استعداد تركي لاستهداف إمدادات PKK.. تعرّف على الحزب الكردستاني وقادته وطبيعة علاقاته ووضعه مع تركيا والعراق و"قسد"
انفوبلس..
خلال الفترة القريبة المقبلة، تنوي تركيا استهداف قوافل السلاح والمعدات المتجهة إلى مناطق نفوذ حزب العمال الكردستاني شمالي العراق، خصوصاً مع استمرار تدفقها إلى تلك المناطق، ومنها شحنات الطائرات بدون طيار والصواريخ التي تصل بالتعاون الذي تؤكده أنقرة في كل مرة، بين القيادة الحالية لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني الحاكم في مدينة السليمانية، واستخدام مطار السليمانية الدولي لإيصال شحنات الأسلحة وإيواء قادة العمال الكردستاني، فيما يبدو أن تركيا جادة هذه المرة بتحقيق نتائج عملياتية جديدة ضد مسلحي العمال، فماذا تعرف عن الحزب؟ ولماذا غيّر اسمه؟ ومن قادته بعد عبد الله أوجلان؟ وما طبيعة علاقتهم بـ"قسد" من جهة والعراق من جهة أخرى؟
استهداف تركي قريب
ووفق تقرير صحافي، نشرته صحيفة "يني شفق" التركية، المقرّبة من حزب العدالة والتنمية، فإن "حزب العمال الكردستاني حصل مؤخراً على منظومات دفاع جوي وطائرات مسيّرة عبر مطار السليمانية، كما حصل عناصر الحزب على تدريبات في المطار، وتمّ اتّخاذ قرار حاسم بالنسبة لمطار السليمانية الذي تحوّل إلى قاعدة لوجستية لحزب العمال، وفيما إذا اكتشفت تركيا شحنة جديدة، فإنها ستتصرف".
وقالت الصحيفة: "قامت قوات الأمن بتوثيق جميع الشحنات التي أرسلت لحزب العمال الكردستاني بعد أن تمّ التأكد من أن طائرة مدنية هبطت بالذخيرة في مطار السليمانية، وأن تركيا لن تبقى مكتوفة الأيدي باستمرار حيال هذه الشحنات المرسلة إلى المنظمة الإرهابية، وصدر أمر باستهداف كل شحنة مرسلة إلى حزب العمال الكردستاني، وتحديداً إلى وحدات حماية الشعب". وسبق أن أعربت تركيا عن قلقها بشأن علاقات الاتّحاد الوطني الكردستاني مع حزب العمال واستخدام مطار السليمانية من قبل الأخير.
وطالب المسؤولون الأتراك، قوباد طالباني، نائب رئيس حكومة إقليم كردستان والأخ الأصغر لبافل طالباني، زعيم حزب الاتحاد الوطني، بأن تتم السيطرة على مطار السليمانية، ولكن وفق التعليقات التركية، فإن الاتحاد الوطني لم يفِ بوعوده، وجرّاء ذلك فقد مدّدت أنقرة حظر الرحلات الجوية من مطار السليمانية وإليه لمدة ستة أشهر أخرى (حتى ديسمبر/ كانون الأول من العام الجاري).
من جهته، حذر القيادي في حركة التغيير الكردية دلشاد رشيد، من تهديدات تركيا الأخيرة، معتبراً إياها "خطيرة"، داعياً إلى عدم التضحية بأرواح المدنيين من أجل حزب العمال.
وقال رشيد تصريحٍ صحافي، إن "من المهم عدم الانقياد للعواطف، ووضع مصالح إقليم كردستان فوق كل الاعتبارات، لأن التهديدات خطيرة، لذا من الأفضل مراعاة المصالح الأمنية، وأن مطار السليمانية الدولي هو مكان يتواجد فيه المدنيون، ولا ينبغي السماح بتعرضهم للأذى، ومن الخطأ والخطير للغاية إثارة غضب تركيا، خاصة في هذا الوضع، لأنه لن تقبل أي دولة تهديد أمنها، ولا سيما من جارٍ هو أقوى منه".
