أكثر من 20 عاما على إنشاء قناة الحرة التي تم إغلاقها أمس.. ما الذي قدمته؟
صار الخطاب أحادياً وانفض عنها الناس
أكثر من 20 عاما على إنشاء قناة الحرة التي تم إغلاقها أمس.. ما الذي قدمته؟
انفوبلس /..
في قرار مفاجئ، أعلنت إدارة مؤسسة MBN المموّلة من الحكومة الأميركية، إغلاق قناة “الحرة عراق”، بعد 20 عاماً من البث والتحريض والسياسة المشوهة ضد العراق حكومةً وشعباً.
وكشف مدير المؤسسة جيفري غدمن عن تقليص في الميزانية بنحو 20 مليون دولار أجراه مجلس الشيوخ مؤخراً، وقال إن المؤسسة ستنتقل إلى تقليص نفقات المكاتب والفواتير وغيرها لصالح العمل الميداني أكثر.
وتلقى 160 موظفاً تم تسريحهم رسالة على البريد الإلكتروني من غدمن، وفيما يلي نصها:
"أصدقائي، إنه يوم حزين. اليوم ودعنا 160 زميلة وزميلاً، وخفضنا عدد موظفينا بنسبة 21 في المئة.
بدأنا عملية الإصلاح وإعادة الهيكلة هذا الصيف بتسريح أربعة من كبار المسؤولين التنفيذيين وأكثر من ستة من زملائنا المديرين من المستوى المتوسط. واصلنا عملية الإصلاح، وخلال الشهر الماضي أعدنا هيكلة القسم الرقمي. سبق ووعدتكم بالإعلان عن الموجة الأكبر من التسريحات في مطلع أيلول/سبتمبر. ومع ذلك، فإن هذا يوم مؤلم وبالغ الصعوبة بالنسبة للزملاء الذين يغادروننا، ولكل فرد في الشركة".
"كما ذكرت لكم خلال الأسابيع الماضية، فإن التغييرات التي نقوم بها فرضتها علينا الظروف. استدعت تخفيضات الميزانية التي أقرّها مجلس الشيوخ تقليص مصاريف الشركة بنحو 20 مليون دولار. كما سمعتم من قبل، تشكّل رواتب ومزايا الموظفين أكثر من 70 في المئة من مصاريف المؤسسة".
"لقد قلت مراراً وتكراراً إنني أريد شركة تضع الناس في المقام الأول. أنا آسف لأننا وصلنا إلى هذه اللحظة".
"كل أقسام الشركة خضعت للمراجعة دون استثناء. ونحن إذ نتخلص من المكاتب التقليدية مثلاً، فإننا نتبع في ذلك توجهاً مهنياً شائعاً، ولن نضطر بعد الآن لدفع الإيجارات والفواتير وتكاليف الأمن والتنظيف، وما يتبعها من الرسوم القانونية والإدارية والضريبية. ومن خلال إعادة التفاوض مع الشركة التي نستخدمها للترجمة الفورية سنخفض النفقات لتتناسب مع واقعنا المالي الجديد. وفّرنا حتى في أبسط المصاريف، وألغينا كذلك ميزانية التسويق".
"ولكي نصل إلى هذه النقطة، راجعنا كل برنامج وتقصينا كل مهمة، وبحثنا ملفات حوالي ألف موظف في الشركة. عمل المديرون بلا كلل وتعاونوا عن كثب خلال الأسابيع الماضية. بذلنا جميعاً قصارى جهدنا لنكون منصفين تجاه موظفينا ومراعين لمتطلبات MBN في المستقبل.
"خططنا بشكل استراتيجي قيمنا مؤهلات الأفراد وكفاءاتهم، وجودة أدائهم، وتمثلهم الثقافة المؤسسية. في القسم الرقمي المجدد، كانت الاختبارات المعماة (مجهولة الأسماء) للوظائف الجديدة تنافسية إلى حد كبير".
"في مواقف كثيرة، لم تكن أمامنا خيارات جيدة. القرارات النهائية كلها مسؤوليتي بالكامل.
الزملاء الذين يغادروننا اليوم مِهَنيّون ومُخلصون ومتفانون في عملهم، وقد كسبوا احترامي. ندين لهم بالشكر والامتنان على خدماتهم".
"وللمستحقين، سنقدم مكافأة نهاية الخدمة، ودعماً في البحث عن وظائف جديدة، وتوصيات وظيفية، واستمراراً لخدمة التأمين الصحي لفترة، وشمولاً بخدمات الصحة النفسية. اختار عدد من الزملاء خيار التسريح الطوعي. تلقّى المغادرون تفاصيل تسريحهم اليوم ويمكنهم التواصل في أي وقت مع مديرنا المالي محمد صديقي والمستشارة القانونية آن نوبل".
