انسحابات مستمرة وحديث عن تسوية "صعبة".. هل اقتربت هزيمة أوكرانيا من قبل روسيا؟
انفوبلس/ تقرير
تتقدم القوات الروسية شرقي أوكرانيا بأسرع وتيرة منذ الأيام الأولى للحرب، بينما أعلنت كييف أن روسيا شنّت أمس 397 هجوما على مناطق مختلفة في زاباروجيا جنوب شرق البلاد، منها 237 هجوما بالمسيّرات و153 هجوما بالمدفعية و6 هجمات صاروخية، الأمر الذي دفع المسؤولين الأوكرانيين لإجراء محادثات رفيعة المستوى سعياً لتضييق الفجوات الكبيرة في تحقيق تسوية للحرب مع روسيا، فهل الهزيمة اقتربت؟
في 24 فبراير/شباط 2022، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدء عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا، لتندلع حرب هائلة، قُتل فيها حوالي 10 آلاف مدني، ونحو 200 ألف جندي روسي وأوكراني، حسب مصادر أوكرانية وغربية، وأثرت بشكل كبير على حياة الأوكرانيين والعلاقات الدولية بصورة عامة.
*تطورات الساعات الأخيرة
أعلنت روسيا، اليوم السبت تدمير عشرات المسيّرات الأوكرانية فوق بعض مناطقها الليلة الماضية، في وقتٍ أكدت فيه أوكرانيا أن مئات الهجمات الروسية استهدفت زاباروجيا، كما أفادت بريطانيا بأنها تعتزم زيادة جهودها في تدريب الجنود الأوكرانيين.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، إن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت 56 مسيّرة أوكرانية بما في ذلك 11 مسيّرة فوق منطقة بيلغورود، و28 فوق منطقة فورونيج، و17 فوق منطقة روستوف. وأفاد حاكم مقاطعة بيلغورود بإصابة شخصين بانفجار مسيّرات أوكرانية.
من جانبها، ذكرت وكالة الأنباء الأوكرانية أن القوات الروسية شنت أمس الجمعة 397 هجوما على مناطق مختلفة في زاباروجيا جنوب شرق البلاد، منها 237 هجوما بالمسيّرات و153 هجوما بالمدفعية و6 هجمات صاروخية.
على صعيد متصل، أكدت بريطانيا أنها تعتزم زيادة جهودها للمساعدة في تدريب الجنود الأوكرانيين على تحمل ضغط القتال. كما تدعم الولايات المتحدة ودول في الاتحاد الأوروبي الجيش الأوكراني بالعتاد والتدريب العسكري منذ بدء الحرب مع روسيا في فبراير/شباط 2022.
*انسحابات متكررة
اضطرت القوات المسلحة الأوكرانية إلى التراجع إلى منطقة دنيبروبتروفسك من مناطق جمهورية دونيتسك الشعبية التي تسيطر عليها كييف.
أعلن عن ذلك ضابط يحمل كنية "موشنوي" من قوات الدفاع الأوكرانية بقناته على تطبيق "تلغرام"، حيث كتب أنه "في حالة خسارة نوفوفاسيلييفكه سيصبح الوصول إلى قريتَي أوداتشنويه وكوتلينو أكثر سهولة أمام العمليات الروسية".
وتابع الضابط الأوكراني: "إنه الخط الأخير قبل نهر الدنبير، وقد بدأنا الآن بالتراجع تدريجيا إلى خط الدفاع الرئيسي أمام حدود منطقة دنيبروبتروفسك. ويضطر القوزاق لدينا إلى التراجع غربا إلى منطقة نوفوألكسندروفكا-ناديجدينكا (قرية في جمهورية دونيتسك الشعبية). علاوة على ذلك سيتعين علينا التراجع عن نوفوفاسيلييفكه. يعتقد العدو أن نوفوفاسيلييفكه لن تصمد طويلا لأنها محاطة من الجانبين".
وأشار الضابط كذلك إلى خطر فقدان السيطرة على قرية ياسينيفو، التي تُعد مركزا لوجستيا للقوات المسلحة الأوكرانية. وقال: "أيضا، بدأ العدو في الهجوم باتجاه ياسينيفو، وقد وصل إليها بالفعل من كلا الجانبين. وهذه القرية هي مركز لوجستي، وسيؤدي فقدانها إلى تدهور الاتصال بين وحداتنا، وتهديدا للمناطق إلى الجنوب منها في منطقتي سلافيانكا وبافلوفكا، وهو ما سيسهل الحركة نحو قرية أندرييفكا".
وكانت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية قد ذكرت في وقت سابق أن الوضع لا يزال صعبا بالنسبة للجيش الأوكراني. وبالنظر إلى التفوق العددي للقوات الروسية، تعاني القوات الأوكرانية على طول خط الجبهة، وأقر المسؤولون الأوكرانيون مرارا بصعوبة الوضع في الشرق.
كما أعلن جهاز أمن الدولة الفدرالي الروسي، اليوم السبت، إحباط ما سمّاها مؤامرة لأجهزة المخابرات الأوكرانية لاغتيال ضابط روسي كبير في وزارة الدفاع ومدوّن عسكري يغطي التحركات الروسية في أوكرانيا، وذلك بقنبلة مخبأة في جهاز لتشغيل الموسيقى.
*تصريحات عن تسوية صعبة من قبل كييف
يُجري المسؤولون الأوكرانيون محادثات رفيعة المستوى مع الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، سعياً لتضييق الفجوات الكبيرة في تحقيق تسوية للحرب مع روسيا حتى قبل تولي ترامب منصبه.
