اليمن تحاصر موانئ "إسرائيل”.. لهيب أنصار الله يشعل البحر الأحمر ومضيق باب المندب يدوّل القضية.. وواشنطن تبحث عن حلول
انفوبلس..
رغم بُعدها عن الأراضي المحتلة نحو ألفي كيلومتر، إلا أن اليمن تمكنت من فرض حصار كبير على موانئ الكيان الإسرائيلي، ما دفع حلفاءه في العالم وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية للبحث عن حلول لفك الحصار وردع اليمن.
وبعدما أعلنت جماعة أنصار الله اليمينة مواصلة مهاجمة "إسرائيل" والسفن المتجهة إليها عبر البحر الأحمر، حتى تتوقف الحرب على قطاع غزة، اعتبر مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" هذه التهديدات بأنها "عالمية وتشكل تحدياً دولياً".
وأعلنت الوزارة في بيان الأحد الماضي، تفعيل فرقة العمل 153 المعنية بأمن البحر الأحمر. وهي فرقة تم إنشاؤها العام الماضي لمهام تتعلق بمكافحة أعمال التهريب، والتصدي للأنشطة غير المشروعة خاصة الإرهابية منها في مناطق البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
وتعد الفرقة وحدة عسكرية يتركز عملها على البحر الأحمر وخليج عدن، وهي جزء من القوات البحرية المشتركة، ويقودها ضابط في البحرية الأميركية، وقد أشرف عليها سابقاً أحد القادة المصريين، كما تقدّم عادة تقاريرها إلى قائد الأسطول الخامس للبحرية الأميركية، نائب الأدميرال براد كوبر.
كما تعتبر قوة المهام المشتركة "153" إحدى الآليات المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي ومجابهة التهديدات بأنماطها كافة، وهي جزء من القوة البحرية المشتركة "CMF" التي تأسست في العام 2001 لمواجهة تهديد الإرهاب الدولي بتعاون بين 12 دولة، قبل أن تتوسع لاحقا لتؤسس فرقة العمل المشتركة "153" في 17 أبريل 2022، التي تختص بالأمن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن.
وتضم 39 دولة عضواً، ويقع مقرها الرئيسي في البحرين، كذلك أعلنت مصر في العام الماضي، تولي القوات البحرية المصرية قيادة قوة المهام المشتركة، حيث حددت حينها الهدف في "تحسين البيئة الأمنية بالمناطق والممرات البحرية كافة وتوفير العبور الآمن لحركة تدفق السفن عبر الممرات الدولية البحرية والتصدي لأشكال وصور الجريمة المنظمة كافة التي تؤثر بالسلب على حركة التجارة العالمية ومصالح الدول الشريكة".
في حين تولّت الولايات المتحدة قيادتها منذ 12 يونيو/ حزيران الفائت.
ويوم أمس الإثنين، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، إطلاق عملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر، في أعقاب سلسلة من الهجمات الصاروخية وبطائرات مسيرة شنتها جماعة أنصار الله في اليمن. وقال أوستن، الذي يقوم بزيارة إلى البحرين التي تستضيف الأسطول الأمريكي في الشرق الأوسط، إن الدول المشاركة تشمل بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا. وأضاف، إنهم سيقومون بدوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.
وصعّد المقاومون اليمنيون هجماتهم على ناقلات النفط وسفن الشحن وغيرها في البحر الأحمر، وعلى إثر تلك الهجمات، فقد علّقت عدة شركات شحن كبرى المرور عبر مضيق باب المندب الذي تمر عبره 40 في المئة من التجارة الدولية، إلى حين ضمان سلامة الملاحة فيه.
وكان الحوثيون قد أعلنوا أمس الإثنين أنهم استهدفوا بطائرتين مسيرتين سفينتين "لهما ارتباط بالكيان الصهيوني" في البحر الأحمر إحداهما نروجية، فيما تعلن شركات الشحن العالمية الواحدة تلو الأخرى تفادي الممر المائي.
وحذر الحوثيون في بيانهم الإثنين "السفن كافة المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من أي جنسية كانت، حذروها من الملاحة في البحرين العربي والأحمر، حتى إدخال ما يحتاجه إخواننا الصامدون في قطاع غزة من ماء ودواء".
وكان موقع بلومبيرغ قد نقل عن مسؤول أميركي، أن البيت الأبيض يتواصل مع الحوثيين عبر سلطنة عمان وبعض الوسطاء الآخرين، ويحثهم على وقف هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر.
