أصداء دولية لـ"مجزرة الطحين" في غزة على يد الصهاينة.. جريمة مروعة تدمر محاولات واشنطن الدفاع عن تل أبيب
أكثر من ألف شهيد وجريح
أصداء دولية لـ"مجزرة الطحين" في غزة على يد الصهاينة.. جريمة مروعة تدمر محاولات واشنطن الدفاع عن تل أبيب
انفوبلس/..
في جريمة بشعة كبشاعة الاحتلال الصهيوني ارتُكبت مؤخراً على أيدي الصهاينة في غزة المحتلة، وتحديداً شارع الرشيد، إذ أوقعت نحو 100 شهيداً فلسطينياً فيما جاءت الدبابات الإسرائيلية لتسير على جثث الشهداء في مشهد صادم يخلو من الرحمة والإنسانية ويفنّد الادعاءات التي تنادي بها الدول الداعمة للكيان الغاصب، وفيما دمرت هذه المجزرة محاولات واشنطن في الدفاع عن تل أبيب وتجميل صورتها، كشفت أدلة عن تورط الاحتلال بهذه المجزرة الفظيعة.
*تفاصيل الواقعة
ذكرت السلطات الصحية في غزة أن أكثر من 110 أشخاص استُشهدوا وأُصيب نحو 800 جراء إطلاق القوات الإسرائيلية النار باتجاه حشد كان ينتظر للحصول على مساعدات قرب مدينة غزة. وباتت تُعرف هذه المجزرة باسم "مجزرة الطحين".
وأثار مقتل الفلسطينيين خلال عملية توزيع مساعدات في مدينة غزة موجة تنديد واسعة من دول غربية وعربية كرّرت الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وطالب بعضها بالتحقيق.
*أمريكا: تعقيد للمحادثات
أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الخميس، أنّ إدارته تتحقّق من تقارير عن إطلاق إسرائيل النار على أشخاص ينتظرون مساعدات غذائية في شارع الرشيد جنوب مدينة غزة، مرجحًا أنّ يعقّد الحادث الدموي المحادثات بشأن وقف إطلاق النار.
وفي هذا الإطار، قال بايدن للصحافيين: "نتحقّق من الأمر حاليًا. هناك روايتان متضاربتان عمّا حدث ولا جواب لديّ حتى اللحظة".
ولدى سؤاله عمّا إذا كان يعتقد بأنها ستعقّد المفاوضات الرامية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، قال بايدن: "أعرف أنها ستتسبب بذلك".
واستبعد وقفًا لإطلاق النار بحلول الإثنين، الموعد الذي كان قد توقّعه في وقت سابق هذا الأسبوع، لكنّه في الوقت نفسه أشار إلى أنّ "الأمل لا ينضب".
*اعتراف امريكي
من جهته، وصف متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي إطلاق القوات الإسرائيلية النار على الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية جنوب مدينة غزة، بأنّه "حادث خطير".
وقال المتحدث في بيان، إنّ البيت الأبيض "ينظر في التقارير"، مع الاعتراف بـ"خسارة أرواح بريئة".
وأضاف: "نحزن على فقدان أرواح الأبرياء ونعترف بالوضع الإنساني السيئ في غزة، حيث يحاول الفلسطينيون الأبرياء إطعام أُسرهم".
وأوضح المسؤول الأميركي، إن "هذا يؤكد أهمية توسيع واستدامة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك من خلال وقف مؤقت محتمل لإطلاق النار، فيما نواصل العمل ليلًا ونهارًا لتحقيق هذه النتيجة".
*تعليق إسرائيلي قبيح
وصف الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير الجنود الإسرائيليين الذي أطلقوا النار على مدنيين في غزة اجتمعوا في محاولة للحصول على مساعدات إنسانية، بـ "الأبطال" ودعا لوقف المساعدات.
وقال بن غفير في تغريدة على حسابه في منصة "إكس": "يجب تقديم الدعم الكامل لمقاتلينا الأبطال العاملين في غزة، الذين تصرفوا بشكل ممتاز ضد غوغاء الغزيين الذين حاولوا إيذاءهم".
