المعمداني مرة أخرى.. الكيان الصهيوني يذكّر العالم بأبشع جرائمه بعد الطوفان ويقصف المستشفى الأهم في غزة من جديد

انفوبلس..
مع بزوغ فجر اليوم الأحد، أقدم جيش الكيان الصهيوني على تذكير العالم بواحدة من أبشع مجازره التي ارتكبها خلال حرب الإبادة الممنهجة التي يشنها على قطاع غزة، حيث جدد قصف مستشفى المعمداني وأخرجه عن الخدمة ليُعيد بذلك إلى الذاكرة جريمته التي نفذها بعد 10 أيام من طوفان الأقصى والتي قتل فيها أكثر من 500 شخص من المدنيين الفلسطينيين.
وقال مسعفون إن صاروخين صهيونيين أصابا مبنى داخل مستشفى رئيسي في قطاع غزة، مما أدى إلى تدمير قسم الطوارئ والاستقبال وإلحاق أضرار بمبانٍ أخرى.
وأخلى مسؤولو الصحة في مستشفى الأهلي العربي (المعمداني) المبنى من المرضى، بعد أن قال أحد الأشخاص إنه تلقى اتصالاً من شخص قال إنه من الأمن الصهيوني قبل وقت قصير من وقوع الهجوم.
وأوضح المدير العام لوزارة الصحة في غزة، منير البرش، أن "الوضع الآن كارثي ولا يمكن وصفه"، مضيفاً: "نحن والجرحى والمرضى في الشوارع. القصف لم يتوقف، والغارات مستمرة".
بدورها، قالت وزارة الصحة في قطاع غزة إنها تستنكر "استهداف الاحتلال للمستشفى المعمداني بغزة خلال الساعات المبكرة من فجر اليوم، وذلك بقصفه لمبنى داخل حرم المستشفى وتدميره بالكامل؛ الأمر الذي أدى إلى إخلاء قسري للمرضى والعاملين داخل المستشفى".
وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ارتكب الاحتلال مجزرة المعمداني، وفي ذلك اليوم المأساوي أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية تعرض مستشفى المعمداني بحي الزيتون في قطاع غزة لقصف صهيوني عنيف أسفر عن استشهاد 500 شخص من المرضى والجرحى والمدنيين الذين لجأوا إلى المستشفى طلبًا للحماية.
ومثّل ذلك الحدث نقطة سوداء جديدة في سجل الاحتلال، إذ تجاهل جميع الاتفاقيات الدولية التي تحظر استهداف المنشآت الطبية، لا سيما تلك التي تمثل الملاذ الأخير للجرحى والمرضى في مناطق النزاع.
واليوم، وبعد 18 شهرا من العدوان، عاد الكيان الصهيوني لتكرر قصف مستشفى المعمداني، مستهدفة بصاروخين مبنى الاستقبال والطوارئ. حيث خرج عن الخدمة بالكامل، إذ اضطر المرضى والجرحى إلى افتراش الشوارع المحيطة بحثًا عن مكان آمن.
كما أظهرت المقاطع المصورة لحظة القصف المباشر للاحتلال خلال عملية نقل المرضى والمصابين، وقد وثقت هذه المشاهد حجم الدمار والمعاناة التي عاشها المدنيون في تلك الليلة.
ووصف الصحفي أنس الشريف الوضع بأنه كارثي بكل المقاييس، قائلا عبر حسابه على منصة إكس إن "الوضع الآن كارثي ولا يمكن وصفه. نحن والجرحى والمرضى في الشوارع. القصف لم يتوقف، والغارات مستمرة. أُجلِي طفل مصاب على سرير المستشفى، لكنه لم يحتمل البرد ولا الألم، واستُشهد فورًا. دعواتكم لنا."
أما على مواقع التواصل الاجتماعي، فوصف المغردون استهداف مستشفى المعمداني بالليلة المرعبة، مشيرين إلى أن جيش الاحتلال أمر المرضى والجرحى بإخلاء قسمي الجراحة والعناية المركزة، ليقصفهم لاحقًا أثناء الإخلاء.
وقد تداولت العديد من الروايات المؤلمة عن المرضى الذين كانوا يُجبرون على مغادرة العناية المركزة رغم وضعهم الحرج، مما يعني أنهم كانوا يُحكم عليهم بالموت إما بالقصف أو بفقدان الرعاية الطبية.
