اغتيالات "غامضة" في دمشق.. العالم حمدي إسماعيل في منزله ومصير "مجهول" للشيخ توفيق البوطي!
انفوبلس/ تقرير
لم تمض ساعات على سيطرة "الجماعات المسلحة" على العاصمة السورية دمشق وانهيار نظام بشار الأسد، حتى بدأت تظهر بعض ملامح المشهد الداخلي في سوريا، حيث اُغتيل عالم الكيمياء العضوية السوري "البارز" الدكتور حمدي إسماعيل ندى، داخل منزله، فيما لا تزال الأنباء متضاربة حول مصير الشيخ توفيق البوطي نجل العلامة الراحل محمد سعيد رمضان البوطي.
انتهى حكم عائلة الأسد لسوريا رسمياً فجر الأحد 8 كانون الأول (ديسمبر) 2024، حيث غادر بشار الأسد البلاد متجهاً إلى روسيا، لتُطوى صفحة 53 عاماً من سيطرة "سلالة الأسد" على سوريا، في لحظة تاريخية للبلاد.
*اغتيال "الدكتور حمدي إسماعيل ندى"
أكدت وسائل اعلام سورية ومصادر عدة في العاصمة دمشق، اليوم الثلاثاء 10 ديسمبر/ كانون الأول 2024، العثور على عالم الكيمياء العضوية السوري البارز، "الدكتور حمدي إسماعيل ندى"، مقتولًا في منزله على يد مجهولين.
وبحسب المعلومات الأولية التي وردت لشبكة "انفوبلس"، فإن الجريمة وقعت في ظروف "غامضة"، مما أثار حالة من الصدمة والحزن بين الأوساط الأكاديمية والعلمية، في مشهد مكرر لما حدث في العراق بعد الغزو والاحتلال الأمريكي له في عام 2003، والذي جرى فيه استهداف العقول والعلماء العراقيين، الذين كان لهم دور حيوي.
الدكتور حمدي إسماعيل ندى، يُعتبر من أبرز العلماء في مجاله، وكان له إسهامات كبيرة في تطوير الأبحاث الكيميائية على المستوى المحلي والدولي.
*مصير الشيخ توفيق البوطي
على الجانب الآخر تضاربت الأنباء صباح اليوم الثلاثاء، حول مقتل الشيخ توفيق البوطي رئيس اتحاد علماء بلاد الشام، نجل العلامة الراحل محمد سعيد رمضان البوطي على يد مجهولين في العاصمة دمشق، حيث قال نشطاء سوريون على مواقع التواصل أنه قتل فيما نفى آخرون وقالوا إنها مجرد شائعات.
وشغل الشيخ توفيق البوطي عدة مناصب بارزة، من بينها رئيس اتحاد علماء بلاد الشام، وأستاذ مساعد لمادة الفقه الإسلامي وأصوله في كلية الشريعة بجامعة دمشق. كما كان رئيس هيئة الرقابة الشرعية في "الشركة السورية الإسلامية للتأمين"، وعضو هيئة الرقابة الشرعية في "بنك الشام".
وتوفيق البوطي معروف بمواقفه المؤيدة للرئيس السوري السابق بشار الأسد، وبعد مغادرة الأخير البلاد، أعلن دعمه للقيادة السورية الجديدة.
وتوفيق البوطي هو نجل العلامة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي رئيس اتحاد علماء بلاد الشام، الذي قُتل في تفجير انتحاري وسط دمشق في مسجد الإيمان عام 2013 وسط اتهامات متبدلة بين نظام الأسد و"المعارضة" بقتله. وكان الشيخ البوطي "الأب" مقربًا من الرئيس السابق حافظ الأسد، وكذلك في زمن ابنه بشار الأسد.
ويأتي ذلك، بعدما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الاثنين، العثور على جثة اللواء علي محمود، مدير مكتب ماهر الأسد، مقتولا في "ظروف غامضة" داخل مكتبه بريف دمشق. ويُعتبر اللواء علي محمود من المقربين من ماهر الأسد، شقيق بشار الأسد، وأحد كبار القادة، كما كان يتولى منصب قائد الفرقة الرابعة، وهي وحدة عسكرية تابعة للجيش السوري.
وتعيش سوريا حالة من الفراغ الأمني مع انهيار نظام الأسد، وخروج "بشار" إلى روسيا، في وقت تعمل بعض الأطراف الدولية، منها "إسرائيل"، على تمرير مشاريعها في سوريا من خلال قصف البنى التحتية العسكرية السورية، والتوسع في مناطق خط التماس في القنيطرة وجبل الشيخ.
