إحصاءات أردوغان السياسية بعد فوزه بالانتخابات.. استمرار بحكم تركيا لـ25 عاماً.. وجماعات إرهابية تهنئ
انفوبلس/ تقارير
طوال حكمه الممتد لعقدين، تبنّى أردوغان سياسة إقليمية توصف بالهمجية والعدائية، حيث حاول دائما استعراض قوة تركيا العسكرية في الشرق الأوسط وخارجه، فشنّ عمليات توغل في سوريا أدت إلى الاستيلاء على جيوب حدودية فيها، كما أرسل قوات لمحاربة مسلحين أكراد في العراق ودعم قوات حكومة الوفاق الوطني في ليبيا وتحدّى قوى أخرى في الشرق الأوسط.
وبعد إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية يوم أمس 28/ 5، توالت التهاني والتبريكات له بالولاية الجديدة والتي توّجت مسيرة سياسية تمتد لأكثر من 40 عاما. لكن اللافت، أن من بين المهنئين كانوا جماعات إرهابية يتصدر قائمتهم رئيس هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) "أبو محمد الجولاني". انفوبلس سلّطت الضوء على إحصائيات أردوغان السياسية في تركيا وستفصّل حقبته بدءا من انخراطه في حزب "السلامة الوطنية" عام 1972 مرورا بالانقلاب العسكري ضده وصولاً لرئاسته بلاد الأناضول.
*نشأة درامية
وُلد رجب طيب أردوغان يوم 26 فبراير/ شباط 1954 في أحد الأحياء الشعبية بمدينة إسطنبول، ودرس في ثانوية الأئمة والخطباء، ثم في كلية علوم الاقتصاد والتجارة بجامعة مرمرة في تركيا.
ومرارا سرد الرئيس التركي قصة طفولته في حي قاسم باشا الفقير بمدينة أسطنبول، وحكى عن ذكرياته حين كان صبيا لا يتجاوز 12 عامًا، عندما كان يعود من مدرسته إلى بيته فيجد والدته تعمل على آلة الخياطة، فيُلقي عليها التحية، ويضع حقيبة كتبه ثم ينطلق إلى مخبز السميت “فرن قاسم باشا”، ليساعد أُسرته في تدبير نفقات الحياة.
وعندما كان في سنّ مبكرة انخرط في حزب “السلامة الوطنية” الذي أُسّس عام 1972 بزعامة نجم الدين أربكان، ثم أصبح عضوا في حزب “الرفاه” ثم “الفضيلة” اللذين أسسهما أربكان إثر موجات الحظر التي كانت تشمل أحزابه، بفعل التضييق على الأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية.
*مسيرته السياسية
في عام 1985، تولى منصب رئيس حزب “الرفاه” في أسطنبول، وكان عمره حينئذ 30 عاما، ورشحه الحزب لعضوية البرلمان في انتخابات 1987 و1991، لكن الحظ لم يحالفه في المرتين، ثم ترشح لبلدية أسطنبول عام 1994 وفاز بها ومنها كان الانطلاق نحو القمة.
حقق خلال فترة رئاسته البلدية إنجازات وُصِفت بالجيدة لكنها لم تمنعه من خضوعه للمحاكمة من قِبل محكمة أمن الدولة عام 1998، وسجنه بتهمة التحريض على “الكراهية الدينية”.
وجاء الحكم بسبب اقتباسه في خطاب جماهيري من شاعر تركي يقول في إحدى قصائده “مآذننا حرابنا والمصلّون جنودنا”، فمُنع من الترشح للانتخابات العامة والعمل في الوظائف الحكومية.
لكن الحُكم لم يوقف طموحاته بل ربما نبّهه إلى صعوبة الاستمرار في نهج أستاذه أربكان، فاغتنم فرصة حظر حزب الفضيلة لينشقّ مع عدد من الأعضاء، من بينهم عبد الله غول، ويشكلوا حزب العدالة والتنمية عام 2001.
*أردوغان وحزب العدالة والتنمية
قاد حزب العدالة والتنمية إلى احتلال الصدارة في المشهد السياسي التركي، فحقق الفوز في الانتخابات التشريعية عام 2002 وحصل على 363 مقعدا في البرلمان، وهو ما مكّنه من تكوين أغلبية ساحقة.
وبسبب تبعات الحكم القضائي الذي منعه من العمل في الوظائف الحكومية، لم يتمكن من ترؤس الحكومة في البداية، فتولى رئاستها عبد الله غول حتى 14 مارس/ آذار عام 2003، ليتولاها أردوغان بعد إسقاط الحكم عنه في هذا التاريخ.
