الحرب العالمية الثالثة.. هل اقترب النداء الأخير؟ إليك أطرافها وأحدث التحليلات الغربية لها
انفوبلس/ تقارير
قد تعلن إيران أنها أنتجت قنبلة نووية ويحشّد الجيش الأميركي قواته على حدودها لدخولها فتصطف روسيا والصين وكوريا الشمالية إلى جانبها.
وقد يدفع الإحباط، الصين لغزو تايوان فتقوم الولايات المتحدة بتفعيل خطط الطوارئ لإنقاذ تايوان وقد تتطور الأمور لحرب شاملة، وثمة احتمال أن يتعرض - ومن دون سابق إنذار- نظام الاتصالات عبر الأقمار الصناعية في الغرب للهجوم.
بهذه الفقرات وأخرى أشد صخباً، استهل المؤرخ البريطاني ريتشارد أوفري مقالا له في صحيفة ديلي تلغراف بعنوان "فات الأوان لوقفها.. مؤرخ بريطاني مرموق: لا مفر من حرب عالمية ثالثة". قبل أن يسبقه بذات الفكرة المنجم الهندي الشهير كوشال كومار، الملقب بـ "نوستراداموس الجديد" ويثير الجدل أيضا، ثم موقع إنترسبت الأميركي الذي قال إن العالم يخوض غمار حرب عالمية ثالثة بالفعل.
فما هي إمكانية اندلاع تلك الحرب؟ ومَن هي القوى القادرة على دخولها وخوض غمارها؟ وما موقف العراق منها في حال اندلعت؟ انفوبلس سلّطت الضوء على هذا الموضوع وفصّلت حديث أوفري وكومار وتحليل إنترسبت، وذلك في سياق التقرير الآتي.
مؤرخ بريطاني مرموق: لا مفر من حرب عالمية ثالثة
في أحدث ما كُتب بشأن الحرب العالمية الثالثة، قال المؤرخ البريطاني المرموق ريتشارد أوفري، إنه وفي ظل عدم اليقين بشأن ما يجب فعله، قد تصدر أوامر بالتعبئة العسكرية في جميع أنحاء العالم الغربي، وربما طالبت روسيا والصين بوقف تلك التعبئة.
لكن، وكما حدث في عام 1914، فمن الصعب إيقاف العجلات، بمجرد أن تتحرك، وهنا قد تتفاقم الأزمة، فتكون حرب الفضاء الأولى تحصيل حاصل، بحسب أوفري.
وقبل أن يستدرك أوفري قال "هذه السيناريوهات الثلاثة ممكنة، ولكن يجب أن أوضح أن أياً منها ليس محتملا، فالتنبؤ ـ أو التخيل على الأصح ـ من الممكن أن يؤدي إلى إنتاج أوهام خطيرة تعمل على تعزيز القلق بشأن أمن المستقبل"، بل قد يكون التشخيص الأكثر منطقية خاطئاً في حد ذاته، خصوصا أن تطوير الأسلحة النووية أدى لتغيير كبير في شروط أي صراع عالمي مستقبلي.
ورغم أن التاريخ قد يساعدنا على التفكير في شكل الحروب المستقبلية، كما يقول المؤرخ، فإنه يوضح أننا نادرا ما نتعلم من دروس التاريخ، ومع ذلك فإن السؤال حول الكيفية التي قد تندلع بها حرب عالمية ثالثة يطاردنا اليوم أكثر من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
ويرى أوفري أن مجرد تخميننا بشأن هذه الحرب هو دليل على توقعاتنا بأن الحرب من نوع ما تظل حقيقة في عالم يتسم بعدم الأمان المتعدد الأسباب.
وأبرز الكاتب في هذا الصدد، أن الصراعات في أوكرانيا وغزة وميانمار والسودان هي تذكير بهذا الواقع المستديم، كما تشير التهديدات المنتظمة من جانب روسيا بشأن استخدام الأسلحة النووية إلى أن خيالاتنا قد لا تكون بعيدة كل البعد عن الواقع.
موعد اندلاع حرب عالمية ثالثة!
قبل أوفري، أثارت تصريحات كوشال كومار، المعروف بـ "نوستراداموس الجديد"، الجدل، بعدما أعلن أن الحرب العالمية الثالثة قد تبدأ خلال ساعات معدودة أو أيام.
وتوقع المنجم الفلكي، المعروف بلقب "نوستراداموس الجديد" في الهند، قبل 3 أسابيع نبوءة في 23 مايو الماضي، عاد وأكدها يوم الجمعة الماضي لصحيفة "ديلي ستار" البريطانية، يقول فيها إن حربا عالمية ثالثة ستنشب يوم الثلاثاء في 18 يونيو.