تزايد أنشطة حزب العمال
وخلال الفترة الماضية، تزايدت أنشطة "الكردستاني" في مناطق عدة خارج معاقله التقليدية الرئيسية (قنديل وسوران وسيدكان والزاب وزاخو) شمالي العراق، أبرزها كويسنجق، وآلتون كوبري في ضواحي مدينة كركوك، شمالي العراق، فيما اختلفت التفسيرات حول الإمكانات العسكرية للمسلحين ومصادر حصولهم على الأسلحة، لا سيما الطائرات المسيّرة المفخخة، لكن مراقبين ذهبوا إلى أنهم يحصلون على الطائرات بدون طيار، من خلال تسهيلات تقدم لهم من قبل حزب كردي.
لكن القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي، اعتبر أن تركيا تريد "توريط جهات عراقية سياسية وأمنية، في سبيل خلق الحجج وضرب مناطق عراقية وفي إقليم كردستان، من ضمنها السليمانية التي تتهمها بدعم العمال الكردستاني"، موضحاً أن تركيا تسعى إلى ما وصفه بـ"إخضاع السليمانية، ومن واجب بغداد أن تضع حلاً لهذا التوتر"، على حد وصفه
وأكمل سورجي، أن "الاتحاد الوطني الكردستاني عبر عن موقفه ازاء العمال الكردستاني وخاطب تركيا في أكثر من مرة، كما أن قوباد طالباني زار أنقرة وتحدث مع المسؤولين هناك، لكن هناك إصرارا تركيا على ضرب مناطق في إقليم كردستان، وأخيراً تحدثت عن ضرب منابع التمويل للعمال الكردستاني"، مشيراً إلى أن "الحكومة العراقية لابد أن تكون على علم بأي إجراء تركي، خصوصاً بعد التفاهم الأخير بين بغداد وأنقرة، وهذه الأخيرة، تقع ضحية معلومات مغلوطة توفرها جهات كردية مع كل الأسف".
وفي زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى بغداد، في إبريل/ نيسان الماضي، وقع خلال الزيارة، وفق بيان الحكومة العراقية، "اتفاق الإطار الاستراتيجي الثنائي"، إلى جانب توقيع "26 مذكرة تفاهم مشتركة لمختلف المؤسسات بين البلدين".
واعتبرت الحكومة أن ذلك "سينعكس على الشراكة الاقتصادية والتنموية". وجاء فيها بنود مهمة، من ضمنها حصول تركيا على تفويض لتنفيذ عملية عسكرية في إقليم كردستان شمالي العراق، وضمن عمق يزيد على 40 كيلومتراً، لضرب جيوب ومواقع مسلحي حزب العمال الكردستاني ضمن المناطق الخالية من السكان، وذلك خلال تفاهمات مع المسؤولين في بغداد وأربيل.
وتواصل القوات التركية، منذ منتصف يونيو/حزيران 2021، سلسلة من العمليات العسكرية الجوية والبرية في الشمال العراقي، ضمن نطاق نينوى وإقليم كردستان، تتركز في سنجار، وقنديل، وسيدكان، وسوران، والزاب، وزاخو. وتضمنت العمليات الأخيرة قصفاً جوياً واغتيالات طاولت قيادات بارزة في "الكردستاني".
منظومة المجتمع الكردستاني
خلال السنوات الأخيرة جرى طرح اسم "منظومة المجتمع الكردستاني KCK" في العديد من فعاليات حزب العمال لتكون واجهة يخفي خلفها حزب العمال بعض بياناته وعملياته المسلحة.
وهي هي منظمة سياسية كردية ملتزمة بتنفيذ أيديولوجية عبدالله أوجلان للكونفدرالية الديمقراطية، تعمل كمجموعة شاملة لجميع الأحزاب السياسية الكونفدرالية الديمقراطية في ما يسمى بـ"كردستان الكبرى"، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني (PKK) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وحزب الحياة الحرة الكردستانية (PJAK) وحزب الحل الديمقراطي الكردستاني (باديك).
