5 مصالح خفية وراء تفكك الرصيف الأميركي في غزة.. هل ساهم الأمريكان في مجزرة النصيرات؟
انفوبلس/ تقارير
لم يصمد الرصيف العائم الذي دشنته أميركا قبالة شواطئ قطاع غزة، في 17 مايو/ أيار الماضي، سوى عدة أيام فقط، إذ انفصلت أجزاء منه جراء تعرضه لأمواج هائجة في الـ25 من الشهر ذاته؛ ما دعا الولايات إلى الإعلان مؤخرا عن إزالته وبالتالي تفككه، الأمر الذي عدّته لجان المقاومة الشعبية في فلسطين بأنه مسرحية خبيثة لإشغال الرأي العام العالمي وخدعه وتخديره. فما هي تفاصيل الخدعة الأميركية هذه؟ وهل أسهم الأمريكان في مجزرة النصيرات الدامية؟
خدعة أميركية
وبالحديث عن هذا الملف، قالت لجان المقاومة الشعبية في فلسطين، إن تفكيك الجيش الأمريكي للرصيف العائم في غزة رغم تفشي المجاعة وانتشارها بشكل كبير، يكشف أن هذا الرصيف كان مسرحية خبيثة لإشغال الرأي العام العالمي وخدعته وتخديره.
وأضافت، في بيان بثته ألوية الناصر صلاح الدين، الجناح العسكري للجان المقاومة، عبر تليجرام، أن الغرض من الرصيف كان لفت الانتباه عن حرب التجويع والتعطيش والحصار التي يرتكبها الكيان الصهيوني النازي بمشاركة ودعم وتغطية من الإدارة الامريكية المجرمة.
لجان المقاومة: أميركا ساعدت إسرائيل في مجزرة النصيرات
وأكدت لجان المقاومة، أن تفكيك الرصيف الأمريكي العائم في غزة بعد أسبوع من المجزرة التي ارتكبها العدو الصهيوـأمريكي في النصيرات، يكشف الدور الأمني والاستخباراتي الخبيث لهذا الرصيف، وأنه لم يكن إلا قاعدة أمنية واستخباراتية للعدو الامريكي لمساعدة الكيان الصهيوني بارتكابه مجزرة النصيرات .
بالمقابل، أفاد مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون بأن الولايات المتحدة قدمت معلومات استخباراتية عن الرهائن الأربعة قبل عملية استعادتهم التي قامت بها إسرائيل من النصيرات وسط قطاع غزة.
وحسب ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز"، قال مسؤول أمريكي، إن فريقاً من المسؤولين عن استعادة الرهائن الأمريكيين المتمركزين في إسرائيل، ساعد الجيش الإسرائيلي في جهود إنقاذ الأسرى الأربعة من خلال توفير المعلومات الاستخبارية وغيرها من الدعم اللوجستي.
وتمت الإشارة إلى أن فرقاً لجمع وتحليل المعلومات الاستخبارية من الولايات المتحدة وبريطانيا تواجدوا في إسرائيل طوال فترة الحرب، لمساعدة المخابرات الإسرائيلية على جمع وتحليل المعلومات المتعلقة بالرهائن، وبعضهم مواطنون من كلا البلدين، وفق ما ذكر للصحيفة مسؤول دفاعي إسرائيلي كبير مطلع على الجهود المبذولة لتحديد مكان الرهائن واستعادتهم.
وأوضح اثنان من مسؤولي المخابرات الإسرائيلية، أن المسؤولين العسكريين الأمريكيين في إسرائيل قدموا بعض المعلومات الاستخبارية حول الرهائن الذين تم إنقاذهم.
كذبة إنسانية
بدوره، علق المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، على إعلان برنامج الأغذية العالمي عن إيقاف إدخال مساعداته للقطاع عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة غزة.
وقال المكتب الإعلامي في تصريح صحفي، "في أعقاب إعلان برنامج الأغذية العالمي عن إيقاف إدخال مساعداتهم لغزة عبر الرصيف الأمريكي العائم بسبب مخاوف أمنية، فإننا نؤكد مجددا عدم جدوى هذا الرصيف، حيث لم نلمس أي مساهمة جدية له منذ تدشينه قبل شهر ونصف، للتخفيف من كارثية الواقع الإنساني داخل قطاع غزة، فلم يمر عبره منذ إنشائه سوى عدد محدود جدا من الشاحنات لا تتجاوز 120 شاحنة".