وأضاف: "لقد ثبت اليوم أن نقل المساعدات الإنسانية إلى غزة ليس مجرد جنون في حين أن المختطفين لدينا محتجزون في القطاع في ظروف دون المستوى المطلوب، ولكنه يعرض جنود جيش الدفاع الإسرائيلي للخطر أيضا".
*موقف العراق
أدانت وزارة الخارجية، المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيونية في دوار النابلسي بغزة.
وقالت الخارجية في بيان: "ندين ونستنكر المجزرة التي ارتكبتها سلطة الاحتلال بحق المواطنين الذين كانـوا ينتظـرون وصـول شاحنات المساعدات عند دوار النابلسي قرب شارع الرشيد بمدينة غزة، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والمصابين".
وجددت مطالبتها "المجتمع الدولي باستخدام الوسائل الممكنة كافة لحماية الشعب الفلسطيني الذي يعاني من أزمة إنسانية خطرة"، مشيرة، إلى أن "لجـوء سلطة الاحتلال لسياسة الإبادة الجماعيـة وإصرارهـا عـلى مواصلة عمليات القتل والتهجير مؤشر على تجاهل القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مما يتطلب وقفة جادة لحماية الشعب الفلسطيني".
*مواقف عربية
توالت الإدانات العربية لمجزرة شارع الرشيد التي أدت إلى وقوع مئات القتلى والإصابات بين سكان غزة الذين اصطفوا للحصول على المساعدات شمال قطاع غزة.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إن "هذه المجزرة البشعة تثبت مجددا أن حكومة الاحتلال لا تعطي أي اهتمام للمناشدات والمطالبات الدولية بحماية المدنيين وتمارس عكسها تماما"، مجددة مطالبتها بالوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي كسبيل وحيد لحماية الفلسطينيين.
وأدانت وزارة الخارجية القطرية، "المجزرة الشنيعة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق مدنيين عُزَّل"، مؤكدة أن "استمرار جرائم الاحتلال الوحشية، في إطار حربه الغاشمة على قطاع غزة، تثبت يوما بعد يوم الحاجة الملحّة إلى تحرك دولي عاجل لإنهاء هذا العدوان غير المسبوق في التاريخ القريب فورا".
ووصفت الكويت، في بيان لخارجيتها، الاستهداف الإسرائيلي بأنه "جريمة جديدة اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق عدد من المدنيين الفلسطينيين العُزل"، مؤكدة "ضرورة وقف إطلاق النار بشكل فوري وعاجل، وضمان دخول المساعدات الإغاثية والإنسانية، للفلسطينيين المدنيين العُزل في القطاع المحاصر".
كما دانت وزارة الخارجية الإماراتية الاستهداف، وطالبت بتحقيق مستقل وشفاف ومعاقبة المتسببين، محذرة من الوضع الإنساني الكارثي البالغ الحساسية والخطورة".
وأعربت سلطنة عمان عن "إدانتها واستنكارها الشديدين" للاستهداف ذاته، وطالبت المجتمع الدولي بـ"التدخل العاجل والحازم لوضع حد للأوضاع الإنسانية المأساوية في قطاع غزة وتحميل دولة الاحتلال كافة مسؤولياتها تجاه استهدافها للمدنيين وللمنشآت المدنية في قطاع غزة".
كما أدانت وزارة الخارجية السعودية المجزرة، مؤكدة "رفض المملكة القاطع لانتهاكات القانون الدولي الإنساني من أي طرف وتحت أي ذريعة".
كذلك، أدان الأردن الاستهداف، معتبرا أنه "انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، في ظل غياب موقف دولي يوقف هذه الحرب والمجزرة الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل بحق الأشقاء الفلسطينيين".
من جهتها، أدانت الخارجية المصرية، المجزرة الإسرائيلية واعتبرتها "جريمة مشينة وانتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واستهتار بقيمة الإنسان وقدسية روحه".
من جهته، أدان جامع الأزهر المجزرة الإسرائيلية، واعتبر أن "استهداف النازحين المتعطشين للطعام والشراب وصمة عار على جبين الإنسانية الصامتة"، مطالبا "العالم أجمع بأن يفيق من غيبوبته غير المسبوقة في تاريخ الإنسانية ووقف العدوان الصهيوني المجرم على غزة".