وعلى الرغم من أن عبد الله أوجلان هو قائد المجموعة التمثيلي، إلا أنه بسبب سجنه، يقود المنظمة مجلس يسمى "المؤتمر الشعبي الكردستاني" (Kongra-Gel)، والذي يعمل بمثابة الهيئة التشريعية للمجموعة. ورئيس Kongra-Gel هو زبير أيدر.
تنتخب الجمعية مجلسا تنفيذيا من 31 عضوا. أول رئيس لهذا المجلس التنفيذي كان مراد كاريلان، بينما كان جميل باييك نائب رئيس المجلس التنفيذي. في الجمعية العامة لحزب العمال الكردستاني، وفي يوليو 2013، أعيدت هيكلة القيادة التنفيذية لـ KCK. وبدلاً من الوضع القديم لرئيس واحد، تم تنفيذ نظام الرئاسة المشتركة المزدوجة، مع تخصيص أحدهما للرجل والآخر للمرأة. تولى جميل بايك وبيز هوزات هذه المناصب الجديدة، في حين تم تعيين كارايلان قائدا عاما لقوات الدفاع الشعبي (HPG)، الجناح المسلح الرسمي لحزب العمال الكردستاني.
هناك العديد من الأقسام الفرعية لـ KCK: المركز الإيديولوجي، المركز الاجتماعي والثقافي، المركز السياسي، مركز البيئة، المركز الاقتصادي ومركز المجتمع الحر. يحتوي كل مركز على العديد من اللجان المسؤولة عن تنفيذ قرارات Kongra-Gel. هناك أيضا مركز حماية الشعوب المستقلة.
وفقًا للمادة 21 من تفاصيل عقد KCK ، فإن التجمعات الإقليمية الإقليمية تتوافق مع الخصائص الجغرافية والإثنية الثقافية للبلدان التي تعمل فيها. في نطاق تشكيل KCK ، تم تقسيم تركيا إلى أربع مناطق-أقاليم. هذه هي، تشوكوروفا (إحدى المقاطعات في الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط لتركيا)، وعميد (في ديار بكر، إحدى المقاطعات في جنوب شرق الأناضول)، وسرهات (إرزوروم، إحدى المقاطعات في الجزء الشرقي من تركيا) ومنطقة بحر إيجه. هناك أيضًا تجمعات حضرية، وتشكيلات تتبع المجالس الشعبية التي تعمل في المدن، ومنظمات المدن والأحياء التي هي المجموعات التي تنفذ الأعمال في المدن والأحياء.
هذا المركز مسؤول عن منح التدريب للقوات المسلحة من أجل توفير الأمن لمواطني المجتمعات الكردستانية KCK.
بعض القوات المسلحة داخل KCK هي قوات الدفاع الشعبي (HPG) ووحدات النساء الأحرار (YJA) ووحدات الحماية المدنية (YPŞ) ووحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية النساء (YPJ).
تواجد تركي مكثف
يوم أمس، كشف تقرير لصحيفة بيانت ، ان تركيا تكثف تواجدها العسكري في شمال العراق زاعمة ان هناك تواجد لحزب العمال الكردستاني في مدينة السليمانية ومهددة بقصف المطار اذا استمرت هذه الأنشطة بحسب المزاعم التركية.
وذكر التقرير ان "تركيا كثفت وجودها العسكري في إقليم كردستان العراق، مما يشير إلى تصعيد محتمل في صراعها طويل الأمد مع حزب العمال الكردستاني، مبينا ان "أنقرة تضغط منذ فترة طويلة على فصيل طالباني، الذي يسيطر على السليمانية، بتقييد أنشطة حزب العمال الكردستاني في المدينة". بحسب المزاعم التركية.