واحتل جيش الاحتلال الصهيوني، مساحات كبيرة من الجولان والمنطقة العازلة، وبات على بعد 25 كلم من العاصمة دمشق، في حين بدأت تُسجل بعض الاحداث الداخلية في سوريا.
ويرى مراقبون للشأن الدولي أن ما جرى قد يكون بداية مرحلة فوضى واغتيالات كبيرة تديرها أجهزة الاستخبارات العالمية أو بعض "الجماعات المسلحة"، ضد العقول والعلماء والخبراء، على غرار ما جرى في العراق خلال السنوات السابقة.
* ما جرى في العراق بعد الغزو؟
في 2002 وقبل عام من احتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، بدأت التحذيرات من العلماء العراقيين أعقبتها الخطوة الفعلية لنهب ثروات البلد، وخصوصًا البشرية المتمثلة بعلماء الطاقة النووية.
وقررت واشنطن خوض الحرب ضد العراق بحجة امتلاك بغداد لأسلحة دمار شامل، لتنكشف عقب الاحتلال "كذبة" الرئيس الأمريكي آنذاك جورج دبليو بوش وخلو العراق من الأسلحة النووية.
نصّت الخطة على تصفية العراق من جميع العلماء مع منح "المتعاونين" منهم بطاقة هجرة دائمة في أمريكا وبعض المميزات الأخرى.
وأكد رئيس مركز صقر للدراسات، مهند العزاوي أن "عمليات التصفية لم تطَل العلماء النوويين فحسب، بل طالت غالبية الطبقة الوسطى والأطباء والضباط بما فيهم الطيارين، كانت عملية منظمة للقضاء على موارد دولة العراق البشرية".
وأضاف، أن "اغتيال علماء الطاقة هو سياق غربي للقضاء على البنى التحتية والموارد البشرية للمشروع النووي رغم أن المشروع النووي العراقي ضرب بشكل صلب ولم يتبق منه إلا بعض المنشآت التي ليس لها علاقة بالسلاح النووي".
وتابع، "ولكن عندما يتم غزو بلد من قبل قوة قاهرة تهدف لمحو العراق فتكون الخطة الأولى قصف العقول وتفكيك الدولة وتدمير مواردها وهذا ما حصل بالتوافق مع أهداف إقليمية وأخرى عربية".
*الخوف الأمريكي من علماء العراق
عقب الاحتلال، شنّت حملة ضد علماء العراق أسفرت عن اغتيال 350 عالم ذرة بين عامي 2003 و2008 فضلاً عن مقتل 200 أكاديمي، بينما هاجر 17 ألف متخصص إلى عدة دول أبرزها أمريكا.
وتعرّض العلماء العراقيون في معسكر كوبر في مطار بغداد وقصر "السجود" لمراحل طويلة من الاستجواب والاعتقال والتحقيق والتعذيب الجسدي المهين لإجبارهم على العمل في مراكز أبحاث أميركية أو التعاون مع علمائها.
*اعتمدت الخطة الأمريكية للتعامل مع علماء العراق على 3 خيارات:
الخيار الأول: دفع العلماء إلى إفشاء معلومات مهمة عن برامج العراق التسليحية إلى الجهات الغربية، مقابل بطاقة الهجرة الأميركية الخضراء، ووعدهم بآفاق بديلة.
الخيار الثاني: ما يسمى بـ "الخيار السلفادوري" نسبة إلى مجزرة "السلفادور" التي أشرفت عليها "سي آي إيه" في أمريكا اللاتينية وقامت خلالها بتصفية العلماء؛ إذ نص الخيار الثاني على تصفية علماء العراق.
الخيار الثالث: ينص على الدمج بين الخيارين السابقين.
*دور الموساد الإسرائيلي
في 2003 أكد جنرال فرنسي متقاعد لقناة تلفزيونية فرنسية، إرسال الموساد الإسرائيلي فرقة اغتيال خاصة إلى العراق للتخلص من 500 عالم ممن اشتغلوا في برامج الأسلحة البيولوجية والكيماوية والنووية.
وأضاف الجنرال، "أسماء العلماء مدرجة في قائمة لمفتشي الأسلحة الأمميين بغرض إجراء مقابلات معهم"، مشيراً إلى أن "أفراد الكوماندوز الإسرائيلي كانوا يعملون تحت غطاء مشاة البحرية الأمريكية".
وفي 2005 أكد مركز المعلومات الأميركي في تقرير أن الموساد قام باغتيال 530 عالما عراقيا وأكثر من 200 أستاذ جامعي وشخصيات أكاديمية منذ 2003.