إحصائيات حديثة تكشف انتشارا غير مسبوق لـ"ختان الإناث" في العراق.. أضرار صحية "مخيفة"
انفوبلس/ تقرير
على الرغم من أن مسألة "ختان الإناث" غريبة على المجتمع العراقي، كونها مرتبطة بممارسة تحدث في بلدان أفريقيّة كمصر والصومال وجيبوتي، لكن الإحصائيات الحديثة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، كشفت انتشارا غير مسبوق في العراق، وخصوصاً بمناطق بإقليم كردستان.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على الإحصائيات الحديثة التي ظهرت عن "ختان الإناث" وواقعها في العراق
يُضرُّ ختان الإناث بالفتيات والنساء على أكثر من مستوى فهي ممارسات مؤلمة تنتج عنها صدمات نفسية وجسدية وتخلّف آثارا صحية فورية ودائمة، وعلى سبيل المثال، إن الأطفال الذين يولدون لنساء تعرضن للختان هم أكثر عرضة لحالات وفيات المواليد.
*احصائيات حديثة
كشف تقرير "صادم" لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، عن احتلال العراق المركز السابع عربيا بـ"ختان الإناث" بعد الصومال وجيبوتي ومصر والسودان وموريتانيا واليمن والمرتبة 25 عالميا.
التقرير الذي صدر عن المنظمة في مارس/آذار، أكد ان أكثر من 230 مليون فتاة وامرأة في جميع أنحاء العالم خضعت لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، أو ما يُعرف بـ"ختان الإناث"، ويساوي ذلك زيادة قدرها 15%، أو ما يعادل خضوع 30 مليون فتاة وامرأة إضافية لهذا الإجراء، مقارنةً بالبيانات الصادرة قبل 8 أعوام.
والحصة الأكبر من هذا العبء العالمي تقع في البلدان الإفريقية، بوجود أكثر من 144 مليون حالة، تليها أكثر من 80 مليون حالة في آسيا، وأكثر من 6 ملايين حالة في الشرق الأوسط، وفقا للتقرير الذي بين أن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية يُمارَس أيضًا في المجتمعات الصغيرة والمعزولة، وبين الجاليات على مستوى العالم.
ورغم نجاة الملايين من الإناث من هذا الإجراء، إلا أنّهن يعشن مع عواقبه، حيث قد يؤدي تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية إلى جانب الألم المبرح، والنزيف الحاد لأضرار جسدية ونفسية طويلة المدى، بما في ذلك العدوى، والعقم، واضطراب ما بعد الصدمة، وفقا للتقرير.
وأشار تقرير المنظمة أيضًا إلى "مواجهة العديد من الإناث اللواتي خضعن لهذا الإجراء للمضاعفات عند الإنجاب، بما في ذلك نزيف ما بعد الولادة، والإملاص (ولادة الجنين ميتًا)، ووفاة المولود".
وبحسب التقرير، يمثل النمو السكاني السريع في البلدان التي تمارس هذا الإجراء تحديًا كبيرًا، ما يسلط الضوء على الحاجة إلى تعزيز جهود الوقاية لحماية العدد المتزايد من الإناث المعرضات للخطر.
بالنسبة للعراق وبحسب التقرير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، فقد جاء في المرتبة الـ 25 عالمياً والـ7 عربياً بعد الصومال وجيبوتي ومصر والسودان وموريتانيا واليمن، بنسبة 7%.
يشار إلى أن أكثر من 660 ألف أنثى عراقية تعرضت للختان حتى عام 2018، بواقع 630 ألف أنثى في كردستان، و30 ألف أنثى في الوسط والجنوب، بحسب أرقام الجهاز المركزي للإحصاء التي أطلعت عليها "أنفوبلس".
ويقبع قانون مناهضة العنف الأسري منذ سنوات على رفوف مجلس النواب العراقي ولم يتم إقراره حتى الآن، لكن القانون لم يخصص أية فقرة لحظر ختان الإناث.