وبين ان "التواجد العسكري التركي المكثف يعد مؤشرا على حرب قادمة أكبر بكثير، كما أن المناطق المدنية على جانبي الحدود بدأت تتأثر بهذه الاستعدادات العسكرية، ما يؤدي إلى النزوح والهجرة".
وأوضح التقرير انه " ومنذ بدء العمليات العسكرية تحول الصراع بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني إلى حد كبير من تركيا إلى أراضي حكومة إقليم كردستان وعلى مدى العام الماضي، بذلت أنقرة جهودًا دبلوماسية للحصول على دعم بغداد بهذا الخصوص".
وأشار الى ان " تركيا تشن منذ عام 2019 سلسلة من العمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، تُعرف مجتمعة باسم عمليات "المخلب"، وقد استخدمت مزيجاً من الوجود العسكري الدائم مع ضربات وغارات أكثر دقة بالتنسيق السياسي مع حكومة إقليم كردستان".
هجوم على العراق
بتاريخ 22/5/2023، أصدرت المنظمة بياناً هجومياً ضد العراق بعد توترات حدثت في مخيم مخمور.
وأصدرت "الرئاسة المشتركة للهيئة التنفيذية لمنظومة المجتمع الكردستاني "KCK"، بياناً مكتوباً بشأن أحداث مخمور، دعت فيه العراق إلى "إنهاء الحصار وحل المشاكل من خلال الحوار".
وجاء في بيان منظومة المجتمع الكردستاني: "حاولت الدولة العراقية تطويق مخيم مخمور للاجئين بالأسلاك، وبسبب ذلك انفتح المخيم على التوتر. كما يقال إن التوترات بين أهالي المخيم وقوات الدولة العراقية مستمرة وأُصيب وطنيان ونتمنى لهما الشفاء بسرعة، ويجب على الدولة العراقية إنهاء حصارها لمخيم مخمور للاجئين وإنهاء الصراع، وعلى الحكومة العراقية ألا تستخدم القوة العسكرية والحصار والإكراه، بل الحوار لحل المشاكل، وإن أهالي مخيم مخمور ليس لديهم أي مشكلة مع الدولة العراقية وليست هناك مشكلة لا تحلها الدولة العراقية مع أبناء المخيم".
وأضافت: "إن وضع أهالي المخيم هو لجوء سياسي ويجب معاملتهم وفق هذا القانون، وإن ادعاءات الدولة التركية بشأن مخيم مخمور للاجئين غير صحيحة، ويعتبر مخيم مخمور مخيما مدنيا، فالأشخاص الذين يعيشون في هذا المخيم قد تركوا مكانهم واستقروا في العراق بسبب اضطهاد الدولة التركية، حيث واجه أهالي المخيم العديد من الصعوبات، لكنهم قاوموها بقوة الإرادة والنضال. وعلى مدى عقود، مُنح مخيم مخمور وضعاً رسمياً في إطار قوانين الأمم المتحدة للاجئين، أي إن مخيم مخمور للاجئين يخضع لحماية الأمم المتحدة من الناحية القانونية، وإن حالة المخيم ووضعه مستمر، وتقع على عاتق الدولة العراقية مسؤوليات فيما يتعلق بمخيم مخمور للاجئين بسبب هذا القانون ويجب أن تفي بها. ووفقاً لقوانين الأمم المتحدة، فإن مسؤولية الدولة العراقية هي حماية أرواح ومنازل اللاجئين وينبغي أن تدعم اللاجئين في القضايا الإنسانية الأساسية، وتصرفت الدولة العراقية حتى الآن على الأقل بهذه المسؤولية، وحتى الآن لا توجد مشاكل بين الدولة العراقية ومخيم مخمور للاجئين".
