الصناعة النووية الإيرانية وتأثيرها في اقتصاد الجمهورية.. تطور مذهل يثير قلق الحكومات الغربية
انفوبلس/ تقارير
تشير الدراسات وتؤكد التجربة العملية بأن تنفيذ المشاريع النووية عالية القدرة يحفّز النمو الاقتصادي ويعيد الأموال المستثمرة فيها إلى ميزانية الدولة، حتى في مرحلة البناء، وذلك بفضل توطين المعدات اللازمة والعمل. وعلى المدى الطويل، يجذب بناء محطة طاقة نووية عالية القدرة، الاستثمارات في تطوير بنية تحتية مستدامة وفعّالة للطاقة ويُسهم في تطوير القطاعات التكنولوجية ذات الصلة والصناعات المحلية وحركة النقل، وهذا ما عمدت ولا زالت تعمد إليه إيران لاسيما بعد خطتها لإنتاج 10 آلاف ميغاواط من الكهرباء من الطاقة النووية، فضلا عن هدفها لبناء 30 مفاعلا نوويا جديدا بهدف تلبية احتياجاتها كافة من الطاقة.
*تأثير الصناعة النووية على اقتصاد الجمهورية
تتوفر لدى إيران إمكانات هائلة للاستفادة من التكنولوجيا النووية في سبيل استعادة نموها الاقتصادي، فضلا عن تحقيق التنمية المستدامة في المجالات التي تحسّن نوعية حياة المواطن مثل الطب وتحلية المياه والبحث العلمي وغيرها.
وبهذا الشأن، يعتقد الباحث الاقتصادي غلام رضا مقدام أن بلاده، وبسبب النمو السكاني والمشاريع الاقتصادية وأزمات تلوث الجو والجفاف، أصبحت منذ أعوام بحاجة ملحّة إلى زيادة توليد الطاقة، مؤكدا أن الطاقة الذرية باعتبارها طاقة نظيفة تعدّ خيارا أفضل لإسعاف المدن الملوثة مثل العاصمة طهران.
وكشف مقدام، أن بلاده تمكنت لأول مرة عام 2013 من توليد الطاقة الكهروذرية بشكل تجريبي إلى أن بدأت في العام التالي ضخ كميات من الكهرباء الذرية في شبكتها المترابطة لتوزيع الكهرباء، وأن حجم الطاقة النووية في البلاد بلغ حتى الصيف الراهن أكثر من 52 مليار كيلو واط/ ساعة.
وتابع الباحث الإيراني، أن بلاده تنتج في الوقت الراهن نحو 1025 ميغاواطا من الطاقة الكهروذرية في محطة بوشهر النووية جنوبي البلاد، وتضخّها في شبكة الكهرباء العامة على مدار الساعة، وأنها تعمل على توليد ألفي ميغاواط أخرى من الكهرباء لرفع سعتها الإنتاجية إلى 3 آلاف ميغاواط خلال الفترة المقبلة.
*استغلال البرنامج النووي لتوفير الطاقة
ويرى الباحث الاقتصادي، أن الثروة النفطية والغازية محدودة في إيران، وأن الإفراط في الاستخراج والاستهلاك سيعرّض البلاد إلى عجز كبير في الطاقة مستقبلا، مما يؤكد ضرورة البحث عن حلول بديلة، مشددا على أن طهران سبق أن درست الاعتماد على الطاقة الكهروذرية للتنمية، وأن النتائج كانت مجدية.
*المنافع الاقتصادية للصناعات النووية
وعزا الباحث، سبب إصرار طهران على تطوير برنامجها النووي، إلى منافعه العديدة في مجالات الطاقة والزراعة والطب وتحلية المياه والصناعات الأخرى، مؤكدا أن الطاقة الكهروذرية تُعدّ الأكثر ديمومة والأعلى جودة والأرخص مقارنةً مع الأساليب الأخرى المستخدمة في توليد الكهرباء ومعالجة أزمات التلوث جرّاء حرق المازوت.
ولدى إشارته إلى الاقتصاد الإيراني المُحاصَر بفعل العقوبات الأميركية، قال مقدام، إن عددا من دول الجوار بحاجة ماسّة إلى الطاقة، وإن طهران تسعى حثيثاً لمدّ هذه الدول بالكهرباء والغاز وتعويض الخسائر التي تكبّدها الاقتصاد الوطني السنوات الماضية جراء العقوبات الرامية إلى تصفير صادراتها من النفط.
*السيد الخامنئي: أعداؤنا لن يتمكنوا من إيقاف تطور صناعاتنا النووية
بدوره، أكد قائد الثورة والجمهورية الإسلامية في إيران، السيد علي خامنئي، إنّ "البرنامج النووي الإيراني يواجه تحديات منذ 20 عاماً".
