إرسال "المسودة النهائية".. إليك كل ما تريد معرفته عن مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة
انفوبلس/ تقرير
مع دخول الحرب على قطاع غزة يومها الـ465 والتي خلفت أكثر من 156 ألف شهيد فلسطيني، وتدمير معظم البنية التحتية المدنية، كشفت وكالة "رويترز"، اليوم الاثنين 13 كانون الثاني/ يناير 2025، عن إرسال "المسودة النهائية" لاتفاق وقف إطلاق النار إلى "الكيان الصهيوني" وحركة حماس للموافقة عليها، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس" الضوء على كل ما تريد معرفته عن مفاوضات القائمة.
في الأثناء تواصل "إسرائيل" حربها على غزة بدعم أميركي للشهر الـ16 على التوالي، حيث استشهد وأصيب في هذه الإبادة الجماعية أكثر من 156 ألف فلسطيني، ودُمر معظم البنية التحتية المدنية في القطاع من منازل ومدارس ومستشفيات.
*ملامح الاتفاق المحتمل
مصادر أجنبية، لقناة "كان"، التابعة لهيئة البث العبرية الرسمية، إن "إسرائيل" وافقت على التقدم في المفاوضات حول المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى مع حماس والفصائل الفلسطينية في غزة، بالتوازي مع تنفيذ المرحلة الأولى وسط استمرار حرب الإبادة في القطاع.
ونقلت قناة "كان" عن مصادر أجنبية مطلعة لم تُسمِّها، قولها إن "تل أبيب وافقت على التقدم في المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من صفقة الأسرى بالتوازي مع تنفيذ المرحلة الأولى، بهدف ضمان استمرارية العملية حتى إطلاق سراح جميع الأسرى".
وأضافت المصادر للقناة العبرية: "قطر بدورها، نقلت رسالة إيجابية لإسرائيل تتعلق بنوايا حماس بشأن التقدم في المفاوضات حول صفقة الأسرى". ووفق المصادر، "تضمنت الرسالة قائمة بالأسرى ونقاط الخلاف بين الجانبين".
وبعد الرسالة، أجرى رئيس الوزراء "الإسرائيلي"، بنيامين نتنياهو، مناقشة عاجلة مع وزير الدفاع يسرائيلكاتس وفريق التفاوض. فيما ينتظر الوسطاء حالياً الرد "الإسرائيلي" على رسالة حماس لبدء المرحلة الأولى.
ووفق قناة "كان"، ادعى مسؤولون أمريكيون أن الصفقة المطروحة تمثل "أفضل عرض ستراه حماس"، لكن العقبة الرئيسية تتمثل في "غياب ضمانات تربط بين المرحلتين".
ورغم أن معالم المرحلتين الأولى والثانية من الصفقة المحتملة لا تزال غير معلنة، إلا أن وسائل إعلام عبرية من بينها هيئة البث الرسمية تقول إن المرحلة الأولى تتضمن الإفراج عن كبار السن والمرضى، فيما المرحلة الثانية تتضمن الإفراج عن عسكريين.
يأتي ذلك وسط تواصل الجهود الدبلوماسية لوقف إطلاق النار، مع استمرار الاتهامات التي توجهها المعارضة وعائلات الأسرى الإسرائيليين لنتنياهو بعرقلة أي اتفاق مرتقب، للحفاظ على منصبه.
وعلى مدار أكثر من عام، تؤكد حماس استعدادها لإبرام اتفاق، بل أعلنت موافقتها في مايو/أيار 2024 على مقترح قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن. غير أن نتنياهو تراجع عن المقترح، بطرح شروط جديدة أبرزها استمرار الإبادة الجماعية وعدم سحب الجيش من غزة، بينما تتمسك حماس بوقف تام للحرب وانسحاب كامل لجيش الاحتلال "الإسرائيلي".
وفي وقت سابق، طالب وزير الجيش "الإسرائيلي" كاتس قيادة الجيش بتقديم خطة "لهزيمة حماس" في قطاع غزة، إذا فشلت جهود التوصل إلى صفقة تبادل أسرى بحلول تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب منصبه في 20 يناير/كانون الثاني الجاري.
وعلى مدى أشهر الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" في غزة، حدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو 3 أهداف لحربه على القطاع: القضاء على حماس، وإطلاق سراح الأسرى، وتحقيق الأمن المطلق لتل أبيب.
والثلاثاء، قال مهندس "خطة الجنرالات" الإسرائيلية، رئيس مجلس الأمن القومي الأسبق غيورا إيلاند، إن الضغط العسكري "نجح جزئياً في إضعاف القوة العسكرية لحماس، لكنه لم يكن كافياً لتحقيق الهدفين الرئيسيين: تحرير الأسرى وإنهاء حماس".
ما هي ملامح الاتفاق المحتمل في غزة؟
قبل عدة أيام نشرت هيئة البث العبرية فحوى ما قالت إنها وثيقة رسمية "إسرائيلية" تكشف تصور تل أبيب لبنود الاتفاق المحتمل مع حماس في غزة.
