33 عاما على انسحاب صدام المُذِل من الكويت.. حصل على مبادرات للانسحاب الآمن فأحرق آبار النفط الكويتية ليواجه حربا تعرض فيها الجيش لخسارة قاسية
انفوبلس/..
في 2 آب 1990، حدث الغزو الصدامي نحو الكويت، وبدأت القوات العراقية وبأوامر من سلطة البعث الحاكم، دخول الأراضي الكويتية واحتلال مواقع داخل الكويت، ووقعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة بين الوحدات الكويتية والجيش العراقي وسط مدينة الكويت.
لكن أمام 100 ألف جندي عراقي و300 دبابة، كان الوضع يفوق طاقة الجيش الكويتي، الذي يبلغ عدده 16 ألف رجل. وتم احتلال المدينة خلال النهار، وفرَّ الأمير جابر الأحمد الصباح إلى السعودية، في حين قُتل شقيقه الشيخ فهد، وفي المساء توجه الجيش العراقي إلى مينائي الشعيبة والأحمدي النفطيين.
وأدان المجتمع الدولي بشدة الغزو، في حين سجلت أسعار النفط ارتفاعا كبيرا، وفي اجتماع طارئ، طالب مجلس الأمن الدولي بالانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات العراقية.
وجمّدت واشنطن جميع الأصول العراقية في الولايات المتحدة والشركات التابعة لها في الخارج، وكذلك الأصول الكويتية لمنع كويتيين من الاستيلاء عليها لحساب بغداد، وأوقف الاتحاد السوفياتي توريد الأسلحة للعراق.
وأغلق العراق حدوده، وحجز آلاف المدنيين الغربيين والعرب والآسيويين على غير إرادتهم في العراق أو الكويت، وتم استخدام نحو 500 شخص دروعا بشرية لأكثر من 4 أشهر.
وفي 8 آب أعلن العراق ضم الكويت الكامل وعلى نحو لا رجعة فيه، وفي نهاية الشهر ذاته، أعلنت بغداد التقسيم الإداري للكويت، وجعلت مدينة الكويت والمناطق المحيطة بها المحافظة 19 بالعراق.
عدم مبالاة من جانب صدام
لم تُعرف أسباب عدم مبالاة صدام حسين بفترة الإنذار الدولي التي انتهت يوم 15 كانون الثاني 1991 لسحب قواته من الكويت التي غزاها في 2 آب 1990، وإلا تعرض لحرب يشنها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة.
وبعد الغزو العراقي للكويت تشكل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، شمل أكثر من 30 دولة، يتضمن 750 ألف جندي (75% منهم أميركيون)، و3600 دبابة، و1800 طائرة، و150 قطعة بحرية.
واعتمد التحالف الذي هاجم القوات العراقية، قرار مجلس الأمن المرقم 678 في 29 تشرين الثاني 1990، والقاضي باستخدام كل الوسائل اللازمة -بما فيها استعمال القوة العسكرية- ضد العراق إذا لم يسحب قواته من الكويت، وحدد يوم 15 كانون الثاني 1991 موعدا نهائيا لذلك الانسحاب.
ما بعد الحرب
كان صدام حسين يعتبر نفسه هو المنتصر في الحرب، ولم يذكر خسائر العراق وقسم من ضحايا الجيش لا زالت رُفاتهم في طريق الموت لم تُرفع إلى الآن، والآليات التي قبل احتلال العراق للكويت كانت موجودة آنذاك في البصرة وأعدادها بالآلاف، وقد دُمِّرت إضافة إلى خسائر في العمق العراقي كبيرة جداً من بنى تحتية ومراكز القيادة العسكرية والجسور، كانت حرب مدمرة جدا، كانوا يطلقون عليها مصطلح "حرب محدودة"، والعراق أطلق عليها "حرب شاملة"، لأنهم استخدموا فيها التكنولوجيا - الحرب الحديثة التي دخلت عام 1991 وهذه كانت القيادة المركزية الأمريكية في قطر، وعندما كانت تنطلق المعارك كانت تنظر إليها عبر شاشات تصور حركة الجنود والوحدات والدروع والفرق.
ويشير عسكريون سابقون في الجيش العراقي، بأن "الأمريكان طوروا الحرب الحديثة بكل حذافيرها، واستخدموا لأول مرة طائرات توماهوك هيلفاير، وكانت الطائرة الآباتشي تحمل 12 صاروخا هيلفاير كانت تدمر سرية كاملة من الدبابات مكونة من 12 دبابة، ولكن لجأت القوات العراقية إلى إدامة التماس خصوصا في مناطق جنوب غرب الناصرية، جنوبي بغداد، مع القوات الأمريكية في معركة الحرس الجمهوري الذي كان الأمريكان يطلقون عليها حسب ندائهم "الجيش الأحمر"، لأن عناصر الحرس كانوا يضعون "مثلثاً أحمر" على الكتف.
