اللبنانيون أنفسهم بلداً مؤثراً وتاريخياً. وبالفعل، فإن هذا الانتصار لحزب الله جعل اللبنانيين يرفعون كبرياءهم بين الدول العربية، لأن الجيش الإسرائيلي هزم مصر وسوريا ودولا عربية أخرى منذ عقود، والآن استطاعت الحركة أن تنتقم من الكيان الصهيوني للعرب، وهذا جعل حزب الله يحظى بقبول واسع بين اللبنانيين والدول الموالية للفلسطينيين، وتصدّر الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله قائمة كبار الشخصيات في العالم العربي بهذا الانتصار.
حركة مؤثرة في تغيير المعادلات
على الرغم من إعلان حزب الله رسمياً عن وجوده عام 1985، يمكن القول إن الحزب في لبنان كفكرة قد نشط منذ عام 1982 ونشأ من التيار الإسلامي السياسي، لأفكار الإمام موسى الصدر، ولكن بعد ذلك، الثورة الإسلامية في عام 1979 تحت قيادة الإمام الخميني (ره)، اكتسب هذا التيار مزيدًا من القوة على مدى العقود الأربعة الماضية.
وتمكن حزب الله اللبناني من ترسيخ نفسه وإثبات ذاته كضامن للمصالح الوطنية اللبنانية بانتصارين كبيرين في عامي 2000 و2006. إضافة إلى ذلك، فإن المواجهة بين قوات حزب الله والإرهابيين الذين كانوا يسعون لدخول لبنان من سوريا دفعت اللبنانيين إلى اعتبار حزب الله حركة تخدم مصالح كل لبنان.
وعلى الساحة الإقليمية أيضًا، أصبح حزب الله حركة جارية، واستطاعت فصائل المقاومة في فلسطين واليمن تغيير المعادلات الإقليمية بشكل جذري من خلال متابعة تجارب هذه الحركة.
اليوم ونحن في العام 2024، بعد 32 عاما لانتخاب السيد حسن نصر الله أميناً عاما لحزب الله في لبنان، أصبحت المقاومة في لبنان تملك قدرة صاروخية هائلة ودقيقة تمتد من كريات شمونة إلى إيلات في الأراضي المحتلة.
وفي هذا الشأن، أكد السيد حسن نصر الله خلال الاحتفال الذي يقيمه حزب الله بمناسبة يوم القادة الشهداء، الجمعة، "إننا اليوم نُحيي الذكرى السنوية لقادتنا الشهداء، ونشعر بهم أكثر من أي وقت مضى، مشددًا على أن حضورهم أشد تأثيراً وهدايةً إلى الموقف والطريق والهدف".
وأشار السيد نصر الله، إلى أن "هذه المسيرة والمقاومة من صفاتها ومميزاتها الأساسية أن علماءها وقادتها تقدموا ليكونوا شهداء وأحياناً مع عائلاتهم الشريفة، وأردف أنه في إحيائنا اليوم نشعر أننا أكثر تثبيتاً في ساحة التضحيات عندما نتذكر السيد عباس وأم ياسر والشيخ راغب والحاج عماد، مؤكدًا أننا نحن اليوم أقوى أملاً ويقيناً بالنصر الآتي. وسأل سماحته لو كان هؤلاء القادة الشهداء فينا اليوم كيف كان سيكون الموقف؟ هل كان سيكون الحياد؟ أم كان سيكون الموقف هو الدعم والإسناد والنصرة والضغط والمساندة لمنع العدو من تحقيق أهدافه؟".
ورأى السيد نصر الله أن كل من في هذه المسيرة ضحَّى ويُضحي، لافتًا إلى أن هذه القوافل من الشهداء والجرحى ومن الأهالي الذين هُجِّروا ودُمِّرت بيوتهم منذ بداية الصراع مع العدو كانت الصفة الأهم أن هؤلاء لم يضعفوا ولم يهنوا مهما كَبُرت التضحيات وواصلوا الطريق وحفظوا الوصية.