وأردف البيان: "لكن في السنوات الأخيرة، وبسبب الضغط المتزايد من الدولة التركية، لم تقُم كل من الأمم المتحدة والدولة العراقية بمسؤولياتهما. وبالرغم من حقيقة أن مخيم مخمور للاجئين يخضع لحماية الأمم المتحدة، فإن ممثلية الأمم المتحدة في العراق لا تقوم بمسؤوليتها، ولم تتخذ أي موقف تجاه هجمات الدولة التركية ضد المخيم، وحتى الآن، أُصيب عشرات الأشخاص من المخيم وفقدوا حياتهم جراء هجمات الدولة التركية، ومع ذلك، فإن ممثلية الأمم المتحدة في العراق لم تظهر أي موقف تجاه ذلك، ولم تقُم بواجبها وفوق ذلك فهي تبرر هجمات الدولة التركية. كما تصبح الدولة العراقية داعمة لخطة الحكومة التركية لإزالة مخيم مخمور للاجئين بموقفها هذا، وعلى الدولة العراقية أن تغيّر موقفها السلبي وتتصرف بمسؤوليتها وليس بضغط الدولة التركية. وإن ادعاء الدولة التركية أن مخيم مخمور هو مخيم عسكري غير صحيح، حيث تحاول الدولة التركية تبرير هذا الحصار بمثل هذه الادعاءات الكاذبة".
وتابع: "يجب على الدولة العراقية ألا تتصرف بناءً على هذه المزاعم الباطلة والكاذبة، كما يجب أن تتوقع حل المشاكل من خلال إقامة علاقة مع السكان المحليين، من خلال النقاش والحوار. ونعتقد أنه يمكن للمرء حل المشاكل الحالية من خلال الحوار، ونأمل أن يتم اتخاذ تقارب في هذا السياق كأساس وأن يتم حل المشكلة في البداية. وندعو المنظمات الدولية للوقوف في وجه الإكراه والإجبار بسبب ضغوط الدولة التركية، ويجب على الدولة العراقية والأمم المتحدة التصرف بمسؤولية دون حدوث أي نزاع، فيما يتعلق بمخيم اللاجئين في مخمور. ويجب أن تكون المؤسسات الدولية الرسمية والمؤسسات الاجتماعية الديمقراطية المدنية حساسة أيضاً للمشاكل المتعلقة بمخيم مخمور للاجئين، الذي اعتُبِر للاجئين وفقاً لقوانين الأمم المتحدة".
وأتمَّ البيان: "على شعب كردستان والقوى الديمقراطية دعم الموقف الصحيح لأهل مخمور الذي لا يسمح بأي استفزاز وعدم ترك أهل المخيم لوحدهم، وان دعم شعب كردستان الوطني والمؤسسات الديمقراطية لمخيم مخمور مهم جداً".
وسبق هذا البيان، واحد مشابه صدر عن لجنة العلاقات الخارجية التابعة للمنظومة ذاتها، شهد توجيه اتهامات للجيش العراقي.
وقالت اللجنة في بيانها، إن "الجيش العراقي والدولة التركية الفاشية وشريكها الحزب الديمقراطي الكردستاني يقفون خلف أحداث مخمور".
وأضافت: "ندعو الحكومة العراقية إلى التوقف عن استخدام السلاح والعنف ضد شعبنا في مخيم مخمور، الذين يعيشون من أجل كرامتهم، والتركيز على الحوار والانخراط في جهود مشتركة لحل المشاكل".
رد الإعلام الرسمي
بدورها، فنّدت خلية الإعلام الأمني، الاحد الماضي، مزاعم تنفيذ هجوم من قبل القوات الأمنية في مخيم مخمور.
وقالت الخلية في بيان، إنه "رداً على ما جرى تداوله من خلال منصات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام من أخبار مزعومة عن إجراءات أو هجوم نفذته القوات الأمنية على اللاجئين في مخيم مخمور، فإن خلية الإعلام الأمني تنفي نفياً قاطعاً هذه الأكاذيب وتؤكد أن الإجراءات المتخذة من قبل القوات الأمنية كانت تهدف إلى تأمين سلامة كل الموجودين داخل المخيم من التصرفات غير القانونية الذي يقوم بها بعضهم والتي تؤدي إلى زعزعة الاستقرار والسِّلم في البلاد وتضر بعلاقة العراق بمحيطه الإقليمي".
