أمريكا وفرنسا تحركان أذرعهما نحو النيجر.. هجمات عنيفة وتخريب منشآت وعبث بأمن الدولة
انفوبلس/..
كعادتها لم ترحل قوات الولايات المتحدة الامريكية من بلد ما دون أن تترك جماعات خلفها تعبث بأمن البلد وتنشر الإرهاب في كل أرجائه وتخرب منشآته الحيوية، وهذا ما يحدث تماما في دولة النيجر، على غرار ما حدث في العراق من غزو أمريكي وتآمر غربي.
*بلد يرزح تحت وطأة الإرهاب
يوم أمس الثلاثاء، قُتل 20 جنديا ومدنيا في غرب النيجر الذي يرزح تحت وطأة هجمات مجموعات إرهابية، حسبما أعلنت وزارة الدفاع.
وقالت الوزارة في بيان على التلفزيون الوطني، إن "ائتلاف مجموعات إرهابية مسلحة" هاجم قوات الأمن قرب بلدة تاسيا ما أدى إلى مقتل 21 شخصا بينهم مدني وإصابة تسعة بجروح".
وأفادت، بمقتل "عشرات" المهاجمين مؤكدة نشر تعزيزات جوية وبرية لمطاردة الفارين منهم.
وأعلنت الوزارة الحداد الوطني لثلاثة أيام اعتبارا من الأربعاء تنكس خلالها الأعلام. وأثنت على قوات الأمن و"تصميمها الراسخ" على "مواصلة معركة الحفاظ على السيادة".
وتقع تاسيا في منطقة تيلابيري المتاخمة لمالي وبوركينا فاسو حيث يشن متمردون مرتبطون بالقاعدة وتنظيم داعش، تمردا منذ عقد تقريبا.
*هجمات تخريبية
ويوم الجمعة الماضي، أكدت السلطات النيجرية، وقوع عملية "تخريب" كانت حركة متمردة قد أعلنت مسؤوليتها عنها وطالت جزءا من خط أنابيب يضخ النفط الخام إلى بنين.
وأفادت قناة "تيلي ساحل" العامة في تقرير، بأن "أفرادا لديهم نيّات سيئة خربوا جزءا من خط الأنابيب في منطقة تسكر (وسط شرق)" ليل 16 إلى 17 يونيو الجاري.
وقال حاكم منطقة زيندر الكولونيل إيسوفو لابو الذي تفقد مكان الهجوم: "جمعنا معلومات وأدلة عن الجناة المشتبه فيهم، وسيجري اعتقال جميع الذين ساهموا بذلك ومحاكمتهم طبقا لعملهم الإرهابي".
ويوم الاثنين قبل الماضي أعلنت الجبهة الوطنية للتحرير ـ حركة متمردة تناضل من أجل إطلاق سراح الرئيس النيجري محمد بازوم الذي أُطيح به خلال انقلاب في يوليو 2023 ولا يزال محتجزا حتى الآن ـ أعلنت مسؤوليتها عن هجوم أدى إلى توقف "جزء مهم" من خط الأنابيب الذي ينقل النفط الخام إلى بنين عن العمل.
وأُنشئت الجبهة في أغسطس 2023 بعد إطاحة عسكريين بالرئيس بازوم في 26 يوليو واحتجازه. وأعلن قائد الجبهة محمود صلاح بعد ذلك أنه حمل السلاح للمطالبة "بالإفراج" عن الرئيس المخلوع وهدد بـ"تفجير منشآت" وخاصة "المنشآت النفطية".
وأعلن جيش النيجر في بداية الشهر الجاري إنشاء "قوة حماية" من الهجمات "الإرهابية" على مواقع "استراتيجية"، بما في ذلك مناجم اليورانيوم في الشمال وآبار النفط في أغاديم.
يذكر أن سلطات النيجر سحبت قبل 6 ايام، رخصة استثمار مكامن اليورانيوم من شركة Imouraren SA التابعة لشركة "أورانو" الفرنسية.
وقالت "أورانو" في بيان لها، إنها "تأخذ قرار سلطات النيجر بعين الاعتبار".
ويعتبر منجم "إيمورارين" بشمال النيجر واحدا من أكبر مناجم اليورانيوم في العالم، حيث تقدر احتياطياته بنحو 200 ألف طن.