وقال في تصريحات لصحيفة "ديلي ستار" البريطانية: "هذا الثلاثاء (الماضي) 18 يونيو 2024، يعتبر مناسبا لبدء الحرب العالمية الثالثة، على الرغم من أن يومي 10 و29 يونيو قد يكونان مرشحَين أيضا لذلك".
وأشار كومار إلى الصراعات الدولية المستمرة والمتصاعدة عبر العالم، معتبرا إياها علامات على النزاعات العالمية المحتملة في المستقبل القريب.
وعبّر عن قلقه من هذا السيناريو المحتمل، محذرا من ضرورة التفكير الاستراتيجي والتوقعات الدقيقة لتأثيرات الكواكب، معتبرا أن "الأخطاء البشرية غير المقصودة قد تلعب دورا في هذا السياق".
كومار الذي "تنبأ" بمصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في 19 مايو الماضي، بحسب ما يزعمون عنه، يستند في نبوءته الجديدة إلى أننا سنشهد يوم الثلاثاء "أقوى محفز كوكبي لإشعال حرب عالمية ثالثة" وأشار إلى سلسلة من الأحداث الحالية المزعجة لتبرير زعمه.
ووفقا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، في شهر مايو، قدم كومار توقعاته الجديدة بشأن بداية الحرب العالمية الثالثة، حيث تضاعف من توقعاته السابقة، رغم أن التاريخ الذي توقعه سابقا لم يتحقق.
لم تتحقق نبوءة المنجم الهندي بعد أن فات موعده المحدد لاندلاع الحرب العالمية الثالثة، لكن المغزى من تناول تصريحه هو شيوع مصطلح الحرب العالمية الثالثة بكثرة لاسيما خلال الأسبوع الحالي مع أنه طُرح قبل هذه الفترة، لكن التركيز عليه الآن بشدة ربما يبرهن نوايا بعض الدول الدخول بهذه الحرب.
إنترسبت: العالم يخوض غمار حرب عالمية ثالثة بالفعل
في الحادي والعشرين من نيسان الماضي، نشر موقع إنترسبت الإخباري الأميركي تحليلا لمغزى الهجوم الذي استهدف موقع رادار للدفاع الجوي بالقرب من مدينة أصفهان وسط إيران والذي قال مسؤولون أميركيون إن إسرائيل نفذته.
ورأى الموقع الأميركي حينها أن ما حدث، في الواقع، يبدو شبيها بحروب هذه الأيام التي تتسم في بعض الأحيان بإطلاق 300 صاروخ وطائرات مسيرة، وفي أحيان أخرى يكون الهجوم هزيلا ومحدَّد الهدف وتكتنفه السرية "فقد ولَّت أيام الجيوش الجرَّارة الغازية والمواجهات التقليدية بين قوتين عسكريتين".
وبينما تترقب وسائل الإعلام والعالم نشوب حرب واسعة النطاق بين إيران وإسرائيل -وفق تقرير إنترسبت- بل وينتابها القلق من أن تسفر المواجهة بينهما عن تصعيد نووي، فإن ما تغفل عنه تلك الدوائر أننا نخوض غمار حرب عالمية ثالثة بالفعل.
ضلوع الناتو في الحرب العالمية الثالثة
ووفق انترسبت، فإن الحرب العالمية الثالثة لا تُشبه الحروب التي نشبت قبل قرابة قرن من الزمان، من حيث تعداد الجيوش الهائلة وإقدام الإمبراطوريات على غزو القارات، بل هي حرب تدور رحاها في كل مكان من كوكبنا المضطرم بالصراعات المسلحة والمغمور بالأسلحة.
واستعرض التقرير المعارك التي تدور حاليا في بعض مناطق العالم. ففي الشرق الأوسط، وجدت الولايات المتحدة وتركيا والعراق، وحتى إيران، لأنفسها مواطئ أقدام في سوريا حيث الحرب الأهلية مستمرة دونما هوادة، وبالكاد يُلتفت إليها، ذلك أن الناس يبحثون في أماكن أخرى عن معارك شبيهة بالحرب العالمية الثانية.
ولكن الموقع الإخباري الأميركي يعتقد أن أكثر ما يميز الحرب العالمية الثالثة هي الهجمات التي دأبت أوكرانيا أو وكلاؤها على توجيهها بانتظام ضد أهداف داخل روسيا والتوغل في منطقتي بيلغورود وكورسك الروسيتين.
