الجماعات الإرهابية المسلحة في سوريا.. انفوبلس تخوض في تفاصيل قوتهم العددية ونفوذهم والدول التي تدعمهم
صراع مستمر على الأرض
الجماعات الإرهابية المسلحة في سوريا.. انفوبلس تخوض في تفاصيل قوتهم العددية ونفوذهم والدول التي تدعمهم
انفوبلس/..
تعد سوريا ساحة مفتوحة للصراعات العسكرية والتوترات الإقليمية، حيث تتداخل القوة العددية ومناطق النفوذ مع دعم قوي من قوى دولية وإقليمية متعددة أبرزها أمريكا وتركيا.
في هذا السياق، تبرز مجموعة من الجماعات الإرهابية هناك، مثل "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي تتمتع بدعم أمريكي قوي، بالإضافة إلى "جبهة النصرة" (جبهة الجولاني) التي تسعى لتوسيع نفوذها في الشمال السوري.
كما يلعب "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا دوراً محورياً في منطقة شمال غرب سوريا، في حين تشهد "غرفة عمليات الجنوب" و"جيش سوريا الحرة" المدعومين من الولايات المتحدة، تنسيقاً مستمراً في الأحداث الجارية الآن في سوريا.
*قسد
مع حلول تشرين الأول/أكتوبر 2024، دخلت قوات سوريا الديمقراطية (التي تعرف اختصارا بقسد) العام التاسع على تأسيسها.
ارتبط اسم "قسد" بالحرب في سوريا التي بدأت عام 2011. ولم يتم الإعلان عن تأسيسها إلا في خريف 2015، وذلك في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة، إحدى المناطق الحدودية في شمال سوريا التي تسكنها أغلبية كردية، وكانت المسرح الرئيسي لعمليات "قسد".
منذ البداية، عُرف عن "قسد" أنها مدعومة بشكل مباشر من الولايات المتحدة، وأنها تشكلت لتصبح الشريك المحلي لما تسمى بـ"قوات التحالف الدولي".
عندما أصدرت "قسد" بيانها التعريفي، قدمت نفسها على أنها "تكتل عسكري وطني لكل السوريين يضم الأكراد والعرب والتركمان والسريان"، وأوضحت أن "هدفها الرئيسي هو دحر تنظيم الدولة الإسلامية واستعادة جميع الأراضي التي اجتاحها التنظيم المتشدد آنذاك"، كما زعمت في نص البيان.
حصلت قوات سوريا الديمقراطية على الدعم المالي والعسكري، وشقت طريقها على الأرض بدعم أساسي من القوات الأمريكية. وأثار ذلك استحداث هذا التشكيل المسلح، ومناطق تمركزه ومكاسبه في شمال شرق سوريا المتاخمة للحدود الجنوبية لتركيا، أثار حفيظة حكومة أنقرة.
كان تقارب الولايات المتحدة و"قسد" نقطة خلاف طويلة بين واشنطن وحليفتها في حلف الناتو، تركيا، التي دأبت لعقود على مناهضة تطلعات الأكراد في المناطق الحدودية سواء في العراق أو سوريا.
لكن متاعب "قسد" وقادتها الأكراد لم تقتصر على تركيا، إذ نددت الحكومة السورية، شأنها شأن أنقرة، بإعلان الأكراد النظام الفيدرالي في مناطق سيطرتهم عام 2016.
ووفقًا للبنتاغون، كان الأكراد يشكلون 40% من قسد، بينما العرب يمثلون 60% في مارس/آذار 2017، رغم أن مصادر أخرى تشير إلى أن نسبة المقاتلين العرب كانت أقل من ذلك. ومع ذلك، هناك إجماع على أن القيادة في قسد تعود للأكراد.
تشمل قائمة الفصائل المنضوية تحت قسد العديد من الجماعات المسلحة ومن بينها
المجلس العسكري السرياني المسيحي: نشأ في مدينة القامشلي عام 2012. يتبع المجلس لحزب الاتحاد السرياني، القريب من حزب العمال الكردستاني، قبل انضمامه إلى قسد.
قوات الصناديد: تتألف بالأساس من مقاتلين من قبيلة شمر، وهي إحدى أبرز القبائل العربية في المناطق الريفية الشمالية من محافظة الحسكة.
جيش الثوار: فصيل عسكري مسلح متعدد الأعراق، تحالف في البداية مع وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) قبل أن يصبح جزءًا من قسد. تأسس الجيش عام 2015، كامتداد للجيش الثوري الحر الذي تلاشت بنيته بحلول أواخر 2012.
لواء السلاجقة التركماني: تأسس مطلع 2013 وتلقى دعمًا من تركيا في البداية، قبل أن تتوتر العلاقة بين الجانبين. انضم اللواء إلى جيش الثوار في أغسطس/آب 2015، الذي انضم لاحقًا إلى قسد. وعلى عكس الجماعات التركمانية المرتبطة بتركيا، تحالف اللواء مع وحدات حماية الشعب الكردية.
