بعد 200 يوم من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.. ما الذي تحقق من أهداف "نتنياهو"؟ وكم هو عدد قتلى ومصابي ونازحي الكيان؟ انفوبلس تسرد الأرقام والإحصائيات الدقيقة
انفوبلس/ تقرير
دخلت الحرب على قطاع غزة يومها الـ 200 على التوالي، وسط تسجيل فشل "واضح" للكيان الإسرائيلي في تحقيق أهدافه الأساسية، المتمثلة في إطلاق سراح رهائنها المحتجزين، وتدمير القدرات السياسية والعسكرية للمقاومة الفلسطينية، بينما ساعد عدم قابليتها للتحقق في إطالة أمد الحرب "الدامية" التي خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين، وتسببت بنزوح نحو 1.4 مليون وتدمير "هائل" في البنى التحتية ما استدعى محاكمة تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بدعوى "الإبادة الجماعية".
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على الفشل الإسرائيلي العسكري بعد مرور 200 يوم من بدء العدوان وكافة الإحصائيات التي سُجلت
مرت 200 يوم من حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، دون أن تتمكن الجهود الدولية من وقف نزيف الدم الفلسطيني أو وقف الجرائم الإنسانية التي تُرتكب بحق الأطفال والنساء وجميع فئات سكان القطاع.
وفي الأيام الأخيرة، كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي غاراته وقصفه المدفعي على وسط قطاع غزة، حيث استهدف دير البلح ومخيمَي المغازي والنصيرات، ومنطقتي المغراقة والزهراء، مما أدى إلى استشهاد وجرح عشرات الفلسطينيين، في وقت تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن استعدادات تجري لاجتياح مدينة رفح جنوب القطاع، والتي تأوي أكثر من 1.2 مليون فلسطيني.
وخلال أيام الحرب، ارتكب جيش الاحتلال العديد من المذابح والجرائم الإنسانية التي ترتقي إلى جرائم الحرب، مثل الاستهداف المباشرة للمدنيين والنازحين واستهداف المستشفيات والمرضى والكوادر الطبية وهدم المجمعات السكنية ومدارس الإيواء، والتنكيل بالمعتقلين الفلسطينيين وتعذيبهم وإخفائهم، ودفن العشرات في مقابر جماعية بعضهم دون ملابس ومكبّلي الأيدي والأقدام، إلى جانب سياسة التجويع التي يفرضها على سكان القطاع وخاصة في الشمال الذي يعاني من انعدام مقومات الحياة.
ومن أفظع الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال خلال حربه الغاشمة على قطاع غزة، تعمُّده استهداف وتدمير المستشفيات وقتل العشرات من النازحين والكوادر الطبية ودفنهم في مقابر جماعية، إذ أعلنت فرق الدفاع المدني اكتشاف 3 مقابر جماعية في مجمع ناصر الطبي وسط القطاع، وانتشال 283 جثة حتى الأمس، لافتين إلى أنه من المتوقع أن ترتفع الأعداد في الأيام المقبلة نظرا لأعداد الفلسطينيين الكبيرة التي اختفت عقب كل عملية عسكرية لجيش الاحتلال.
ويعاني مليونا فلسطيني من أصل 2.3 مليون في قطاع غزة من ظروف معيشية وصحية صعبة وكارثية للغاية بسبب النزوح إلى مراكز الإيواء أو مخيمات اللجوء أو لدى أقاربهم، حسب تقارير حقوقية وأممية.
وانعدمت مقومات الحياة والصحة في ظل ارتفاع أعداد النازحين ومواصلة إسرائيل قطع إمدادات المياه والكهرباء والوقود والدواء منذ بداية الحرب المدمرة، ما أدى إلى تفاقم ظروف النازحين بشكل متسارع، خصوصاً في شمال القطاع الذي يعاني من مجاعة حقيقية، أدت إلى وفاة 30 طفلاً جوعاً.
ووفق تقرير مشترك للأمم المتحدة والبنك الدولي -صدر مطلع أبريل/نيسان الجاري- بلغت قيمة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية في غزة حوالي 18.5 مليار دولار. وأشار التقرير إلى أن أكثر من نصف سكان القطاع -البالغ عددهم نحو 2.3 ملايين نسمة- باتوا على شفا مجاعة، كما يعاني كامل السكان من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بصورة حادة.
ونعرض في هذا الإنفوغراف أبرز الآثار التي خلفتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة:
وفي اليوم الـ112 من العدوان الإسرائيلي على غزة، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها بقبول النظر في الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا، وفرض "تدابير مؤقتة" على "إسرائيل" لمنع الإبادة الجماعية.
ورغم كل تلك القرارات التي تُعتبر مُلزِمة وفق ميثاق الأمم المتحدة، إلا أن كيان الاحتلال كعادته يضرب بعرض الحائط القرارات الدولية كافة، ويتعامل مع العالم كأنه كيان فوق القانون، ويستمر جيشه في حربه وارتكابه المجازر تلو المجازر في مختلف أنحاء قطاع غزة.
