الشيخ نمر النمر بذكرى استشهاده الثامنة.. كيف قارع الديكتاتورية؟ وبمَ تسبب إعدامه؟.. تعرف على أبرز محطات نضاله ضد آل سعود
انفوبلس/ تقارير
تحلُّ اليوم الذكرى السنوية الثامنة لجريمة إعدام النظام السعودي الشيخ نمر باقر النمر على خلفية نشاطه المطلبي السِّلمي. وتحت شعار فلسطين بوصَلَته، انطلقت الفعاليات في 25 ديسمبر 2023، وتستمر إلى العاشر من يناير 2024، على أن تُقام في عدد من البلدان. انفوبلس استذكرت هذه المناسبة وستسلط الضوء على أبرز المحطات التي مر بها الشيخ نمر محمد باقر النمر في نضاله ضد الديكتاتورية.
*مَن هو؟
وُلد آية الله الشهيد الشيخ نمر باقر النمر عام 1379 هـ (1959م)، بمنطقة العوامية - إحدى مدن محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية ـ وينتمي إلى عائلة رفيعة القدر في المنطقة برز فيها علماء أفذاذ أبرزهم آية الله العظمى الشيخ محمد بن ناصر آل نمر (قده)، و"حجة الإسلام الشيخ حسن بن ناصر آل نمر، والأديب الشاعر محمد حسن آل نمر (رائد القصة القصيرة بالقطيف ورئيس تحرير جريدة البهلول بالعراق)، سماحة الشيخ عبد الحسين آل نمر (أحد تلاميذ الشيخ محمد بن نمر)".
*دراسته ورحلته لطلب العلم الديني
بدأ الشيخ نمر النمر دراسته النظامية في مسقط رأسه بمدينة العوامية إلى جانب تردده المستمر - منذ نعومة أظفاره - على المساجد والحسينيات والمجالس والهيئات الدينية، الأمر الذي نمّى فيه روح الالتزام الديني والتمسك بنهج أهل البيت (عليهم السلام).
كان منذ صغره مولعاً بقراءة الكتب الدينية والثقافية، رغم أنَّ الكتاب كان - ولا يزال إلى يومنا هذا - في مملكة الاضطهاد والقمع والإرهاب يُعدُّ بضاعة خطيرة تُهرَّب عبر الحدود مصحوباً بالمخاطر والمغامرات.
ورغم أنَّ الحديث عن السياسة، ونقد السلطات، والخوض في كل ما يرتبط بحقوق الناس والحريات العامة والعدالة والكرامة وما شاكل كان من الأمور الممنوعة قطعياً، وكان المطلوب من الشعب فقط السمع والطاعة للعصابة الحاكمة لا غير، رغم كل ذلك فإنّ الشاب نمر باقر، وهو طالب في المرحلة المتوسطة، كان شديد الاهتمام بأوضاع بلده - كالعديد من الشباب الرسالي - متسائلاً عن العوامل التي تجعل الغالبية العظمى من أبناء المنطقة الشرقية مهدوري الحقوق يعيشون الفقر والضيق والحرمان، رغم أنَّ بلادهم تطفو على بحيرة من الثروة النفطية؟.
كان يتساءل: لماذا تذهب كل هذه الثروات الهائلة إلى جيوب العائلة الحاكمة بدون حق، ويظل أبناء المنطقة الغنية بالبترول يعانون الحرمان والفقر والتخلف؟
وفي مرحلة الثانوية تحولت هذه التساؤلات إلى اندفاع شجاع لدى الشاب المتحمِّس نمر باقر لكي يبدأ خطوات عملية لنشر الوعي في المجتمع وتوجيه الشباب - من أمثاله - إلى العمل الديني الاجتماعي للمطالبة بالحقوق، وهكذا انخرط في العمل الرسالي حاملاً مشعل التوعية والتربية بين مختلف فئات المجتمع".