*وجهة نظر قانونية
المحامية والناشطة الحقوقية آهنك أنور أشارت إلى أن إقليم كردستان العراق أقر قانونا مشددا عام 2011 يمنع الختان، وينص في مادته الثامنة على أنه "استنادا للمادة (7) في القانون المتعلق بالعنف الأسري والخاص بعقوبة ختان الإناث، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن 3 سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون دينار (نحو 700 دولار) ولا تزيد على 5 ملايين دينار (نحو 3500 دولار) أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب عنفا أسريا".
وفي حين أن المحامية أكدت أن القانون العراقي لا يتضمن أي مواد أو نص صريح بشأن الختان، إلا أنه يمكن اللجوء في هذه الحالة إلى المادة 412 من قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969، التي تنص على أنه "من اعتدى عمدا على آخر بالجرح أو بالضرب أو بالعنف أو بإعطاء مادة ضارة أو بارتكاب أي فعل آخر مخالف للقانون، قاصدا إحداث عاهة مستديمة به، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 15 سنة".
وأشارت إلى أمر مهم أيضا وهو عدم تلقيها أي دعوى من أي امرأة بخصوص الختان، بسبب تخوفهن من تعرض الوالدين إلى عقوبة قانونية.
وكانت منظمة "وادي Wadi" وهي جمعية ألمانية غير حكومية، أخذت على عاتقها بث التوعية والعمل على إيقاف ختان الإناث في كردستان، وشرعت في محاولات الحصول على فتوى من دار الإفتاء بالإقليم لكنها لم تفلح.
رئيس منظمة "وادي" عبد الله صابر قال، "رصدنا حالات ختان في أرياف السليمانية وأربيل ومراكزها أيضا، لأن الحالات تختفي أو تقل جدا في دهوك، لكننا نشكك في هذا الموضوع، أما المناطق التي تكثر فيها حالات ختان الإناث، فهي قضاء رانية في محافظة السيلمانية، ومنطقة دشدل، وقرى وأرياف أربيل".
وكشف صابر عن أحدث إحصائية بخصوص الختان وجاءت كالآتي: من مجموع 1260 أنثى بعمر يصل حتى 20 عاما، فإن هناك 29 فتاة مختونة في قضاء رانية، و85 فتاة مختونة في أربيل.
الجدير بالذكر أن تقرير صدر عن هيومن رايتس ووتس ذكر أن ختان الإناث يمارس بشكل رئيس في كردستان العراق، حيث خصصت الأمم المتحدة منذ العام 2003 يوم 6 شباط من كل عام ليكون يوما عالميا لمناهضة ختان الإناث.
ختان الإناث -حسب منظمة الصحة العالمية- يُطلق الآن على كل فعل يصدر لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بالجرح (القطع الجزئي أو الاستئصال الكامل) بدون وجود سبب طبي. وله 4 أنواع: الأول وهو الأكثر شيوعا باستئصال الجزء الذي يحوي العدد الأكبر من الأعصاب والمستقبلات الحسية ضمن الأعضاء التناسلية الأنثوية، وصولا إلى الرابع الذي يتم فيه استئصال الأجزاء الخارجية جميعا من العضو التناسلي الأنثوي وترك فتحة صغيرة فقط بعد وخْز وثقْب ونحْت وكشْط وكيّ البظر أو منطقة الأعضاء التناسلية بالكامل.
قضية الختان لا تنتهي عند الألم الآني للعملية وإنما يتعدى الأمر لمشكلات صحية جمة، كما تقول أخصائية النسائية والتوليد الدكتورة إيمان محمود.
وتحدثت الطبيبة عن المشاكل التي قد تواجهها المتعرضة للختان بأنواعه الأربعة، ومن أهمها "انحسار الأدرار، والتهاب المجاري البولية، والتهاب العضو التناسلي باستمرار، وعلى المدى البعيد يسبب العجز الجنسي، وعسر الولادة، والتهاب المجاري البولية المتكررة".
ولفتت الدكتورة إيمان إلى أن الختان قد يؤدي إلى خلل في الوظيفة الجنسية للإناث، ويرتبط تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بزيادة مخاطر الولادة القيصرية، والنزيف التالي للوضع، والولادة الصعبة، والتمزقات التوليدية، والمخاض المطول، وتزداد المخاطر مع شدة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.