ما الذي تحقق من أهداف نتنياهو؟
وعسكريا، دخل جيش الاحتلال هذه الحرب محددا عددا من الأهداف التي يسعى لتحقيقها وهي: تحرير الأسرى الإسرائيليين لدى فصائل المقاومة في غزة، والقضاء على حركة حماس، ومنع أي تهديد للإسرائيليين، إلا أنه ومع مرور قرابة السبعة أشهر، لم تستطع إسرائيل تحرير الأسرى ولا القضاء على حركة حماس ولا منع صواريخ المقاومة من قصف المستوطنات والمدن المحتلة.
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يحقق خلال 200 يوم من الحرب المستعرة في قطاع غزة أياً من أهدافه المعلنة، بينما ساعد عدم قابليتها للتحقق في إطالة أمد الحرب.
وأضاف في تحليل عسكري، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي في مواجهاته السابقة اعتمد على الحرب الخاطفة، حيث إنه لا يستطيع تحمل خسائر كبيرة، فضلا عما تشكله التداعيات الاقتصادية من ضغط على الداخل الإسرائيلي، لافتا الى أن عدم قدرة الجيش على تحقيق أهدافه في الحرب، يؤكد وجود خلل لدى قيادته التي حددت تلك الأهداف، وهي الوصول إلى قيادات حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتحرير أسراهم وتدمير قدرات المقاومة في غزة.
وأشار الخبير العسكري إلى أن ما حققه الاحتلال هو دمار واسع في القطاع وضحايا تجاوز عددهم 110 آلاف ما بين قتيل وجريح، لعدوان استخدم فيه كافة الأسلحة معتمدا على جسر جوي من الدول الداعمة، وتأييد سياسي في أروقة منظمة الأمم المتحدة، وإمكانات وقدرات لا تتوافق مع الأداء الميداني.
وفي هذا السياق، لفت الفلاحي إلى أن جيش الاحتلال يعود مرة أخرى بعد 200 يوم من الحرب لتنفيذ عملية عسكرية في مناطق كانت أول ما بدأ بها عمليته البرية في القطاع مثل منطقة بيت حانون، وهو ما يعني وجود إشكالية كبيرة على المستوى الاستراتيجي والعملياتي والتكتيكي.
*معركة دفاعية ناجحة
ويرى الخبير العسكري أن المقاومة أدارت معركتها الدفاعية بشكل ناجح وفعال، وكانت لديها استراتيجية تعامل مع الأهداف، سواء في الميدان بالقطاع أو في مراكز الثقل السياسي بتل أبيب وبقية المناطق الأخرى، كما أنها نجحت في توظيف إمكاناتها وقدراتها بشكل لافت ومبهر.
حيث أثبتت فصائل المقاومة -حسب الفلاحي- قدرات عسكرية وبدنية قوية جدا في استخدام تلك الإمكانات والقدرات، مما رفع فاتورة الخسائر لجيش الاحتلال، وفي المقابل قام الجيش بقتل عدد من أسراه أثناء محاولته تحريرهم خلال عملياته بالقطاع.
واعتبر الفلاحي استمرار عمليات المقاومة دليل على إعداد مبني على تخطيط مسبق بشكل جيد وحسن توظيف لمقدراتها، وتوزيعها بصورة صحيحة يمكن الاستفادة منها في كل معركة، حيث كان كل لواء في غزة يدير عمليته بمعزل عن باقي الألوية الأخرى في القطاع.
كما يرى أن دقة العمليات ونجاحها في تحقيق خسائر لدى جيش الاحتلال على مستوى الأفراد والمدرعات، يعني توفر معلومات استخباراتية دقيقة، رغم اختلاف أشكال المواجهة وخطط الجيش في القطاعات المختلفة، مشددا على أنه لا يمكن الحديث عن هزيمة المقاومة أو انتهاء قدراتها القتالية في القطاع، مشيرا في هذا السياق إلى العمليات الأخيرة التي تعلن عنها قوى المقاومة في مقاطعها التوثيقية التي نشرتها مؤخرا، في ظل خروج متتابع لقوى الاحتلال من مناطق مختلفة في القطاع.
ويلخص ما آلت إليه هذه الحرب- رغم الجرائم الإنسانية- ما صرح به سابقا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أنه "لا حل كاملا لجيوب المقاومة في غزة"، وما صرح به وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه "لا يوجد حل عسكري بشأن مصير حماس".
فيما يرى الباحث السياسي الفلسطيني، خليل شاهين، أن 200 يوم متواصلة من العدوان الإسرائيلي على غزة، تسجل أن الإخفاقات الإسرائيلية باتت واضحة من حيث الفشل والعجز عن تحقيق أهداف الحرب التي أعلن عنها رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وهي القضاء على قدرة حماس على الحكم، والقضاء على المقاومة الفلسطينية واجتثاث قدرات حماس القتالية، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، والأهداف الثلاثة لم تتحقق.
