أزمة "البعث الأردني" تتصاعد في العراق.. تظاهرات ببغداد ومسؤول أردني يرد على الانتقادات
انفوبلس/ تقرير
أثار قرار الأردن بالسماح للفرع المحلي لحزب البعث باستئناف نشاطه السياسي في البلاد غضبَ سياسيين ونشطاء في العراق، حيث انطلقت صباح اليوم الثلاثاء 30 مايو/ أيار 2023، تظاهرة بالعاصمة بغداد استنكاراً على القرار، مطالبين الحكومة العراقية باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد عمّان، في وقت ردّ الناطق الإعلامي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن محمد خير الرواشدة، على الانتقادات الأخيرة.
الغضب العراقي يأتي بعد أن وافقت "الهيئة المستقلة للانتخاب" في الأردن، في 14 مايو/ أيار، على ترخيص المشاركة السياسية لـ 27 حزباً سياسياً، منها حزب البعث العربي الاشتراكي ــ الفرع الأردني للحركة القومية العربية المرتبطة بالطاغية العراقي صدام حسين.
*تظاهرة في بغداد
وخرج عشرات الأشخاص في العاصمة العراقية بغداد، صباح اليوم الثلاثاء 30 مايو/ أيار 2023، بتظاهرات غاضبة احتجاجاً على سماح السلطات الأردنية لحزب البعث العربي الاشتراكي بممارسة نشاطه السياسي على أراضيها.
وانطلقت تلك التظاهرات قرب مؤسسة الشهداء في الجادرية وسط العاصمة بغداد، وفقا لشهود عيان.
واستنكر المتظاهرون منح الأردن إجازة العمل السياسي لحزب البعث، مطالبين الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد عمّان. ورفع المحتجون شعارات مناهضة لعودة حزب البعث للممارسة العمل السياسي مجددا، وهتفوا أيضا بمواجهة وإجهاض المحاولات الرامية لذلك.
بدوره قال رئيس "لجنة الشهداء والسجناء السياسيين والمضحين" حسن سالم، بين حشود المحتجين مخاطباً بقايا حزب البعث: "ورقة حزب البعث احترقت وولّت وإن فكّرتم العودة ستلقون أجساداً وجنوداً مجنّدة لسحقكم".
"عمل عدائي واستفزازي"
كما وصف حزب الدعوة الإسلامية العراقي ـ أحد أشد الأحزاب المعارضة لحزب البعث ـ الخطوة الأردنية بأنها "عمل عدائي واستفزازي". وقال المكتب السياسي للحزب في بيان ورد لـ"انفوبلس"، "فوجئ العراقيون وانتابتهم الصدمة والغضب العارم من خبر إجازة الحكومة الأردنية لحزب (البعث الصدامي) ممارسة النشاط السياسي".
وأضاف، "كان يكفي دليلاً على منع هذا الحزب الفاشي من العمل، تاريخه الأسود وما ترتّب على وجوده في السلطة من مآسي لشعوب المنطقة بسبب إذكائه للصراعات الداخلية والحروب العدوانية، ومنها غزو الكويت، وفتح أبواب العراق للاحتلال الأجنبي".
وتابع، "مع الحرص على العلاقة الأخوية المشتركة مع الدولة الجارة والشقيقة الأردن، غير أننا نجد أن هذا الفعل لا ينسجم مع مبادئ حُسن الجوار، ولا يحترم مشاعر الغالبية العظمى للشعب العراقي، بل إنه ينطوي على نوايا غير سليمة إزاء العراق واستقراره، مما سيؤثر سلباً على الموقف الشعبي والسياسي الذي سيضغط باتجاه مراجعة العلاقة الحالية مع الجانب الأردني".