كما نقل بلومبيرغ عن متحدث باسم الحوثيين تأكيده وجود هذه الاتصالات، لكنه قال إن الجماعة ستستمر في هجماتها حتى توقف إسرائيل العدوان على غزة.
ويأتي الإعلان عن القوة متعددة الجنسيات بعد ساعات من إعلان الحوثيين أنهم استهدفوا المزيد من السفن في البحر الأحمر وباب المندب، كما يأتي بعد تهديدات أميركية وإسرائيلية بالرد عسكرياً على هجمات جماعية الحوثي.
وقد أعلنت القيادة الوسطى الأميركية أن الحوثيين نفذوا أمس الاثنين هجومين جديدين على ناقلة نفط وسفينة شحن في جنوب البحر الأحمر.
من جهتها، قالت الخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن ندّد في اتصال بوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بهجوم الحوثيين على سفينتين جنوب البحر الأحمر.
وقد دفعت هجمات الحوثيين، شركات شحن عالمية، إلى وقف عملياتها في البحر الأحمر وباب المندب، وغيّرت بعض هذه الشركات مسار سفنها وناقلاتها مؤقتا عبر رأس الرجاء الصالح.
جماعة أنصار الله الحوثيين في اليمن أعلنوا أمس الاثنين تنفيذ عملية عسكرية ضد سفينتين "لهما ارتباط بإسرائيل" في البحر الأحمر، في حين أعلنت شركات شحن عالمية وقف النقل مؤقتا، وسط أنباء عن تواصل غير مباشر بين أميركا والحوثيين.
وفي بيان صحفي، قال المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، "نفذت القوات البحرية في القوات المسلحة اليمنية عملية عسكرية نوعية ضد سفينتين لهما ارتباط بالكيان الصهيوني، الأولى سفينة "سوان أتلانتيك" محمّلة بالنفط، والأخرى سفينة الحاويات (إم إس سي كلارا)".
وأوضح سريع، إنه "قد تم استهداف السفينتين بطائرتين بحريتين، مشيرا إلى أن عملية استهداف السفينتين جاءت بعد رفض طاقميهما الاستجابة لنداءات القوات البحرية اليمنية".
جاء هذا بعدما أكد مسؤولون أميركيون تقارير عن تعرض سفينة لهجوم بالبحر الأحمر قرب ميناء المخا اليمني، وقالوا إن السفينة التجارية "سوان أتلانتيك" تعرضت لهجوم في جنوب البحر الأحمر بعدة مقذوفات انطلقت من منطقة يسيطر عليها الحوثيون، وأن المدمرة "يو إس إس كارني" استجابت لنداء استغاثة، وتحركت نحو السفينة، دون تفاصيل أخرى.
وطمأن المتحدث العسكري يحيى سريع "السفن المتجهة كافة إلى جميع الموانئ حول العالم عدا الموانئ الإسرائيلية، بأنه لن يصيبها أي ضرر، وأن عليها الإبقاء على جهاز التعارف مفتوحاً"، مؤكدا أن قواتهم المسلحة "لن تتردد في استهداف أي سفينة تخالف ما ورد في بياناتها السابقة".
وقال سريع، "إن القوات المسلحة اليمنية تؤكد استمرارها في منع السفن كافة المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من أي جنسية كانت من الملاحة في البحرين العربي والأحمر، حتى إدخال ما يحتاجه إخواننا الصامدون في قطاع غزة من غذاء ودواء".
إعلان الحوثيين يؤكد ما ذكرته هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية من أنها تلقت بلاغاً من ربّان سفينة عن وقوع انفجار محتمل قرب سفينته في منطقة مضيق باب المندب، وذلك على بعد 30 ميلا بحريا إلى الجنوب من ميناء المخا.
وفي بيان لها عبر موقع إكس، أكدت الهيئة البريطانية أن السلطات المعنية تجري تحقيقا في هذا الصدد، ونصحت السفن "بالعبور بحذر وإبلاغ هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية عن أي نشاط مشبوه".
ومع استمرار مهاجمة السفن المتجهة لإسرائيل بالبحر الأحمر، أعلنت شركات شحن دولية وقف النقل مؤقتا عبر البحر الأحمر، أحدثها -أمس الاثنين- شركة "بريتش بتروليوم"، وسبقتها شركة "إم إس سي" الإيطالية السويسرية، ومجموعة الشحن الفرنسية "سي إم إيه، سي جي إم"، و"ميرسك" الدانماركية، فضلا عن مجموعة "هاباغ-لويد" الألمانية.
