الأحداث في سوريا.. "انزعاج" إماراتي وحلفاء قطر يحصلون على السلطة في دمشق بعد كابل
صراع المصالح يعود من جديد
الأحداث في سوريا.. "انزعاج" إماراتي وحلفاء قطر يحصلون على السلطة في دمشق بعد كابل
انفوبلس/ تقرير
ظهر بشكل علني انزعاج دولة الإمارات بعد الأحداث التي حصلت في سوريا وسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، حيث قال المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أنور قرقاش، إن مبعث القلق الرئيسي في سوريا هو التطرف والإرهاب، بعد إعلان "فصائل معارضة" دخول العاصمة السورية دمشق.
أعلنت "المعارضة المسلحة" سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ودخول قواتها إلى العاصمة دمشق -فجر اليوم الأحد- وسط تضارب الأنباء حول الأسد، بعد أن فقد السيطرة على العاصمة دمشق بدخول "فصائل المعارضة" المدينة.
*نحن قلقون على السيادة المناطقية في سوريا
حضَّ المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أنور قرقاش، السوريين اليوم الأحد، على التعاون لتجنّب حصول "فوضى"، مؤكدا أن مبعث القلق الرئيسي في سوريا هو التطرف والإرهاب، بعد إعلان فصائل معارضة دخول دمشق وخروج الرئيس بشار الأسد.
وقال قرقاش خلال مداخلة في منتدى المنامة المقام في البحرين، "نأمل في أن يعمل السوريون معاً لكي لا نشهد حلقة أخرى من الفوضى". وبخصوص التكهنات عن مكان وجود الأسد، رفض قرقاش تأكيد أو نفي احتمال أنّ يتخذ الأسد من الإمارات ملاذاً له.
وأفاد قرقاش خلال المنتدى، "عندما يسأل الناس، إلى أين يتجه بشار الأسد؟ فهذا في نهاية المطاف مجرد معلومة على الهامش في التاريخ". وحين طرح الصحافيون السؤال مجددا، أضاف المسؤول الإماراتي "لا أعتقد أن هذا مهم. وكما قلت، في نهاية المطاف هذه مجرد معلومة على الهامش في التاريخ بالنسبة للأحداث الأكبر".
وقال قرقاش إن سوريا ليست في مأمن بعد ولا يزال وجود التشدد والإرهاب مصدرا أساسيا للقلق، مضيفا أن "الأحداث المتكشفة في سوريا هي أيضا مؤشر واضح على الفشل السياسي والطبيعة المدمرة للصراعات والفوضى".
وشدد على أن "الأدوار الدفاعية والعسكرية ينبغي ألا تكون تحت سيطرة الجماعات المسلحة، يجب عدم السماح للأطراف غير الحكومية باستغلال الفراغ السياسي"، مؤكدا أن الأحداث الجارية في سوريا مؤشر على الفشل السياسي، مشيرا إلى أن آخر 24 ساعة أظهرت أن المنطقة لا تزال تمر بأوقات عصيبة ومتوترة.
وتابع "علينا أن ننتظر ونرى ما سيحدث في سوريا بعد ذلك، الحل هو دولة يمكن الوثوق بها"، مشيرا الى أن مصدر الخوف الرئيسي هو سلامة أراضي سوريا التي لا تزال تحت التهديد.
وقال قرقاش إن "تفكير الردع الإيراني تحطم بسبب الأحداث في غزة ولبنان وسوريا، لكن إيران لا تزال طرفا مهما بالمنطقة". مضيفا "علينا أن نستغل هذه اللحظة للتحدث مع إيران بشأن المنطقة". ولفت إلى أن الصورة فيما يتعلق بسلامة أراضي سوريا لا تزال "ضبابية" للغاية.
وقال إن سوريا خاضت تاريخا طويلا من العذاب والآلام والمعاناة الإنسانية، مؤكدا ان سوريا مليئة بالموهوبين والطاقات والقدرات والتاريخ العريق. وأوضح قرقاش أن السياسة الاماراتية تجاه سوريا منذ البداية كانت عملية وقائمة على دعم التطور والتنمية في سوريا وبالعودة الى 2011 طلب منا النظام حينها المساعدة للسيطرة على المظاهرات ولكن كان رأينا أنه يجب ان تحل القضية داخليا من خلال الحوار والنقاش".
وأكد أن "ما حدث هو نتيجة معاناة طالت لـ10 سنوات ولم يحدث بين ليلة وضحاها وكانت نتيجة تطورات طبيعية بناء على وقائع الأرض وكان هناك فشل بشكل أساسي على مستوى السياسة لأن الأسد لم يستخدم أي من أطواق النجاة التي رميت له من قبل العديد من الدول العربية بما فيها الإمارات ولم يستخدم كل ذلك للانفتاح والتقدم وإجراء نقاشات دستورية وحوار ولم يحاول أن يصالح تركيا ونصحناه بهذا الاتجاه ولكن كان هناك فشلا سياسيا وكان هذا الانهيار بسبب هذا الفشل السياسي".
