الحوثيون يحتجزون سفينة صهيونية والاحتلال مصدوم.. إلى أي مدى تصل قدرات أنصار الله في البحر الأحمر؟
انفوبلس/ تقارير
في صباح اليوم، هددت جماعة أنصار الله اليمنية (الحوثيين)، باستهداف جميع أنوع السفن الصهيونية سواء التي تحمل علم الكيان أو التي تقوم بتشغيلها شركات صهيونية أو تلك السفن التي تعود ملكيتها لشركات صهيونية. وبعد ساعات من هذا الإعلان، نفذ الحوثيون تهديدهم وأقدموا على احتجاز سفينة صهيونية في البحر الأحمر على متنها 52 شخصا، في عملية بعثرت أوراق الاحتلال وفجّرت صدمة غربية كبيرة ومخاوف من محاصرة الكيان. فكيف كانت ردة فعل "إسرائيل"؟ وما هي تفاصيل العملية؟ وما نوع السفينة المحتجزة؟ وإلى أي مدى تصل قدرات الحوثيين في البحر الأحمر؟.
*"غالاكسي ليدر" بحوزة الحوثيين
في مساء اليوم الأحد، أفادت وسائل إعلام يمنية، بأن الحوثيين احتجزوا سفينة نقل صهيونية كانت تبحر في البحر الأحمر.
وذكرت وسائل الإعلام، أن سفينة تحمل اسم "غالاكسي ليدر" تعرضت للاحتجاز من قبل جماعة أنصار الله اليمنية، واحتجزت 52 شخصا كانوا على متنها في البحر الأحمر".
إلى ذلك، اعتبر المتحدث باسم قوات أنصار الله أن الإجراء يأتي نظراً لما يتعرض له قطاع غزة من عدوان صهيوني أمريكي غاشم حيث المجازر اليومية والإبادة الجماعية واستجابة لمطالب شعبنا اليمني ومطالب الشعوب الحرة ونجدة لأهلنا المظلومين في غزة.
*الحوثيون: اقتدنا السفينة لشواطئ اليمن
وفي أول رد على العملية، قال قيادي حوثي، إن قواتنا اقتادت سفينة صهيونية لشواطئ اليمن، وأكمل، "اقتيادنا للسفينة يأتي نصرةً لأهلنا المظلومين بغزة".
من جانبه، قال عضو المكتب السياسي للحوثيين محمد البخيتي، "أما وقف العدوان على غزة أو توسيع الصراع، ولن نسمح لهم بإبادة إخواننا في غزة".
بدوره، قال قيادي حوثي إن تحقيقات أولية تفيد بأن إسرائيليين بجنسيات أخرى كانوا على متن السفينة.
وأعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع عن "بيان مهم للقوات المسلحة اليمنية خلال الساعات القادمة".
*تنفيذ التهديد وتفاصيل العملية
عقب تنويه سريع، أصدرت القوات المسلحة اليمنية بيانا جاء فيه، "تنفيذاً لتوجيهاتِ قائدِ الثورةِ عبدِ الملكِ بدرِ الدين الحوثي، واستجابةً لمطالبِ أبناءِ شعبِنا اليمني العظيمِ، وكلِّ الأحرارِ من أبناءِ الأمةِ، وانطلاقاً منَ المسؤوليةِ الدينيةِ والإنسانيةِ والأخلاقية تجاهَ الشعبِ الفلسطينيِّ المظلومِ وما يتعرضُ لهُ من حصارٍ ظالمٍ واستمرارِ المجازرِ المروعةِ والبشعةِ من قِبَلِ العدوِّ الإسرائيلي. نفذتِ القواتُ البحريةُ في القواتِ المسلحةِ اليمنيةِ عمليةً عسكريةً في البحرِ الأحمرِ كان من نتائجِها الاستيلاءُ على سفينةٍ إسرائيليةٍ واقتيادُها إلى الساحلِ اليمنيِّ.
وتابعت في البيان، "القواتِ المسلحةَ اليمنيةَ تتعاملُ معَ طاقَمِ السفينةِ وفقاً لتعاليمِ وقيمِ دينِنا الإسلامي. وتجددُ تحذيرَها لكافةِ السُّفُنِ التابعةِ للعدوِّ الإسرائيلي أو التي تتعاملُ مَعَهُ بأنها سوفَ تصبحُ هدفاً مشروعاً للقواتِ المسلحة.