ووفق الهيئة، فإن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) وافق على الوثيقة في مايو/أيار الماضي ولم يتم الإعلان عنها.
والغرض من الاتفاق المحتمل، كما جاء في أعلى الوثيقة المكتوبة بالعبرية، هو "إطلاق سراح جميع المختطفين الإسرائيليين في غزة من مدنيين وجنود، أحياء أو أموات".
وتحتجز "تل أبيب" في سجونها أكثر من 10 آلاف و300 فلسطيني، فيما تقدر وجود 98 أسير "إسرائيلي" بقطاع غزة، في حين أعلنت حماس مقتل عشرات من الأسرى لديها في غارات عشوائية "إسرائيلية".
وحسب الوثيقة:
*سيكون إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين "مقابل عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، واستعادة الهدوء المستدام".
*طالبت تل أبيب بترحيل أكثر من 50 أسيراً فلسطينياً إلى غزة أو خارج الأراضي الفلسطينية.
*ستنسحب "إسرائيل" من محور نتساريم وسط غزة، وتفكك مواقعها ومنشآتها العسكرية بالكامل، مع إيجاد آلية لمنع عودة المسلحين (المقاتلين الفلسطينيين) إلى شمال القطاع.
*من اللافت عدم ذكر محور فيلادلفيا (جنوب) على الحدود بين غزة ومصر في الوثيقة وما إذا كانت "إسرائيل"ستنسحب منه أم لا.
*منذ اليوم الأول من تنفيذ الصفقة، ستسمح "إسرائيل"بإدخال مساعدات إنسانية إلى غزة، بينها الوقود، بمعدل 600 شاحنة يومياً.
*ضمن المرحلة الأولى "الإنسانية" من الصفقة، ستطلق حماس سراح الأسيرات أولاً، بواقع 3 أسيرات "مدنيات" في اليوم الأول و4 في اليوم السابع.
*بعدها، ستطلق سراح 3 أسرى إسرائيليين أسبوعياً، مع إعطاء الأولوية للنساء المتبقيات (مدنيات ومجندات)، وأخيرا إعادة جثث الأسرى المتبقين، حسب الوثيقة.
*وافق نتنياهو على أن تبدأ، مع انطلاق المرحلة الأولى من الصفقة، إعادة تأهيل البنية التحتية (التي دمرتها إسرائيل) وإزالة الركام وإدخال ما لا يقل عن 60 ألف كرفان و200 ألف خيمة، وفق الهيئة.
*أما بالنسبة للمرحلة الثانية، فقالت هيئة البث إنه تمت صياتها بشكل مقتضب جداً في الوثيقة، عبر "فقرة واحدة، ولا تتضمن عبارة وقف الحرب، بل وقف دائم للعمليات العسكرية وأي نشاط عدائي، ودخول الهدوء حيز التنفيذ".
*وفقاً لوكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، من المتوقع أن تستمر المرحلة الأولى من ستة إلى ثمانية أسابيع.
ما هو موقف حماس من الاتفاق المحتمل؟
بجانب الرسالة الإيجابية التي أرسلتها حركة حماس عبر قطر والتي تتعلق بقائمة بالأسرى ونقاط الخلاف بين الجانبين، أبدت الحركة مرونة في آليات الانسحاب "الإسرائيلي" من محوري فلادليفيا ونتساريم.
وأشارت مصادر فلسطينية إلى أنه بعد الاتفاق بشأن ملف الأسرى في المرحلة الأولى والتي تشمل الأسرى الإسرائيليين من الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى، أضاف نتنياهو شرطاً إضافياً يتضمن إدراج نحو 11 جندياً إسرائيلياً بزعم أنهم يندرجون ضمن فئة المرضى وأنهم بحاجة للعلاج، وبسبب ذلك كادت المفاوضات أن تنهار.
لكن حركة حماس قدمت رسالة للوسطاء وافقت خلالها على إدراج الجنود "الإسرائيليين" مقابل الإفراج عن عدد من المؤبدات في سجون الاحتلال.
وتشير المصادر إلى أن الحركة أبدت أيضاً مرونة بشأن الانسحاب الإسرائيلي من محور فيلادلفيا ليكون في المرحلة الثانية من الصفقة.
وفيما يتعلق بعودة النازحين، فقد تم التوافق على السماح التدريجي لعودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله سواء مشياً على الأقدام أو عبر المركبات بشرط عدم السماح بعودة المسلحين؛ وأشارت المصادر إلى أن فرقاً قطرية ومصرية ستشرف على عملية الرقابة في عودة النازحين عبر ممر نتساريم.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الحرب الإسرائيلية على غزة أدت إلى نزوح ما يقدر بنحو 90% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، مع إفراغ القطاع الشمالي من القطاع، الذي كان الأكثر تضرراً، إلى حد كبير من سكانه قبل الحرب.