وأشار إلى سلسلة الاستقالات المرتقبة من جيش الاحتلال، بعد إبلاغ رئيس القيادة المركزية للجيش الإسرائيلي، اللواء يهودا فوكس، بأنه يعتزم التقاعد من الجيش بالتزامن مع إعلان الجيش الإسرائيلي استقالة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، اللواء أهارون هاليفا، وكانت تقارير صحفية إسرائيلية قد تحدثت في وقت سابق عن أربعة من كبار مسؤولي الجيش الاستقالة والتقاعد.
وفي ظل الفشل العسكري الإسرائيلي، توسعت دائرة التصعيد في الشمال مع حزب الله اللبناني، حيث شهدت الأيام الأخيرة تصعيدا ميدانيا على مستوى عمليات المقاومة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، أبرزها عملية استهداف سرية استخباراتية بطائرة مسيرة والتي حققت إصابة مباشرة لمقر اجتماع قادة السرية.
وتواجه حكومة الاحتلال أزمة كبيرة بعد اتساع دائرة الاشتباكات مع فصائل مقاومة في الضفة الغربية، إلى جانب تنفيذ عدد من عمليات الدهس ونصب الأكمنة لقوات الاحتلال. كما أظهر استطلاع للرأي أن ثلثي الإسرائيليين لا يصدقون ادعاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنهم يقتربون من تحقيق نصر وشيك في الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من 6 أشهر.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز"، قد أشارت في تقريرها الذي رصد حصاد الـ 200 يوم من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، قد ذكرت أن عددًا كبيرًا من قيادات حماس العليا في غزة ما زالوا في أماكنهم، متخفين في شبكة واسعة من الأنفاق ومراكز العمليات تحت الأرض، ويتخذون القرار في مفاوضات الرهائن.
وذكرت الصحيفة الأميركية، أنه في تقييم استخباراتي سنوي صدر في شهر مارس/ آذار، أعربت وكالات التجسس الأميركية عن شكوكها بشأن قدرة إسرائيل على تدمير حماس فعلياً، وأنه من المحتمل أن تواجه إسرائيل مقاومة مسلحة مستمرة من حماس لسنوات قادمة.
ووفقا لتقارير دولية، فقد احتاجت "إسرائيل" ساعات حتى أفاقت من الصدمة هجمة 7 أكتوبر "طوفان الأقصى"، وعلى مدار يومين كاملين، حاول جيشها استعادة مناطق غلاف غزة التي دخلتها المقاومة، والتي تُقدر بـ650 كيلومترا مربعا.
*خسائر فادحة
خلال عملية طوفان الأقصى التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قُتل 605 جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي وأُصيب أكثر من 5 آلاف آخرين، ولم يتمكن الاحتلال من استعادة سوى 120 أسيرا عبر صفقة تبادل مع المقاومة ضمن هدنة إنسانية استمرت أسبوعا.
وبعد 200 يوم من القصف والقتل، حاول الجيش الإسرائيلي التمركز في المنطقة الشرقية للقطاع لفصلها عن الوسط والجنوب ومنع النازحين من العودة وإقامة منطقة عازلة بعمق 500 متر من السياج الفاصل داخل القطاع.
لكن هذا التمركز سيجعل القوات صيداً سهلاً للمقاومة التي تواصل تنفيذ ضربات في مناطق لم يتوقع الاحتلال أن يؤتى منها بعد ما ألحقه بها من دمار. كما أن المنطقة العازلة ستؤدي إلى وجود قوات إسرائيلية داخل القطاع، وهذا ما يجعلها عرضة للقتل والقنص على يد المقاومة.
ولم تفلح المفاوضات المتواصلة منذ 5 أشهر في التوصل لاتفاق جديد على تبادل الأسرى بين الجانبين؛ حيث تتمسك المقاومة بوقف الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
وتُقدَّر خسائر الاقتصاد الإسرائيلي، بعد مرور أكثر من 200 يوم من العدوان على غزة، بأكثر من 73 مليار دولار، بحسب مصادر رسمية ووكالات دولية.
وتشير الأرقام إلى خسائر يومية بنحو 270 مليون دولار، بسبب الإنفاق العسكري، فيما سجل الاقتصاد الإسرائيلي انكماشاً بنسبة 21٪.
نرصد في الإنفوجرافيك ادناه خسائر الاقتصاد الإسرائيلي بعد 200 يوم من حرب غزة:
"طوفان الأقصى" هو الاسم الذي أطلقته "حماس" على العملية العسكرية الشاملة، رداً على "الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني". ففي تمام الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي في فلسطين 7 اكتوبر، شنّت "حماس" اجتياحاً فلسطينياً لمستوطنات الغلاف المحاذية لقطاع غزة المحاصر، حيث اقتحم مقاتلون من كتائب عز الدين القسام البلدات المتاخمة للقطاع، في ظل غطاء جوي من آلاف الصواريخ التي أُطلقت من غزة باتجاه تل أبيب والقدس ومدن الجنوب.