"المضي قدماً لن يكون هذا التحول سهلاً ولكن يدفعني تفاؤل وثّاب. هذه سمة من سمات MBN. سيجد زملاؤنا السابقون وظائف جديدة. وبفضل لطفهم وصبرهم علينا، سنجد معاً في المستقبل سبلاً لأن نعمل كحلفاء".
"حتى في لحظة صعبة كهذه، أنظر إلى الأمام وأرى MBN قوية ومزدهرة، شركة أقدر بكثير على المنافسة وأجدر بالدعم".
"الحاجة للتخفيض والتجديد والتكيّف لا تقتصر فقط على MBN. مجال عملنا يمر بتحولات عنيفة. وظائف تختفي، ونماذج ربحية تفشل، وتقنيات تهزّ الصناعة، وتبعثر الأوراق، وبسرعة يتغير البشر في أساليب استهلاكهم للمحتوى الإعلامي".
"مهمتنا أن ننتهز الفرص المتاحة فعلاً أمام MBN. ثقوا بي عندما أقول إن الفرصة موجودة بالفعل. صدقوني، إذا واجهنا هذا التحدي بحنكة، سنجد فرصاً جذابة".
"يوم الأربعاء في الساعة12 ظهراً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، سأتحدث وأُجيب عن أسئلتكم في لقاء مفتوح مع الجميع".
"أنهينا اليوم آخر الخطوات الكبيرة في إعادة هيكلة MBN والتي تمثل الخطوة الأولى المهمة في تحول الشركة".
"شكل MBN الجديد..
ستظل MBN شركة ذات رؤية وقيم. انضممت إليكم رئيساً تنفيذياً مؤقتاً منذ أربعة أشهر ونصف الشهر من أجل قيم MBN ولخدمتها".
"يعتمد ملايين الناس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على MBN لسرد صادق ونزيه لقصة التجربة الأمريكية. يلجؤون إلى MBN للحصول على تقارير موثوقة وصادقة حول الحكم الرشيد وحقوق الإنسان والمجتمع المدني. يعتمدون علينا لمواجهة التضليل الإعلامي والافتراء المؤثر من إيران والصين وروسيا".
"منهج MBN هو الصحافة. نحن نعتز بالحرفية ونسعى إلى الدقة والإنصاف".
"تطلعاتنا هي سيادة القانون والحكومة المسؤولة والتسامح والتعددية. ولنكن واضحين بشأن سردية MBN ومحددات هويتها. لنكن قادَة في تغطية ما يخشى منافسونا تغطيته. دعونا نثبت المهمة والرؤية والقيم في جينات MBN."
"سأتناول في اجتماع الأربعاء التغييرات التي أجريناها والتي ستمكن MBN من تحقيق أهدافها وخدمة جمهورها بشكل أفضل. تشمل هذه التغييرات:
تركيبة أخف في سبرينغفيلد، ولاية فرجينيا. المقر العام لـ MBN ضروري. شبكاتنا عبر شمال أفريقيا والشرق الأوسط هي جوهر هويتنا وما نقوم به.
التحول عن الحضوري المكتبي في المنطقة لصالح حضور مرن وريادي على الأرض. سنصبح أكثر حيوية مع تركيز أوضح وسنطور قدراتنا على الصحافة الاستقصائية والتوضيحية والابداعية.
زيادة في عدد مراسلي الوسائط المتعددة؛ واستكشاف للتقنيات الجديدة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والتي يمكّنها أن تربطنا بشكل أقرب مع جمهورنا. نحتاج إلى المزيد من الصحفيين الذين يمكنهم التصوير والإنتاج والتحرير وإعداد التقارير لجميع منصات MBN. يجب علينا خلق مساحة للتجربة وثقافة شركة تدعم وتحتفي بالابتكار.
تجديد التركيز وتعميق العلاقة الحيوية مع الجماهير الشابة. ستركز MBN المستقبلية على المؤثرين الذين يشكلون ويقودون التغيير الديمقراطي. سنستثمر بشكل خاص في الأجيال الجديدة التي تشاركنا شغفنا بالنقاشات والمناظرات والتزامنا الثابت نحو مجتمعات حرة ومنفتحة.
دمج قناة تلفزيون الحرة الرئيسية وقناة الحرة عراق لتقديم أفضل ما في الشبكتين للمشاهدين مع ضم وحفظ العلامتين في قناة واحدة بحلة جديدة وفعالة. يظل العراق أولوية وجزءاً أساسياً من منطقة ومنظومة MBN.