وأضاف البيان، أن "خلية الإعلام الأمني تؤكد أنه لا توجد أي نوايا أو خطط أو أوامر تتعلق بتنفيذ إجراءات معينة داخل المخيم".
وتابع، أن "دستور جمهورية العراق واستراتيجية الحكومة الحالية وفق برنامجها الحكومي متوافق في إطار توفير الحماية الكاملة والدعم المطلوب إلى كل اللاجئين السلميين على الأراضي العراقية ولا تسمح الحكومة أن يكون العراق منطلقاً لعمليات الاعتداء على دول الجوار أو القيام بأعمال عدائية ضد أي دولة في العالم".
وأشار البيان، إلى أن "خلية الإعلام الأمني توجه الدعوة إلى المنظمات الحقوقية والجهات الدولية ذات العلاقة وإدارة المخيم بالتعاون المطلق مع القوات الأمنية الساعية إلى ضبط الأمن ورفض التجاوز غير القانوني وستكون هناك إجراءات قانونية صارمة بحق أي شخص يقف بالضد من المصلحة العامة للبلاد".
خلية الإعلام الأمني التي أصدرت هذا البيان لم توضح فيه تفاصيل ما وصفتها من "تصرفات غير قانونية" تؤدي إلى "زعزعة الاستقرار".
جاء ذلك بعد أن تناقلت وسائل إعلام محلية وعربية من خلال مصادرها أن "القاطنين في المخيم نظّموا احتجاجات على إجراءات أمنية فرضتها قوات من الجيش قادمة من بغداد تمثلت بإقامة أطواق وأسيجة أمنية وأبراج مراقبة لتأمين المخيم".
العلاقة مع "قسد"
في عام 2022، نشر برنامج "مسارات الشرق الأوسط" التابع لمعهد الجامعة الأوروبية دراسة بشأن العلاقة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وحزب العمال الكردستاني (PKK) رصدت "علامات شقاق" بين الطرفين بدأت بالظهور مؤخراً.
وتوضح الدراسة أن قيادات قسد والإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا انقسمت بين مؤيد لحزب العمال الكردستاني وراغب في بالتقرب من نظام الأسد، وطرف آخر يحاول النأي عنهما والاقتداء بنموذج كردستان العراق.
وفي تلك الفترة زادت انتقادات قيادة حزب العمال الكردستاني لـ"الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا، وقد انصب انتقادها على مظلوم عبدي قائد أركان قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على وجه الخصوص. وأصبح الحرس القديم في حزب العمال الكردستاني يظهر ميلاً واضحاً نحو التعايش مع نظام الأسد.
تعكس الملاحظات التي أبدتها قيادات قنديل نهجين مختلفين لدى حزب الاتحاد الديمقراطي و"قسد"، إذ يحاول "عبدي" ومن انحاز له أن يتبعوا نهجاً سياسياً براغماتياً في شمال شرقي سوريا، في حين أن آلدار خليل، وهو أهم شخصية ميالة لحزب العمال الكردستاني من داخل حزب الاتحاد الديمقراطي، يتبع ويقود نهجاً مختلفاً عن نهج "عبدي". وبالاعتماد على معلومات من مصادر مفتوحة وعلى العديد من المقابلات، تقدم هذه الدراسة هذين النهجين اللذين ظهرا لدى حزب الاتحاد الديمقراطي و"قسد".
انتقد رئيس اتحاد مجتمعات كردستان (KCK)، وهو كيان مظلة لحزب العمال الكردستاني وما يرتبط به من تنظيمات، سلطات الإدارة الذاتية في مناسبات مختلفة. ففي أواخر عام 2020، انتقدت "بيسيه هوزات" الإدارة الذاتية لقيامها بإعداد "أجندات زائفة" ومتابعة مطالب السكان المحليين بدلاً من شن "حرب الشعب الثائر". وبالطريقة ذاتها، انتقد جميل بايق "الإدارة الذاتية" وقائد أركان قسد لاعتمادهما على الولايات المتحدة بدلاً من المشاركة في حوار سياسي صادق مع النظام في سوريا.
