انتهاكات واعتقالات وأعمال عنف.. العلويون يواجهون إجراءات ظالمة تحت حكم الإدارة السورية الجديدة
معاناة مستمرة
انتهاكات واعتقالات وأعمال عنف.. العلويون يواجهون إجراءات ظالمة تحت حكم الإدارة السورية الجديدة
انفوبلس/..
يواجه أبناء الطائفة العلوية في سوريا، إجراءات ظالمة جراء حملة أمنية واسعة نفذتها السلطات الجديدة في مناطقهم، إذ يتم بين الحين والآخر اعتقال المئات من الأشخاص وتهجيرهم من مناطقهم، حيث انتشرت نقاط التفتيش العسكرية على مداخل الأحياء العلوية، وكان يتم سؤال المواطنين عن انتمائهم الطائفي في بعض الحالات.
ومنذ تولي القيادة الجديدة في سوريا السلطة، كانت محاولات لطمأنة الأقليات، لكن الخوف من ردود فعل عنيفة ضد العلويين. رغم نفي السلطات لارتكاب انتهاكات، فإن التقارير الواردة من حمص تشير إلى وقوع العديد من الاعتقالات والانتهاكات بحق المدنيين، معظمهم من العلويين، بينهم ضباط سابقون وعناصر في الخدمة العسكرية.
وقد بلغ عدد المعتقلين في حمص أكثر من 1800 شخص، بينما قُتل نحو 150 علوياً في أنحاء سوريا منذ الإطاحة بالأسد، ما يعكس تصاعد أعمال العنف ضد هذه الأقلية.
وتسعى الجهات الأمنية إلى فرض السيطرة على المدينة من خلال حملات تمشيط مستمرة، حيث يتم التعامل مع المعتقلين بشكل قاس، بما في ذلك تهديدات واعتداءات جسدية، وهو ما يعكس حالة الغضب السائدة في مناطق النزاع.
يُظهر هذا التوتر الديني والطائفي استمرارية المعاناة التي يعانيها الأقليات في سوريا، الذين يجدون أنفسهم عالقين بين التحديات السياسية والمعاناة اليومية، في وقت يشهد فيه النزاع السوري تحولًا جديدًا في موازين القوى.
*معاناة مستمرة
في هذا الصدد، أكد تقرير لموقع دسباتش الأمريكي، اليوم الأحد، أن المسيحيين والعلويين وغيرهم من الأقليات الدينية في سوريا أصبحوا يعانون ويعيشون الخوف والقلق من المستقبل في أعقاب انهيار النظام وسيطرة الجماعات الإرهابية المسلحة على البلاد.
وذكر التقرير، أنه "في حال تعرضت تلك الأقليات إلى الاضطهاد من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة فسيضطرون للرحيل لإنقاذ حياتهم من التهديدات، حيث ستواجه إدارة ترامب القادمة هذه التحديات في اليوم الأول، ولذا فإن الجمع بين الدبلوماسية ذات العواقب والمساعدات الإنسانية المستهدفة يمكن أن يساعد في ضمان عدم محو المسيحيين السوريين وغيرهم من الأقليات من وطنهم الأصلي".
وأضاف، أن "الحكومة الأمريكية تقدر أن 74 بالمائة من السكان هم من المسلمين السنة، لكن السكان المسيحيين في سوريا كانوا من أكبر السكان في الشرق الأوسط قبل الحرب، حيث بلغ عددهم حوالي 2 مليون، وينتمون إلى كنائس تاريخية مختلفة، مثل الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، والكنائس الكاثوليكية الشرقية، مثل الموارنة، وكنيسة المشرق الآشورية، ولكن هناك أيضًا طوائف بروتستانتية صغيرة".
وتابع، أنه "حتى داخل المجتمع المسلم السني الأغلبية، يوجد تنوع بين العرب والأكراد والشركس وغيرهم، كما ينتمي حوالي 15 في المائة من السكان إلى طوائف مسلمة أقلية، مثل العلويين والإسماعيليين، بالإضافة إلى ذلك، تسكن مجتمعات صغيرة من الدروز مناطق بالقرب من الحدود اللبنانية والإسرائيلية، في حين يوجد الايزيديون في الشمال الشرقي".
