بطش الجولاني يبدأ.. اضطهاد وتمييز واغتيالات تفجّر الغضب السوري ضد السلطات التكفيرية.. انتفاضة تُقمَع بالقوة أمام أنظار العالم

انفوبلس..
كما كان متوقعاً، لم يستطع الجولاني الصمود طويلاً بداخل بدلته الرسمية، حتى عاد بعد أشهر قليلة لعمامته التكفيرية معلناً بشكل صريح ما ستكون عليه سوريا خلال فترة حكمه. وكان الساحل السوري مسرحاً لأكبر عمليات البطش والإبادة التي تنفذها عصابات التكفيرين بعد استيلائهم على السلطة، فما هي القصة الكاملة؟
أثارت اعتداءات وجرائم هيئة تحرير الشام الإرهابية في سوريا موجة جديدة من الصراعات الداخلية في البلاد، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وتشهد سوريا هذه الأيام موجة جديدة من الصراعات الداخلية، مصحوبة بعمليات قتل واسعة النطاق للمدنيين على أيدي عناصر نظام الجولاني الإرهابي. وهذه التطورات تجري أمام أنظار العالم وصمت الدوائر الدولية.
بداية الأحداث
شهدت سوريا خلال الأيام الثلاثة الماضية أعنف الصراعات الداخلية منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، ما أدى إلى مقتل وإصابة المئات.
اندلعت الشرارة التي أشعلت الصراع، الخميس، في محافظتي اللاذقية وطرطوس الواقعتين على ساحل البحر الأبيض المتوسط. وتضم هذه المناطق العلويين وأنصار نظام بشار الأسد.
أعلنت مصادر أمنية في اللاذقية أن مجموعات مسلحة استهدفت عناصر تابعة لعصابات الجولاني بالقرب من منطقة بيت عانا الواقعة على أطراف اللاذقية. وأدت هذه الاشتباكات إلى مقتل أحد عناصر الجولاني وإصابة عدد آخر بجروح. كما نجحت قوات تابعة للنظام السوري السابق في السيطرة على مناطق في جبلة.
رافق ذلك خروج أهالي مركز مدينة السويداء بمظاهرة أيضاً، رددوا خلالها شعارات ضد العناصر التابعة لنظام الجولاني الإرهابي. كما اندلعت اشتباكات، ليل الخميس، بين قوات النظام وعناصر تابعة للجولاني في مدينة الصنمين بمحافظة درعا جنوب سوريا. وامتد القتال في سوريا أيضًا إلى مدينة جبلة على طول الساحل السوري وبالقرب من قاعدة جوية روسية.
وشهدت مدينة القرداحة، موطن عائلة الأسد، أيضاً هجمات للعناصر الإرهابية وتفجيرات.
وتشير التقارير الإعلامية إلى أن المعارك في سوريا امتدت إلى اللاذقية وطرطوس والسويداء ودرعا.
وانقسمت مجموعات الاحتجاج في سوريا خلال الأيام الماضية إلى عدة مجموعات، وهي:
- العلويون: يعبّر هذا الجزء من المجتمع السوري عن غضبه بإقامة المظاهرات والاحتجاجات بسبب العدوان الواسع الذي يمارسه عناصر الجولاني منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد وعمليات القتل الواسعة التي يمارسونها على أيدي الإرهابيين في ظل صمت الجولاني.
- القوات المتبقية من النظام السابق: لا تزال القوات الداعمة لبشار الأسد والمرتبطة بالنظام السوري السابق نشطة في أجزاء من سوريا، وكما تظهر التقارير الإعلامية فإنها تنفذ عمليات ضد الإرهابيين الذين يحكمون سوريا. ويأتي ذلك في حين يحاول الجولاني إظهار أن مناطق انتشار هذه القوات واسعة، ويقول إن هذه القوات منتشرة في المناطق الشمالية؛ وهو ما نفاه القائد الكردي لقوات سوريا الديمقراطية.
- الحركات الإرهابية المعارضة: بعض العناصر الإرهابية التي شاركت سابقاً في إسقاط نظام بشار الأسد تتجه الآن إلى العمل المسلح لأسباب مختلفة، منها السعي للحصول على حصة. على سبيل المثال، اندلعت اشتباكات في الأيام الأخيرة في مدينة الصنمين أثناء هجوم شنته قوات تابعة لجماعة مسلحة محلية بقيادة محسن الهميد. ويقال إن الهميد كان في السابق عضواً في إدارة الأمن العسكري السوري.
وتشير التقارير المنشورة، مصحوبة بالصور ومقاطع الفيديو، إلى أن الإرهابيين يقومون بقمع الاحتجاجات في سوريا بشكل وحشي ويقتلون المدنيين في البلاد.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن وقوع خمس مجازر منفصلة في مناطق الساحل السوري، راح ضحيتها 162 مدنياً بينهم نساء وأطفال. وذكر مركز حقوق الإنسان أن هذه الحوادث وقعت يوم الجمعة.
وكشف المرصد أن الغالبية العظمى من ضحايا هذه المجازر الخمس تم إعدامهم ميدانياً على يد قوات تابعة للجولاني.
وقالت مصادر إخبارية إن عشرات المدنيين وبقايا قوات الحكومة السورية السابقة، مع عائلاتهم، دخلوا إلى قاعدة حميميم الروسية على مشارف اللاذقية. في حين أشارت التقارير إلى أن عدد ضحايا الهجمات وصل إلى 237.