*انتفاضة محرم 1400 هـ ومقارعته الديكتاتورية
في تلك الفترة (أي أواخر الثمانينيات من القرن الماضي) كانت المنطقة تشهد بعض التطورات السياسية والاجتماعية لصالح التغيير إلى الأفضل، فمن سقوط الملكية في إيران وانتصار الثورة الإسلامية، وغليان الوضع في العراق باتجاه نمو معارضة إسلامية أشد وأوسع للنظام الصدامي الفاشي، إلى تنامي الحركة الإسلامية في لبنان ومصر والسودان وفلسطين المحتلة وبعض الدول الخليجية وشمال أفريقيا والمغرب العربي، وانتشار مجاميع وفئات العمل الرسالي التغييري في مختلف بلاد المنطقة، كل ذلك ساعد على تنامي الوعي الحركي الرسالي لدى الشباب المؤمن في المنطقة الشرقية حيث تجلّى كل ذلك في انتفاضة محرم عام 1400هـ/ 1980م التي اندلعت مطالبةً بالعدالة والحرية، وكان الشاب الرسالي نمر باقر النمر أحد أبرز قيادات هذه الانتفاضة الشعبية التي طالبت –ولأول مرة– بالحقوق المهضومة، وبإنهاء عهد الحرمان والاضطهاد والتمييز.
وبعنف دموي طائش قمعت السلطات السعودية الانتفاضة الشعبية، وواجهت الاحتجاجات السلمية بالرصاص الحي مما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى، وقد أصيب الشاب القيادي نمر باقر النمر برصاصة في رجله في المواجهة بين القبضة والرصاص.
وعلى إثر ذلك قرر الشاب الرسالي نمر باقر أن يتجه لبناء ذاته وإعداد نفسه لمواجهة الظلم والطغيان بكفاءات عالية، فكان قراره بالهجرة لطلب العلوم الدينية، فأتجه إلى حوزة الإمام القائم (عجل الله فرجه الشريف) العلمية في طهران .
*نشاطاته الاجتماعية
للشيخ النمر العديد من الفعاليات الاجتماعية التي أثرت بشكل كبير في الواقع العام خصوصا في منطقة العوامية ومنها:
ــ إحياء دور المساجد في محاربة وتغيير العادات البالية.
ــ إحياء إقامة صلاة الجماعة في منطقته التي كانت شبه مندثرة.
ــ بادر آية الله النمر لإقامة صلاة الجمعة في عام 1424 هـ (2003 م) بمدينة العوامية، بعد أن كانت الظروف المحيطة تعوق دون إقامتها سوى من صلاة واحدة تقام في مدينة سيهات من قبل مقلدي الشيخ حسين العصفور.
ــ سعى الشيخ النمر لتفعيل دور المرأة واستثمار طاقتها في المجالين الديني والاجتماعي من خلال دعمه لمشاركتها في صلاة الجماعة والمشاركة في البرامج الدينية المختلفة.
*اهتمامه بقضية البقيع
أعاد الشيخ النمر قضية هدم قبب أئمة البقيع، حيث دعا لإقامة مهرجان مخصص لهذه الحادثة بدءاً من العام 2004 وقد تمّ المنع من قبل الحكومة السعودية لثلاث سنوات متتالية، وفي سنة 2007 استطاعوا إقامة هذا المهرجان ولكن تم منعه في السنوات التي تليها.
وكان نتيجة عمله هذا قيام عدّة مظاهرات في أوروبا وأمريكا وبعض الدول الإسلامية مطالبة بإعادة بناء هذه القبب من جديد.
*نشاطه السياسي
اشتهر الشيخ نمر باقر النمر بانتقاده لسياسة نظام الحكم في السعودية وخصوصا سياسته المتبعة ضد الشيعة في المنطقة الشرقية المتمثلة بتهميشهم في الوظائف الإدارية والعسكرية، وقد تعرّض للاعتقال من قبل رجال الأمن في المملكة السعودية عدّة مرات نذكر منها:
ــ في عام 1424 هـ (2003 م): اعتقل بعد إقامة صلاة الجمعة في (ساحة كربلاء)، واستمرارها لعدة أسابيع، وقد طلبوا منه -بالإضافة إلى ترك إقامة صلاة الجمعة والبرامج المختلفة- إزالة البناء الذي تقام فيه الصلاة في ساحة كربلاء ليطلق سراحه.
ــ وفي عام 1426 هـ (2005 م): أُستدعي من أجل إلغاء مهرجان: (البقيع الخطوة الأولى لبنائه) وقد استمر بقاء الشيخ في المعتقل من الساعة التاسعة والنصف صباحاً حتى الواحدة ظهراً، وقد أخذ منهم وعوداً بأن يُعطى حقّه في المطالبة بالبناء وغيرها من المطالبات.