من جانبه، أكد القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، الخميس، أن "إسرائيل" لن تستعيد أسراها إلا عبر اتفاق تبادل، متهماً نتنياهو بالتلاعب بمصيرهم.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده في دار الصحافة بالعاصمة الجزائرية. وقال حمدان: "صفقة تبادل الأسرى مع الاحتلال لها قواعدها التي سوف تطبق، وعلى ضوء ذلك سيأخذ الاحتلال أسراه وسنأخذ أسرانا".
*الإفراج عن 3 آلاف أسير فلسطيني
كما كشف رئيس هيئة شؤون الأسرى، قدورة فارس، أن أكثر من 3 آلاف أسير فلسطيني سيفرج عنهم في اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى المرتقب بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، بينهم 200 من المحكوم عليهم بالمؤبد.
وفي تصريحات نشرتها وكالة معا الفلسطينية للأنباء أوضح قدورة أن المرحلة الأولى ستشمل الإفراج عن 25 محتجزا إسرائيليا في قطاع غزة، مقابل تحرير 48 أسيرا من محرري صفقة شاليط وإعادتهم إلى منازلهم، بالإضافة إلى 200 أسير محكوم عليهم بالمؤبد، وألف أسير آخر، بينهم جميع الأطفال والنساء والمرضى في سجون الاحتلال.
وأشار فارس، بحسب الوكالة، إلى أن جميع الفئات المذكورة سيعودون إلى منازلهم في القدس وغزة والضفة الغربية، باستثناء الأسرى المحكوم عليهم بالمؤبد، الذين سيُبعدون على الأرجح إلى 3 دول، هي قطر ومصر وتركيا. وأكد أن هذا الخيار قد يكون اضطراريا وحكيما لتجنب تهديدات الاحتلال باغتيال الأسرى المحررين.
وفي سياق متصل، لفت فارس إلى أن الاحتلال الإسرائيلي أصر على زيادة عدد المحتجزين الإسرائيليين المُفرج عنهم في المرحلة الأولى بإضافة 9 آخرين، بينهم جنود جرحى، مقابل ثمن إضافي يتم التفاوض عليه حاليا، ويتضمن تحرير مزيد من أسرى المؤبدات.
وفي تصريحات لوكالة الأناضول قال فارس إنه سيصل إلى العاصمة القطرية الدوحة للتأكد من معايير إنجاز صفقة تبادل الأسرى "حتى تكون دقيقة وخالية من الأخطاء"، مؤكدا أنه ليس جزءا من طاقم التفاوض.
على صعيد آخر، نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن مصدرا في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وصفته الصحيفة بالمطلع على مسار المفاوضات، قوله إنهم يقتربون من إعلان اتفاق وقف لإطلاق النار وصفقة لتبادل الأسرى، لكن هذا يتوقف على الرد الإسرائيلي المنتظر، مضيفا أنه في حال عدم اختلاق شروط إسرائيلية جديدة، سيكون الاتفاق جاهزا للإعلان لدى الوسطاء، في إشارة إلى مصر وقطر والولايات المتحدة.
ووفقا لما نقلته الصحيفة عن المصدر فإن "حماس قدمت مرونة كبيرة فاجأت الوفد الإسرائيلي عبر الموافقة على تقديم قائمة بأسماء الأسرى الأحياء ضمن المرحلة الأولى، وإضافة 11 أسيرا للقائمة بناء على طلب وشرط إسرائيلي جديد خلال الجولة الحالية من المفاوضات بشأن المرحلة الأولى".
تحول في مسار المفاوضات
يذكر أن وسائل إعلام "إسرائيلية" أفادت بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسعى لإقناع أعضاء ائتلافه بالصفقة المحتملة لتبادل الأسرى مع حماس، التي بحث مستجداتها في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي جو بايدن أمس الأحد.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن نتنياهو خرج بانطباع بأن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير -اللذين عارضا جميع المقترحات السابقة لإنهاء الحرب- لن يقدما على تفكيك الحكومة إن أبرمت الصفقة.
وكان نتنياهو قد عقد اجتماعات مع عدة وزراء، من بينهم بن غفير وسموتريتش، لعرض التقدم في المفاوضات بعد أن أرسل رئيسي الموساد والشاباك ومستشاره السياسي وممثل الجيش إلى العاصمة القطرية للانضمام إلى المفاوضات.
وحدث تحول في مسار المفاوضات خلال الأيام الأخيرة، ربطته تقارير أميركية وإسرائيلية بضغوط ترامب على نتنياهو، ودعوته إلى التوصل إلى اتفاق قبل موعد تنصيبه.
ونقل موقع أكسيوس عن مصدر أميركي أن ستيفن ويتكوف مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط عاد إلى قطر بعد محادثات في "إسرائيل"، وأنه سيواصل المساعدة في مفاوضات صفقة الأسرى.