*أردوغان وانتخابات 2007
وفي الانتخابات التشريعية عام 2007، تمكن حزب العدالة والتنمية من الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان بـ46.6% من أصوات الناخبين، وحصل في انتخابات 2011 على الأغلبية للمرة الثالثة بنحو 50% من أصوات الناخبين.
وفي أغسطس/ آب 2014، فاز في أول انتخابات رئاسية يُنتخب فيها رئيس جمهوري تركي بالانتخاب المباشر، وحقق الفوز في الجولة الأولى متقدما على منافسيه فيها.
*انقلابات عسكرية ومؤامرات واعتقالات غير مسبوقة
وقد عرفت الحياة السياسية في تركيا ثلاثة انقلابات عسكرية، وتلت كل انقلاب عمليات قمع قاسية (1960 و1971 و 1980). وأجبر الجيش التركي الذي يعتبر نفسه ضامنا للعلمانية، على الاستقالة، رئيس الوزراء الإسلامي نجم الدين أربكان، راعي أردوغان الذي أحكم قبضته على الجيش فور توليه السلطة.
وفي 15 تموز/ يوليو 2016، أفلت رجب طيب أردوغان من محاولة انقلاب أسفرت عن مقتل 250 شخصا وجرح 1500 آخرين. وكان قد قادها عسكريون لكن أردوغان اتهم الداعية الإسلامي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة بتدبيرها، وشنّ حملة تطهير غير مسبوقة اعتقل خلالها عشرات الآلاف من الجنود والقضاة والمثقفين والصحافيين والمعارضين الأكراد.
وفي 2017، انتقلت تركيا ذات الأغلبية السُنية والتي يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة من نظام برلماني إلى نظام رئاسي زاد من صلاحيات رئيس الدولة بشكل كبير.
*أردوغان والتحول من النظام البرلماني إلى الرئاسي
وفي اختبار آخر لشعبية أردوغان، شهدت تركيا سابع استفتاء في تاريخها، أُجري يوم 16 أبريل/ نيسان 2017، وانتهى بانتصار “نعم” لصالح التعديلات الدستورية التي اقترحها حزب العدالة والتنمية الحاكم، لتتحول البلاد سياسيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.
وفي عام 2018، فاز أردوغان في انتخابات الرئاسة مرشحا عن “تحالف الشعب” الذي يضم حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية، حاصدا 53% من أصوات الناخبين، متقدما على منافسه الرئيسي وقتها محرم إنجه الذي نال نحو 31% من الأصوات.
*أردوغان وانتخابات 2023
أمّا في انتخابات العام الحالي، فقد فاز أردوغان بكرسيّ الرئاسة بعد اللجوء إلى جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية وحصد 52.15 من إجمالي الأصوات، مقابل أقل من 48 بالمئة لمنافسه كمال كليجدار أوغلو.
*أبرز المُهنِّئين لأردوغان.. "إسرائيل" وجماعات إرهابية
وقد كان أبرز المهنئين لأردوغان بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية هو رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو ورئيس هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) أبو محمد الجولاني، فضلا عن قادة ورؤساء مجموعة من الدول منها أميركا وبريطانيا وروسيا وصربيا والإمارات وقطر وغيرهما.
*الجولاني يُهنئ أردوغان
تهنئة الجولاني لأردوغان، جاء فيها، "نرجو من الله أن يحقق هذا الفوز مزيداً من الأمن للشعب التركي، ودعم قضية الشعب السوري وثورته، وتعزيز دور تركيا في مناصرة المظلومين حول العالم"، وفق موقع "نورث نيوز".
هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) تبارك فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في انتخابات الرئاسة
*ردود الفعل على تهنئة الجولاني
هذا، واعتبر مراقبون أنّ تهنئة الميليشيات المصنَّفة على قوائم الإرهاب لأردوغان بفوزه بالانتخابات، في ضوء الخلافات التي وقعت بين النظام التركي والجولاني إثر سيطرته على مدينة عفرين وطرد الميليشيات الموالية لأنقرة منها، ليست سوى رسالة تطلب تحديد موقف نظام "العدالة والتنمية" من تلك الميليشيات، ومن مسألة تقاربه مع النظام السوري.
وكان زعيم هيئة تحرير الشام الجولاني قد أبدى أخيراً قلقه من المفاوضات الجارية بين أنقرة ودمشق برعاية روسية بشأن حلّ الأزمة السورية، وأعلن رفضه لها.