وأهابت القوات المسلحة اليمنية "بكلِّ الدولِ التي يعملُ رعاياها في البحرِ الأحمرِ بالابتعادِ عن أيِّ عملٍ أو نشاطٍ مع السفنِ الإسرائيليةِ أوِ السفنِ المملوكةِ لإسرائيليين"، مؤكدة استمرارَها في تنفيذِ العملياتِ العسكريةِ ضدَّ العدوِّ الإسرائيلي حتى يتوقفَ العُدوانُ على قطاعِ غزةَ وتتوقفَ الجرائمُ البشعةُ المستمرةُ حتى هذه اللحظةِ على إخوانِنا الفلسطينيينَ في غزةَ والضِّفةِ الغربية".
كما أكدت وفي البيان، أن "من يهددُ أمنَ واستقرارَ المنطقةِ والممراتِ الدوليةِ هو الكيانُ الصهيوني، وعلى المجتمعِ الدَّولي إذا كان حريصاً على أمنِ واستقرارِ المنطقةِ وعدمِ توسيعِ الصراعِ أن يوقفَ العدوانَ الإسرائيلي على غزة".
وختمت القوات اليمنية بيانها بالقول، "إن عملياتنا لا تهددُ إلا سفنَ الكيانِ الإسرائيلي والمملوكةَ لإسرائيليين كما أشرنا إلى ذلك في بيانٍ سابق".
*الاحتلال يعترف ونتنياهو مصدوم
توالت ردود الفعل الدولية، عقب ساعات من العملية الحوثية الكبيرة، إذ أقرّ جيش الاحتلال باختطاف سفينة الشحن من قبل الحوثيين بالقرب من اليمن جنوب البحر الأحمر، عادّاً العملية بالحدث الخطير عالمياً.
بينما نتنياهو الذي بدا في حيرة من أمره، فقد اتهم إيران بالوقوف وراء العملية قائلاً، "اختطاف السفينة عمل إرهابي إيراني وندين بشدة الهجوم الإيراني على سفينة دولية"، مردفا "اختطاف السفينة سيخلق تداعيات دولية تتعلق بأمن ممرات الملاحة العالمية".
*عائديّة السفينة .. تنصُّل إسرائيلي فاشل
بعد صدمة العملية في البحر الأحمر، زعمت السلطات الصهيونية بأن السفينة المحتجزة ليست إسرائيلية وعليها طاقم دولي، لكنها تابعة لشركة يملكها رجل أعمال إسرائيلي".
لكن ما كشفه الحوثيون يثبت عكس ما ادعت به السلطات الإسرائيلية، حيث إن سفينة الشحن Galaxy Leader التي سيطر عليها أنصار الله تحمل علم الباهاماس كمحاولة لإخفاء هويتها، ويبلغ طولها 189 متراً بارتفاع 32 متراً، وآخر مرة شوهدت في منتصف البحر الأحمر في 18-11-2023 عند الساعة 13:04، وكانت تتجه من تركيا الى الهند".
أما صفحة دورون كادوش الإسرائيلية، فقد زعمت بالآتي: "العلاقة الإسرائيلية بالسفينة غير مباشرة إلى حد ما، فقد تم تأجيرها من شركة بريطانية إلى شركة يابانية، والشركة البريطانية مملوكة جزئيا لرجل الأعمال الإسرائيلي رامي أونجر".
*إلى أي مدى تصل قدرات الحوثيين في البحر الأحمر؟
خلال شهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني، شنَّت حركة الحوثي عدة هجمات صاروخية استهدفت إسرائيل تزامنا مع عملية "طوفان الأقصى" والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، باستخدام صواريخ كروز والصواريخ الباليستية، وهما نوعان متميزان من الصواريخ، الأول يتبع مسارَ طيرانٍ موجَّهاً على ارتفاع منخفض نسبياً، فيمكنه التنقل حول العوائق والتضاريس، والثاني يتبع مساراً مقوساً، يصعد لارتفاع كبير في البداية ثم يهبط نحو الهدف.