ففي مقابلة أُجريت في تشرين الأول 2021، أكد بايق على العلاقة التاريخية التي تربط بين حزب العمال الكردستاني وسوريا والصداقة الشخصية التي تجمع بين عبد الله أوجلان وعائلة الأسد. ومضى أبعد من ذلك حيث شدد على أن المواجهة أو العداء بين حزب العمال الكردستاني وعائلة الأسد أمر غير مطروح، كما أكد على عدم انقطاع التعاون بين حزب العمال والنظام في سوريا على مر السنين. بيد أن التوقيت الذي ظهرت فيه تصريحات بايق جدير بالملاحظة والاهتمام، كونه صرح بذلك بعد زيارة إلهام أحمد، رئيسة اللجنة التنفيذية للمجلس الديمقراطي السوري، لواشنطن بفترة قصيرة.
بعد ذلك قامت المحطات والقنوات الإعلامية التابعة للإدارة الذاتية بنشر وبث سلسلة من المقابلات مع شخصيات عديدة ضمن الإدارة وذلك لدعم تصريحات جميل بايق، فمثلاً، أكد آلدار خليل على استعداده لإجراء مفاوضات مباشرة مع النظام، كما شدد على ضرورة إيجاد حل "للأزمة السورية" في دمشق لا في جنيف. وهذه التعليقات والتصريحات التي ظهرت أخيراً، إلى جانب الشائعات التي انتشرت حول الاستعاضة عن مظلوم عبدي بمحمود برخدان، دفعت بهذين النهجين المختلفين داخل حزب الاتحاد الديمقراطي وقسد للظهور بشكل بارز من جديد.
منذ تأسيس "قسد" في عام 2015 المعروفة بارتباطها بحزب العمال الكردستاني، زاد ظهورها من المخاوف الأمنية لدى تركيا بطرق عديدة، كما أوجد ظهورها مبرراً للجيش التركي للتدخل في سوريا. ومن الناحية النظرية، ثمة طريقة للحد من مخاوف أنقرة، ولخفض التصعيد إلى أدنى مستوياته مع تلك الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي، وتتمثل هذه الطريقة بإعادة فرض استقلالية "قسد" وإبراز صبغتها المحلية. كانت تلك على الأقل الطريقة التي فكرت بها الولايات المتحدة وطالبت بتنفيذها في بداية الأمر، ويبدو أن السكان المحليين قد وافقوا على ذلك النهج.
ثمة شريحة واسعة حقاً من السكان المحليين لم تشاطر حزب العمال الكردستاني في أديولوجيته أو في بنية وأسلوب الحكم الذي اتبعه. ولكن خلال فترة من الفترات تقبله السكان في تلك المنظمة بسبب ظهور خطر داهم أكبر تمثل بـ"تنظيم الدولة". ولكن مع عودة حياتهم إلى طبيعتها بالتدريج، ضعف تقبل السكان لهذا التنظيم، وأخذوا يطالبون بإقامة نظام شعبي وسياسي يعتمد على المشاركة بصورة أكبر. ولذلك يمكن لأحدنا أن يصف الجهود التي بذلها حزب الاتحاد الديمقراطي و"قسد" في مجال إضفاء الصبغة المحلية لا على أنها مجرد ردة فعل واستجابة للتشجيع على ذلك من قبل دول أخرى، بل أيضاً على اعتبار أن ذلك أتى بسبب تحقيقهما لتطلعات العناصر المكونة لهما ومتطلباتها.
في الاستجابة لتلك المطالبات، ظهر نهجان أساسيان داخل حزب الاتحاد الديمقراطي وقسد بكل وضوح، أحدهما براغماتي قائم على التقبل ويقوده مظلوم عبدي، والآخر تقليدي أبدى مقاومة أكثر، ويتبعه آلدار خليل. وبالرغم من أن التنظيم يعي وجود هذه النهجين المتنماهيين معه حد التطابق، فإن شخصيات عديدة فضلت أن تبقى على الحياد.