وأضاف، إن "هذا الرصيف العائم كذبة إنسانية باعت من خلاله الإدارة الأمريكية الوهم للرأي العام العالمي، واستخدمته كغطاء لتجميل موقفها المنحاز والشريك للاحتلال في عدوانه على شعبنا، وإظهار أن لها جهودا ميدانية للتخفيف من وقع الكارثة الإنسانية التي يعاني منها أكثر من مليوني إنسان داخل غزة".
وتابع، "لو كانت الإدارة الأمريكية جادة في توجهاتها للتخفيف من وقع الكارثة الإنسانية، وصادقة في نواياها لمساعدة شعبنا، لضغطت على الاحتلال لفتح المعابر البرية وضمان دخول آلاف شاحنات المساعدات المكدسة بالجانب المصري، ولما ساهمت في تجميل صورة الاحتلال بالادعاء كذباً أكثر من مرة على لسان عدد من مسؤوليها عن زيادة دخول شاحنات المساعدات إلى غزة".
وحمّل المكتب الإعلامي الحكومي، "الولايات المتحدة إلى جانب الاحتلال، تداعيات الكارثة الإنسانية التي يعيشها شعبنا جراء العدوان وعدم إدخال المساعدات وظهور مؤشرات المجاعة في مختلف مناطق القطاع، لاسيما في شمال غزة".
من البناء للإزالة
وفي 16 مايو/ أيار الماضي، أعلنت القيادة المركزية بالجيش الأمريكي "سنتكوم" الانتهاء من بناء الرصيف البحري العائم قبالة شواطئ غزة، قبل أن تبدأ عبره نقل "كميات محدودة" من شاحنات المساعدات إلى القطاع في اليوم التالي (17 مايو).
لكن بعد ذلك بعدة أيام (25 مايو)، انفصلت أجزاء من هذا الرصيف، ووصلت إلى شاطئ مدينة أسدود الإسرائيلية "جراء الأمواج القوية"، وفق ما أفادت القناة "12" العبرية الخاصة.
وأضافت القناة، آنذاك، أن "القوات البحرية الإسرائيلية تساعد في ربط الجزء المنفصل الذي جرفته الأمواج".
لكن جهود إصلاح الرصيف البحري، على ما يبدو، باءت بالفشل، لتعلن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الثلاثاء (28 مايو) إن الرصيف ستتم إزالته لإجراء إصلاحات به، وسيُعاد فور الانتهاء من تلك الإصلاحات.
وذكرت المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ، في تصريحات صحفية، أن إصلاح الرصيف البحري "سيستغرق أسبوعًا وسيجري في ميناء أسدود".
ويأتي ذلك رغم التكاليف الباهظة لإنشاء هذا الرصيف، التي بلغت نحو 320 مليون دولار، وفق إعلام أمريكي.
5 مصالح خفية
من جانبهم، سلط خبراء عسكريون الضوء على 5 مصالح سياسية خفية لإسرائيل والولايات المتحدة من وراء إنشاء هذا الرصيف، على خلاف ما يتم تصويره من جانب واشنطن وتل أبيب من أنه "خطوة إنسانية".
واعتبر الخبراء، أن "فشل الميناء ليس مقصودًا؛ إذ إن الولايات المتحدة بأمسّ الحاجه له" لتحقيق عدة مصالح.
وأوضحوا، إن بايدن سعى من وراء هذا الرصيف إلى "تجميل صورته أمام الشارع الأمريكي" الذي يتصاعد الغليان فيه جراء الدعم الأمريكي المطلق لحرب إسرائيلية في غزة أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 118 ألف فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال، وسعى أيضا إلى تحقيق نتائج إيجابية بالانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، والشارع الأمريكي مُنقلب عليه لدعمه الحرب الدموية على غزة".
كما أشار الخبراء إلى، أن الولايات المتحدة أرادت "سرعة فرض هذا الرصيف كأمر واقع وبديل عن المعابر البرية" خدمة لإسرائيل التي ترغب في فرض سيطرتها الكاملة على كامل معابر القطاع البرية لتشديد الحصار والضغوط عليه، دون إثارة استنكار دولي واسع عبر منفذ بحري تتحكم فيه كذلك.
