الرئاسة الدرزية تطالب بوقف الحرب الطائفية الدائرة في السويداء وسط انفلات أمني ومجازر طائفية
الموت يطارد المدنيين
انفوبلس..
في تصعيد خطير يهدد النسيج الاجتماعي لمحافظة السويداء جنوبي سوريا، كشفت مصادر مطلعة عن ارتكاب عصابات تابعة لـ"الجولاني" مجازر مروعة بحق أبناء الطائفة الدرزية في عدد من قرى وبلدات محيط المدينة، وسط صمت دولي مثير للقلق.
وتزامن ذلك مع اشتباكات دامية بين فصائل مسلحة وعشائر بدو، أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى، فيما أعلنت جهات مسلحة فرض حظر تجوال شامل في المحافظة.
وتفاقمت الأوضاع مع تصاعد عمليات النزوح الجماعي، وسط مخاوف من انفلات أمني شامل يعمّ المنطقة.
في المقابل، وجهت الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية نداءً لوقف الاقتتال، محذرة من فتنة تهدد وحدة الجبل، ومطالبة بوقف الانتهاكات واستعادة السلم الأهلي.
هجمات دموية دون تحرك إغاثي
أكدت مصادر محلية مطلعة، اليوم الاثنين، أن عناصر مسلحة تابعة لعصابات "الجولاني" شنّت هجمات دموية على قرى وبلدات مأهولة بأبناء الطائفة الدرزية في محيط مدينة السويداء، وارتكبت خلالها مجازر مروعة راح ضحيتها العشرات من المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
وأفادت المصادر بأن آلاف المسلحين اقتحموا تلك المناطق بذريعة "تطهيرها من جماعات معادية"، في تكرار مأساوي لمشاهد شهدتها مناطق الساحل السوري بحق الطائفة العلوية في سنوات سابقة.
وتحدثت المعلومات عن جثث ملقاة على الطرقات الزراعية، ومنازل تعرضت للنهب والحرق، مع تسجيل حالات نزوح جماعي لمئات العائلات وسط غياب تام لأي تحرك رسمي أو إغاثي.
وأشارت المصادر إلى أن ما يجري يتجاوز حدود الصدامات المحلية، ويؤشر إلى نية واضحة لتفجير الوضع في السويداء، معتبرة أن البيانات الرسمية الصادرة من دمشق لا تعبّر عن حجم الكارثة، بل تسعى لتضليل الرأي العام المحلي والدولي.
فرض حظر تجوال
وأعلنت الجماعات المسلحة المرتبطة بأبو محمد الجولاني (احمد الشرع) في سوريا، اليوم الأحد، فرض حظر تجوال شامل في محافظة السويداء بسبب التدهور الأمني الحاصل في المنطقة.
وأفادت ما تُسمى بـ"غرفة العمليات العسكرية في السويداء" بأن الحظر يشمل كامل المحافظة، باستثناء العناصر المقاتلة.
وأضافت: "نهيب بالجميع الالتزام بحظر التجول، نظراً لكون الطرقات غير آمنة للمدنيين في الوقت الراهن".
عشرات الضحايا وتفاقم الفوضى
وارتفعت حصيلة الاشتباكات المسلحة بين المسلحين وعشائر البدو بمحافظة السويداء جنوبي سوريا، إلى 37 قتيلا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأفاد المرصد، أنه "ارتفعت حصيلة الضحايا جراء الاشتباكات المسلحة والقصف المتبادل في حي المقوس شرقي مدينة السويداء ومناطق بالمحافظة إلى 37 قتيلا بينهم طفلان، وهم: ( 27 من الدروز بينهم طفلان، و10 من بدو السويداء) بالإضافة إلى نحو 50 جريحًا بينهم أطفال وآخرون بحالات حرجة".
ويأتي هذا التصعيد الخطير في ظل غياب المؤسسات الرسمية المعنية، ما أدى إلى تفاقم حالة الفوضى، واتساع رقعة الاشتباك، وعجز المجتمع المحلي عن حل الأزمة رغم الدعوات المتكررة للتهدئة.