من جهتها، طالبت رابطة شركات الملاحة الألمانية بتشكيل تحالف عسكري دولي لحماية النقل البحري المدني في البحر الأحمر، عقب الهجوم الذي طال سفينة شحن ألمانية.
وبعد استهدافهم عددا من السفن المتجهة إلى إسرائيل في المضيق الاستراتيجي على خلفية عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، هدد الحوثيون باستهداف جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل، بغض النظر عن جنسيتها والجهات التي تديرها.
وفي أول أمس، أعلن رئيس هيئة قناة السويس المصرية أسامة ربيع، أن "55 سفينة تحولت إلى طريق رأس الرجاء الصالح حول قارة أفريقيا لتفادي المرور عبر البحر الأحمر، منذ 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعد تزايد هجمات جماعة الحوثي في اليمن على السفن المتجهة إلى إسرائيل، وهي نسبة قليلة مقارنةً بعبور 2128 سفينة خلال تلك الفترة".
وأضاف ربيع، أن قناة السويس تتابع عن كثب التوترات الجارية في البحر الأحمر، وتدرس مدى تأثيرها في حركة الملاحة بها، في ظل إعلان بعض الخطوط الملاحية تحويل رحلاتها بشكل مؤقت إلى رأس الرجاء الصالح.
واستخدمته مصر في حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 باب المندب لحصار إسرائيل بحريا من الجنوب، وذلك عندما أغلقت قوات البحرية المصرية المضيق أمام الملاحة الإسرائيلية لمدة نحو 3 أسابيع.
في سياق متصل، ذكرت وكالة "بلومبيرغ" -أمس الاثنين- أن البيت الأبيض يتواصل مع الحوثيين عبر سلطنة عُمان، ووسطاء آخرين، لحثهم على وقف هجماتهم على السفن المتجهة لإسرائيل.
بدوره، أكد المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام أن جماعته بدأت محادثات مع أطراف دولية، لم يسمِّها، لوقف التصعيد بوساطة سلطنة عمان، مشيرا إلى أن الحوثيين سيواصلون استهداف السفن الإسرائيلية والسفن المتجهة إلى إسرائيل حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة، وتدفق المساعدات الإنسانية بشكل مستمر إلى القطاع.
وفي سياق الرد على هجمات الحوثيين، أعلنت القيادة المركزية الأميركية -السبت الماضي- أن مدمرة الصواريخ كارني أسقطت 14 طائرة مسيّرة أطلقها الحوثيون بالبحر الأحمر.
وفي وقت سابق، تحدثت تقارير عن أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تبحث خياراتها في الرد على الحوثيين، وذلك إثر جولة لمسؤولين أميركيين إلى دول عربية معنية.
ومطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أفادت تقارير في الصحافة الإسرائيلية أن الولايات المتحدة وإسرائيل تدرسان تشكيل قوة عمليات خاصة في البحر الأحمر، ردا على الهجمات التي تشنها جماعة الحوثيين اليمنية على السفن الإسرائيلية. وحسب هذه التقارير، فإن تل أبيب توجهت لدول بينها بريطانيا واليابان لتشكيل قوة عمليات خاصة للعمل بالبحر الأحمر.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست"، إن الولايات المتحدة تحاول احتواء توسع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتدعو حلفاءها لتوسيع قوة عمل بحرية متعددة الجنسيات في البحر الأحمر مع تصاعد تهديدات الحوثيين في اليمن باستهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل.
ونسبت الصحيفة لمسؤول كبير في الإدارة الأميركية، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، قوله إن خطة إدارة بايدن هي توسيع قوة المهام المشتركة 153، وهي وحدة عسكرية تركز على البحر الأحمر وخليج عدن، وهي مجموعة تضم 39 دولة ومقرها البحرين، ويتولى قيادتها الدورية ضابط في البحرية الأميركية.
غير أن إجراءات مثل الضربات العسكرية أو تصنيف الحوثيين كإرهابيين، يمكن أن تؤدي إلى تعقيد الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والولايات المتحدة وآخرون لإنهاء الحرب الأهلية الكارثية في اليمن، حسب الصحيفة.