آصف يعترف والبنتاغون يبرّأ طباطبائي.. مَن سرّب خطة تل أبيب المزعومة لضرب إيران؟

انفوبلس/ تقارير
تتوالى التحقيقات حول تسريب وثائق سرية من وزارة الدفاع الأمريكية، أظهرت معلومات حساسة عن استعدادات إسرائيلية للهجوم على إيران، وبينما أشارت أصابع الاتهام إلى أريان طباطبائي، الموظفة الأمريكية من أصول إيرانية، اعترف الموظف السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) آصف ويليام رحمن، بتسريب تلك الخطط، فأين تكمن الحقيقة؟ ومن يقف وراء التسريبات تلك، آصف أم أريان؟
تفاصيل التسريب
خلال طوفان الأقصى، وبعد الرد الإيراني على الكيان المحتل وقصف تل أبيب، تم تسريب وثائق تتضمن خطة الكيان للرد على طهران، وتضمنت الوثائق السرية التي تم تداولها على تطبيق تلغرام عبر حساب يحمل اسم "ميدل إيست سبكتيتر" معلومات عن الاستعدادات الإسرائيلية لضربة محتملة، لكنها لم تحدد أي أهداف فعلية.
واستندت المعلومات الاستخباراتية في الوثائق إلى صور الأقمار الاصطناعية من 15 إلى 16 أكتوبر.
وذكرت شبكة "سي إن إن" أن إحدى الوثائق المسربة، ناقشت خطة تتضمن قيام إسرائيل بنقل الذخائر. وفي وثيقة أخرى مصدرها وكالة الأمن القومي، توضح تدريبات القوات الجوية الإسرائيلية التي تتضمن صواريخ جو-أرض.
وفي وثيقة أخرى أيضا، يشار إلى شيء رفضت "إسرائيل" دائما تأكيده علناً وهو أن البلاد تمتلك أسلحة نووية، وتقول الوثيقة إن الولايات المتحدة لم ترَ أي مؤشرات على أن إسرائيل تخطط لاستخدام سلاح نووي ضد إيران.
وبحسب لائحة الاتهام التي تحمل تاريخ السابع من نوفمبر، يعتقد المحققون أن التسريب حدث في كمبوديا.
المتهمون.. آصف أم أريان؟
بعد التسريب، أفادت صحيفة "واشنطن بوست" بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي فتح تحقيقًا حول تسريب الوثائق، التي تحتوي على معلومات حساسة عن خطط إسرائيلية لشن هجوم ضد إيران.
وعلى الرغم من غموض مصدر التسريب، تؤكد الحكومة الأمريكية خطورة الوضع، مشيرة إلى احتمالية أن يكون التسريب ناجمًا إما عن اختراق إلكتروني أو عن تسريب داخلي.
في البداية، أشارت أصابع الاتهام إلى أريان طباطبائي، الموظفة الأمريكية من أصول إيرانية، التي لها صلات وثيقة بإيران، واتُهمت بأنها تقف وراء تلك التسريبات، فمَن هي؟
أريان طباطبائي، أمريكية من أصول إيرانية، تعمل في مكتب وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، اتُهمت بالوقوف خلف تسريب وثائق سرية تتعلق بالتحضيرات الإسرائيلية لهجوم محتمل على إيران.
وتُظهر مراسلات قديمة، كشفت عنها التقارير، أن طباطبائي كانت على اتصال مستمر مع مسؤولين إيرانيين بشأن قرارات مهمة، ففي إحدى الرسائل، سألت طباطبائي عن رأي الحكومة الإيرانية بشأن حضور مؤتمر في جامعة بن جوريون بإسرائيل، حيث كانت تبحث عن توجيهات حول قبول الدعوة.
آصف يبعثر الأوراق ويعترف
بعد أيام وأسابيع من التحقيق والاتهامات، اعترف يوم أمس، آصف رحمان، محلل سابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA)، بتسريب وثائق سرية تتعلق بالتحضيرات العسكرية لإسرائيل لشن هجوم انتقامي ضد إيران بعد إطلاق الصواريخ في أكتوبر 2023. الوثائق، التي تم نشرها على منصات التواصل الاجتماعي العام الماضي، تسببت في تأخير الهجوم الإسرائيلي وكان لها تأثيرات كبيرة على التوقيت والقرار السياسي في المنطقة، وفقا لما نشره موقع صحيفة "معاريف" العبريّة.
وأضافت الصحيفة العبرية، أنه تم القبض على رحمان، البالغ من العمر 34 عامًا، بعد أن تتبع محققو مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) تحميل الوثائق المسربة من جهازه في سفارة الولايات المتحدة في بنوم بنه، كمبوديا. الوثائق التي تم تسريبها كانت تحتوي على تفاصيل حول تدريبات جوية في إسرائيل تتماشى مع التحضيرات للهجوم على إيران، ولكنها لم تحتوِ على صور.
وحسب المعلومات الواردة، تشير الوثائق إلى أن إسرائيل كانت تعد لتوجيه ضربة ضد إيران عقب الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران ضدها في أكتوبر 2023، وكان من المقرر أن تشمل الضربة المنشآت النووية الإيرانية.
وفي محكمة المقاطعة في ولاية فرجينيا، اعترف رحمان بتهمتين تتعلقان بنقل معلومات سرية إلى أطراف خارجية. في البداية، كان قد نفى التهم الموجهة إليه، لكنه بعد فترة من التحقيقات اتخذ قرارًا بالاعتراف. ومن المتوقع أن يُحكم عليه بالسجن لمدة قد تصل إلى 20 عامًا. وتنتظر المحكمة الاستئنافية في مايو المقبل تقديم الأحكام النهائية في هذه القضية التي أثارت الكثير من الجدل.