وصلت صواريخ الحوثيين إلى جنوبي إسرائيل، تحديدا ميناء إيلات، وهو ما أثار انتباه المخططين العسكريين والسياسيين في الولايات المتحدة ودولة الاحتلال، حيث يتطلب استهداف تلك المنطقة أن تسافر الصواريخ قرابة 1800 كيلومتر شمالا من اليمن على طول البحر الأحمر، تزيد أو تنقص بحسب جهة الضرب.
*صاروخ طوفان
أول هذه الصواريخ، التي يُعتقد أنها شاركت في الضربة على دولة الاحتلال، هي صواريخ "طوفان" الباليستية متوسطة المدى التي يتراوح مداها بين 1350-1950 كيلومترا، التي تشبه في تصميمها صواريخ "قدر" الإيرانية، يُعتقد أن لديها مرحلة أولى تعمل بالوقود السائل، ومرحلة ثانية تعمل بالوقود الصلب، مما يسمح لها بمدى كبير، طول الصاروخ نحو 16 متراً، وعرضه نحو متر ونصف.
*مسيّرات الحوثيين
كل هذا وبالطبع لم نتحدث عن ترسانة الحوثيين من المسيرات الجديدة، التي تتنوع في استخداماتها من الرصد والاستطلاع إلى القتال والضرب وأداء المهام الانتحارية، مثل طائرات "صماد" بأنواعها التي تشبه طائرات "شاهد" الإيرانية، ويتنوع مداها بين 1200 كيلومتر و1700 كيلومتر، وقد بدأ الحوثيون في نشر هذه المسيّرة في منتصف عام 2018.
*خطر بحري
إلى جانب ذلك، فإن القوات البحرية التابعة للحوثيين تمتلك أدوات جديدة، حيث عرضت قبل عام واحد زوارق قتال من أنواع "عاصف" و"ملاح" ومؤخرا "نذير" التي تمتلك القدرة على حمل أسلحة متوسطة وخفيفة، ويمكنها إطلاق صواريخ كاتيوشا 107 ملم، التي إما تكون تدميرية وإما حارقة، ويمكن لبعضها حمل أنظمة دفاع جوي، وتُستخدم لضرب السفن والسيطرة عليها، إلى جانب ذلك يمتلك الحوثيون قوارب ذاتية القيادة لأغراض القتال والاستطلاع البحري.
*سنظفر بسفن العدو .. الحوثيون ينفذون تهديدهم
الجدير بالذكر، أن زعيم جماعة أنصار الله اليمنية عبد الملك الحوثي، تعهد قبل أيام بمواصلة الهجمات على الاحتلال الإسرائيلي، قائلا إن قواته ستبحث عن السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
وقال الحوثي في كلمة متلفزة: "عيوننا مفتوحة للرصد الدائم، والبحث عن أي سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب تحديداً، وما يحاذي المياه الإقليمية اليمنية".
وتابع موضحا، بأن الاحتلال الإسرائيلي يعتمد في حركته في البحر الأحمر من باب المندب على التهريب والتمويه، ولا يجرؤ أن يرفع الأعلام الإسرائيلية على سفنه.
وأضاف: "سفن العدو تعتمد التهريب، وتغلق أجهزة التعارف في البحر الأحمر، ومع ذلك فإنه لن يفلح، وسنبحث عن سفنه، ولن نتوانى عن استهدافها".
وتابع، أن "اعتماد الاحتلال الإسرائيلي أسلوب التهريب والتمويه في البحر الأحمر دليل خوفه، ودليل على جدوى وتأثير موقف بلدنا وشعبنا عليه".
وأكمل قائلا: "سنظفر بسفن العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر، وسنُنَكِّل بهم، وفي أي مستوى تناله أيدينا لن نتردد في استهدافه، وليعرف بهذا كل العالم".
*جبهة جديدة
ومما سبق نستنتج، أن الحوثيين يطورون من ترسانتهم العسكرية خاصة في نطاقَين، وهما مدى الصواريخ، والإمكانات البحرية. ومن المؤكد أنهم يمتلكون الآن القدرة على الوصول إلى عمق الاحتلال الإسرائيلي عبر الصواريخ أو المسيرات الانتحارية، إلى جانب قدرتهم على استهداف أية سفن تمر قبالة اليمن في البحر الأحمر.