الجولاني يفشل في إخضاع قسد بمعركة منبج المستمرة.. ومحافظة السويداء تثور ضد "تحرير الشام"
انفوبلس/ تقرير
على الرغم من مرور نحو أربعة أسابيع على سقوط نظام بشار الأسد، فإن جبهات الفرات في شرق سوريا لم تشهد أي استقرار، بسبب الاشتباكات بين "فصائل المعارضة"وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، التي تسيطر على ما يقارب 30% من الأراضي السورية، فكيف فشل المكنى بأبو محمد الجولاني في إخضاع قسد بمعركة منبج المستمرة؟وما قصة رفع دروز "السويداء" راية العصيان ورفض تسليم سلاحهم؟
تقع منبج شمال شرقي ريف مدينة حلب (شمالي سوريا) التي تبعد عنها نحو 80 كلم، وتقوم على أرض فسيحة ترتفع نحو 398 مترا عن سطح البحر. والمدينة هي مركز منطقتها، ولا تبعد سوى 30 كلم من النقطة الحدودية الفاصلة بيت سوريا وتركيا.
*معركة منبج
بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.
وأشار "المرصد السوري" الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر "المرصد" أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها "قسد".
وجاء ذلك في وقت قالت فيه "قوات سوريا الديمقراطية"إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.
وتريد تركيا طرد "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تشكّل عماد "قوات سوريا الديمقراطية" من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ"حزب العمال الكردستاني"المصنّف إرهابياً. كما تطالب "قسد"، التي لا تزال تحظى بدعم أميركي، بأن تكون ضمن المنظومة العسكرية للدولة الجديدة، وأن يُعترَف بها وبالإدارة الذاتية التابعة لها، ضمن الدستور المقبل.
*الحديث المبكر جداً عن تسليم السلاح
وفي الجنوب السوري، وعلى مسافة ليست ببعيدة عن تحركات الاحتلال الإسرائيلي، تشهد محافظة السويداء، التي تسيطر عليها فصائل محلية درزية، تحركات مستمرة ضد "هيئة تحرير الشام"، التي يبدو أنها استقرت، حتى الآن، على اتّباع سياسة النظام السابق، عبر ترك السويداء لأهلها، والبحث عن طرق تفاوضية تنهي أزمة وليدة تسبّب بها تعنّت الإدارة الجديدة ومحاولتها الاستئثار بالسلطة، عبر محاولتها فرض نفسها على المحافظة، ودفع السكان إلى تسليم أسلحتهم.
وقوبل هذا الأمر برفض معلن من الأهالي والفصائل، التي منعت قوات "إدارة العمليات العسكرية" التابعة لـ"الهيئة" من دخول المحافظة، وأعلنت جملة من المبادئ، أبرزها رفض تسليم السلاح قبل حلّ جميع الفصائل المسلحة وبناء هيكلية إدارية واضحة لوزارة الدفاع، ورفض الانصياع لمحاولات قبض الإدارة الجديدة على السلطة بشكل منفرد، على أن تقوم الفصائل بهذا الإجراء بعد التوصل إلى إدارة تشاركية في حكم سوريا، من المفترض أن تبدأ أولى خطواتها منتصف الشهر الحالي، عبر إطلاق مؤتمر الحوار الوطني، الذي دعا إليه "أحمد الشرع".
من جهته، أعلن الزعيم الروحي للطائفة الدرزية، الشيخ حكمت الهجري، أنه "من المبكر جداً الحديث عن تسليم السلاح"، مشدّداً، في لقاء تلفزيوني، على أن "هذا الأمر مرفوض نهائياً إلى حين تشكيل الدولة وكتابة الدستور الذي يضمن حقوقنا"، وفق تعبيره.