كما أدانت وزارة الخارجية اللبنانية "القتل المتعمد لعشرات المدنيين الفلسطينيين العزل وجرح المئات من خلال قصف قوات الاحتلال الاسرائيلي لطوابير المساعدات الإنسانية في غزة"، داعية إلى "إنشاء لجنة تحقيق دولية لتحديد المسؤوليات وللحؤول دون إفلات الجهة المسؤولة عن هذه الجريمة من المحاسبة والعقاب".
بدورها، قالت زارة الخارجية السورية إن "الكيان العنصري الصهيوني مكشف مجددا عن وجهه الدموي والفاشي من خلال المجازر التي يرتكبها منذ خمسة أشهر تقريبا ضد الأبرياء الفلسطينيين من نساء وأطفال وكبار السن، وارتكبت قواته الفاشية مجزرة بحق الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون منذ أسابيع وصول شاحنات المساعدات الإنسانية إلى جنوب غرب غزة، والتي ذهب ضحيتها ما يزيد على 100 شهيد ونحو1000 جريح".
*مواقف الدول الأجنبية
شددت الحكومة الألمانية: على "التحقيق في ملابسات مقتل سكان من غزة كانوا يسعون للحصول على مساعدات إنسانية"، داعيةً إلى "وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية".
وقالت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، عبر منصة "إكس"، إنّ الناس "أرادوا إحضار إمدادات الإغاثة لأنفسهم ولعائلاتهم، وانتهى بهم الأمر قتلى".
وأضافت: "التقارير الواردة من غزة أصابتني بصدمة"، مشيرةً إلى أنّ "على الجيش الإسرائيلي أن يقدّم شرحاً وافياً لما حدث من ذعر وإطلاق نار بشكل جماعي".
أما فرنسا، فإنّها دعت إلى إجراء "تحقيقٍ مستقل" في الظروف التي أطلقت فيها قوات الاحتلال النار على حشودٍ كانت تسعى للحصول على مساعدات إنسانية.
وفي مقابلةٍ لإذاعة "فرانس إنتر" الفرنسية، قال وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورنيه، إنّ باريس "ستطلب توضيحات"، مشيراً إلى أنّه في حال خلص التحقيق إلى أنّ إطلاق النار الإسرائيلي كان جريمة حرب، "فمن الواضح أنّ هذا يصبح مسألة تتعلق بالسلطة القضائية".
بدورها، قالت الحكومة البرازيلية إنّ مقتل أكثر من 100 شخص كانوا يسعون للحصول على مساعدات إنسانية في غزة يظهر أنّ الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة ليس لها "حدود أخلاقية أو قانونية"، مجدّدة دعوتها إلى وقف فوري لإطلاق النار.
كذلك، قالت وزارة الخارجية البرازيلية في بيان "الإنسانية تخذل المدنيين في غزة. وحان الوقت لمنع المزيد من المذابح... ويجب على المجتمع الدولي الدعوة إلى وقفها وتجنب ارتكاب فظائع جديدة".
*أمريكا تُفشل إقرار بيانٍ أممي يحمّل الاحتلال المسؤولية
فشل مجلس الأمن الدولي، اليوم الجمعة، في إقرارٍ بيان يحمّل كيان الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية المجزرة التي ارتكبتها قواته في "شارع الرشيد" في مدينة غزة بحق فلسطينيين كانوا ينتظرون وصول شاحنات المساعدات.
وكان المجلس قد عقد جلسةً مغلقة بناءً على طلب الجزائر بخصوص التطورات الأخيرة في قطاع غزة عقب مجزرة "شارع الرشيد".
وطرحت الجزائر على طاولة المجلس مشروع بيانٍ رئاسي يحمّل المسؤولية لـ"جيش" الاحتلال الذي أطلق النار في اتجاه الآلاف من المدنيين الذين كانون ينتظرون وصول شاحنات المساعدات، لكنّ النص لم يمر لأنّ إقرار البيانات الرئاسية لا يتم إلا بالإجماع، إذ أيّد النص 14 عضواً وعارضته الولايات المتحدة الأميركية.