وقد وصل أندري يرماك كبير مستشاري الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مؤخراً إلى واشنطن لإجراء محادثات مع فريق ترامب، وسط غموض حول نيّة الرئيس المنتخب. كما أن صحيفة وول ستريت جورنال قالت إن أوكرانيا تخطط للتعبير عن استعدادها للسلام، ونقلت عن مصدر مطلع أن هذا السلام يجب أن يكون مستداماً يخدم المصالح الأوكرانية والأميركية.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "ذا هيل" الأميركية أنه مع اقتراب تولي ترامب منصبه، تلوح في الأفق مسارات محتملة لوقف إطلاق النار في أوكرانيا. وأشار زيلينسكي إلى إمكانية تقديم تنازلات لإنهاء الحرب إلى حد كبير على خطوط الجبهة الحالية في شرق البلاد.
وأشار زيلينسكي الشهر الجاري إلى إمكانية تقديم تنازلات لإنهاء الحرب، وقال إنه يدرس إمكانية التخلي مؤقتا عن الأراضي التي سيطرت عليها روسيا خلال الحرب المستمرة منذ قرابة 3 سنوات، مقابل الحصول على عضوية في حلف شمال الأطلسي (الناتو) للأراضي التي لا تزال تحت سيطرة بلاده.
ومن المرجح أن تواجه هذه المبادرة صعوبة كبيرة في المفاوضات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعارض بشدة انضمام أوكرانيا إلى الناتو، إذ استخدم هذا الاحتمال لتبرير الحرب.
ومع ذلك، تُعتبر خطة زيلينسكي نقطة انطلاق للعلاقات مع ترامب، الذي رشح مؤخراً كيث كيلوغ ليكون مبعوثا خاصا لأوكرانيا. وقدم كيلوغ مقترحات مفصلة لإنهاء الحرب.
موقف إدارة ترامب
ولم يوضح فريق ترامب الانتقالي بعد رؤيته لإنهاء الحرب، لكن كيلوغ أشار إلى أن الدعم الأميركي المستقبلي لأوكرانيا قد يعتمد على انخراطها في محادثات سلام. كما اقترح أن تؤجل الولايات المتحدة انضمام أوكرانيا للناتو مقابل اتفاق سلام وضمانات أمنية.
ويشعر الأوكرانيون بالقلق من الضمانات الأمنية التي لا تصل إلى مستوى العضوية الكاملة في الناتو، مشيرين إلى فشل مذكرات بودابست لعام 1994 التي تضمنت ضمانات أمنية من روسيا والولايات المتحدة لم تحترمها موسكو لاحقا.
وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية، إن مذكرات بودابست "تمثل خطأ استراتيجيا في قرارات الأمن"، مضيفة: "لن نقبل بأي بدائل أو حلول مؤقتة لعضوية أوكرانيا الكاملة في الناتو".
وتخلص "ذا هيل" إلى أنه بينما تتجه الإدارة الجديدة بقيادة ترامب نحو مفاوضات محتملة، تظل الأولويات متضاربة: تعزيز الأمن الأوكراني، والبحث عن حلول دبلوماسية، وتجنب تصعيد التوترات مع روسيا.
*الاعتراف بخطوط المواجهة
من جهتها، ذكرت وكالة رويترز أن بوتين مستعد لوقف الحرب بالتوصل عبر التفاوض إلى وقف لإطلاق النار يعترف بخطوط المواجهة الحالية، لكنه على استعداد لمواصلة القتال إذا لم تستجب كييف والغرب.
وتسيطر روسيا بالفعل على شبه جزيرة القرم بأكملها، بعد أن استولت عليها من أوكرانيا عام 2014، وتسيطر منذ ذلك الحين على نحو 80% من منطقة دونباس التي تضم دونيتسك ولوغانسك، بالإضافة إلى أكثر من 70% من زاباروجيا وخيرسون وأجزاء صغيرة من منطقتي ميكولايف وخاركيف.
وقالت مصادر لرويترز، إن اتفاق السلام في النهاية من المرجح أن يعتمد على المشاركة الشخصية المباشرة لترامب وبوتين وزيلينسكي. فيما ذكر المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أنه "من غير الممكن التعليق على تصريحات فردية من دون أن تكون لدينا فكرة عن الخطة ككل".
وأشارت كارولين ليفيت المتحدثة باسم ترامب إلى أن الرئيس الأميركي المنتخب قال إنه "سيفعل ما هو ضروري لاستعادة السلام وإعادة بناء القوة والردع الأميركي على الساحة العالمية". ولم يستجب كيلوغ مبعوث ترامب بعد لسؤال عما إذا كان الرئيس المنتخب لا يزال يخطط لحل الصراع في غضون يوم من توليه منصبه.
*النتائج المحتملة لانتصار روسي
ورصد كاتب العمود في صحيفة "غارديان" تيموثي غارتون آشا النتائج المحتملة لانتصار روسي في الحرب بأوكرانيا على أوكرانيا نفسها.
وقال، إن الانتصار الروسي سيتسبب في هزيمة أوكرانيا وانقسامها وإحباط معنوياتها وتهجير سكانها. لن تأتي الأموال لإعادة بناء البلاد، بدلا من ذلك، سيغادرها أفواج أخرى من الناس، وستصبح السياسة الأوكرانية حاقدة، مع اتجاه قوي مناهض للغرب، وسوف تظهر احتمالات جديدة للتضليل الروسي وزعزعة الاستقرار السياسي، وتتعطل الإصلاحات الضرورية، وستتقدم أيضا نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.