وأشار التقرير إلى أن "الأحداث الأخيرة تثبت الحاجة إلى اليقظة، فقد وجدت لجنة الولايات المتحدة للحريات الدينية الدولية أن حكم هيئة تحرير الشام لإدلب في شمال غرب سوريا كان استبداديًا وقمعًا للحريات الدينية. وتقول هيئة تحرير الشام إنها تخطط لإصلاح نظام التعليم في سوريا، وتوجيهه نحو العقيدة الدينية الضيقة للجماعة، والتي أثارت قلق المسلمين وغير المسلمين على حد سواء ونشطاء حقوق المرأة، كما أن المجتمع المسلم العلوي، وهو طائفة إسلامية أقلية ومجتمع عائلة الأسد، معرَّض أيضًا لخطر الهجمات الانتقامية لأسباب سياسية وطائفية".
وشدد التقرير على أن "هناك أوجه تشابه بين العراق وسوريا فكلاهما كان يحكمهما دكتاتوريون بعثيون ينحدرون من طائفة إسلامية أقلية في بلدهم، وتعرضت كلتا الدولتين لضربات لسنوات من القتال مع الجماعات الإرهابية التي تضطهد الأقليات أيضًا، فيما تستمر التوغلات التركية مع الإفلات من العقاب في كليهما".
*مخاوف من الانتقام
وفقاً لتحليل أجراه مركز كارنيغي للشرق الأوسط، فإن عوامل الخوف والشك لدى الطائفة العلوية بشأن المستقبل تتركز في الشعور بالخوف وانعدام الأمان، إذ أدى صعود الجماعات المتطرفة التي هددت صراحةً المجتمعات العلوية إلى خلق مخاوف عميقة بشأن الانتقام الطائفي المحتمل، خصوصاً مع عدم وجود شرطة في مناطقهم، ما أعاد للأذهان ذكريات تاريخية للاضطهاد في ظل الحكم العثماني.
وكان عدد من أبناء الطائفة العلوية قد تظاهروا في حمص في 25 ديسمبر/ كانون الأول 2024 وقد تعرضوا لإطلاق نار، وألقت هيئة تحرير الشام باللوم على عناصر النظام السابق الذين قالت إنهم اندسّوا في التجمع، بينما قال السكان إن مقاتلي المعارضة أطلقوا النار على الحشد، مما أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل. وبعد ذلك بيوم، أغلقت عدة أحياء علوية في المدينة في إجراء قيل إنه يهدف إلى القبض على شخصيات مطلوبة ونزع الأسلحة. ومُنعت السيارات من دخول الأحياء. وتم استجواب السكان قبل السماح لهم بالمرور.
*تهميش وإفقار
لا يُعد الخوف من انعدام الأمان هو الأمر الوحيد الذي تخشى منه الطائفة العلوية بعد سقوط نظام الأسد، فالوضع الاقتصادي في أغلب المناطق التي يتركز فيها أبناء الطائفة بائس ومتراجع للغاية، وفق ما تشير بعض التقارير.
وتشير دراسات وبحوث اجتماعية وديموغرافية إلى أنه على الرغم من تصور البعض لوجود وضع متميز لدى الطائفة العلوية بشكل عام، إلا أن العديد من المجتمعات العلوية تواجه تحديات اقتصادية شديدة، لا سيما في المناطق الريفية.
ومنذ زمن تتركز أعداد كبيرة من الطائفة العلوية في مناطق الساحل السوري والجبال وهي مناطق قاحلة وفقيرة في أغلبها. ويقول خبراء إنه في بدايات عهد حافظ الأسد لم يكن التعليم متوافراً بالشكل الذي أصبح عليه لاحقاً وكانت المدارس قليلة للغاية في مناطق العلويين وكان الفقر سائداً ولم يكن أمام الأغلبية منهم إلا الانضمام إلى الجيش لتأمين المعيشة.