وأضاف "حين ننظر للمستقبل فنحن قلقون على السيادة المناطقية في سوريا ونتمنى أن يكون هناك مساعدة لتوجه ايجابي ونأمل أن يكون التغيير نحو الأفضل لسوريا وشعبها".
*دعم غير محمود لبشار الأسد
وفي الأيام الماضية، أعربت الإمارات عن وقوفها إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد حيث أكد الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للرئيس السوري خلال اتصال هاتفي "تضامن بلاده مع سوريا ودعمها في محاربة الإرهاب والتطرف"، مُشددا على موقف الإمارات "الداعم لجميع الجهود والمساعي المبذولة لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية، بما يحقّق تطلعات الشعب السوري الشقيق، إلى الاستقرار والتنمية ويضمن وحدة سوريا وسيادتها على كامل أراضيها".
على مدى السنوات العديدة الماضية، لعبت الإمارات دورًا حاسمًا في إعادة سوريا إلى مظلة الدبلوماسية العربية ومنذ أعادت أبو ظبي فتح سفارتها في دمشق في عام 2018، انخرط كبار المسؤولين الإماراتيين والسوريين باستمرار في طرق تعمل على دعم مكانة حكومة بشار الأسد في العالم العربي.
وكانت زيارة الرئيس السوري في مارس/آذار 2022 إلى الإمارات العربية المتحدة نقطة تحول من حيث إعادته تدريجيًا كرئيس دولة "شرعي" في نظر رجال الدولة العرب السنة.
وعلى الرغم من أن سوريا تنتمي إلى "محور المقاومة"، من الجدير بالذكر أن دمشق لم تنتقد الإمارات العربية المتحدة أبدًا لتطبيعها العلاقات مع "إسرائيل" واستخدام تل أبيب لنفوذ أبو ظبي لإقناع الدول العربية الأخرى بالانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم. في الحقيقة، لو لم تُعِد الإمارات فتح سفارتها في دمشق في عام 2018 وتتخذ خطوات لدعم الموقف الدبلوماسي للحكومة السورية، ربما لكانت سوريا قد أدانت أبو ظبي بشدة لانضمامها إلى المعسكر لصالح التطبيع مع إسرائيل.
كان للشركات الإماراتية قبل 2011 حضوراً قوياً في السوق السوري، من خلال استثمارات ضخمة تصل إلى مليارات الدولارات، إذ وصل حجم الاستثمارات الإماراتية في سورية إلى 20 مليار دولار أمريكي، حسب ما قاله وزير تطوير القطاع الحكومي في الإمارات، سلطان بن سعيد المنصوري، في يناير/ كانون الثاني 2008.
*الإمارات وحلفاء قطر
وبحسب مراقبين للشأن الدولي، فإن الإمارات "منزعجة" من عودة نفوذ حلفاء قطر إلى دمشق، وهذا يشير إلى صراع المصالح بين الدولتين، خاصة في ملفات إعادة الإعمار، وإعادة دمج سوريا في النظام العربي، والتحالفات الجيوسياسية.
وأضافوا، إن الإمارات دعمت منذ بداية الأزمة السورية نهجًا يقوم على استقرار النظام السوري ومحاولة إعادة دمشق إلى المحور العربي كوسيلة لموازنة النفوذ التركي، وإذا اكتسبت قطر نفوذًا أكبر، سواء عبر تمويل مشاريع إعادة الإعمار أو عبر دعم تيارات سياسية داخل سوريا، فقد ترى الإمارات ذلك تهديدًا لمصالحها الإقليمية.
وكانت 2019 نقطة فارقة في العلاقات السورية الإماراتية، حيث بدأت الإمارات تفتح أبواب التعاون مع دمشق على مختلف الأصعدة. في هذه المرحلة، كانت الإمارات تهدف إلى إحداث توازن إقليمي من خلال تعزيز علاقاتها مع سوريا من جهة، وفي الوقت نفسه تعزيز مواقفها أمام القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران.
وفي عام 2020، بدأ التعاون الإماراتي مع سوريا يتخذ طابعًا اقتصاديًا أكثر وضوحًا، فقد بدأت الشركات الإماراتية في التوسع داخل سوريا، وخاصة في مجالات النفط والإعمار، وفي هذا السياق، توقعت دمشق أن يكون للإمارات دور كبير في إعادة بناء ما دمرته الحرب.
لكن التغيير الأبرز في هذه العلاقة حدث عام 2022، عندما زار الرئيس بشار الأسد دولة الإمارات في أول زيارة رسمية له لدولة عربية منذ بداية الحرب.
وكانت هذه الزيارة خطوة كبيرة نحو تطبيع العلاقات بين البلدين، حيث رحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي حينئذ، بالأسد، وأكد على أهمية تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما في ذلك إعادة الإعمار والتعاون الاقتصادي.
وفي السنوات الأخيرة، أصبحت الإمارات من بين الدول التي تساهم بشكل فعال في عملية إعادة الإعمار في سوريا، فقد قدمت أبو ظبي دعمًا ماليًا وفنيًا في مختلف القطاعات، بما في ذلك البنية التحتية والطاقة.