وحدات حماية المرأة الكردية (YPJ): شريك رئيسي لقسد، تأسست مع تزايد عدد النساء المجندات ضمن وحدات حماية الشعب (YPG).
تركيا لم تعترف يومًا بقوات سوريا الديمقراطية، وتصرّ على الإشارة إلى مكونييها الرئيسيين، وحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ)، اللتين تصنفهما أنقرة كـ"منظمات إرهابية".
وتشير تقارير إلى وجود "غرفة عمليات بركان الفرات"، وهي غرفة عمليات مشتركة تضم مسلحين من وحدات حماية الشعب الكردية ولواء ثوار الرقة، الذي يتكون أساسًا من مقاتلين عرب.
يترأس مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، هذا التجمع للفصائل المسلحة.
القائد الكردي، الذي هنأ مؤخرًا دونالد ترامب بفوزه بالانتخابات الأمريكية، سبق أن انتقد السياسات الأمريكية تجاه سوريا خلال إدارة ترامب الأولى.
أما الأعداد فلا دراسة مؤكدة إلا أن أبحاثا تحدث عن عدة آلاف، وبعض الأبحاث أشارت إلى 50 ألفاً.
*جبهة الجولاني
هي فرع من هيئة تحرير الشام، وهي مجموعة مسلحة متطرفة أسسها أبو محمد الجولاني في عام 2012 في سوريا. في البداية كانت تُعرف باسم "جبهة النصرة"، ولكنها انفصلت عن تنظيم القاعدة في 2016 وغيّرت اسمها إلى "جبهة فتح الشام"، ثم في 2017 إلى "هيئة تحرير الشام"، تحت قيادة أبو محمد الجولاني الذي يعتبر شخصية بارزة في الجماعات الإرهابية في سوريا.
يُقدر عدد مقاتلي "هيئة تحرير الشام" بشكل عام ما بين 10,000 إلى 20,000 مقاتل، لكن العدد الدقيق قد يختلف بناءً على الوقت والمناطق التي تسيطر عليها الجماعة. يمكن أن يتراوح عدد مقاتلي الجولاني من هؤلاء المقاتلين، وهم يشكلون النواة الأساسية للجماعة.
تتركز مناطق نفوذ هيئة تحرير الشام بشكل رئيسي في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، التي تعد معقلًا رئيسيًا للجماعة. تسيطر الهيئة على معظم مناطق إدلب، بما في ذلك مدينة إدلب، والعديد من البلدات والقرى في شمال غرب سوريا، فيما تسعى الآن إلى إسقاط النظام السوري.
*الجيش الوطني السوري
الجيش الوطني السوري هو تحالف من الفصائل المعارضة للنظام السوري، تأسس في عام 2017 بدعم من تركيا بهدف توحيد مختلف الجماعات المعارضة السورية في مواجهة الرئيس بشار الأسد.
يحظى الجيش الوطني السوري بدعم كبير من تركيا، التي تعتبره حليفًا رئيسيًا في الشمال السوري. تقدم تركيا الدعم العسكري، اللوجستي، والسياسي للجيش الوطني، وتشرف على تدريبه وتجهيزه. هذا الدعم يتضمن المعدات العسكرية مثل الأسلحة الثقيلة، والدبابات، والطائرات بدون طيار. بالإضافة إلى تركيا، هناك أيضًا دعم غير مباشر من بعض الدول الغربية. ولكن الدعم التركي يبقى الأكثر أهمية في تعزيز قوته.
يسيطر الجيش الوطني السوري بشكل رئيسي على عدة مناطق في شمال سوريا، خصوصًا في المناطق التي تقع بالقرب من الحدود التركية، وهي تشمل: (عفرين، الباب، رأس العين، تل أبيب، ومناطق أخرى في ريف حلب)، وبالإضافة إلى المناطق السابقة، يسيطر الجيش الوطني على العديد من القرى والبلدات في ريف حلب الشمالي.
يُقدّر عدد مقاتلي الجيش الوطني السوري بنحو 25,000 إلى 40,000 مقاتل، لكن هذا العدد قد يختلف بناءً على التحاق أو انسحاب فصائل جديدة، أو تغيير في مناطق النفوذ نتيجة العمليات العسكرية المستمرة.
*غرفة عمليات الجنوب
غرفة عمليات الجنوب هي تحالف الجماعات الإرهابية السورية التي تنشط في جنوب سوريا، وتحديدًا في محافظة درعا وبعض المناطق المحيطة بها. تأسست غرفة عمليات الجنوب في عام 2014، وهي تضم جماعات معارضة للنظام السوري.