وكان مخططا لبدء الأعمال في المنجم في عام 2015، ولكن تم تأجيله على خلفية كارثة محطة "فوكوشيما" في 2011 وانخفاض أسعار اليورانيوم في العالم. وتم تجميد أنشطة الشركة التي كانت تعتزم استثمار المنجم.
وفي مذكرة صادرة في 11 يونيو الجاري، أعادت وزارة المناجم النيجرية إلى الأذهان أن شركة Imouraren SA ستخسر رخصتها إن لم تبدأ الأعمال في غضون 3 أشهر من 19 مارس.
وفي 12 يونيو كانت شركة "أورانو" الفرنسية قد أعلنت عن بدء التحضير للعمل، وأنه تم توظيف عشرات الأشخاص تحضيرا لإعادة إطلاق المشروع، مضيفة أنها تعتزم البقاء على اتصال بسلطات النيجر وستحتفظ بحق الطعن بقرار سحب الرخصة في حال صدوره، سواء أمام الأجهزة القضائية النيجرية أو الدولية.
*أمريكا
وفي أيار الماضي، أعلنت واشنطن ونيامي في بيان مشترك، أن انسحاب القوات الأمريكية من النيجر الذي طلبه النظام العسكري الحاكم قد بدأ، ويُتوقع أن ينتهي في 15 سبتمبر "على أبعد تقدير".
وأكد البلدان أنهما "توصلا إلى اتفاق لفك الارتباط بهدف تنفيذ انسحاب القوات الأمريكية الذي بدأ بالفعل. ومن ثم تم الاتفاق على أن فك الارتباط هذا سينتهي في 15 سبتمبر 2024، على أبعد تقدير".
من جانبها، اعتبرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من النيجر، يُعد بمثابة نصر استراتيجي آخر لروسيا.
وجاء في منشور الصحيفة: "إن رحيل الجيش الأمريكي يعد انتصارا استراتيجيا آخر لموسكو في منطقة الساحل"، مشيرة إلى أن عددا من الدول الإفريقية بدأت بشكل متزايد في تجنب الاتصالات مع الشركاء الغربيين، وبدلا من ذلك بدأت بزيادة وتعزيز التعاون مع روسيا.
هذا وأعلن المجلس العسكري الحاكم في النيجر الشهر الماضي إنهاء اتفاق التعاون العسكري مع الولايات المتحدة، واعتبر وجود قوات أمريكية على أراضي النيجر غير شرعي ويتعارض مع مصالح النيجر.
ووافقت الحكومة العسكرية في النيجر المنبثقة عن الانقلاب، على تعزيز التعاون الدفاعي مع روسيا في يناير، بعدما طردت القوات الفرنسية التي كانت موجودة على أراضيها في إطار "مكافحة الجهاديين في منطقة الساحل الإفريقية".
وفي وقت سابق من أبريل الحالي، أفادت وكالة "نوفوستي" بأن خبراء روس وصلوا إلى النيجر لتدريب القوات الأمنية المحلية في مجال محاربة الإرهاب.
*فرنسا
وفي نهاية العام الماضي، أعلن الجيش النيجري أن القوات الفرنسية أكلمت انسحابها من أراضيها بعد وجود عسكري امتد عشرة أعوام، حيث كانت نيامي أحد آخر حلفاء فرنسا، قبل الانقلاب العسكري أواخر تموز/ يوليو الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم.
وأُقيمت المراسيم في قاعدة نيامي الجوية التي كانت تضم في أنحائها قاعدة جوية مؤقتة للقوات الفرنسية، استضافت قسما من الجنود والملاحين الـ1500 الذين نشرتهم باريس في البلاد.
وكان جلياً منذ الأيام الأولى للانقلاب في النيجر، توجهات المجلس العسكري الانتقالي الذي كان حاسماً في طلب إنهاء الوجود الفرنسي، وإلغاء الاتفاقيات العسكرية مع باريس.
وتعاملت فرنسا بالرفض وعدم الاعتراف بالسلطات الجديدة، متحديةً مطالب سحب السفير وإنهاء الوجود العسكري، ومارست ضغوطا هائلة عبر مجموعة "إيكواس" التي فرضت عقوبات قاسية على هذا البلد بما فيها التهديد بالتدخل العسكري، وإعادة الرئيس بازوم، إلا أن فرنسا اضطرت للرضوخ والموافقة على الانسحاب بعد شهرين من الرفض والمحاولات الفاشلة>