أحد المغردين قال إن مشهد المرضى والمصابين وهم يركضون يمينًا ويسارًا في الظلام لا يمكن أن تصفه كاميرا أو مليون كلمة. امرأة مريضة تُحمل بين ذراعي ابنها الذي يركض نحو بوابة المستشفى كأنها بوابة النجاة، بينما طائرات الاحتلال تقصف المستشفى بالصواريخ! كيف يمكن وصف ذلك؟"
وكتب ناشطون أن هذا الحدث يمثل دليلًا جديدًا على الاستخدام المفرط للقوة من قبل الاحتلال، واستمرار انتهاكاته الصارخة للقانون الدولي الإنساني، في ظل صمت عالمي يعجز عن اتخاذ أي خطوات فعلية لوقف معاناة المدنيين المحاصرين في غزة.
وعلق العديد من المدونين على الانتهاكات الصهيونية قائلين إن "جرائم الاحتلال التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة فاقت الجرائم التي شهدها العالم في الحرب العالمية الثانية. ألم يحن الوقت لتكوين مجلس أمن جديد وأمم متحدة جديدة تنصف المظلومين وتحاكم الظالمين؟".
ويقع مستشفى المعمداني في حي الزيتون المكتظ بالسكان، وهو محاط بمعالم تاريخية ودينية بارزة، منها كنيسة "القديس فيليبس الإنجيلي"، وكنيسة "برفيريوس الأرثوذكسية اليونانية" التي بنيت في القرن الخامس الميلادي. هذه الأماكن الدينية، التي تشكل جزءًا من التراث الإنساني، لم تكن بعيدة عن دائرة القصف الصهيوني التي تواصل تجاهل أي اعتبارات إنسانية أو تاريخية.
مكتب الإعلام الحكومي بغزة قال إن "الاحتلال يرتكب جريمة جديدة مروعة بقصف المستشفى المعمداني بمدينة غزة".
وأضاف أن الاحتلال دمر عمدا 34 مستشفى وأخرجها عن الخدمة في إطار خطة ممنهجة.
وطالب المكتب المجتمعَ الدولي بالتحرك السريع والعاجل لوضع حد لـ"إرهاب الاحتلال المنظم"، كما طالب بالتحرك السريع والعاجل لحماية ما تبقى من المرافق الصحية.
ويتزامن قصف المستشفى مع استمرار الغارات الجوية الصهيونية على مناطق مختلفة في قطاع غزة.
ووفق شهود عيان، فإن جيش الاحتلال كان قد هدد بقصف المستشفى قبل استهدافها، وأمهل الموجودين فيه من مرضى وجرحى وطواقم طبية بإخلائه قسرا خلال 18 دقيقة، ما حال دون توفير أي رعاية طبية لمن تستدعي حالتهم ذلك، حيث أجبر عشرات الجرحى والمرضى على مغادرته، وافتراش الشوارع المحيطة به، في ظل أجواء البرد القارس.
وقد تسبب هذا القصف بإخراج المستشفى عن الخدمة بالوقت الحالي، ولم يعد قادرا على استقبال المصابين جراء غارات الاحتلال المتواصلة على القطاع.
ويقدم المستشفى خدماته الصحية لأكثر من مليون فلسطيني في محافظتي غزة وشمالها، في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية بفعل الإبادة الجماعية المتواصلة على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023، وتعمد استهداف المستشفيات، والمراكز الصحية.
وتحول المعمداني إلى أهم مستشفى في مناطق شمال قطاع غزة، بعد الدمار الكبير الذي ألحقه الاحتلال بمجمع الشفاء الطبي والمستشفيين الإندونيسي وكمال عدوان، خلال حرب الإبادة الجماعية المتواصلة منذ أكثر من 18 شهرا.
وعقب القصف، لفتت لجان المقاومة في فلسطين إلى أن "جريمتي استهداف المستشفى المعمداني في غزة ومدرسة عبد الله الدحيان التي تؤوي آلاف النازحين من النساء والأطفال تدلان على إصرار وإمعان صهيوني في حرب الإبادة الجماعية واستخفاف بكل القوانين والأعراف الإنسانية والأخلاقية التي تجرد منها هذا الكيان الفاشي".