غرفة عمليات الجنوب كانت تتلقى دعمًا من الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وبعض الدول الخليجية، وخاصة المملكة العربية السعودية وقطر. كان الدعم يشمل التمويل، الأسلحة، والتدريب العسكري للفصائل المقاتلة. لكن الدعم الخارجي لهذه الجماعات تقلص بشكل كبير مع تصاعد الضغوط العسكرية والسياسية من قبل النظام السوري وحلفائه، خاصة بعد أن أعاد النظام السوري السيطرة على العديد من المناطق في الجنوب بفضل الحملة العسكرية المدعومة من روسيا وإيران.
عدد مقاتلي غرفة عمليات الجنوب يقدر بنحو 5,000 إلى 8,000 مقاتل، لكن هذا العدد يختلف بحسب الفصائل التي تشارك في الغرفة في أي وقت. تختلف قوة هذه الغرفة من حيث النوعية والقدرة القتالية، حيث تضم فصائل مسلحة مثل جيش اليرموك، فرقة 18 آذار، و الجبهة الجنوبية.
قبل حملة النظام السوري لاستعادة السيطرة على الجنوب السوري في 2018، كانت غرفة عمليات الجنوب تسيطر على عدة مناطق في محافظة درعا والمناطق المحيطة بها، مثل:
• مدينة درعا: العاصمة الإدارية لمحافظة درعا.
• الريف الغربي: بعض البلدات والقرى في الريف الغربي لمحافظة درعا.
• الريف الشرقي: بعض المناطق في الريف الشرقي كانت تحت سيطرتهم.
• الحدود مع الأردن: كانت بعض المناطق في الجنوب السوري قريبة من الحدود الأردنية تحت سيطرة الفصائل المعارضة.
لكن في عام 2018، شن الجيش السوري هجومًا واسعًا لاستعادة السيطرة على الجنوب، وتمكن من فرض اتفاقات تسوية مع المعارضة في المنطقة. وبموجب هذه الاتفاقات، تم سحب العديد منهم إلى شمال سوريا أو تم دمجهم في قوات النظام، مما أدى إلى استعادة النظام السوري للسيطرة على معظم مناطق الجنوب.
*جيش سوريا الحرة
جيش سوريا الحرة هو تحالف من الفصائل العسكرية السورية المعارضة للرئيس بشار الأسد. تأسس هذا الجيش في بداية الثورة السورية في 2011، وهو يعتبر أحد أبرز التشكيلات التي تمثل الجيش السوري الحر الذي كان يهدف إلى الإطاحة بالنظام السوري.
يُقدَّر عدد مقاتلي جيش سوريا الحرة في ذروته بحوالي 15,000 إلى 20,000 مقاتل. لكن هذا العدد قد تراجع في السنوات الأخيرة بسبب الانقسامات الداخلية، والضغوط العسكرية من قوات النظام السوري، وكذلك بسبب التحولات في دعم القوى الإقليمية والدولية.
جيش سوريا الحرة كان يتلقى دعمًا كبيرًا من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية ودول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية وقطر. كان هذا الدعم يتضمن تدريبًا عسكريًا، أسلحة، وذخائر للمساعدة في محاربة النظام السوري الرسمي. كانت تركيا أيضًا واحدة من أبرز داعمي الجيش السوري الحر، خاصة بعد أن أصبح العديد من فصائل الجيش السوري الحر جزءًا من العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا.
قبل أن يتم الضغط عليهم من قبل النظام السوري، كانت جماعات جيش سوريا الحرة تسيطر على أجزاء كبيرة من المناطق في شمال غرب سوريا، خصوصًا في مناطق مثل ريف حلب الشمالي وريف إدلب. ومع مرور الوقت، وبعد سلسلة من الهجمات العسكرية للنظام وحلفائه، فقدت هذه الجماعات السيطرة على العديد من المناطق، بما في ذلك مناطق في ريف حماة وريف دمشق.
ومع ذلك، لا يزال لجيش سوريا الحرة تأثير في بعض المناطق الشمالية السورية التي تشهد تدخلات عسكرية تركية، مثل:
• منطقة درع الفرات: التي تمت السيطرة عليها في 2016 من قبل الجيش السوري الحر بدعم من تركيا.
• منطقة عفرين: التي سيطر عليها الجيش السوري الحر في 2018 بعد عملية “غصن الزيتون” التركية ضد وحدات حماية الشعب الكردية (YPG).
• شمال حلب: حيث تواجدت بعض فصائل الجيش السوري الحر في مناطق عدة.
يعاني جيش سوريا الحرة في الوقت الحالي من انقسامات داخلية، حيث تفرقت بعض فصائله بسبب الانتماءات الإيديولوجية المختلفة. وبالرغم من الدعم التركي المستمر لبعض فصائل الجيش الحر، فإن تحالفات جديدة في شمال سوريا قد أثرت على نفوذهم.
عموماً، باتت جماعات الجيش السوري الحر أكثر ارتباطًا بالحكومة التركية في الشمال السوري، مع بقاء بعض الأطراف فيه بمناطق أخرى تعمل بشكل مستقل أو ضمن تحالفات مختلفة.