بدوره، قال مصدر دبلوماسي إنّ الولايات المتحدة صوّتت ضد النص لرفضها تحميل مسؤولية ما جرى إلى الاحتلال، مبيّناً أنّ المناقشات في أروقة مجلس الأمن ستستمر في محاولة للتوصل إلى صيغة تلقى الإجماع المطلوب.
إلى جانب ذلك، طالب مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، بإصدار قرارٍ يدعو إلى وقف إطلاق النار فوراً.
وقال منصور للصحافيين، عقب الجلسة، إنّ "هذه المجزرة الوحشية دليل على أنّه ما دام مجلس الأمن مشلولاً ويتم فرض الفيتو، فإنّ الفلسطينيين يدفعون حياتهم ثمناً"، مشيراً إلى أنّه التقى مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، وطالبها بضرورة تحرك مجلس الأمن لإدانة مجزرة "شارع الرشيد".
*كذب الروايات
في السياق، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن تعليقات المسؤولين الإسرائيليين بشأن مجزرة الطحين في شارع الرشيد "كانت غير متّسقة، وحملت معلومات متناقضة في كثير من الأحيان".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله في البداية إنّ مصدر النيران لم يكن دبابة بل بنادق، فيما أشار مسؤول عسكري آخر إلى أن دبابة إسرائيلية هي التي أطلقت طلقات تحذيرية وشرعت القوات في إطلاق النار على الحشد، فيما استعرضت الصحيفة تصريحات مسؤول عسكري ثالث لمحطة إذاعية فرنسية، زعم فيها أن جنود الاحتلال ردوا على إطلاق النار عليهم.
من جهتها، أقرّت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية بأن المشاهد المصورة الجزئية التي نشرها جيش الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى مقاطع أخرى نُشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا تشرح بشكل كامل تسلسل الأحداث.
وذكرت الصحيفة أن جيش الاحتلال نشر أجزاء من فيديو طائرة بدون طيار ورفض تقديم "لقطات غير معدّلة"، ما يعزز فرضية التلاعب و"زاد من الارتباك حول تسلسل الأحداث".
*أدلة على تورط جيش الاحتلال
وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قد استعرض أدلة على تورط جيش الاحتلال في مجزرة الطحين التي وقعت في شارع الرشيد بمدينة غزة، مؤكداً، الخميس، أنّ العشرات من الضحايا تبين أنهم مصابون بأعيرة نارية وليس نتيجة الدهس أو التدافع كما ادعى الناطق باسم جيش الاحتلال، الذي تحدث عن رواية الدهس دون أن ينفي عملية إطلاق النار المثبتة في مقاطع فيديو وثقت ما حدث.
وأبرز "الأورومتوسطي" أربعة دلائل تؤكد تورط جيش الاحتلال في جريمة قتل وإصابة المدنيين الجياع:
1-علامات الإصابات على أجساد الشهداء والمصابين، وهو أمر توثّق منه باحث "الأورومتوسطي" بمعاينة الضحايا لحظة وصولهم إلى مستشفى الشفاء، إلى جانب امتزاج دماء جروحهم بأكياس الطحين وصناديق المساعدات.
2-مقاطع الفيديو التي نشرها شهود العيان للجريمة وصوت الرصاص الواضح ومصدره من جهة الدبابات الإسرائيلية المتمركزة باتجاه البحر.
3-التثبت من بصمة صوت الرصاص الواضح أنها من سلاح آلي برصاص من عيار "5.56" الذي يستخدمه جيش الاحتلال، ويمكن سماعه في المقاطع المنشورة وقت إطلاق النار بوضوح.
4-الفيديو من الجو الذي نشره جيش الاحتلال الإسرائيلي مجتزأ وتم إجراء تحريف فيه، ومع ذلك يوضح وجود دبابتين على الأقل بالدقيقة (01:06)، ويظهر وجود عدة جثث بمسار الدبابات وليس بمسار الشاحنات. ونبّه البيان إلى أن الدقيقة (1:06-1:28) من الفيديو تظهر هروب معظم الأشخاص الموجودين باتجاه عكسي من شاحنات المساعدات، بما في ذلك الأشخاص الذين كانوا بالأصل بعيدين عن الشاحنات، وهو ما يعني أن مصدر الخطر ليس من الشاحنات ذاتها أو من التدافع حولها، بل يتضح أنه من "مصدر آخر خارجي".