ــ وفي عام 1427 هـ (2006 م): اعتقل عند عودته من البحرين من (مؤتمر القرآن الكريم)، وقد استمرّ اعتقال الشيخ قرابة الأسبوع، فخرجت مظاهرة في مدينة العوامية عجّلت بخروجه.
ــ وعام 1429 هـ (2008م): اعتقل النمر للتوقيع على عدم إلقائه الخطب والدروس وخصوصا خطب الجمعة وأجبر على التوقيع مقابل التوقف المؤقت من غير تحديد لزمن المنع.
ــ وفي الثامن من يوليو(تموز) 2012 م: اعتقلت القوات السعودية النمر بعد فتحها عليه الرصاص الحي فأصيب على إثرها بأربع رصاصات في فخذه الأيمن، وقامت باختطافه من موقع الجريمة فاقداً لوعيه لتنقله إلى المستشفى العسكري في الظهران وبعد ذلك إلى مستشفى قوى الأمن بالرياض ثم إلى سجن الحائر وهو آخر اعتقال له قبل إصدار حكم الإعدام بحقه.
*الشيخ النمر والانتفاضات العربية
في عام 2011 بعد سقوط الحكومات في تونس ومصر، استغّل الشيخ النمر الفرصة وكسر الحظر الذي كان مًقام ضده وعاد لمزاولة الخطابة والتدريس، مستهلا خطاباته بالحرية السياسية ودورها المحوري في التغيير، ونتيجة للتطورات في المنطقة قامت عدّة مظاهرات في منطقة القطيف للمطالبة بالإفراج عن بعض المعتقلين، وقد تصدى الشيخ النمر مسؤولية الدفاع عن حق الشعب القطيفي بالتظاهر والتعبير عن رأيه. وكذلك أخذ على عاتقه مساندة الشعب البحريني في حقه في تقرير مصيره بسبب تدخل قوات درع الخليج لقمع تلك المظاهرات.
*الاعتقال والشهادة
ذرائع الاعتقال
في جلسات التحقيق والتي حضرها الشيخ النمر وهو بحالة صحية سيئة نتيجة إهمال الحكومة السعودية لمعالجته من طلقات الرصاص التي أطلقوها عليه أثناء اعتقاله وجّهت السلطات السعودية عدّة تهم بحق الشيخ النمر منها:
ــ إلقاء النمر خطبا تخلّ بالوحدة الوطنية.
ــ التجريح في ولي أمر البلاد من خلال خطب الجمعة .
ــ اعتبار النمر أنّ الولاء لآل سعود يتناقض مع الولاء للّه ورسوله .
ــ الاعتقاد بعدم شرعية نظام الحكم في السعودية.
ــ التدخل في شؤون دولة البحرين .
ــ رفع خطبه على الإنترنت .
ــ تأييد الهتافات التي تُطلق ضد الدولة .
ــ التحريض على الخروج في التظاهرات.
ــ وصف حكّام الخليج بالظلمة .
ــ التحريض على ضرورة إخراج درع الجزيرة من البحرين .
ــ إظهار السرور بعد وفاة الوزير نايف آل سعود.
استشهاده
بعد مرور سنة وبضعة أشهر من صدور حكم الإعدام، تمّ تنفيذ الحكم بحق الشيخ النمر في 2 كانون الثاني 2016 م. وقد لاقى هذا الحكم إدانات واسعة في العالم الإسلامي والغربي، وكذلك لم تسلّم الحكومة السعودية جثمان العلامة النمر إلى ذويه، بل قالت إنها دفنته في مقبرة المسلمين، رغم إصرار أهله على طلب تسليمهم للجثمان.
*حوادث دولية أعقبت استشهاده
ــ خروج مظاهرات عديدة في القطيف والبحرين وإيران وتركيا .
ــ تنديدات من قبل العديد من الشخصيات الدينية الشيعية والسنية في لبنان وسوريا والعراق
ــ إحراق السفارة السعودية في إيران.
ــ إغلاق جميع العلاقات الدبلوماسية مع ايران من قبل السعودية.
ــ سقوط أغلب المؤشرات للتنمية الاقتصادية لدى الحكومة السعودية بما فيها البورصة وقيمة السعر السعودي مقابل الدولار.