وتابع أن "الحكومة السورية المؤقتة في الوقت الراهن غير مستقرة وتعمل على قضايا ليس من حقها العمل عليها باعتبارها حكومة تصريف أعمال، علاوة على أن لدى هذه الحكومة سجوناً لم يتمّ إطلاق سراح السجناء منها"، معرباً عن "مخاوف لدى أهالي السويداء من حالة عدم الاستقرار في البلاد". وأضاف: "هناك مرجعية دينية في المحافظة نلتزم بخطها الوطني".
ويمثّل الحراك الذي تشهده السويداء، والمتمثّل بتظاهرات تدعم توجهات الزعامة الروحية والفصائل المحلية، استمراراً للنهج الذي تبلور خلال العام الماضي، عبر تظاهرات واعتصامات مستمرة ترفض الإدارة "المركزية"في دمشق، وتدعو إلى حكومة تشاركية، أو هيكلية إدارية تحفظ حقوق السكان المحليين وخصوصيتهم. وهو أمر تحاول المحافظة التأكيد عليه بعد تسلّم الإدارة الجديدة، والقادمة من خلفية متشدّدة، الحكم.
دروز "السويداء" يرفعون راية العصيان في سوريا
كما هدد بهاء الجمّال قائد عمليات طائفة الموحدين الدروز بمحافظة السويداء (جنوبي سوريا)، بإعلان الفيدرالية إذا تعرضت المحافظة لأي تعدٍ من أي فصيل، لافتًا إلى أن مشيخة السويداء رفضت دخول أي فصيل مسلح إليها.
وتطرق قائد عمليات طائفة الموحدين الدروز لمنع المحافظة دخول قوة من إدارة العمليات المشتركة، مبررًا ذلك بأن الإدارة لم تتواصل مع شيخ العقل، ولم تتواصل مع أي فصيل داخل غرفة العمليات الخاصة بالمحافظة، وإنما استغلت انشغال سكان المحافظة برأس السنة ودخلوا إليها.
ووصف الجمّال طريقة دخول قوة غرفة العمليات المحافظة بـ"الخدعة والخبيئة"، ما جعلهم يرفضون وجودهم.
هل سيقاتلون "هيئة تحرير الشام"؟
ونفى قائد عمليات طائفة الموحدين الدروز نشوب أي معارك مع هيئة تحرير الشام، مشددا على أنهم لا يدعون إلى سفك الدماء، وأشار إلى أنه إذا فرض عليهم الأمر سيقومون بثورة داخل الثورة، وأنهم مستعدون للقيام بتلك الثورة دون تردد.
وأوضح أنهم لن يسمحوا لأي فصيل معارض مهما كان عدد أفراده كبيرًا بأن يتدخل، لعدة أسباب أولها أن الأمور لم تهدأ بعد، وأن الدروز ومقاتليهم لديهم دور ووجود في الجنوب بشكل عام، كما أن لديهم قادة عسكريين وقدرات حربية وقادرون على ضبط الأمن بالمحافظة ولذلك يرفضون التدخل في شؤونهم.
وأشار قائد عمليات طائفة الموحدين الدروز، إلى أنه تواصل مع القيادات الدينية للدروز سواء من مشيخة العقل أو الشيخ أبو سلمان حكمت الهجري، ورفضوا تدخل أي فصيل في المحافظة. ونفى الجمّال وجود أي دعم خارجي للمقاتلين الدروز، مبينًا أنهم يعتمدون على الدعم الداخلي، مطالبين بموقف دولي لدعم المحافظة.
وبحسب مراقبين، فإن التفرد والاستئثار في الحكم، والحديث عن ثلاث سنوات لكتابة الدستور وأربع سنوات للانتخابات، والمشاهد المتناقلة لعمليات الانتقام، وطريقة إدارة محافظة إدلب والتعاطي مع الأقليات ومصادرة ممتلكاتهم والزج بكثير من الأفراد في سجون قاح والعقاب. جميع هذه المشاهد لا تبعث على التفاؤل، ومطلب السويداء، التي يقف أبناؤها خلف الرئيس الروحي الشيخ حكمت الهجري، واضح: دولة مدنية لا مركزية يستوي تحتها جميع السوريين.