وأشار الحزب إلى، أن "هذا الحزب بماضيه الدموي لن يخدم مصالح الأردنيين بل سيؤثر سلباً على علاقتهم بعدد من الدول العربية والإسلامية التي تضررت بسبب سياساته العدوانية الهوجاء". ودعا، "الحكومة الأردنية إلى إلغاء إجازة هذا الحزب ومنعه من ممارسة أي نشاط صيانة للمصالح المشتركة والتي بدأت عهداً جديداً متنامياً، وحرصاً على التعاون والعلاقات الاخوية بين الشعبين".
وطالب الحزب وزارة الخارجية العراقية استدعاء سفير المملكة الأردنية الهاشمية في بغداد "للاحتجاج على هذا الإجراء غير الودّي إزاء العراق". وحثّ حزب الدعوة العراقيين والقوى الفاعلة على التعبير عن الاحتجاج بشتّى الطرق السلمية على هذه الخطوة العدائية المستفزة.
ووسط صمت رسمي عراقي فقد دعت لجنة "الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين" البرلمانية وزارة الخارجية العراقية إلى استدعاء السفير الأردني لدى بغداد وتسليمه مذكرة احتجاج على خلفية إجازة بلاده لحزب البعث بممارسة نشاطه السياسي.
إذ قال رئيس اللجنة حسن سالم في بيان: "نحن لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين النيابية التي تمثل صوت الشارع والشعب، وبالخصوص الشرائح المضحية التي قدّمت الدماء والتضحيات من أجل الحرية والخلاص من الظلم والدكتاتورية، تعلن احتجاجها واستنكارها إزاء إجازة المملكة لحزب البعث".
*الأردن يرد على الانتقادات
من جهته، ردّ الأردن على الانتقادات العراقية، وأوضح الناطق الإعلامي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن محمد خير الرواشدة أن "حزب البعث العربي الاشتراكي هو حزب أردني ناشط على الساحة السياسية منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، وقد استطاع الحزب توفيق أوضاعه بموجب قانون الأحزاب النافذ".
كما أضاف الرواشدة أنه، وبعيداً عما جرى تداوله من آراء، فإن "الحزب يعمل داخل حدود المملكة الأردنية، وبرنامجه وأهدافه وشعاراته تستهدف عناوين اللحظة السياسية في البلاد"، مضيفاً أنه "لا يُسمح لأي حزب أردني بالعمل خارج حدود المملكة أو أن يتلقى دعماً أو توجيهاً من الخارج".
بينما أكد المسؤول الأردني، أن "حزب البعث الاشتراكي مرخص كحزب أردني، ونشاطه يجب أن يلتزم بأحكام القانون وتقاليد العمل الحزبي محلياً والتي تتجسد في التعبير عن قواعده وتمثيلها".
يُذكر أن البرلمان العراقي صوَّت بتأييد الأغلبية الساحقة في عام 2016 على إقرار حظر رسمي لأي نشاط سياسي لحزب البعث بالبلاد. وكانت سلطة الائتلاف المؤقتة -التي تولّت السلطة في العراق بعد الاحتلال الأمريكي وإطاحة صدام حسين من السلطة- قد حظرت الحزب في عام 2003.
وقد صل حزب البعث إلى السلطة عام 1968 بعد انقلاب قاده صدام، الذي كان مساعد الأمين العام للحزب في ذلك الوقت.
*ذكرى حزب البعث وصدام لدى الأردنيين
كان الحزب ورئيسه السابق لا يزالان مكروهين في جميع أنحاء العراق، مما لصدام حسين من سجل طويل في انتهاكات حقوق الإنسان، لكن حسب موقع "ميدل إيست آي"، لا تزال صور صدام حسين تنتشر في جميع أنحاء العاصمة الأردنية عمان، فتجدها على ملصقات السيارات وأغطية الهواتف المحمولة، وحتى أقنعة الوجه التي كانت تُستعمل للوقاية من فيروس كورونا.
وفي السنوات الأخيرة، توترت العلاقات بين الدولتين العربيتين، إذ فتح الأردن البابَ أمام إنشاء عدد كبير من قواعد القوات الخاصة الأمريكية على أراضيه خلال المدة التي سبقت الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003.