وأكد مسؤول عسكري سابق، "استخدام قوات التحالف المضاد للعراق، مادة اليورانيوم المنضب الكيمياوي، موضحا: أنا شاهدته بعيني عندما قصفوا الدبابات، كانت النار التي تخرج منها غريبة نوعا ما، الملاحظ عندما تضرب الدبابة بصاروخ عادي نستطيع أن نميّزه عن غيره، لكن عندما ضُرِبت من قبل القوات الأمريكية كانت تخرج منها نار زرقاء وكانت الدبابة تنشطر إلى شطرين الدرع الخاص بها في جهة يطير إلى مسافة 20 متر، ومن جهة الجسم، هذا رغم أن وزنها بآلاف الأطنان".
وأضاف، "رأيت حتى قصف المستشفيات، ومحطات الوقود، عندما جاءت طائرتان تابعتان للتحالف، وهذه كانت في نهاية الحرب، وقصفتا مدنيين كانوا مزدحمين قرب محطة للوقود في محافظة بابل وسط البلاد، كذلك القصف عدة محافظات من الجنوب".
أما في منطقة سفوان الحدودية بين العراق والكويت، "كانت تأتي طائرات بي 52 والشبح لتنفيذ ضربات كثيفة، وفي اليوم الأول لوصولها سددت ضربة كبيرة جدا بواسطة صواريخ توماهوك بحدود 1000 إلى ألف و100 صاروخ على أهداف داخل الأراضي العراقية ومنها في البصرة، والموصل مركز نينوى، شمالي البلاد".
الهجوم وانسحاب الجيش العراقي
وفي 23 كانون الثاني 1991 بدأ العراق بعملية صبّ ما يقارب مليون طن من النفط الخام في مياه الخليج العربي وإحراق آبار النفط في الكويت.
وفي يوم 24 شباط 1991 انطلقت الحملة البرية لقوات التحالف عبر عدة جبهات، وشنّت قوات التحالف هجوماً على الجيش العراقي الذي كان متمركزا غربي الكويت، ثم توغلت داخل الكويت وجنوبي العراق.
وفي 25 شباط 1991 أعلن العراق موافقته على كل شروط الانسحاب، وفي اليوم التالي بدأ الجيش العراقي مغادرة الكويت بشكل غير منظم مما أدى إلى تكدُّس دباباته ومدرعاته وناقلات جنوده على طول الطريق بين البلدين، فكانت هدفا سهلاً لطيران التحالف.
وأعلن الرئيس الأمريكي، جورج بوش الأب، في 27 شباط 1991 وقف إطلاق النار و"تحرير الكويت".
وفي 14 آذار 1991عاد أمير الكويت، الشيخ جابر الأحمد الصباح، إلى البلد بعد أشهر من أداء حكومته أعمالها مؤقتا من السعودية.
وصدر قرار مجلس الأمن رقم (687) في 3 أبريل/ نيسان من عام 1991 الذي ينص على وقف رسمي لإطلاق النار، وتدمير "أسلحة الدمار الشامل" العراقية، وإنشاء صندوق خاص لتعويض المتضررين من غزو الكويت.
وشارك في العملية حينئذ العديد من الدول على رأسها الولايات المتحدة إلى جانب كل من بريطانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا ومصر والسعودية والإمارات وسوريا وقطر وعمان والمغرب.
وفي العاصمة العراقية استُهدفت المنشآت العسكرية ومراكز الاتصالات ومبنى البرلمان والمطار ووزارة الدفاع وأماكن عديدة أخرى.
ولم يقتصر الدمار على بغداد بل شمل كل المدن العراقية الكبرى وجميع الأهداف العسكرية، وذلك بالإضافة إلى قوات الجيش العراقي التي كانت تحتل الكويت.
وفي يوم 13 من شباط من عام 1991 وقع حادث ملجأ العامرية في بغداد الذي هزَّ التحالف الدولي وأبرز الثمن البشري لعمليات عاصفة الصحراء.