تهجير أهالي غزة سبب أخرى لبناء هذا الرصيف البحري، وفق الخبراء، الذين أكدوا أن "الهدف المعلن من الرصيف هو إيصال المساعدات الإنسانية، لكن الهدف المخفي هو التهجير الطوعي للفلسطينيين".
وتابعوا، إن "الولايات المتحدة تريد، كذلك، من الرصيف أن يكون قاعدة بحرية متقدمة، تضم غواصات نووية أمريكية وإسرائيلية، بما يتيح لها التدخل الفوري لإنقاذ إسرائيل".
ولفت الخبراء، أيضًا، إلى أن الرصيف العائم يحقق مصلحة أخرى لإسرائيل ترتبط بممر نتساريم الذي أقامته، ويفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه.
وأوضحوا، إن "ممر نتساريم سيتم وصله بطريق دولي عريض مع ميناء بايدن العائم"، بحيث "يكون الممر والميناء بمثابة قاعدة عسكرية متقدمة ومتطورة لإسرائيل".
لذلك، وفق الخبراء، "نجد محور نتساريم حاضرًا بكل ورقة تفاوض (مع الفصائل الفلسطينية) لوقف إطلاق النار، وصاحب الصدارة وحصة الأسد بالمفاوضات؛ لأن من يسيطر عليه يحكم غزة إلى الآبد".
ونظرا لكل هذه المصالح، شدد المحلل العسكري الأردني على أن الولايات المتحدة ستسعى لإصلاح هذا الرصيف العائم بـ"أسرع وقت ممكن".
4 أسباب للإخفاق
بدوره، اعتبر المحلل العسكري والاستراتيجي الأردني، هشام سليمان خريسات، أن "تفكك" الرصيف الأمريكي العائم بغزة يُؤكد "إخفاق الهندسة الأمريكية في الموانئ التعبوية".
وأضاف خريسات، أن هذه الواقعة أدت إلى "اهتزاز صورة واشنطن حول العالم لوجستيًا وهندسيًا وفنيًا وتعبويًا".
وأرجع خريسات، وهو عميد متقاعد من الجيش الأردني، تعطل الرصيف بعد أيام من تشغيله إلى 4 أسباب؛ أولها عدم خبرة الجيش الأمريكي في بناء مثل هذه "الموانئ التعبوية" إن "جاز لنا أن نطلق عليه ذلك الوصف"؛ فهو "التجربة الأولى له"، واصفا ما بنَته واشنطن بأنه "منصة عائمة تتلاطمها الأمواج".
أما السبب الثاني فهو "التعجيل في بناء هذا الرصيف العائم على حساب الإتقان"، وجراء ذلك نجد أن بعض قطعه "مختلفة الطول والحجم، وكان بعضها ضعيفًا ولم يتحمل آلاف الأطنان من الثقل".
وبين خريسات، أن "السرعة حرمت الشركة الصانعة للرصيف من إجراء التجارب عليه؛ فالتجارب بدأت في غزة مع نزول أطنان المساعدات عليه".
ويُعد السبب الثالث فنيًا، ويظهر "أخطاءً هندسية قاتلة" وقع فيها مهندسو الجيش الأمريكي رغم الإمكانيات الكبيرة؛ إذ "كان مطلوب من المهندسين أن يربطوا الرصيف ربطًا مباشرًا باليابسة، لكنهم بنوه على بعد 12 كيلو مترًا من الشاطئ، وعلّقوه بالهواء دون توفير أرضية يستند عليها، بسبب خوفهم من هجمات الفصائل الفلسطينية"، وفق المحلل العسكري.
وأضاف خريسات، إن السبب الرابع هو الموقع المختار للرصيف، معتبرا أنه "وجه آخر للفشل"؛ حيث إن هناك مواقع أكثر أمانا من وجهة نظر هندسية.
لكنه رأى أن الأمريكان حرصوا على اختيار موقع قريب من حقل غاز "غزة مارين"؛ "رغبة منهم في السيطرة عليه".
وتعرقل إسرائيل استفادة الفلسطينيين من حقل "غزة مارين" المكتشف منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، ويُقدر احتياطاته بـ1.1 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، أي 32 مليار متر مكعب.