سنبني معاً ثقافة الشركة للتعلم المستمر حيث يصبح كل مدير مرشداً وموجهاً، والتأكيد على أهمية التعاون بيننا، وأن لكل موظف فرصة للتطور. ستصبح MBN حاضنة ومنارة لتطوير المواهب.
أتعلم شيئاً جديداً كل يوم في MBN. مع كل لحظة مرت، تحديتموني، وألهمتموني، وذكرتموني بأن ما يصنع الفرق هو روح الشركة ومزايا العاملين فيها.
إن MBN شركة جسورة، وكنز هائل من الخبرات. هذه الشركة تعرف كيف تتكيّف.
لننتهز هذه الفرصة النادرة لنعيد بناء صورة المؤسسة، ونسعى لأفضل ما يمكننا تحقيقه.
مع خالص احترامي وتقديري
جيف".
*ما الذي قدمته؟
الصحفي العراقي أحمد عبد الحسين، كتب في منشور على فيسبوك: "أُغلقت قناة الحرة عراق اليوم. القناة كانت لها صولات وجولات يومأً ما. وبتعاقب إدارات "بعضها ضعيف ولا خبرة لديه" وظهور قنوات منافسة، أفل نجمها منذ سنوات ولم تعد مشاهَدة ولا مؤثرة".
وأضاف، "الأميركان الذين أشرفوا عليها كانوا مؤدلجين تماماً وأرادوا منها عين ما يريده الممول الشرقيّ المؤدلج من قناته: خطاباً موجهاً مباشراً . قلّ الابتكار فيها وصار الخطاب أحادياً وانفض عنها الناس".
وأتم، "لم تكن تصنع فارقاً. وغيابها لن يحدث فارقاً أيضاً.
تمنياتي للزملاء العاملين فيها بفرص أفضل".
بينما قال محمد الحسيني السامرائي، "بعد أكثر من ٢٠ سنة على بثها الأصفر المسموم، تعلن قناة الحرة اليوم عن غلق قناة (الحرة عراق) ! معلنة بذلك فشل الخطاب التسويقي الذي رافق الغزو الامريكي الصليبي للعراق".
من جهته، قال الكاتب الصحفي عمار الجبوري، "لم تقدم قناة الحرة عراق شيئا للعراقيين ولم تجد إقبالا حتى من الذين أيدوا الاحتلال لأنهم أخذوا الغنيمة وانزَوَوْا الى ما يحقق غايتهم هم بعيدا عن فكرة الاحتلال وأهدافه، شخصيا لم أستفد شيئا من متابعتها لفترة على صعيد المهنة او المعلومة لذا على الشعب أن يعي أن تاريخه لن يصنعه إلا أبناؤه".
فيما كتبت الإعلامية ريما نعيسة، ما نصه: "الحرة عراق القناة التي ولدت من رحم الدبابات الأمريكية أغلقت أبوابها معلنة بذلك موت المشروع الأمريكي في العراق:
كذبوا علينا باسم الديمقراطية
دمروا العراق باسم الديمقراطية
وقتلوا سوريا والسوريين وشرّدونا باسم الديمقراطية..
وما زلنا نحن الشعوب المكلومة ننشد الحرية..
باي باي مع السلامة يا ديمو قراطية".
في السياق، كتب رسلي المالكي، "قد لا نعلم كم أنفقت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية على قناة (الحرة) منذ انطلاقها عام 2004 وحتى الآن، والتي من رحمها ولدت (الحرة عراق)، القناة الأمريكية الناطقة بالعربية والموجهة للعراق بشكلٍ أساسي".
وأضاف، إن "الحرة عراق كافحت لسنوات لتستحوذ على اهتمام المشاهد العراقي ولكن دون جدوى، فهي المتأخر عن الركب دائماً، القديم بالصورة الفنية دائماً، السمج بالمواضيع وصناعة البرامج، الكلاسيكي للنخاع إعلامياً".
وتابع، "والنتيجة: استسلمت الحرة عراق أخيراً دون أن تترك تأثيراً يُذكر لصالح الأيديولوجيا الأمريكية، ويبدو أنها تقترب من موعد إعلان وفاتها الرسمي".
وأكمل، "كل ذلك الإنفاق، والوجوه المطلّة على شاشتها من عراقيي المهجر أمريكيي الهوى، كل محاولاتها للتأثير في الشارع العراقي لصالح دولة دافعي الضرائب، باءت بالفشل، والسبب: سوء التخطيط".
وأتم، "سوء التخطيط هذا لا يشمل الحرة وحدها، بل يتعداها للعديد من الفضائيات قصيرة العمر، فالمال وحده لا يصنع مؤسسة إعلامية رصينة، مالم تكن وراؤه عقولٌ تفكر بذكاءٍ وعبقرية".