يقوم نهج مظلوم عبدي على التطلع لإقامة علاقة عمل مع واشنطن، ولإبداء استعداد كبار الشخصيات التي تتبع هذا النهج البراغماتي لذلك، أخذ هؤلاء بمضاعفة جهودهم لتمتين العلاقة مع الولايات المتحدة، وأهم ناحية في هذه الشراكة تتمثل في التعاون العسكري، بالإضافة إلى مشاركة القوات في محاربة تنظيم الدولة. كما تبنى عبدي فكرة المشاركة عن طيب خاطر عندما طلبها منه داعموه، فسمح بوجود عناصر غير كردية داخل صفوف قسد بالتوازي مع مبادرته لإضفاء لمسة محلية على تلك القوات. وهكذا أصبحت مشاركة العرب والتركمان وغير ذلك من شرائح المجتمع بصرف النظر عن صلاتها التنظيمية أمراً واضحاً في جميع المجالات، وشملت عدداً كبيراً من الأفراد. تم تطبيق الفكرة ذاتها ضمن المؤسسات المدنية والاقتصادية وداخل البنى الحاكمة. حيث حاول البراغماتيون إقامة كيان شبيه بالدولة في شمال شرقي سوريا، ولتحقيق تلك الغاية، سمحوا بل شجعوا على تأسيس العديد من الأحزاب المحلية والمجالس العسكرية والمدنية، وتبنوا خطاب المشاركة الذي يلتزم بالهوية الوطنية السورية، كما اعتنقوا فكرة "الأخوة بين الشعوب".
وبخلاف البراغماتيين، اكتشف أتباع نهج المقاومة بأن مستقبلهم مع دمشق، فأكدوا على رغبتهم بإقامة علاقة عمل مع نظام الأسد، وهذا الجانب أيديولوجي جداً، إذ يعتمد أساسه المنطقي على أيديولوجية يسارية متشددة. ولهذا اعتنق أتباع هذا النهج موقف "الجماعة المسلحة" التي ما تزال ترى الأمور من منظور ظروفها وما حدث معها خلال سبعينيات القرن الماضي. وبالإضافة إلى ذلك، وبالنظر إلى الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في القبض على زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في كينيا في عام 1999، يشكك كل من حزب العمال والجناح الموالي له داخل حزب الاتحاد الديمقراطي بالنوايا الأميركية، إذ مثلاً، لم تكف قيادة حزب العمال عن اتهام الولايات المتحدة بتنفيذها لخطة ضد هذا التنظيم خصوصاً، ومحاولتها إضعاف حزب العمال في العراق، وإضعاف تأثيره في شمال شرقي سوريا. وبالفعل، ترى الولايات المتحدة في وجود حزب العمال الكردستاني على أنه عامل "يزعزع استقرار منطقة كردستان العراق، ولا تريد لهذا التنظيم أن يعزز وجوده في المنطقة، بالرغم من أن الولايات المتحدة لم تقم بخطوات ملموسة في هذا الجانب" (بحسب تصريحات لباحث كردي عراقي مقيم في أربيل رفض الكشف عن اسمه وأجريت المقابلة معه في كانون الأول 2021). والأنكى من ذلك هو أن قيادة حزب العمال الكردستاني تتهم الولايات المتحدة بالنفاق لكونها تتعامل مع قسد والإدارة الذاتية وتتجاهل "التأثير الكبير" لحزب العمال الكردستاني على المكاسب التي حققها حزب الاتحاد الديمقراطي وقسد في شمال شرقي سوريا.
في البداية، تضايق الحرس القديم في حزب العمال الكردستاني من تزايد شعبية عبدي عقب معركة كوباني التي وقعت في عام 2014، وصلاته الوثيقة مع مسؤولين عسكريين أميركيين فضلاً عن علاقاته مع دول أجنبية، وهذا