خسائر العراق في الحرب
حوالي 60-50% من قدرات الجيش العراقي وبعض الدراسات أشارت إلى 65% من قدراته فقد دُمِّرت، ولم يبقَ إلا الثلث، والثلث المتبقي كان أشبه ما يكون معطلاً لأنه متقادم في الأسلحة التي استُخدمت في الحرب العراقية - الإيرانية طيلة ثمانينيات القرن الماضي، وكان لدى بلاده صعوبة بالغة وكبيرة، ولكن القياسات العسكرية مقارنة مع الوضع في المنطقة، كان الجيش العراقي لا يستطيع الدفاع عن العراق تجاه أي هجوم معادٍ يحصل من الخارج، وهذا ما حصل عام 2003 عندما اجتاحت القوات الأمريكية الأراضي العراقية وأسقطت العاصمة، بغداد، في 16 يوما.
لا أحد يقدر حتى الآن عدد وحجم خسائر الجيش العراقي، وهناك موقع يسمى موقع التله الذي يرابط العراق من خلال منطقة سفوان بالكويت، أو ما أطلقنا عليه طريق الموت، طويل جدا، لا زال به قسم من رفات الشهداء، وعندما كان الكاتب المعروف روبرت فيسك يغطي الحرب حينها، أصدر كتاباً بعنوان "الحرب تحت ذريعة الحضارة"، أشار فيه إلى أنه لا يمكن حساب ضحايا العراق، رغم أن الأمريكيين كانوا يقولون لم نوقع خسائر سوى 17 منهم، وهم لا يريدون أن يذكروا العدد الحقيقي حتى عندما سُئِل جنرال الجيش الأمريكي، هربرت نورمان شوارزكوف، قال أنا لست مسؤولا عن إحصاء الجثث".
مبادرات الانسحاب وحرق الآبار
صدرت بعض المبادرات السلمية لخروج العراق من هذا المأزق واستبعاد الحرب، وكان آخرها المبادرة التي قام بها الرئيس السوفيتي غورباتشوف، عندما اتفق مع طارق عزيز نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية في موسكو، على البدء بالسحب الفوري للقطاعات العراقية من الكويت مقابل عدم التعرض للقطاعات العراقية المنسحبة.
لكن الذي حدث بحسب ما أورده مراقبون للشأن الدولي، هو تنصل جورج بوش الأب من الاتفاق، وإعلانه عدم القبول به والبدء بضرب القوات العراقية المنسحبة بواسطة الطيران، وكانت عبارة عن مجزرة لا تمت لأخلاق وقواعد الحرب بأي شكل من الأشكال، ليصبح طريق "العبدلي- سفوان البصرة" طريق الموت الحقيقي وتُحرق الجثث مع الآليات مدنيين وعسكريين بدون رحمة".
وبحسب وسائل إعلام عالمية، فإن الأرشيف العراقي يؤكد أن "صدام عرض سحب القوات العراقية من الكويت خلال 21 يوما بعد مشاورات مع غورباتشوف وقال لأعوانه إن "الرئيس السوفييتي خدعنا"، وأضاف "عرفت أنه سيخوننا".
وقد أرسل صدام وزير خارجيته طارق عزيز للقاء غورباتشوف في موسكو في 21 شباط، قبل أيام من الهجوم البري عام 1991.
وقال غورباتشوف للرئيس بوش، إن "الموقف العراقي تغير ولم يعد العراقيون يريدون ربط مسألة الخليج ببقية المسائل في الشرق الأوسط وإنهم عرضوا الانسحاب من الكويت خلال 6 أسابيع ثم وافقوا على طلب السوفييت بالانسحاب خلال 21 يوما"، غير أن الرئيس السابق الأميركي جورج بوش كان يطالب بالانسحاب دون شروط ودفع تعويضات للكويت وحل مسألة الغازات السامة وبرنامج الأسلحة الكيميائية والنووية والبيولوجية التي يملكها العراق.
وقد قوضت جهود غورباتشوف عند إحراق آبار النفط في الكويت، وفي 23 شباط قبل دقائق من انتهاء المهلة التي منحها بوش نظام صدام حسين، تحدث معه غورباتشوف الذي عرض عليه التوصل إلى حل مشترك في الأمم المتحدة، وقد رفض بوش ذلك قائلا إنه في حال وافق العراقيون على الانسحاب سيتعين عليهم أن يعلنوا ذلك "خلال الدقائق القليلة المقبلة".
ويشير الأرشيف إلى أن صدام اعتقد أن حرق آبار النفط خطوة تكتيكية لردع طائرات العدو وأنها لن تثير غضب العالم، كما توقع أن يشن الأميركيون هجوما برمائيا وظن في بداية الأمر أن بعض التجارب التي قام بها الأميركيون بمثابة «الصدمة الأولى» قائلا إنها فشلت وظن بعدها أن سقوط ضحايا أميركيين في الحرب سيمنع بوش من المتابعة.
يشار الى، أن «عملية عاصفة الصحـــــراء حرب شنتها قوات التحالف المكونة من 34 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ضد العراق".