مشاهد النزوح الجماعي
ومع اشتداد الاشتباكات بين الفصائل المسلحة وعشائر المنطقة، عمّت مشاهد النزوح الجماعي، فيما تتوالى النداءات العاجلة لوقف إطلاق النار قبل أن ينفلت الوضع نحو فوضى شاملة تهدد نسيج المنطقة الاجتماعي، خصوصاً مع توسع المعارك إلى قرى مجاورة.
وأوضح ناشط مدني أن أكثر من 300 عائلة نزحت من قرى الطيرة وسميع إلى مدينة السويداء والقرى القريبة، وسط صعوبات في تأمين مأوى أو مساعدات إنسانية بسبب إغلاق الطرق.
كما أفاد مصدر طبي في مستشفى بصرى الشام بمحافظة درعا باستقبال 11 مصاباً من أبناء عشائر اللجاة من جراء قصف استهدف سيارتهم قرب الحدود الإدارية للسويداء.
وفي حي المقوس، بؤرة أعنف الاشتباكات، استمر تبادل إطلاق النار بالأسلحة المتوسطة، وأسفر عن سقوط خمسة قتلى بينهم طفل أصيب برصاصة في الرأس، تعذر إنقاذه بسبب كثافة النيران.
وأفاد ناشطون بأن المسلحين استهدفوا ممتلكات مدنية وأحرقوا منازل، فيما واجه سكان الحي صعوبة في إجلاء الجرحى وتأمين احتياجاتهم الأساسية.
كما شهدت قرية الطيرة نزوحاً جماعياً بعد استهدافها بقذائف هاون من مسلحي عشائر اللجاة، الذين اجتاحوا القرية لاحقاً وأحرقوا عدداً من منازلها.
وأفاد مصدر ميداني بأن سكان البلدة لجأوا إلى قرى ناحية المزرعة والسويداء المدينة، تاركين خلفهم مجموعات دفاعية تحاول صد الهجمات.
كما طاول القصف بلدتي سميع والمزرعة، واندلعت اشتباكات متقطعة عند حاجز الشرطة في منطقة براق، حيث استُهدف بقذائف هاون، ما أدى إلى مواجهات مباشرة مع قوات الأمن.
الدروز يوجهون نداءً لكافة الأطراف
ووجّهت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز نداءً إلى كافة الأطراف في جبل العرب، في ظل تصاعد التوترات والاشتباكات المسلحة التي تشهدها محافظة السويداء، لاسيما على طريق دمشق – السويداء، معتبرة أن ما يجري هو "فتنة خفية مقيتة" تستوجب وقفة ضمير وموقفاً وطنياً جامعاً.
وأكّدت الرئاسة الروحية في بيان، أن "درء الفتنة هو واجب وطني وأخلاقي لا حياد عنه”، مشددة على أن “دماء أبنائنا خط أحمر لا يجوز التساهل فيه أو المتاجرة به تحت أي ذريعة أو غاية".
وطالبت الحكومة المؤقتة بضبط الأمن على الطريق العام، وإبعاد “العصابات المنفلتة” عنه، في وقت حرّمت فيه الاعتداء على المدنيين ورفضت استمرار الظلم والانتهاكات التي تطال الأهالي وكرامتهم.
ودعا البيان إلى تحكيم صوت الحكمة وتغليب المسؤولية، مؤكداً أن “ما يحصل لا يخدم إلا أعداء الجبل وسوريا”، وجدد التمسك بخيار السلم “مهما حصل”، مع التأكيد على حق الأهالي في الدفاع عن أنفسهم وأرضهم، دون الانجرار إلى أتون الفوضى والاقتتال الداخلي.
كما جدّدت الرئاسة الروحية مناشدتها للعشائر والأهالي للحفاظ على العيش المشترك وعدم التفريط بروابط الأخوّة، مضيفة: “ليست هذه معركتنا، ولسنا أعداء بعضنا… دماؤنا وأرزاقنا محرّمة على بعضنا".
وختم البيان بمطالبة جميع الأطراف بـ”وقف الأعمال القتالية وإحلال السلم الأهلي”، داعياً إلى تهدئة شاملة في أرجاء الجبل وريفه، خصوصاً بين أبناء السويداء والعشائر في محيطها.