وفي الوقت الذي اتهمت فيه المؤسسات الدولية نظام بشار الأسد بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وفرضت عقوبات مختلفة على البلاد، فإنها الآن صامتة وغير مستجيبة لجرائم نظام الجولاني الإرهابي الواسعة النطاق.
ويأتي هذا في الوقت الذي تظهر فيه مقاطع الفيديو والصور الواردة من سوريا بوضوح عمليات قتل واسعة النطاق للمدنيين في البلاد.
في هذه الأثناء، اكتفت الأمم المتحدة، كعادتها، بالتعبير عن قلقها إزاء التطورات في سوريا، دون الإشارة إلى جرائم نظام الجولاني.
أرقام أكبر بكثير
وبهذا الصدد، رأت مصادر سورية أن تكرّر الجرائم التي ترتكبها مجموعات إسلامية متشددة بحق العلويين في ارياف حماه واللاذقية وطرطوس مجازر العثمانيين بحق الأرمن التي حصلت في مطلع القرن الماضي.
وبحسب المصادر فإن المجموعات المتشددة، ومعظمهم من خارج سوريا، وينتمون إلى "هيئة تحرير الشام"، قتلوا أكثر من 1500 مواطن سوري مدني، في منازلهم وفي ساحات القرى.
وقالت، إن جهات دولية ترصد تفاصيل الأحداث السورية وتوثّق المجازر المرتكبة بحق العلويين، لتقديمها إلى محافل دولية واستصدار قرارات اممية مشابهة لقانون قيصر الذي صدر بحق النظام السوري المخلوع.
واللافت، بحسب المصادر، أن المسؤولين السوريين الجدد، شرعوا للمجموعات الإسلامية المتطرفة خطوات القتل، بادعاء أن تلك المجموعات هي "شعب الجيش"، كما قال وزير الخارجية اسعد الشيباني.
وأكدت المصادر ذاتها أنّ ما جرى في الساحل السوري يدفع الدروز إلى التمسك بسلاحهم، خشية تكرار المتشددين الإسلاميين المجازر بحقهم في السويداء وجرمانا.
أسلوب الجولاني بالحكم
وتعليقاً على الأحداث، تساءل رئيس "حركة النهج" اللبنانية، النائب السابق حسن يعقوب عبر حسابه على منصة "إكس": "هل المطلوب إبادة خمسة ملايين علوي في سوريا؟. ان المجازر التي تحدث في الساحل السوري ضد العلويين تكشف أن الهدف من وصول الجولاني إلى الحكم ليس بناء دولة، بل يتضح أنه لم يحرك ساكنًا ضد إسرائيل التي احتلت جنوب سوريا، ولم يقترب من الأكراد في شمال شرق سوريا، المحميين من أميركا. لكنه يعمل فقط على تأجيج الفتنة الطائفية بين السنة والعلويين، لأن أبسط الإجراءات في الساحل تقتضي التصرف كدولة ذات مؤسسات، أما القتل والميليشيات والمجازر، فهي وسيلة لتصفية سوريا ودفعها نحو التقسيم والاقتتال الطائفي. إذا، يتبين أن فكرة الدولة السورية لم تكن سوى خدعة، وكان عمرها قصيرًا جدًا للأسف".
الدروز يعلقون قبل ملاقاة نفس المصير
إلى ذلك، دعا شيخ طائفة الموحدين الدروز في سوريا حكمت سلمان الهجري اليوم السبت، إلى وقف العمليات العسكرية في الساحل السوري، معربا عن رفضه لما سماه "القتل الممنهج".
وطالب الهجري في بيان، "بوقف إطلاق النار، ووقف الاقتتال"، داعيا "القيادات المختصة، وكل الجهات المحلية والدولية والأمم المتحدة لأخذ دورها بفض الاشتباكات ووقف القتل والموت ونشر السلام بشكل فوري وعاجل".
وقال الهجري :"الساحل السوري يشتعل.. نرفض هذا القتل الممنهج.. ونطالب بوقف فوري لهذه العمليات العسكرية غير المبررة على المدنيين الأبرياء، والتي لا تجلب إلا المزيد من الدماء والاحتقان".
وناشد الهجري "الجميع بالاحتكام إلى القانون والأصول الدينية التي تمنع قتل الأبرياء والمدنيين"، مشيرا إلى أن "المذنب يحاسب تحت مظلة القانون والقضاء والعدل، بعيدا عن لغة العنف والانتقام".
وأضاف البيان: "نضع المسؤولية أمام الدول الضامنة لكل الأطراف، أن تتخذ إجراءاتها الفورية وبكل الوسائل لوقف هذه المأساة فورا ، دون تردد أو ازدواجية في المعايير".
وتابع البيان أن "النيران التي تشتعل تحت شعارات طائفية ستحرق كل سوريا وأهلها.. لذلك نرجو العقلاء من كل الأطراف التدخل لحقن الدماء فورا، وتجنب انزلاق البلاد إلى هاوية لا تحمد عقباها. وليكن الخلاف على طاولات الحوار لا ساحات القتال وقتل الأبرياء".
ودعا الهجري "الجميع إلى إيقاف الحملات التحريضية الممنهجة التي لم تتوقف منذ سقوط النظام البائد"، وأضاف أنه "لا يجب أن نكون صورة عن نظام القتل والإجرام، بل دعاة محبة وسلام".