إلى ذلك، أكدت وزارة الخارجية الفلسطينية، أن جريمة الاحتلال بالمستشفى المعمداني وإخراجه بالكامل عن الخدمة من أبشع مظاهر الإبادة وانتهاك صارخ للقوانين الإنسانية.
وقالت الخارجية الفلسطينية، إن الاحتلال دمر عمدا 34 مستشفى في قطاع غزة وأخرجها عن الخدمة مع استمرار سياسة حرمان المواطنين من الأدوية، مؤكدة أن مجلس الأمن يتحمل كامل المسؤولية عن فشله في حماية المدنيين وفرض الوقف الفوري للإبادة وفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية.
وقال الدكتور خليل الدقران المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، إن جيش الاحتلال أجبر المرضى والطواقم الطبية في المستشفى المعمداني المعروف بالأهلي، على الإخلاء قسرا.
وأضاف، إن إخراج المستشفى عن الخدمة وهو الوحيد الذي كان يعمل في محافظة غزة بمثابة "حكم بالإعدام على المرضى والجرحى".
من جانبه، قال المدير العام للمستشفيات في قطاع غزة محمد زقوت إن خروج المستشفى المعمداني عن الخدمة يفاقم من معاناة المرضى في القطاع خاصة أن المستشفى هو الوحيد في منطقة غزة والشمال الذي به جهاز التصوير الطبقي.
وأضاف زقوت، إن الاحتلال يواصل منع دخول أي أجهزة طبية رغم مناشدات منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر الدولي.
بدوره، قال الدكتور محمد أبو سلمية مدير مجمع الشفاء الطبي، إن استهداف الاحتلال للمستشفى المعمداني أدى إلى إخراجه تماما عن الخدمة، مشيرا إلى أن نحو 120 من المرضى في المستشفى لم يعد لهم مكان بعد الدمار الواسع الذي خلفه الهجوم.
وقال مدير المستشفى المعمداني الدكتور فضل نعيم، إن الاحتلال ارتكب جريمة ضد الإنسانية باستهدافه المستشفى المعمداني، وأضاف "لدينا مئات الجرحى والمصابين مكدسين خارج المستشفى بسبب استهدافه".
وأشار نعيم إلى أن الاحتلال بعد إخراجه المستشفى المعمداني عن الخدمة يوصل رسالة بأنه "لا مكان آمنا" في القطاع.
ونفى أخصائي الجراحة العامة في المستشفى المعمداني الدكتور عصام أبو عجوة وجود أي مسلح في المستشفى كما ادعت قوات الاحتلال في تبريرها لاستهداف المستشفى وقصفه.
وقال أبو عجوة، إنّ المستشفى المعمداني خرج عن الخدمة بعد استهدافه من قبل قوات الاحتلال اليوم.
إلى ذلك، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن قصف المستشفى المعمداني بمدينة غزة وتدمير طائرات الاحتلال لمبنى الاستقبال والطوارئ، وتشريد المرضى والجرحى فيه؛ جريمة حرب جديدة يرتكبها جيش الاحتلال ضمن مسلسل جرائمه الوحشية التي يرتكبها في القطاع.
وأضافت الحركة في بيان، أن هذه الجريمة تؤكد أن الاحتلال يعمل بغطاء وتواطؤ أميركيين في ظل تعطيل كامل لكافة أدوات المحاسبة الدولية.
وحمّلت الحركة الإدارة الأميركية المسؤولية كاملة عن جريمة الاحتلال الوحشية في مستشفى المعمداني، إذ إنها لم تكن لتقع لولا الضوء الأخضر الممنوح لها من واشنطن، وفق تعبيرها.
ودعت حماس المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول العربية والإسلامية إلى التحرك الفوري لوقف هذه الانتهاكات الفاضحة للقوانين الدولية.
من جانبها قالت حركة الجهاد الإسلامي، إن "الجريمة الشنيعة التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق المستشفى المعمداني هي صعود جديد نحو قمة الإجرام".
وأضافت الحركة في بيان، إن هذا "العدوان الآثم ضمن سلسلة عدوانية ممنهجة تستهدف المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء في غزة".