على أن الحقيقة -على حد تعبير التقرير- أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) ضالع فعلا في حرب عالمية ثالثة ضد روسيا. وفي الوقت نفسه، تنشر الولايات المتحدة قواتها في دول تمتد من النرويج إلى بلغاريا، وقد قامت خلال العامين الماضيين ببناء قاعدة جديدة رئيسية في بولندا.
كما ظلت كل من إيران وكوريا الشمالية تدعمان المجهود الحربي الروسي بالطائرات المسيرة والصواريخ وقذائف المدفعية.
أبرز الصراعات التي قد تؤدي للحرب العالمية الثالثة
في شبه الجزيرة الكورية، تواصل كوريا الشمالية إجراء التجارب النووية وإطلاق الصواريخ الباليستية بشكل غير معلن في المحيط، مما يثير التوتر.
وفي جزء آخر من القارة الآسيوية، يدور قتال بين الهند وباكستان في صراعهما على الحدود المشتركة، وتشتبك الهند مع الصين في مواجهة مشتعلة قد تفضي إلى حرب عالمية ثالثة.
وفي أفريقيا، تنشط الجيوش والجماعات الإرهابية والمسلحون والمرتزقة والمليشيات وقطاع الطرق والقراصنة والانفصاليون في أنغولا وبوركينا فاسو والكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد والكونغو الديمقراطية والكونغو وإثيوبيا وكينيا ومدغشقر ومالي وموزمبيق والنيجر ونيجيريا ورواندا وجنوب السودان والسودان. وتتنافس الصين وروسيا على القواعد والنفوذ.
وفي أفريقيا أيضا، تنخرط أميركا وفرنسا وبريطانيا في قتال موسع ولكنه سري، في حين أن النيران تشتعل في جميع أنحاء القارة، ولا يستطيع أي منها ادعاء أي انتصارات طويلة المدى على الجبهتين المزدوجتين لمكافحة الإرهاب وحفظ السلام، على حد تعبير تقرير إنترسبت.
والخلاصة، كما يراها الموقع الأميركي، أن الحرب الشاملة -أو بالأحرى الحرب العالمية الثالثة- ترسم صورة مربكة وتستحوذ على اهتمام العالم، ولا تترك مجالا يمكن للمرء أن يتخيل إمكانية القيام بشيء حيالها.
موقف العراق من الحرب العالمية الثالثة
في النهاية، لابد من التعريج على موقف العراق فيما لو اندلعت الحرب العالمية الثالثة وهنا تقفز عدة تساؤلات تاريخية ومصيرية بالتوازي مع كل هذه الأحداث منها ..ما هو موقفنا من كل ما يجري ويحدث ؟ هل نصطف مع الخندق الروسي (الشرقي) أم الأوكراني (الغربي)؟ أم نقف على الحياد الإيجابي أو السلبي؟ وهل يمكن الاستفادة من حدث خطير كهذا؟ أم نكتفي بنشر الرعب بين الناس ليستفيد التجار في احتكار البضائع ورفع الأسعار؟
وللإجابة على هذه التساؤلات وفق الكاتب أحمد رضا المؤمن، ينبغي تشخيص ما رصدناه من مواقف وآراء حول ما ينبغي فعله تجاه هذه الحرب فيما لو اندلعت لأن هذا التشخيص من شأنه توضيح الرؤية الصحيحة للمكان أو الموقف المناسب الذي يجب أن نتخذه ونقف فيه. وهذه المواقف على أنواع وأشكال، منها:
١/ موقف الحياد السلبي:
وهذا الموقف الذي يحمل أنصاره شعار (ما لنا والحرب بين الجبابرة) و(اللهم أشغل الظالمين بالظالمين وأخرجها من بينهم سالمين) ويمثلون للأسف شريحة واسعة تتصف بالجهل والسطحية والتفكير السلبي الانهزامي والبحث عن أي مُبرر للابتعاد عن أي دور تشارك فيه بالحياة .
ولجهل وسطحية هذه الشريحة فإنها تتوقع أن التزامها هذا النوع من الحياد سيجنبها شرور وآثار الحرب بينما كل أحداث التأريخ تؤكد عكس ذلك لأن الحياد السلبي يعني وجود ساحة فارغة تقع بين طرفين مُتحاربين سيسعى الأقوى والأذكى منهما لاحقاً احتلالها وإشغالها واستغلالها لصالحه بشكل أو بآخر.
٢/ موقف الحياد الوردي:
وهم الذين يرون بأن العراق يمكنه أن يمارس دور الوسيط الذي يقرب وجهات النظر والصلح بين الطرفين الروسي والأوكراني. وهذه الرؤية أو الطرح رغم إيجابيها إلا أنها بعيدة عن الواقع وتتصف بالخيال الوردي غير الواقعي، فالعراق خصوصاً لا يمكنه أن يمارس هذا الدور لأنه بالواقع محكوم – حالياً – من قوى سياسية محسوبة على المحور الأمريكي الداعم لأوكرانيا ضد روسيا.