وأشارت "معاريف" إلى أن التسريبات التي نشرها رحمان في 17 أكتوبر 2024، نُشرت على قناة تليغرام "Middle East Spectator"، وظهرت في وقت حساس حينما كانت إيران تستعد للرد على الهجمات الإسرائيلية. في ذلك الوقت، كانت طهران قد أطلقت ما يقارب 200 صاروخ باليستي نحو إسرائيل، في محاولة للانتقام لما وصفته إيران بالاعتداءات الإسرائيلية المستمرة.
فيما يتعلق بتسريب المعلومات، صرح المدَّعون الفيدراليون في المحكمة بأن رحمان ربما كان يحمل دوافع أيديولوجية قد تشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي، حيث يمكنه تسريب معلومات أكثر حساسية بهدف التأثير على الحرب والمواقف السياسية. وقال المدَّعون إن رحمان كان مسؤولاً عن حماية أمن الولايات المتحدة وحلفائها، إلا أنه في 17 أكتوبر 2024 استغل الثقة التي منحته إياها الولايات المتحدة وعرّض دولًا عديدة لخطر داهم.
وأضافت الصحيفة: تعتبر هذه القضية من أكبر الأزمات القانونية التي تواجه الأمن الأمريكي، حيث يُشتبه في أن رحمان كان يستغل موقعه كمحلل استخباراتي لتسريب معلومات قد تؤثر على سياسة الولايات المتحدة في المنطقة، وخصوصًا في ما يتعلق بالصراع في الشرق الأوسط.
القبض على آصف.. واعترافات سابقة
وأُلقي القبض على آصف في كمبوديا في 12 نوفمبر، ومن المتوقع أن يمثل أمام محكمة اتحادية في جزيرة غوام للمرة الأولى في 14 نوفمبر قبل نقله للمحاكمة في المنطقة الشرقية من ولاية فرجينيا.
وذكرت رويترز، أن لائحة الاتهام تتضمن تهمتين تتعلقان بنقل معلومات سرية عمداً، دون أن تقدم تفاصيل حول طبيعة التسريب.
وأقر مكتب التحقيقات الفيدرالي الشهر الماضي بأنه يحقق في التسريب، قائلًا إنه "يعمل بشكل وثيق مع شركائنا في وزارة الدفاع ومجتمع الاستخبارات".
ويتولى مكتب التحقيقات الفيدرالي التحقيق في انتهاكات قانون التجسس، الذي يحظر الاحتفاظ غير المصرح به بالمعلومات المتعلقة بالدفاع التي قد تضر بالولايات المتحدة أو تساعد عدواً أجنبياً.
وكان مجلس النواب الأميركي، قد عقد جلسة سرية حول تسريب المعلومات الاستخباراتية، معلناً فتح تحقيق في ملابسات التسريب.
وكانت الوثائق متاحة للمشاركة في إطار تحالف "خمس أعين" الاستخباراتي، الذي يضم الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، ونيوزيلندا وأستراليا.
كما أعلنت وزارة العدل الأميركية، يوم الجمعة 19 يناير (كانون الثاني) 2025، أن رحمان (34 عامًا) من سكان ولاية فيرجينيا، أقر بتعمده الاحتفاظ بوثائق مرتبطة بالدفاع الوطني وتسريبها بشكل غير قانوني.
وقد اعترف رحمان بأنه في عدة مناسبات، من بينها عام 2024، قام بتحميل وطباعة وتوزيع معلومات سرية بشكل غير قانوني.
وأوضحت الوزارة، أنه في ربيع عام 2024، أخذ 5 وثائق سرية وفائقة السرية إلى منزله، ثم عدّلها وشاركها مع أشخاص غير مصرح لهم بالوصول إليها. وفي خريف العام نفسه، قام بطباعة 10 وثائق أخرى فائقة السرية وشاركها مع آخرين.
وذكرت تقارير، أن رحمان حاول إخفاء أفعاله من خلال حذف السجلات من الأجهزة الإلكترونية التي استخدمها. كما عُثر على ملاحظات بخط يده تحمل عبارات غامضة مثل "عطلة منتصف نوفمبر"، و"هروب"، وما زال المحققون يحاولون فك رموز هذه الملاحظات.
والده، محيت رحمان، يدير صندوق استثمار خاصًا ويدير منظمة غير ربحية باسم "إغاثة بنغلاديش". وكان محيت داعمًا ماليًا بارزًا للأطفال في غزة.
وقد ذكرت تقارير أخرى أن آصف كان ناشطًا منذ صغره، حيث صمم موقعًا إلكترونيًا بعنوان "الدم والعرق والدموع: قصة عمل الأطفال" في سن الثالثة عشر. وفي الخامسة عشر، أنشأ موقعًا بعنوان "دولار واحد يوميًا: إيجاد حلول للفقر".
البنتاغون يبرّأ طباطبائي
كما نفى المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، بات رايدر، مؤخرًا، صحة مزاعم تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات إعلامية أجنبية تتهم موظفة من أصول إيرانية تعمل في البنتاغون – في إشارة إلى أريان طباطبائي - بالتورط في حادث تسريب معلومات سرية بشأن استعدادات إسرائيل للرد على الهجمات الصاروخية الإيرانية.
وأكد رايدر، أن مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي أي" يعمل بشكل وثيق مع وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات للتحقيق في الحادث، كما أشار إلى أن وزير الدفاع لويد أوستن بحث هذا الموضوع مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت خلال مكالمة هاتفية.