وأضاف السيد الخامنئي خلال كلمة له، بعد زيارته لمعرض منجزات الصناعة النووية الإيرانية، اليوم الأحد، أنّ "الأعداء يقولون إنهم يخشون حصول إيران على أسلحة نووية، لكنهم يكذبون، إذ يعلمون جيداً أننا لسنا بصدد صناعة السلاح النووي".
وتابع السيد خامنئي، مؤكداً أنّ "الاستخبارات الأميركية، وخلال الأشهر الأخيرة، اعترفت بعدم وجود أي دليل يشير إلى أنّ إيران تخطو باتجاه صنع سلاح نووي".
كما لفت إلى أنّ "عدم توجّهنا نحو صناعة سلاح نووي، ليس بسبب خوفنا من الأعداء، وإنما بسبب عقيدتنا".
*صناعة السلاح النووي
وبعدما أوضح أنّ "السلاح النووي هو للدمار الشامل"، عاد وأكد قائلاً: "نحن نعارض ذلك، لأنه يتعارض مع الدين والشريعة الإسلامية".
كذلك، أشار قائد الثورة الإيرانية إلى أنّ طهران، لو أرادت "صناعة الأسلحة النووية، لما تمكّن الأعداء من الوقوف بوجه ذلك".
كما أكد أن أعداء إيران لم يتمكّنوا من إيقاف "تطوّر صناعاتنا النووية، ولن يتمكّنوا من ذلك"، مشدداً على أنّ "ذريعة السلاح النووي هي ذريعة كاذبة".
ولفت السيد خامنئي إلى أنّ "أطراف الاتفاق النووي والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لم يلتزموا على مدى السنوات الماضية بوعودهم". ثم كرر التشديد بالقول: "لقد أدركنا على مدى العقدين الماضيين، أننا لا يمكننا الوثوق بوعود هؤلاء".
وفي السياق نفسه، أوصى قائد الثورة بالحفاظ على العلاقة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار قوانين هذه الوكالة.
وقال: "قد ترغبون بإبرام بعض التوافقات، وهذا ممكن. اتفقوا، لكن من دون المساس بالبنى التحتية، والتسبّب بتدمير ما أنجزه المسؤولون والمعنيون بالصناعة النووية على مدى السنوات الماضية".
وتفقّد قائد الثورة الإسلامية، صباح اليوم، معرض إنجازات الصناعة النووية في حسينية الإمام الخميني في العاصمة طهران. وقدّم رئيس منظمة الطاقة الذرية، محمد إسلامي، شرحاً للسيد خامنئي، حول آخر إنجازات هذه المنظمة.
*سبب رفع مستوى تخصيب اليورانيوم
وخلال الزيارة تعرّف السيد خامنئي، عن كثب، "على أحدث إنجازات الصناعة النووية في إيران".
وفي وقت سابق من اليوم، كشفت طهران عن سبب رفع مستوى التخصيب، مشيرةً إلى أنه "إجراء استراتيجي لإلغاء العقوبات".
وكانت بعثة إيران الدائمة لدى الأمم المتحدة قالت، إنّ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحقّقت من جميع المواد والأنشطة النووية الإيرانية"، مؤكّدة "عدم وجود أي مواد نووية غير معلن عنها من إيران".
ومنذ نيسان/ أبريل 2021، خاضت إيران والقوى الغربية مباحثات تهدف إلى إحياء الاتفاق، شاركت فيها الولايات المتحدة بصورة غير مباشرة. وعلى رغم تحقيق تقدّم في هذه المباحثات، فإنها لم تبلغ مرحلة التفاهم من أجل إعادة تفعيل الاتفاق.
* قلق أميركي "عميق" من تقدّم برنامج إيران النووي
في وقت سابق، أعربت الولايات المتحدة، عن "قلق عميق" بشأن التقدّم الذي تحرزه إيران في برنامجها النووي، وتطوير قدراتها الصاروخية البالستية، عقب إعلان طهران أنها باشرت في إنتاج اليوارنيوم المخصّب بنسبة 60 % في منشأة فوردو.
وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض، جون كيربي، خلال إيجاز صحافي في واشنطن: "سنتأكد من أن تكون كل الخيارات متاحة للرئيس"، مضيفا "بالتأكيد لم نغيّر وجهة نظرنا في أننا لن نسمح لإيران بامتلاك القدرة (لحيازة) السلاح النووي".
في غضون ذلك، أعلنت إيران مضيّها قُدُماً في تخصيب اليورانيوم الذي تخشى الحكومات الغربية أنه جزء من برنامج سرّي للأسلحة النووية.