٣/ موقف التفسير السلبي للظهور المهدوي :
وهذه الشريحة تختص بالمجتمع الشيعي، وهي رغم قلتها إلا أنها تنشط بين الحين والآخر خصوصاً عند حدوث الفتن والحروب والأزمات الخطيرة، وطبعاً فهي على باطل بلا أدنى شك لأن الواجب العقائدي لكل من يؤمن بالظهور هو التمهيد والتوطئة والاستعداد للنصرة وليس الهروب والتفرج تفرج المحايد بحجة انتظار الظهور.
٤/ موقف الانحياز:
وهي الشريحة التي ترى بأن المصلحة تتمثل بالانحياز إلى أحد طرفي الصراع، وذلك من خلال الحديث عن مصالح مشتركة مع أحد أطراف الصراع بكل ما يعنيه ذلك من انقياد وتبعية لهذا المعسكر أو ذاك خصوصاً وأن المصير سيكون مشتركاً من كل الأبعاد الأمنية والاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها.
وهذا الموقف له عواقبه وآثاره ولنا في العراق تجارب وشواهد كثيرة. منها موقف العراق من الحرب العالمية الثانية حيث إن الحكم الملكي في العراق كان صنيعة بريطانية بالكامل وعندما بدأ الملك غازي بالاتصال والتعاون مع هتلر والنازية لم يستمر الأمر طويلاً حتى تم اغتياله بحادث سيارة مدبر ليعود العراق مرة أخرى للسكة البريطانية.
فالعالم آنذاك كان منقسماً إلى خندقين هما خندق الحلفاء الذي يقوده بريطانيا وامريكا والاتحاد السوڤيتي ومعظم دول أوربا. والخندق الآخر كان بقيادة ألمانيا الهتلرية النازية والذي يضم دولاً مثل اليابان وإيطاليا.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥ والقضاء على الخندق النازي حدث تخندق آخر قسم العالم إلى قسمين هما الخندق الشرقي بقيادة الاتحاد السوڤيتي الشيوعي، والخندق الغربي الرأسمالي بقيادة أمريكا وبريطانيا ومعظم دول أوربا الغربية.
وهكذا عندما بدأت علامات إنحياز حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم للمعسكر الشرقي ولو بشكل معتدل فإن النتيجة كانت انقلابا عسكريا مشؤوما (بعثيا – قوميا) جاء (بقطار أمريكي) في ٨ شباط ١٩٦٣م.
٥/ موقف الحياد الواقعي العقلاني :
هذه الشريحة تنظر إلى الأحداث بواقعية واستقلالية ومصلحية وتتعامل مع الأزمة بعقلانية ومبدئية.
فمن جهة تتعامل مع هذا الصراع على أساس (لا شرقية ولا غربية) وهي نفس نظرية السياسة الخارجية التي أسس لها السيد الخميني “رض” في التعامل مع المعسكرين الغربي والشرقي بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام ١٩٧٩م.
ومن جهة أخرى تتعامل هذه الشريحة على أساس المصالح المشتركة مع أطراف المعسكرين، ولأن مشتركات أنصار هذا الموقف مع المعسكر الروسي حالياً أكثر من مشتركاتها مع المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بل أن المعسكر الروسي أقرب الأطراف لمحور المقاومة والممانعة الذي تقوده اليوم الجمهورية الإسلامية في إيران إن لم نقل إن روسيا جزء من هذا المحور بشكل أو بآخر. فإن التعاطف مع المعسكر الروسي مفهوم ومطلوب وصائب.
وهذا الموقف يعود بنا تاريخيا إلى ما حدث في زمن النبي الأعظم محمد “صلى الله عليه وآله وسلم” عندما اندلعت الحرب بين الفرس والروم وكانت الغلبة للفرس فحزن المسلمون لذلك لأن مشتركات الأمة الإسلامية مع الروم من الناحية العقائدية أكثر من مشتركاتهم مع الفرس لكون الروم يدينون بالديانة المسيحية السماوية. لتأتي بعد ذلك البشرى القرآنية للمسلمين وهي تتنبأ بانتصار الروم على الفرس لاحقاً في قوله تعالى (أ ل م * غلبت الروم في أدنى الأرض * وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين * لله الامر من قبل ومن بعد * ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) .
فالتعاطف والتضامن القلبي مع المعسكر أو الطرف الأقرب والأكثر اشتراكا بالمصالح والعقائد والمواقف أمر منطقي وعقلاني.